رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن المهرجانات.. خبراء علم نفس: نابعة من المجتمع.. ومعارضون: تدمير للهوية

حمو بيكا وشاكوش
حمو بيكا وشاكوش

أحدث انتشار "المهرجانات الغنائية" بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية ضجة واسعة، وأشعلت ما يمكن اعتباره «معركة» بين مؤيدين لوجودها باعتبارها دليلًا على التنوع الفنى فى «هوليوود الشرق»، ورافضين باعتبارها «إسفافًا» وتدنيًا يدمر الفن المصرى.

فى السطور التالية تحلل «الدستور» الظاهرة مع خبراء علمى النفس والاجتماع، خاصة بعد قرار نقابة المهن الموسيقية منع التعامل مع مطربى المهرجانات.

قال الدكتور إبراهيم مجدى، أستاذ علم النفس، إن أغانى المهرجانات أصبحت «ثقافة مجتمع» لا يمكننا إنكارها أو دفن رءوسنا فى الرمال تجاهها، معتبرًا عبارة «الأغانى هى التى ترتقى بالمجتمع» حديثًا مستهلكًا لا يمت للحقيقة بصلة.

وأضاف «مجدى»: «المهرجانات نابعة من ثقافة المجتمع وانتشار العشوائيات، فإذا كان عدد سكان القاهرة قليلًا ولا تحتوى على تلوث كنا سنسمع فنًا راقيًا مثل البيئة المحيطة، لكنها عكس ذلك، ما أدى إلى ظهور المهرجانات».
وجدد تأكيده أن هذا الفن أصبح أمرًا واقعًا لا يمكن التخلص منه، ومطربيه أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من المجتمع الذى نعيش فيه لا يمكن القضاء عليه أو مهاجمته، لأن ما يقدمونه نابع من المناطق الشعبية، واختلاف العادات والتقاليد التى تعوّدنا عليها.
وأوضح: «ثقافة المهرجانات سريعة وصوتها عال، وهذا يتلاءم مع المجتمع المحيط من زحام وضوضاء تحيط بنا من كل جانب، فهى لون جديد يتماشى مع الشباب».
وأضاف: «إذا نظرنا لحياة حمو بيكا وحسن شاكوش ومحمد رمضان سنجد أنهم كانوا فاقدين الأمان، لذا خرجوا بتلك الكلمات التى سمعناها، وتلك المشاهد التى شاهدناها».
ورأى أن الحل فى الارتقاء بهذا الفن عبر العديد من الخطوات، أولاها القضاء على العشوائيات مثلما حدث فى تجربة حى «الأسمرات»، حيث تغيرت حياة المنقولين إلى الحى، الأمر الذى يؤدى إلى الارتقاء بذوقهم فى اختيار الفنانين والأغانى التى يستمعون لها.
وتابع: «هذه المهرجانات أصبحت مصدر دخل لدى عدد كبير من الشباب، وتحولت إلى موضة يمكن أن تستمر أو تنتهى، كما يحدث كل فترة».
واتفق معه الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، الذى قال: «ظهور المطربين الشعبيين أو مطربى المهرجانات، كما يلقبون أنفسهم، ظاهرة طبيعية تؤكد التنوع الثقافى والسماعى لدى الشعب المصرى، فكل طبقة لها أغان وفن خاص بها».
ورأى أن سبب دخول مطربى المهرجانات فى غالبية البيوت المصرية هو الإعلام، وسهولة نشرها على منصات التواصل الاجتماعى وعلى رأسها «يوتيوب»، معتبرًا أن موقع الفيديوهات الشهير «بيبث أى زبالة وبيخلى الناس تسمع الأغانى الغبية دى».
وشدد على ضرورة الاهتمام جيدًا بالتعليم، وعدم استضافة «المتطرفين» سواء فى غناء المهرجانات أو المتطرفين دينيًا، لأن ظهورهم على القنوات الفضائية بمثابة «رخصة» تبيح لهم التفوه بتلك الكلمات المبتذلة التى لم تعتد الأذن المصرية على سماعها، فضلًا عما تمثله ظاهرة تقليد الأطفال وصغار السن لهم من خطورة كبيرة.
وانتقد الدكتور جمال فرويز، استشارى الأمراض النفسية أستاذ علم النفس فى جامعة القاهرة، تفشى هذا النوع الهابط مما يسمونه «الفن»، معتبرًا أنه يدل على التردى والتدنى الذى وصل إليه المجتمع فى الفترة الأخيرة.
وقال «فرويز»: «أمر محزن لأننا لم نره من قبل فى مجتمعنا المصرى المعروف بالرقى فى اختيار كلمات الأغانى»، مضيفًا: «أنا بشوف أن هؤلاء المطربين وراءهم أياد خفية تتعمد أن يكون هؤلاء الذين يسمون أنفسهم مطربين موجودين على الساحة الفنية، وذلك بهدف تدمير الشخصية والهوية المصرية».
وأوضح: «حاولوا فى البداية تدمير الهوية الوطنية المصرية عن طريق تصدير صورة خاطئة عن الإسلام، وعندما هزمت ثورة ٣٠ يونيو مخططاتهم قرروا شن هذه الحرب الباردة لتدمير ما تبقى للمصريين من هوية، وذلك بتصدير صورة محمد رمضان وحسن شاكوش وحمو بيكا وغيرهم من المغنيين الذين ليست لهم قيمة، خاصة أن تدمير الهوية يجعلنا مجموعات متناحرة».
وأضاف: «زيادة الوعى لدى الشباب تجعل منهم حصنًا قويًا ومنيعًا ضد كل من يحاول استهداف مصر، ببث أفكار خاطئة تؤدى إلى محاربة الناس بعضها البعض دون أن يطلق العدو رصاصة واحدة، وذلك ضمن أساليب حروب الجيل الخامس».
وعن كيفية المواجهة، طالب استشارى علم النفس نقابة المهن الموسيقية برفض التعامل مع هؤلاء المطربين، وعدم قبول التحاقهم بالنقابة، بالإضافة إلى منع ظهورهم عبر الفضائيات، وقال: «ما نواجهه مع مطربى المهرجانات بمثابة معركة لا بد من انتصار أحدنا فيها، وإذا مُنعوا من دخول نقابة الموسيقيين سننتصر وتنتهى هذه الظاهرة».
كما دعا إلى إحلال واستبدال هذا النوع من الفن بفن راق يسهم فى الرقى بالذوق العام، بدلًا عن هذا الانحدار الذى يأكل كالدود فى العمود الفقرى لهذا الوطن وهمم الشباب.