رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الطلة الأولى».. «الدستور» تحاور مؤلفى «كتب الكبار» فى معرض الكتاب

معرض الكتاب
معرض الكتاب

أسماء متميزة حفرت مكانتها فى تاريخ مصر الثرى، ويزداد الاهتمام بها عامًا بعد عام، بعدما أصبحت إبداعاتها فى مجالات الفن والأدب والسياسة والثقافة نبراسًا تهتدى به الأجيال من أجل استكشاف ماضى هذه الأمة والتعرف على حاضرها واستشراف مستقبلها.

هؤلاء المبدعون، الذين احتلوا مكانتهم فى العقول والقلوب بمرور السنين، كانوا محور اهتمام صناع الكتب والمشاركين فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دروته الـ٥١، التى تنطلق اليوم، عبر إصدارات مختلفة تتناول سير عدد من كبار الأعلام وترصد إسهاماتهم لإثراء الفكر والفن المصرى فى مجالات مختلفة، وهو ما نستعرضه فى السطور التالية.

جمال حمدان
خالد ناجح: أثبت أن الإسرائيليين ليسوا أحفاد يهود فلسطين

قال خالد ناجح، محرر كتاب «هلال جمال حمدان»، عن دار «الهلال»، إنه قرر جمع المقالات التى كتبها عالم الجغرافيا الكبير بمجلة «الهلال» فى كتاب للقارئ الذى قد لا يكون قد قرأ هذه المقالات فى المجلة من قبل، وذلك بعدما تم اختيار «حمدان» شخصية الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولى للكتاب.
وبين أن «حمدان» امتلك رؤية متوازنة للعلاقة بين الإنسان والطبيعة، فلم ينحز إلى طرف على حساب الآخر، وهو ما يظهر فى كتبه المختلفة التى تبرز فيها نظرته الجغرافية المتوازنة للعلاقة بين الإنسان المصرى والطبيعة بصفة عامة، والنيل تحديدًا، وكيف أفضت هذه العلاقة إلى صياغة الحضارة المصرية على الوجهين المادى والروحى.
وأشار إلى امتلاك «أبوالجغرافيا المصرى» قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل، فهو أول من تنبأ بتفكيك «الاتحاد السوفيتى»، قائلًا: «فى عقد الستينيات، وبينما كان الاتحاد السوفيتى فى أوج مجده، والزحف الشيوعى الأحمر يثبت أقدامه شمالًا وجنوبًا، أدرك جمال حمدان ببصيرته الثاقبة أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة».
وأضاف: «كان ذلك فى ١٩٦٨، فإذا الذى تنبأ به يتحقق بعد ٢١ سنة، وبالتحديد فى عام ١٩٨٩، حيث وقع الزلزال الذى هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتى، ثم تفكك وانهيار الاتحاد نفسه عام ١٩٩١».
وتابع: «كما أنه حذر من أن التطرف الدينى سيكون معضلة عالمنا الحالى، وكان واحدًا من قلة محدودة للغاية من المثقفين الذين نجحوا فى حل المعادلة الصعبة الممثلة فى توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، ولا تزال مؤلفاته تشكّل مرجعية أساسية فى علم الجغرافيا السياسية».
وأشار إلى ترك «حمدان» العديد من المؤلفات، منها: «دراسات فى العالم العربى» و«دراسة فى جغرافيا المدن» و«المدينة العربية»، «بترول العرب»، و«الاستعمار والتحرير فى العالم العربى»، و«إفريقيا الجديدة- استراتيجية الاستعمار والتحرير»، و«اليهود أنثروبولوجيا».
وقال إن «حمدان» خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التى قام عليها المشروع الصهيونى فى فلسطين، وكان له السبق فى فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بنى إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد.
وبين أن الجغرافى الراحل أثبت فى كتابه «اليهود أنثروبولوجيا» الصادر فى عام ١٩٦٧ بالأدلة أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمى هؤلاء إلى إمبراطورية «الخزر التترية» التى قامت بين «بحر قزوين» و«البحر الأسود»، واعتنقت اليهودية فى القرن الثامن الميلادى، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات آرثر كوستلر، مؤلف كتاب «القبيلة الثالثة عشرة» الذى صدر عام ١٩٧٦.
وشدد على أن جمال حمدان تعمق فى الكتابة عن مصر وعبقرية المكان، وبعبارة موسوعية وصّف صاحب «شخصية مصر» حال ذلك المجتمع قائلًا إن «ما تحتاجه مصر أساسًا إنما هو ثورة نفسية، بمعنى ثورة على نفسها أولًا، وعلى نفسيتها ثانيًا، أى تغيير جذرى فى العقلية والمُثل وأيدولوجية الحياة قبل أى تغيير حقيقى فى حياتها وكيانها ومصيرها».
وأضاف «ناجح»: «لا يجوز الكلام عن هوية مصر وتأثيرها وأبعادها بدون الإبحار فى عالم جمال حمدان الذى استفاض فى كتاباته عن مصر وعبقرية المكان، وتأثير الجغرافيا والتاريخ على الشخصية المصرية الأصيلة، وتحدث عن الموقع والمناخ المثاليين لمصر وتأثيرهما بشكل مباشر فى تشكيل شخصية أفراد الشعب، وعن مساهمة أنظمة الحكم المتعاقبة عبر التاريخ فى طريقة حياة المجتمع، وعن دور الاستعمار فى حفاظ شعب مصر على شخصية تقاوم أى اعتداء على أرضه، وإلى أى حال وصلت شخصية أحفاد الفراعنة». ونقل عن «حمدان» أن «هبة من الله شكلت ملامح شخصية مصرية مثالية، وموهبة جغرافية طبيعية كانت سر بقاء وحيوية مصر على مر العصور، ولا نستطيع أن نتحاشى أنها فلتة جغرافية، لا تتكرر فى أى ركن من أركان العالم، فهى متفردة ذات طبيعة طبوغرافية غير عادية، وشعب مصر تشكل تبعًا لتلك الطبيعة، ليصبح مختلفًا عن بقية الأمم، لذلك تميزت مصر الفرعونية، لأنها استمدت حضارتها من طبيعة أرضها العبقرية ونيلها الوفى».
وأضاف: «مثلما تتجانس مصر جغرافيًا، باندماج الصحراء بالواحات، مع نهر النيل والأراضى الزراعية، فإن التركيب الجنسى المصرى متجانس بشكل مذهل، فأهل مصر من أشد شعوب العالم تجانسًا فى الصفات الجنسية والمقاسات الجسمية خاصة الرأس، ومن أكثرهم تشابهًا فى السحنة والتقاطيع والملامح، بل يصل التجانس إلى العرق والعقيدة والقرية والمدينة، والحرف والمهن، لتكون جسمًا متجانسًا إلى أبعد الحدود».

نجيب محفوظ
د. محمود الضبع: لا يقل عن شكسبير.. وأحلم بمعهد دراسات لأعماله

ذكر الدكتور محمود الضبع، أستاذ النقد الأدبى بجامعة قناة السويس، مؤلف كتاب «أزمة النقد وانفتاح النص.. نجيب محفوظ والفنون السبعة»، الصادر عن هيئة الكتاب، إنه منذ مطلع الألفية الثالثة يؤرقه سؤال الهوية، والتفكير فى تحولات الوطن العربى الثقافية، وهو ما نتجت عنه دراسات حاولت رصد أبعاد الوعى العربى عمومًا ومساءلته فكريًا.
وقال: «ناقشت قضية النقد العربى فى أحد فصول كتاب (الثقافة والهوية)، لكن لأنها قضية ممتدة وتمثل لى انشغالًا شخصيًا سواء على المستوى الأكاديمى الجامعى أو الممارسات النقدية العامة، كان لا بد من البحث والاستقصاء وتحليل ملامح ومداخل وأبعاد النقد المعاصر».
وواصل: «كانت النتيجة واضحة أمام أى متأمل، وهى أننا صرنا نقرأ النص العربى بعقلية غربية، لأننا لو بحثنا فى كل منجز النقد منذ منتصف القرن العشرين وحتى الآن، فلن نجد منه أى شىء ينتمى للوعى العربى أو الثقافة العربية، والمدونة النقدية شاهدة على ذلك».
واستكمل: «على هذا النحو كان الأمر أشبه بمراجعة مع النفس لحركة النقد العربى خلال القرن العشرين، ثم محاولة العودة للتراث بحثًا عما يمكن الاستعانة به فى الحاضر، ثم تحليل الحالة الأدبية المعاصرة للوقوف على متطلباتها، واستمرت مسيرة البحث حتى كان هذا المقترح كما طرحه الكتاب».
ورأى «الضبع» أن نجيب محفوظ لم يكن مجرد روائى أو قاص، لكنه مشروع سردى قائم بذاته، أولًا لأن مدونته السردية ثرية ورقعتها عريضة، وثانيًا لأنه لم يترك شكلًا من أشكال التجريب إلا ومارسه فى الكتابة: «الرواية، والقصة، والأحلام، والقصة القصيرة جدًا جدًا، والمسرحية»، وغيرها من التقنيات التى يعرفها المتخصصون، كما أن نصوصه ذاتها تتقاطع مع روافد فكرية وثقافية عديدة، وتسمح بقراءتها على مستويات عدة.
وعما إذا كانت هناك كتب أخرى فى ذهن «الضبع» عن نجيب محفوظ، أم أن الكتاب مشروع وانتهى، قال أستاذ النقد الأدبى: «نجيب محفوظ لن تنتهى الكتابة عنه، لأن نصوصه ثرية وعميقة وقابلة لتناولها بمداخل عدة، لذا هناك مشروعات أخرى حول أعماله المسرحية، وحول بعض العناصر المتكررة فى نصوصه، وحول تجريبه فى القصة القصيرة الذى يستحق أكثر من دراسة عنها».
وكشف عن أن هناك رؤى تتعلق بالفكر الفلسفى لدى «نجيب»، وكيفية بناء العالم القصصى والروائى فى إطاره، لم يتسع لها الكتاب، بجانب رؤى تتعلق بأساليب الكتابة، وأخرى بالروافد العالمية، وغيرها مما هو مطروح للمستقبل، مضيفًا: «أحلم بأن يكون هناك معهد لدراسات وأبحاث نجيب محفوظ، ولدى تصور مكتمل عن ذلك، وهذا معناه أن نجيب لم يوف حقه بعد، فهو لا يقل أهمية عن شكسبير مثلًا».
وشدد على أن عالم نجيب محفوظ ثرى وسيظل فى حاجة لإعادة قراءته، لأنه ليس مجرد حكايات وقصص وأعمال أدبية، لكنه تأريخ اجتماعى وفكرى وثقافى عن مصر طوال القرن العشرين، وهو ما يمكن الوقوف عليه فى كل أعماله تقريبًا، وبخاصة الثلاثية، و«قلب الليل»، و«اللص والكلاب»، و«قشتمر»، و«ميرامار»، و«حديث الصباح والمساء»، ومجموعاته القصصية: «خمارة القط الأسود»، و«تحت المظلة»، و«المرايا»، وغيرها كثير.
وتابع: «عالم نجيب محفوظ سيظل منفتحًا وقابلًا لاكتشاف المزيد مما يتقاطع مع علوم الاجتماع والسياسة والاقتصاد والفلسفة والدراسات الثقافية والفنون واللغة ونظرية الأدب ذاتها».
من ناحية أخرى، رأى «الضبع» أن النقد العربى المعاصر يمر بأزمة، سواء على مستوى تعامله مع النصوص، أو على مستوى تلقيه وتداوله واستقبال القارئ له، موضحًا أن قسمًا من النقد الأدبى أغرق فى الأكاديمية وابتعد عن قراءة المشهد المعاصر، وآخر مال إلى الانطباعية التى تتناول فكرة أو ملمحًا واحدًا وتحاول تفسيره تبعًا لما يراه الممارس، كما أنه وقع ككل فى فخ التبعية الغربية المطلقة، وتطبيق إجراءات منهجية بعضها لا يصلح لنموذج الإنتاج الأدبى العربى».

إحسان عبدالقدوس
زينب عبدالرزاق: سابق عصره.. وجمع بين الأدب والصحافة والسياسة

«كلنا بدأنا معرفتنا بالأدب فى المدرسة والجامعة من خلال إحسان عبدالقدوس، كما أن أفلامه السينمائية أثرت بشكل كبير على العديد من أبناء جيلنا والأجيال اللاحقة».. بهذه العبارة أرجعت الكاتبة زينب عبدالرزاق تأليفها كتابًا عن الأديب إحسان عبد القدوس، بعنوان «إحسان عبدالقدوس.. معارك الحب والسياسة».
وقالت مؤلفة الكتاب، لـ«الدستور»: «قرأت مقالاته الصحفية، وعن رحلته مع مؤسسة (روزاليوسف)، ومواقفه فى الحياة وعلاقته بأسرته، ومنذ عامين قررت أن أستفيض فى دراسته بشكل أكبر، خاصة مع الاحتفال بمئويته فى يناير ٢٠١٩».
وأضافت: «كلما قرأت له تعلمت أكثر، وتكشفت لى شخصيته الفريدة، وعرفت نضاله من أجل الحرية والدفاع عن المبادئ الإنسانية، ودفعه ثمن كل ما يكتبه، فى سبيل كشف الحقائق، والدفاع عن الوطن والإنسان المصرى».
وتابعت: «بدأت أتعمق أكثر فى الاطلاع على حياة إحسان عبدالقدوس، وأذهلتنى مواقفه السياسية، وعرفت أن كل ما يهمه هو مصلحة القارئ، الأمر الذى دفع ثمنه كثيرًا، بالإضافة إلى رشاقة جمله وطريقة تفكيره وحياته الإنسانية ومواقفه مع زملائه».
ورأت أن أفكاره تسبق عصره بكثير، مستدلة على ذلك بقصة قصيرة كتبها قبل أكثر من ٣٥ عامًا عن فتيات يعانين من البدانة ويخضعن لعمليات تجميل فتتشوه حياتهن، مضيفة: «هو أكثر كاتب دافع عن المرأة، وتعرض لظلم كبير».
وأشارت إلى استمتاعها الكبير خلال رحلة البحث فى حياة «إحسان»، خاصة أنها غيرت الكثير من رؤيتها تجاهه، واصفة إياه بأنه «كاتب عملاق ومتفرد، خاصة فى كتاباته عن اليهود المقيمين فى مصر خلال تلك الفترة».
وعن نشأة «إحسان» بين جد أصولى ووالدة تعمل بالتمثيل والصحافة، وتأثير ذلك على حياته وهو طفل، قالت زينب عبدالرزاق: «استفاد من هذين العالمين المختلفين، وأضافا له ولم ينقصا من رصيده فى الحياة، ولأجل ذلك كان يقرأ الناس ما يكتبه، ويقول (لا تسألوا الناس اسألوا الظروف)، ما يعبر عن أنه رجل دقيق وكاشف يغوص فى النفس البشرية».
ووصفت «إحسان» بأنه كاتب صحفى من الطراز الأول، وظهر ذلك وقت رئاسته تحرير «روزاليوسف» و«الأخبار» و«الأهرام»، كما كان كاتبًا سياسيًا كبيرًا، وروائيًا عبقريًا، معتبرة أنه «مزيج خاص لن يتكرر».
وكشفت عن أن إحسان عبد القدوس رفض الاتصال بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، للتوسط عنده للإفراج عن نجله المحبوس، بسبب حرصه على حفظ كرامته، لذا فضل الصمت رغم قسوة الموقف ونداء الأبوة، مضيفة: «إحسان دافع عن القيم والحرية والنبل فى المجتمع، وأرسى مبدأ قائمًا على أن الكاتب يعمل عند الوطن والقارئ».
وتابعت: «هو أحب الصحافة وعمل بها، وكتب فى السياسة حين أراد ذلك، وكتب فى الأدب والروايات، لأنه أحس بموهبته، لديه لغة ومشاعر فريدة، ورواياته الأعلى مبيعًا لسنوات وسنوات، ولا تزال الدار المصرية اللبنانية تبيع رواياته إلى الآن».
وعن إمكانية كتابتها كتابًا آخر عن «إحسان»، قالت: «فى كتابى هذا اختصرت مادة كبيرة جدا من الممكن أن تكون كتابًا آخر عنه، لكن فى الوقت الحالى لا توجد نية لفعل ذلك»، مضيفة: «فى الحقيقة هو يستحق كتبًا وكتبًا وكتبًا، كان ممزوجًا بحب الوطن، وهو المولود بالتزامن مع ثورة ١٩١٩، والوطن بالنسبة له كان فى قلبه، وحاضرًا فى كل كتاباته».
وتابعت: «كتابى ليس آخر ما سيكتب عنه، فهو يستحق أكثر وأكثر، وهذه دعوة للأجيال الجديدة أن يقرأوا رواياته، ودعوة للصحفيين أن يقرأوا مقالاته وجمله ومواقفه».
واختتمت حديثها قائلة: «إحسان عبدالقدوس فارس حقيقى وكاتب سابق لعصره، قدم نموذجًا فى فن تقبل الآخر، ولم يكن روائيًا أو صحفيًا أو سياسيًا، كان كل هؤلاء فى مزيج خاص وفريد، ولو أن النقاد ظلموه، فإن الجماهير أنصفته»، معتبرة أن كتابها محاولة لإعادة قراءة مصر وتاريخها الحديث من خلال إحسان عبدالقدوس، أبرز أبنائها المبدعين.

عبدالحليم حافظ
عمرو فتحى: استغرقت 6 سنوات لتوثيق كل أغانى العندليب من 1951 إلى
1981

قال عمرو فتحى، مؤلف كتاب «موسوعة أغانى عبدالحليم حافظ»، إن اهتمامه بتأليف كتاب عن «العندليب الأسمر» يرجع إلى تعلقه به منذ كان عمره ٨ سنوات، وذلك عبر والده الذى كان يهتم كثيرًا بتسجيل حفلات المطرب الكبير.
وأوضح أن «قارئة الفنجان» كانت أول أغنية تعلق بها فى طفولته، ثم أغنية «حبيبها» فى مراهقته، تلتهما أغنيتا «فاتت جنبنا» و«أى دمعة حزن لا» فى الجامعة، مضيفًا: «استمر اهتمامى بعد ذلك بفن عبدالحليم حافظ، وكذلك استمر تقديرى له حتى الآن».
ورأى أن «عبدالحليم» كان فنانًا بمعنى الكلمة، فلا هم له فى الحياة سوى فنه، وكان مفتونًا بالموسيقى والغناء، وثابر وأخلص منذ كان طالبًا فى معهد الموسيقى العربية، حتى وصل إلى مكانة رفيعة فى تاريخ الغناء العربى.
واستشهد بما قاله الناقد الموسيقى كمال النجمى، بأن «حليم» كان صاحب «اللهجة الرابعة» فى الغناء العربى، إلى جانب لهجة أم كلثوم، ولهجة عبدالوهاب، ولهجة «الكلاسيكيين الأوائل».
وقال «فتحى» إنه ألف الكتاب من أجل توثيق تاريخ عبدالحليم حافظ الفنى وحفظه، واستغرق فى إعداده ٦ سنوات من البحث وجمع المعلومات من الدوريات بدار الكتب المصرية، ومكتبات سور الأزبكية، ومواقع محبى فن عبدالحليم على شبكة الإنترنت، مشيرًا إلى أنه رتب الأغانى فى الكتاب بحسب تاريخ تقديمها للجمهور لأول مرة.
وأضاف: «الهدف من الكتاب هو إمداد القارئ والباحث ببيانات ومعلومات صحيحة عن عبدالحليم حافظ وفنه، فى ظل تداول معلومات غير دقيقة عنه على مواقع التواصل الاجتماعى»، لافتًا إلى أنه لم يدرج كلمات الأغانى لأسباب تتعلق بحجم الكتاب وعدد صفحاته.
وبَين أن الكتاب هو الأول من نوعه الذى يتناول أغنيات عبدالحليم حافظ من حيث: اسم الأغنية، والتعريف بمؤلف الكلمات، والملحن والموزع والفرقة الموسيقية المصاحبة، وتاريخ تقديمها لأول مرة، ورقم الأسطوانة، والمقام الموسيقى، والحضور المميز لبعض الآلات المستخدمة وعازفيها، والحفلات التى قدمت فيها، والفيلم الذى ظهرت به، بالإضافة إلى آراء بعض النقاد، وذكريات صانعيها.
وواصل: «الكتاب يحصر بدقة كل أغانى عبدالحليم من ١٩٥١ حتى ١٩٨١، من واقع مراجع متعددة، مثل البرامج المتخصصة، والمجلات الفنية، وعلى رأسها (الكواكب)، والحوارات الإذاعية والتليفزيونية للعندليب وصناع أغانيه والنقاد الفنيين، وكذلك رسائل الماجستير والدكتوراه، وبعض الكتب السابقة، بالإضافة إلى صفحات الإنترنت ومواقع التواصل لمحبى هذا المطرب الكبير».
ورأى أن ترتيب الأغانى زمنيًا كان الأنسب لتحقيق هدف الكتاب فى توثيق تاريخ «عبدالحليم» الفنى وحفظه، لأنه يمكن القارئ والباحث من فهم وتتبع التطور الفنى لهذا الفنان الكبير، موضحًا أن الكتاب يبدأ بأول أغنية قدمها «عبدالحليم»، وهى «ذكريات»، التى قُدمت لأول مرة فى ٥ مارس ١٩٥١، وصولًا إلى «قارئة الفنجان»، فى ٢٥ أبريل ١٩٧٦، مستدركًا: «لكن هناك أغنية محفوظة ومسجلة لدى شركة صوت الفن، هى (حبيبتى من تكون)، التى خرجت للجمهور عام ١٩٨١».

إبراهيم عبدالعزيز: أصيب بـ«عقدة نفسية» فى طفولته بسبب مناداته بـ«ابن الست»
رأى الكاتب إبراهيم عبدالعزيز، مؤلف كتاب «إحسان عبدالقدوس.. سيرة أخرى»، أن معاناة الكاتب الراحل لازمته منذ بداية حياته، وتحولت إلى «عقد نفسية» بعد ذلك.
أولى هذه «العقد» تتمثل فى والدته السيدة روز اليوسف، وغضبه من عملها خارج المنزل، وهو ما عبر عنه بقوله: «كان حلمى منذ وعيت أن أرى أمى فى بيتها كبقية الأمهات»، ودفعه هذا لمنع زوجته لواحظ المهيلمى الشهيرة بـ«لولا» من العمل، وإصراره على أن تكون ربة بيت، وفق ما روت الزوجة لـ«عبدالعزيز».
وأضاف «عبدالعزيز»: «كان يشعر بالخجل لأن أمه ممثلة، رغم أنه لم يرها على المسرح إلا مرة واحدة»، ناقلًا عن «إحسان» قوله عن هذه المرة: «ذهبت إلى المسرح، لكنى لم أتحمس لرؤيتها وهى تمثل، شعرت بالخجل وكنت أطأطئ رأسى حتى لا أراها». وأشار إلى أن هذه «العقدة» تكونت بسبب غمز ولمز أقرانه الأطفال لأن أمه ممثلة، وحين كبر كانوا ينادونه بـ«ابن الست»، لذلك يعترف «إحسان»: «كنت أجتهد فى استذكار دروسى لأنجح وأعمل وأمنع أمى من التمثيل وأنفق من مالى على البيت».

وعن زوجته تحديدًا، قال «عبدالعزيز»: «كان بيت إحسان الذى تمثله زوجته (لولا) شبه مقدس، ولم يحب أن تختلط بأى وسط، وكان يضعها دائمًا فى برج عاجى، رغم أن عمله يدفعه إلى التعرف على أى مستوى من الناس.. هو رجعى فى هذه النقطة، وهى (حريمه) ويجب ألا تختلط بأى أحد، لذلك فإن سلوكه العام كان له وجهان.. وجه يمثل الرجعية، وآخر يمثل الحرية».
وقالت زوجة «إحسان»، وفق «عبدالعزيز»: «كان محترمًا فى عمله، ما يحبش الحال المايل، بل يتدخل حتى فى لبس المحررات، وكان يمنع حضور المحررة للعمل ببنطلون أو بفستان قصير أو بديكولتيه واسع على الصدر.. وكان إذا لم يعجبه ملابس إحدى المحررات يقول لى: (اذهبى ونبهيها ألا تلبس ما تلبسه، وألا تضع مكياجًا بهذا الشكل)».
وأضاف الكاتب: «لقد كان إحسان يعيش بعقلية جده لا عقلية أمه، لذلك لن نتعجب إذا وجدناه يتصرف مع أخته غير الشقيقة آمال طليمات بعنف يتفق مع تلك العقلية المحافظة».
ونقل عن «آمال» قولها عن شقيقها: «أمى اشتكتنى له، لأننى منطلقة وأركب (بسكلتة) مع ابن الجيران فى جاردن سيتى، حيث أعيش، فجاء غاضبًا وضربنى بالقلم، وأخذنى إلى العباسية حيث البيئة المحافظة، فمكثت هناك أسبوعًا مع أسرة أبيه».
ورأى الكاتب أن العجب فيما ترويه «آمال» هو أن أمهما روز اليوسف، المتحررة التى تتهم ابنها بـ«الرجعية»، لم ترض عن سلوك ابنتها المتحررة، وهى نفسها التى حرضت «إحسان» على أخته، فعاقبها صفعًا على وجهها، وأبعدها عن البيئة المفتوحة إلى بيئة جده المنغلقة فى محاولة لتأديبها.
وكشف عن إحدى رسائلها إلى ابنها، عندما كان فى مهمة صحفية بباريس عام ١٩٤٦، قالت فيها: «أرجو أن تنتبه كل الانتباه أولا إلى صحتك، ولا تخالط النساء كثيرًا لأننى سمعت بأن كل نساء فرنسا مرضى بسبب الحرب، فأرجوك مرة ثانية أن تنتبه إلى صحتك»، كما أنها عارضت بشدة اشتغال «إحسان» بالفن عندما حاول والده أن يثير اهتمامه به.
وعن سر النظرة المحافظة أو الرجعية لـ«إحسان»، قال «عبد العزيز» إن «إحسان» نفسه كان حائرًا يتساءل: «فأين الصح بالنسبة للمرأة؟! المجتمع الذى أعيشه مع عمتى، أم المجتمع الذى تعيش فيه أمى؟! خصوصًا أننى أحب أمى جدًا وأحب عمتى جدًا، فكانت النتيجة أننى رفضت الاثنين، وبدأت أختار للمرأة مجتمعًا جديدًا».
وأضاف: «كان إحسان يعيش حياتين متناقضتين، حياة القلب وحياة العمل، حياة يحياها فى الواقع، وحياة يعيشها على الورق بين أبطال قصصه، فهل لو كانت لديه بنت، فأى حياة يسمح لها بها؟ هل يسمح لها بالعمل وتجربة الاختلاط؟».
يجيب «إحسان» عن ذلك بنفسه: «سأكون معك صريحًا للغاية، أنا ما زلت ذلك الفلاح الذى عاش فى كفر ميمونة بجوار قرية شبرا اليمن، وما زلت أسير عادات وتقاليد جدى الشيخ رضوان، إن قلبى كله يميل إلى احترام هذه العادات والتقاليد، التى عشت تحت سطوتها حتى سن الثامنة عشرة من عمرى، أذكر أننى تعلمت أن أقبل يد كل شخص يكبرنى ويدخل دارنا، دار جدى أحمد رضوان - وفى مجتمع أمى - عندما انتهيت من تقبيل أيدى الجميع، أخذتنى أمى ونهرتنى بشدة، وقالت: يجب ألا تقبل يد أحد غيرى». ويضيف «إحسان»: «هكذا عشت فى تناقض بين بيئتين، لكل منهما تقاليدها وعاداتها، لكنى كنت أقرب إلى البيئة الأولى، لهذا فأنا أكتب بعقلى لا بقلبى.. فإذا ناديت بالحرية، فإن هذا النداء نابع من دراساتى العقلية والمنطقية».
ويتابع: «إذا كان لى بنت، فإننى سأطلب منها ألا تعمل.. إن زوجتى لا تعمل، وتعيش وفق عادات وتقاليد أهل العباسية الشرقية القديمة، ولو رزقت ببنت كنت سأعاملها بعقلية الفلاح الذى جاء من شبرا اليمن».

محمد خان
سعيد شيمى: حذفت «الكلام الخارج» من خطاباتى مع المخرج الكبير لأنه لا يهم الجمهور

أصدر المصور السينمائى الكبير سعيد شيمى الجزء الثالث من كتابه المعنى بتوثيق الخطابات بينه وبين المخرج الكبير الراحل محمد خان، الذى بدأه مع دار «الكرمة» العام قبل الماضى، ويتناول فى جزئه الأخير «خطابات محمد خان إلى سعيد شيمى.. مصرى للنخاع» الخطابات فى الفترة من ١٩٧٣ حتى ١٩٧٧.
وكشف «شيمى» عن أن الكتاب يضم الخطابات والمناقشات والصور التى تمت خلال تلك الفترة وما بعدها بقليل، بعدما اتفق مع دار النشر على إصداره فى ٣ أجزاء، لأن الخطابات كثيرة وتمتد لـ٢٠ عامًا، مشددًا على أنه «لن يتم إصدار مؤلفات أخرى عن كتابات ورسائل خان، بخلاف الأجزاء الثلاثة التى تناولت هذه الفترة بشكلٍ من التفصيل».
وعن صاحب فكرة نشر الخطابات، قال إن «خان نفسه تحدث مع الناقد محمود عبدالشكور لكتابتها، لكنه توفى قبل أن يرى ذلك، لذا فى حفل تأبينه أعلنت عن أننى سأتولى مهمة الكتابة رغم أنها عملية شاقة جدًا واستغرقت منى ٨ أشهر كاملة».
وأضاف: «أثناء كتابة الخطابات وتفنيدها شعرت بالحنين إلى تلك الفترة، لأنها أوراق تكرس لحياتنا معًا منذ عام ١٩٥٩ إلى أن توفى خان». وبَين أنه كان يكتب فى منزله، لأن الخطابات ذات أحجام مختلفة، وبالتالى كان ضروريًا الاعتماد على وجودها طوال الوقت بجواره، قائلًا: «كتبت الأجزاء الثلاثة فى المنزل، ولم أذهب إلى أى مكان آخر».
وأشار إلى أنه استبعد الكثير من التفاصيل التى لا تهم القارئ فى شىء، مبينًا: «كنا شبابًا فى ذلك الوقت، وهناك الكثير من الكلام الخارج بيننا، وكل ما تم استبعاده ليس له علاقة بالفن السينمائى، وقتها كنا نتحدث بحرية، فلم يكن يتوقع أى منا أنه سيأتى يوم وتنشر هذه الخطابات».
وتابع: «تم تنظيم ٤ معارض لمحمد خان فى الأوبرا والإسكندرية وجاليرى لمسات ومركز الهالة الثقافى، وبخلاف الكتب التى تمت كتابتها لا أعتقد أن هناك مشروعات أخرى ستكتب عنه». من ناحية أخرى، كشف «شيمى» عن أن هناك كتابًا سيصدر له قريبًا عن دار «الهالة»، بعنوان «الإدراك والمتعة فى الصورة السينمائية»، وسيتم طرحه فى معرض الكتاب، موضحًا أن الكتاب الجديد «يتحدث عن الصورة، وكيف كنت أطوعها لخدمة الدراما، واستعنت فيه ببعض الصور من الأفلام».
وأضاف: «الكتاب يتناول فلسفة الصورة لسعيد شيمى ومعه ٤٠ مخرجًا روائيًا و٣٠ مخرجًا تسجيليًا، وبالطبع راعيت الفروق بين كل مخرج والآخر، لأن كلًا منهم له رؤيته وطريقته وأسلوبه لشرح كل تفصيلة».