رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تخترق العالم السري لـ «السايس».. «الركين بقى بلطجى»

 مصطفى صبري
مصطفى صبري

"مهنة من لا مهنة له".. هكذا وصف أصحاب المهنة زملائهم، التي ولدت من رحم الازدحام في مصر، وأصبح قانونها "البلطجة"، فإما الدفع أو سرقة محتويات السيارة.

مجلس النواب، موافق على مشروع قانون تنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات المقدم من النائب ممدوح مقلد ومجموعة من الأعضاء، حول تحديد وتنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات واستغلال الشوارع العامة بشكل حضاري، بالإضافة إلى مواجهة البلطجة التي يمارسها "سايس" السيارات من خلال فرضهم مبالغ مالية على المركبات دون وجه حق.

ونص مشروع القانون على عدم جواز مزاولة نشاط تنظيم انتظار المركبات بالأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون قبل الحصول على رخصة مزاولة هذا النشاط.

ويشترط أن يكون السايس مصريًا، لا يقل سنه عن 21 عامًا، مجيدًا للقراءة والكتابة، أدى الخدمة العسكرية أو أعُفي منها، حاصل على رخصة قيادة، حسن السير والسلوك وفقًا لصحيفة الحالة الجنائية، وألا يكون حكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو المخدرات أو التعدي على النفس، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، والحصول على شهادة صحية من الطب الشرعي أو المعامل المركزية بوزارة الصحة تفيد خلوه من تعاطي المواد المخدرة.
"الدستور" اخترقت عدد من الجراجات العشوائية لرصد ما يحدث من تجاوزات.
قال مصطفى صبري، سياس، بوسط البلد إنه ورث عن والدته المهنة
، كانت اسمها الحاجة سعاد، مشهورة في المنطقة. مصطفى صبري 50 سنة، يعمل ركين منذ 39 سنة، يقول: "احنا معروفين بالأدب والاحترام في المنطقة والناس بتثق فينا وبتسيب عربياتها"، مطالبًا بتغيير نظرة المجتمع إلى السايس، مؤكدا أنه وزملائه يعملون في هذه المهنة منذ سنوات ويعتبرون أنفسهم أرباب لهذه المهنة التي طغت على المجتمع في كل مكان.وأضاف "صبري" لـ "الدستور": "بعد الثورة أصبحت المهنة لمن لا مهنة له، أصبحوا يمارسون البلطجة على أصحاب السيارات، فبدل من أن يترك الاكرامية لصاحب السيارة أصبح يضع تسعيره من تلقاء نفسه ممكن ان تصل إلى 100 جنيه حسب المنطقة"، ففي المناطق الراقية مثل مصر الجديدة ومدينة نصر، فتصل «الإتاوة» لـ30 و50 جنيها نظير ركن السيارة في الجراجات العشوائية، وهو ما يثير غضب الكثير من قائدي السيارات.وتابع: "من الممكن ان يتلاعب السياس بالبوبنات التي يتم توزيعها لذا يجب وضع تسعيرة لركنة السيارات وتنشر في الجرائد حتى لا يتأذى اى من الطرفين سواء السائق الذي يتركنا احيانا دون دفع اى شيء او السايس الذي ينصب على اصحاب السيارات".وأشار "صبري" إلى أن القانون سيساهم في توفير فرص عمل للشباب، واستحداث موارد مالية جديدة للإدارات المحلية بما يساهمها على تنمية مواردها، مضيفا:"مبعرفش اقرأ واكتب بس بفهم الكلام، واى حاجة فيها مصلحة للمهنة هاكون مبسوط بيها".

عماد حمدي: حصلت على ترخيص وأدفع 1000 جنيه اسبوعيا
إذا كنت تقود سيارتك في أحد شوارع القاهرة، ووجدت مكانًا خاليًا لركن السيارة، فستجد شخصًا يقف أمامك مطالبًا بتسعيرة بدل الركن، تختلف طبقا لمكانها، بين صف أول أو ثانٍ وعدد ساعات الانتظار، وإلا فإنك لابد ان تنتظر كل السوء الذي من الممكن ان يحدث لسياراتك اما بالسرقة أو "فرقعة الكاوتشات"، أساليب اتخذها بلطجية الشوارع لاجبار اصحاب السيارات لدفع إتاوة لركن السيارة بأمان، حسبما وصف عماد حمدي.

وقال عماد حمدي، 40 عاما، إنه كان يبحث عن عمل حتى قاده للسفارة الفرنسية في وسط البلد، وبالفعل حصل على ترخيص من الحي، فهو لم يجد وظيفة توفر له قوت يومه، لذا اضطر للبحث عن عمل ولم يجد سوى مهنة "السايس" أو "الركين" كما يُطلق عليه البعض.

وأضاف حمدي لـ"الدستور":"قمت بوقف ترخيصي 3 شهور بسبب تغيير مكان السفارة وكنت أدفع 1000 جنيه في الاسبوع، مؤكدًا أن تقنين مهنة السايس أفضل شيء لأنه يحمي الناس من نصب البلطجية"، حيث أصبحت المهنة بها عدد كبير من البلطجية الذي يمارسون أقسى وأغرب الطرق تجاه قائدي السيارات مقابل أموال ليست من حقهم.

وتابع حمدي: "التسعيرة 10 جنيهات اعتقد جيدة ويمكن ان تصل ل 5 جنيه لأن الحياة غالية والبنزين غالي، ولكن هناك من يأخذ المهنة كستار لأفعال مشينة، من الممكن أن يسرقوا محتويات السيارة لذا يجب ترخيص وتقنين أوضاعنا"، منعا لتكرار حوادث السرقة للسيارات التي تصطف خلف بعضها، مؤكدًا أن الأسعار متفاوتة، فهناك ركنة في الأماكن الراقية تصل لـ 100 جنيه، وهناك ركنة في الأماكن العشوائية أو الشعبية تبلغ 10 جنيهات، مشيرًا إلى ضرورة عدم تسعير السايس لأماكن الركنة، والاعتماد على ما يعطيه المواطن له.

"البلطجية شوهو المهنة" هكذا عبر عن استيائه، مؤكدًا أن السايس أصبح مثل الفتوة، يمارس بلطجته وكأن الشارع ملكه، لذا اطالب بتفعيل قانون السايس، الذي من المفترض أن يصحح صورة الآخرين عن هذه المهنة التي يكسب الكثير من ورائها قوت يومهم.
"أبو كريم": نتمنى إعادة فتح نقابة السياس
ورثت المهنة عن والدى ولا أنوى توريثها لأودى فهم أطباء".. قال علاء عمرو والمشهور بـ«أبو كريم» سايس بمنطقة وسط البلد أنه ورث المهنة عن والده الذي له فضل كبير فى تعليمه أخلاقيات المهنة والأمانة، وأن مهنة السايس لابد وأن يكون لها شروط معينة، وليس مثل الآن فهى أصبحت مهنة من لا مهنة له من خريجي السجون قائًلا لـ"الدستور":« زمان المهنة كانت حلوة والناس فيها كويسة أما دلوقتى بقت تلم بلطجية» مشيرًا إلى أنه فى هذه المهنة منذ 45 عامًا ومن أشهر السياس فى وسط البلد، مشيرًا إلى أن رغم وجود بلطجية فى هذه المهنة إلا أنها مازالت محتفظة بعدد منهم محترمين.

وأضاف أبو كريم لـ«الدستور» أنهم يناشدون الدولة بالعمل على إعادة فتح النقابة الخاصة بهم مرة أخري مؤكدًا أنه كان يوجد لهم نقابة قديمًا ولكن تم غلقها وهم الآن يحصولون على التراخيص من الحى مشيرًا إلى أن النقابة سوف تحدد تسعيرة معينة وتعمل على تقنين الأمر وضبطه.

وعن رأيه فيما أعلنه البرلمان من تقنين أوضاع مهنة السايس، قال لـ"الدستور" إنه يحترم القوانين والتشريعات التى يصدرها البرلمان، مطالبًا بحوار مجتمعى، مشيرًا أنه حتى الآن لا توجد تسعيره محددة للسايس قائًلا:" فى ناس بتاخد من صاحب العربية ثمن الركنة من 70 جنيه إلى 100 جنيه ودا حرام رغم إن التسعيرة لا يجب أن تكون أزيد من 10 أو 15 جنيهًا لان إحنا مشترناش الشارع ولا الشارع بتاعنا دا بتاع الحكومة وهما سايبنا نسترزق وننظم الدنيا".
عمر رجب من ذوي الاحتياجات الخاصة: "ندعم قرارات البرلمان
هى مصدر رزقه الوحيد".. فهو اختار أن يتزوج مهنته، وأنجب 3 أولاد صغار أكبرهم فى الصف الرابع الابتدائي الآن، هو عمر رجب، الذي يبلغ من العمر 39 عامًا وهو من ذوي القدرات الخاصة يعمل سايس.
فى بداية حديث عمر رجب، لـ"الدستور"، قائلا: "أعمل سايس منذ عام 2006، وامتهنت هذه المهنة بعد أن كنت ترزى وبدأت المهنة أن تندثر بسبب الملابس الجاهزة والإستيراد من الصين ".

وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"الدستور" أنه تزوج ويربي أولاده من هذه المهنة، مؤكدًا أنه تعلم المهنة على يد سايس أكبر منه قائًلا: "إحنا هنا بنعلم بعض ورغم إن ظروفى صعبة صحيًا لكن الحمد لله كنت أملك إرادة كبير جدًا وقدرت أتعلم السواقة وقدرت أكون سايس مشهور دلوقتى فى شوارع وسط البلد".

و تابع:" يعملوا اى حاجة بس ميقطعوش عيشنا.. وإحنا موافقين على أى شروط وأى تسعيرة ولو فى ضرائب هندفعها بس أنا مطلبي الوحيد ميقطعوش عيشنا لان أنا بقالى سنين كثيرة فى المهنة دى ومعنديش مهنة غيرها ومش هقدر أشتغل مهنة غيرها"، لذلك أريد أن ينظر البرلمان بعين الرحمة فقط يقنن المهنة ولا يمنعها ".

وأضاف لـ"الدستور" أنه مع فكرة عودة النقابة الخاصة بهم من جديد وإنهاء جميع الاجراءات الخاصة بهم من هذه النقابة، مشيرًا إلى أن نقابة السياس قد أغلقت منذ أكثر من 10 سنوات وكان مقرها فى شارع البورصة بوسط البلد، مؤكدا أن فتح النقابة سيوفر عليهم الجهد وسيخفف من ضغط الحي فى المحافظات، مشيرًا إلى أن فكرة عمل تسعيرة أساسية ومحددة صائبة، ومن الممكن أن يتم عملها عن طريق كروت وكوبون.