رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحنجرة



التهاب حاد فى الحنجرة سيمنع الرئيس التونسى، الأستاذ قيس سعيد، من المشاركة فى قمة الاتحاد الإفريقى العادية الثالثة والثلاثين التى تنعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اليوم الأحد. وطبقًا لما أعلنته رئاسة الجمهورية التونسية، فى بيان، فإن الطبيب نصح الأستاذ قيس بأن يلتزم الراحة التامة لمدة أربعة أيام، من المفترض أن يبدأ عدّها من يوم الجمعة الماضى!.
يوم الجمعة الماضى، أيضًا، أعرب البلجيكى مارك بيكستين، رئيس مجلس الأمن، عن شعوره بـ«الصدمة والأسف» إزاء قرار تونس إعفاء مندوبها لدى الأمم المتحدة من مهامه. إذ كانت تونس قد استدعت منصف البعتى، مندوبها الدائم لدى المنظمة الدولية، على نحو مفاجئ. وبررت الخارجية التونسية هذا القرار، فى بيان أصدرته منتصف اليوم نفسه، بأنه يعود لـ«اعتبارات مهنية بحتة تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة فى مسائل هامة».
تشغل تونس منذ بداية يناير الماضى، ولمدة عامين، مقعدها غير الدائم فى مجلس الأمن ممثلة للدول العربية. وكان منصف البعتى، الذى يحظى بتقدير نظرائه، قد تقاعد بعد نحو ٤٠ عامًا قضاها فى العمل الدبلوماسى، قبل أن يقع عليه الاختيار، فى ٥ سبتمبر الماضى، ليكون مندوب تونس الدائم لدى الأمم المتحدة، بعد شهور من شغور المنصب. وعليه، أثار قرار إعفائه «لاعتبارات مهنية» دهشة شديدة لدى الأوساط الدبلوماسية، خاصة أن الرجل كان يقوم خلال الأيام الماضية بجهود كبيرة، للانتهاء من مشروع قرار «تونسى إندونيسى» يدين خطة السلام الأمريكية المعروفة باسم «صفقة القرن».
الخميس قبل الماضى، وصف الرئيس التونسى، خطة السلام الأمريكية بأنها «مظلمة القرن وخيانة عظمى وليست تطبيعًا». وفى حواره مع التليفزيون التونسى قال إنه غير راض عن بيان وزارة الخارجية التونسية بهذا الشأن. مع أن الخارجية التونسية أكدت فى ذلك البيان أن حقوق الشعب الفلسطينى غير قابلة للتصرف والتجزئة فى «تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف... إلخ»، أو إلى آخر ما تضمنه البيان الذى نرى أنه كاد يلامس السقف. ومع ذلك، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر دبلوماسى أن سبب إنهاء مهام منصف البعتى، هو أنه ذهب إلى أبعد مما أرادت السلطات التونسية فى هذا الملف، وقدّم دعمًا كبيرًا للفلسطينيين، يهدد بإفساد علاقة تونس بالولايات المتحدة.
يؤكد ما نقلته الوكالة عن المصدر، أن راشد الغنوشى، رئيس مجلس النواب التونسى، رئيس حركة النهضة الإخوانية، استقبل الأربعاء الماضى، دونالد بلوم، السفير الأمريكى لدى تونس. وطبقًا للبيان الذى أصدره مجلس النواب، فقد عبّر الغنوشى عن «غضب الشعب التونسى بسبب ما يُعرف بصفقة القرن». ونقل البيان عن السفير الأمريكى إشادته بالتجربة التونسية وبـ«المسار الديمقراطى»، وتأكيده أنّ «الشراكة القائمة بين البلدين قوية وإيجابية». أما ما لم يذكره البيان، فهو أن السفير الأمريكى أعرب عن غضبه من رد الفعل التونسى على خطة السلام الأمريكية، ولوح للغنوشى بأنه قد يؤثر على العلاقات بين البلدين.
التلويح أو التهديد نفسه، كرره «بلوم» خلال لقائه يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، فى افتتاح مبادرة «ازدهار إفريقيا»، التى أطلقتها السفارة الأمريكية فى تونس، وانعقدت على هامشها الدورة الثالثة للجنة الاقتصادية التونسية الأمريكية المشتركة. كما أن وزير المالية التونسى سيزور واشنطن، خلال أيام، لمحاولة إقناع صندوق النقد الدولى بالتراجع عن قرار أصدره، فى ديسمبر الماضى، بتعليق صرف الدفعتين السادسة والسابعة من القرض التونسى، ويراهن على دعم الإدارة الأمريكية فى إنجاح هذه المحاولة.
تجريم التطبيع كان أبرز النقاط التى ارتكز عليها برنامج الأستاذ قيس سعيد الانتخابى، ولم تتوقف «حنجرته» عن إعلان دعمها القضية الفلسطينية ووصف التطبيع مع الكيان الصهيونى بأنه خيانة عظمى. غير أن أيامًا لم تمض على حلفه اليمين، رئيسًا لتونس، حتى استقبل مطار بن جوريون، مساء ٢٧ أكتوبر الماضى، وفدًا من الشباب التونسى، ذهب إلى تل أبيب للمشاركة فى فعاليات ملتقى حوار شباب المتوسط. وأواخر يناير الماضى، شارك اللاعب الإسرائيلى، أرون كوهين، فى دورة دولية للتنس استضافتها تونس. والأربعاء الماضى، أيضًا، واجه المنتخب الوطنى التونسى للتنس سيدات، المنتخب الإسرائيلى فى بطولة كأس الاتحاد الدولى للتنس المُقامة حاليًا بالعاصمة الفنلندية هيلسنكى.
جمعة، سبت، أحد، إثنين، وفى اليوم الخامس سيصوت مجلس الأمن على مشروع القرار «التونسى الإندونيسى»، خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الفلسطينى محمود عباس، التى من المقرر أن يطرح خلالها الموقف الفلسطينى من خطة السلام الأمريكية. وعليه نتوقع أن يبدأ عد أيام راحة «حنجرة» الأستاذ قيس من يوم السبت، حتى لا يضطر إلى الإدلاء بتصريحات مساء الثلاثاء.