رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدستور تعقب على رد الهيئة العامة للبترول فى سرقة مازوت مدعوم

الهيئة العامة للبترول
الهيئة العامة للبترول

نشرت الدستور قبل أيام تقريرا تكشف فيه عن سرقة مواد بترولية (مازوت) مدعومة من الدولة لصالح صناعة الطوب، بكميات كبيرة أسبوعيا، من خلال تلاعب مقاول النقل (أحد المعنيين بالتعامل مع الهيئة العامة للبترول لنقل هذه المواد لأصحابها)، وفق توكيل بذلك من صاحب المصنع للمقاول، كون الأخير يمتلك السيارات المخصصة لذلك.

تتم عملية السرقة من خلال استخراج كروت إضافية للمصانع، بمعنى أن كل مصنع يخصص له كارت واحد ذكي، إلا أن المقاول محل الحديث في هذه الواقعة يمتلك كارتا آخر يقوم من خلاله بصرف حصة مثيلة للمخصصة بواقع نحو 45 طن مازوت أسبوعيا للمصنع الواحد، يتم احتسابها في الهيئة بنحو 2200 جنيه للطن الواحد كمواد مدعومة، ومن ثم يبيعها المقاول بقرابة الـ5 آلاف جنيه للطن الواحد.

الواقعة كشف عنها أحد أصحاب مصانع الطوب الذي يدعى شبانة أحمد وهبة الوحش، بعدما طرق كل الأبواب القانونية لاسترداد حصته التي توقف صرفها له قبل أكثر من 3 سنوات، وبالتالي توقفت صناعته التي يعمل بها نحو 500 فرد يمثلون 500 أسرة تعمل في هذه الصناعة، واشتكى صاحب المصنع للنيابة الإدارية ونيابة التموين والأموال العامة والجهات المعنية بالبترول ولجأ مؤخرا للقضاء الإداري بمجلس الدولة، وقبلها أرسل شكاوى واستغاثات عديدة لوزراء البترول والتموين، إلا أن جديدا لم يحدث، وتوقفت صناعته بسبب شكواه كنوع من الجزاء له، فكيف يتحدث عن سرقة حصص باسمه وباسم غيره – على حد قوله – فكان الجزاء.

وعندما استغاث المتضرر بـ"الدستور" نشرت الواقعة ممهورة بالمستندات، فأرسلت الهيئة العامة للبترول ترد على "الدستور" فيما نشرته، وهو ما مثل مفاجأة تؤكد سرقة المازوت حتى بداية عام 2014، بحسب ما جاء في الرد الذي يقول إنه حتى ذلك الحين لم تكن هناك أي بيانات خاصة بهذه الشريحة (تقصد مصانع الطوب).

لقراءة التقرير كاملا: اضغط هنا

وبحسب الرد؛ لم تكن هناك أي ضوابط أو لوائح منظمة لعملية الصرف والشحن لتلك الفئة من المصانع، غير أن الشحن يتم من خلال مقاول نقل من الباطن، وذلك عن طريق طلب من صاحب المصنع مرفق به صورة من البطاقة الضريبية والسجل التجاري للمصنع.

وأردفت الهيئة- في مطلع ردها على الدستور- أنه حتى بداية 2014 تم اعتماد الرقم الضريبي لكل مصنع كود مميز غير قابل للتكرار وتمت إضافة بيانات مصانع الطوب الطفلي إلى منظومة المراقبة بشكل دوري. وهنا تطرح تساؤلات عديدة أهمها، كيف كانت تتم عمليات الصرف على مدار عشرات السنين قبل 2014؟ وكيف يتم الصرف لمقاول اشتكى منه صاحب المصنع لدى الهيئة وأبلغها رسميا بإلغاء التعامل معه في 2013؟ وذلك حسب ما أمدنا المتضرر بالمستند – (مرفق) - الذي يؤكد صحة ذلك الكلام، كما ألقت الهيئة بالمسئولية في تلك الفترة ضمنا على الوزير الحالي طارق الملا الذي كان يرأس الهيئة وقتها، وفي نهاية ردها تحمل المقاول المسؤولية، وفي فقرة تالية تحمل صاحب المصنع المسئولية، ولم يوضح الرد أحد بعينه كمسئول عن الأمر.

لقراءة رد هيئة البترول كاملا: اضغط هنا

كشف رد الهيئة العامة للبترول عوراتهم الكثيرة التي تؤدي في النهاية لسرقة المال العام ومقدرات الدولة برعاية المستفيدين من الوضع، إضافة إلى عدم وعيهم بما يستندون إليه في الرد، وهو ما سنسرده حتى يتم وقف إهدار وسرقة المال العام، ورد الحقوق إلى أصحابها ومحاسبة المتورطين.

في البندين الأول والثاني من مذكرة "هيئة البترول" للرد على تقرير "الدستور"؛ قالت الهيئة إنه في أغسطس 2015 تقدمت شركة أويليبيا بطلب لإضافة مصنع شبانة الوحش إلى المنظومة، من خلال مقاول النقل غريب مطر، وتمت إضافته. وفي فبراير 2017 تقدم صاحب المصنع بطلب لتحويل حصته إلى شركة "توتال إيجيبت"، من خلال مقاول النقل محمد مصطفى حرب، وهي إجراءات مشروعة تمت في السياق المنظم لطبيعة التعامل ولا غبار عليها، غير أننا سنحتاج لاحقا التساؤل عن إجراءات يفترض أنها تمت في نفس الإطار إلا أنها لم تحدث.

في البند الثالث من مذكرة الرد قالت الهيئة إن شركة "أكسون موبيل" تقدمت بطلب إضافة مصنع شبانة الوحش إلى المنظومة في سبتمبر 2015، من خلال مقاول النقل شركة الإيمان، وتمت الإضافة برقم تسجيل ضريبي 491663307، والتساؤل المطروح هنا هو كيف تمت الإضافة لصالح مقاول نقل ألغى العميل توكيله في 2013، وأبلغ الوزارة رسميًا بهذا الكلام وأبلغ وزارة التموين بنفس الشأن.



والتساؤل الأهم هو: كيف تمت عملية الإضافة برقم ضريبي ليس صحيحًا؟ إذ إن الرقم الذي ذكرته الهيئة في ردها هو رقم بطاقة الرقم القومي لصاحب المصنع وليس الرقم الضريبي، كونه لديهم ومذكور أعلاه في الرد. وعندما تمت الإضافة لصالح مقاول النقل محمد حرب، إضافة إلى أن أي مواطن مهما تعددت أعماله لا يمتلك إلا رقما ضريبيا واحدا؟ فكيف جرت هذه العملية ومن قام بها في ظل وجود منظومة مراقبة وتحكم إلكتروني تعمل خلالها الهيئة منذ بداية 2014 كما ذكرت في مطلع ردها؟

في البند الرابع من المذكرة قالت الهيئة إن شركة "الإيمان" تقدمت بطلب لتحويل عدد من الحصص التابعة لها بشركة "أكسون موبيل" إلى شركة غاز المتوسط، ومن ضمنها حصة المصنع المملوك لـ شبانة أحمد الوحش، وعندما فحصت لجنة السولار والمازوت التابعة للهيئة الأوراق المقدمة من شركة الإيمان، تلاحظ وجود 2 مصنع صدر لهما 2 كارت ذكى بنفس الاسم، ورقمي تسجيل ضريبي مختلفين لنفس صاحب المصنع، ومن ثم تمت مخاطبة الجهة المعنية بالهيئة (الشئون القانونية) لاتخاذ ما يلزم تجاه تلك المخالفة.

في تاريخ 22-10-2017؛ أصدر الرئيس التنفيذي للهيئة قرارا بتشكيل لجنة لفحص المخالفات الخاصة بصرف حصتين من كميات المازوت لنفس المصنع المذكور، بناءً على طلب نيابة النقل والتوزيع. وإذا كان هناك شبهة تزوير من عدمها، فلا بد أن نوضح أن من قام بهذه الشكوى هو صاحب المصنع وليس الهيئة، وذلك عندما تحرك للمطالبة بحقه، وبعدها أوقفت الهيئة حصته.

في البند الثامن من الرد؛ قالت الهيئة إنه بتاريخ 5-4-2018، وبناءً على نتائج اللجنة المشكلة بقرار رقم 249 لسنة 2017، تم إيقاف صرف المازوت عن كل من المقاول (شركة الإيمان)، والمصنع المملوك لشبانة أحمد الوحش، لضمان تحصيل باقي فروق الدعم عن الكميات التي تم شحنها لمصنع المذكور، والتساؤل هو: كيف يتم اختصام صاحب المصنع ووقف حصته في الوقت الذي أعلنت فيه الهيئة رسميا أنه لا يتعامل مع هذا المقاول قبل الواقعة بسنوات؟ أيضا كيف تسلم المقاول (شركة الإيمان) الكارت الذكي الإضافي الذي من المفترض أن يوقع صاحب المصنع على تسليمه؟ وهو ما لم يحدث في الأساس، وفق ما حصلنا عليه من مستندات.

كارثة جديدة كشف عنها رد الهيئة في البند الثامن، إذ قالت الهيئة إن اللجنة المشكلة أوصت بإعادة فتح الشحن للمقاول (شركة الايمان) بتاريخ 7-5-2018، بعد أن سددت الشركة 500 ألف جنيه -تحت التسوية- لحين انتهاء نيابة التجارة الداخلية من احتساب قيمة فرق الدعم عن الكمية التي تم شحنها من خلاله لمصنع شبانة الوحش.

وهنا تتضح أمور عدة، أهمها أن المقاول هو الذي يتسلم الكميات المشحونة لصالح أصحاب المصانع وليس أصحاب المصانع هم من يتسلموا حصصهم من الهيئة، والمفترض أن يكون الكارت الذكي بحوزة صاحب المصنع، وعندما يقوم المقاول بتسليم الكمية له، يقوم صاحب المصنع بإعطاء الكارت للمقاول حتى يتم تمريره في الماكينة الذكية المخصصة لذلك والمربوطة على المنظومة، وهنا يتم خصم الحصة المقررة لصاحب المصنع إلكترونيا كونها وصلته، ومن ثم يعيد المقاول الكارت الذكي لصاحب المصنع وهو ما لم يحدث.

أيضا هناك فواتير رسمية مع المقاول يقوم بالتوقيع عليها صاحب المصنع، بعد تسليمه حصته، وهو ما لم يحدث أيضا. التساؤل الأهم هنا: هو لماذا تساند الهيئة- من خلال ممثليها- مقاول تم إبلاغهم بإلغاء توكيله من قبل صاحب المصنع. ورغم ذلك استخرج المقاول كارتا لا يعرف عنه صاحبه شيئا، وحصل على كميات تقدر بنحو 1000 طن مدعوم، لم يصل منها صاحب المصنع شيء. وكيف تتوقف حصة المصنع على مدار سنوات كثيرة مضت وما زالت، وإغلاق منازل 500 أسرة تعمل في هذه الصناعة، في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس السيسي عن مبادرة بـ100 مليار جنيه لدعم الصناعة.

وفي البند العاشر؛ قالت الهيئة إنه- حتى تاريخه- لم يتم تسديد باقي فروق الدعم عن الكميات التي تم تسلمها من خلال صاحب المصنع (شبانة الوحش)، وعليه لم يتم فتح الشحن للمصنع حتى الآن، وهذا يتعارض مع ما قالته الهيئة في البند التاسع بأن الحصة تصل لصاحب المصنع من خلال مقاول النقل.

وفي ختام ردها؛ قالت الهيئة إنها تقدمت ببلاغ للمحامي العام لنيابات الأموال العامة منتصف مايو 2018، تلتمس فيه تحقيقًا في المخالفات التي شابت صرف "مازوت" بدون وجه حق للمصنع المملوك لشبانة أحمد الوحش من خلال مقاولين مختلفين، وطالبت باتخاذ الإجراء القانوني للحفاظ على المال العام.

من جانبه، عقب شبانة أحمد الوحش، صاحب المصنع المتضرر، لـ"الدستور"، قائلا إنه "تقدم ببلاغات لكل الجهات المعنية قبل كل هذا الكلام، وعرض عليه مبالغ مالية طائلة للتنازل عن شكواه وإنهاء الأمر، إلا أنه رفض متمسكا بحقه في مواجهة طغيان تغول وأصبح وحشًا يمتلك ثروة تقدر بمليارات الجنيهات، لا يعلم أحد كيف تكونت ولا نستطيع أن نسرد ما يقوله المقربون منها لأننا لا نمتلك مستندات بذلك".

وطالب صاحب المصنع بحصته التي خصصتها له الدولة، مؤكدا أنه لا علاقة بما تم من مخالفات وفق المستندات المتاحة، ووفق العرف المعمول به في هذا الشأن.

وتواصل "الدستور" التحقيق في الأمر، والتأكد من عدم وجود حالات شبيهة.