رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حديث الوداع.. سمير سيف: خططت لتحويل "المشبوه" إلى مسلسل

سمير سيف
سمير سيف

كشف المخرج الكبير سمير سيف، فى حواره الصحفى الأخير الذى أجراه مع «الدستور» قبل رحيله بأيام، عن تخطيطه لتحويل فيلم «المشبوه» إلى مسلسل درامى، من بطولة محمد عادل إمام وأحمد الفيشاوى، نجلى بطلى الفيلم.
وتحدث «سيف»، الذى غادر دنيانا أمس الأول بعد رحلة فنية عامرة بالعطاء، عن ذكريات العمل مع عادل إمام ومحمود عبدالعزيز وفاروق الفيشاوى، وبدايات اهتمامه بالسينما وإصراره على دراستها رغم التحاقه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وغيرها من محطات حياته فى السطور التالية.
سمير سيف فى آخر حوار صحفى:


■ بداية.. التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية على الرغم من أن حلمك كان معهد السينما.. كيف تحولت وجهتك إلى المعهد مرة أخرى؟ وما موقف الأهل آنذاك؟
- كنت من المتفوقين فى الثانوية العامة وحصلت فيها على مجموع عالٍ، ونظرًا لعدم وجود ميول علمية لدىّ اخترت من بين كليات القمة «الاقتصاد والعلوم السياسية».
ورغم ذلك كان قرارى منذ أن كنت فى الصف الثانى الإعدادى هو دراسة السينما، لذا قدمت فى المعهد سرًا وخضعت لاختبارات القبول، بالتزامن مع دراستى فى الكلية، وتم قبولى دون معرفة أهلى، حتى طلبت مساعدة عمى، وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة وقتها، الذى تمكن من إقناع أهلى وطلب منهم أن يتركونى أسير فى طريقى، وهو ما وافقوا عليه خاصة أننى كنت متفوقًا فى دراستى الجامعية.
■ بدايتك الإخراجية كانت مع نور الشريف فى فيلم «دائرة الانتقام» من إنتاجه.. ما الذى دفعه لاتخاذ هذه الخطوة الجريئة؟
- نور الشريف قدّم مع الفنان محمود مرسى فيلم «زوجتى والكلب»، و«مرسى»، رئيس قسم الإخراج فى معهد السينما، كان أستاذى، ومن خلاله تعرفت على «نور»، لكن الصداقة الحقيقية نشأت فى فيلم «السكرية» مع حسن الإمام، وكنت وقتها مساعد مخرج، حيث تلاقت أفكارى واهتماماتى الثقافية والسينمائية مع أفكار واهتمامات «نور».
فى تلك الفترة كان البعض يتهم نور الشريف بتقديم مشاهد جريئة وجنسية فقط، فأراد تغيير تلك الصورة بفيلم «أكشن»، فعرض علىّ الفكرة، وكنت قد أخرجت فيلمًا روائيًا للتليفزيون حصل على جائزة أحسن إخراج وسيناريو، فوافقت وقدمنا «دائرة الانتقام»، من إنتاجه وإخراجى، وتأليف إبراهيم الموجى بمشاركتى.
وأذكر أن الموزع طلب من «نور» تغييرى مع زيادة الأموال التى سيدفعها له إلى ٢٠٪ من تكلفة الفيلم- كان الموزع يدفع أموالًا للمنتج أثناء التصوير وقتها- لكن «نور» تمسك بى، لذلك أكرمه الله وحقق الفيلم نجاحًا عوضه أضعافًا مضاعفة.. وطوال تاريخى قدمت ٢٦ فيلمًا، كان من بينها ١٠ أفلام مع «نور»، و٨ مع عادل إمام، كما أن «نور» أنتج ٦ أفلام نصفها من إخراجى.
■ هل صحيح أن محمود الخطيب كان المرشح الأساسى لتجسيد شخصية «شحاتة أبوكف» فى فيلم «غريب فى بيتى»؟
- فى تلك الفترة كان محمود الخطيب أكثر لاعبى الكرة نجاحًا، وسعاد حسنى أفضل نجمة، لذلك فكر المنتج بمبدأ تجارى بحت فى اشتراكهما فى بطولة الفيلم، ولم أعارض الفكرة، وطلبت منه الجلوس مع «الخطيب»، وبالفعل توجهت للقائه فى معسكر الأهلى بنادى الطيران.
جلست أنا والمنتج مع «الخطيب»، ووجدته شخصية متزنة ذات «كاريزما»، لكن على مستوى التمثيل غير مناسب، وكانت تعبيراته واحدة، وأعتقد أنه شعر بذلك فقرر أن يرفع عنى الحرج، وقال: «لا أستطيع الحديث فى أى شىء قبل سؤال الكابتن صالح سليم».
وللعلم الفيلم لم يكن عن نادى الزمالك فى البداية، ولو مثّله «الخطيب» كان سيصبح عن الأهلى، وهذا كان المخطط من البداية، لكن غيّرنا الوجهة بسبب رفض الأهلى التصوير فى النادى، فتوجهنا لنادى الزمالك، فكان طبيعيًا أن نغيّر النادى فى الفيلم إلى الزمالك.. وللعلم أيضًا شخصية «هياتم» فى الفيلم من وحى خيالنا، ولا تعبّر عن أى شخصية حقيقية كما قيل.
■ «الهلفوت» من العلامات السينمائية المميزة.. ما الذى أضافه عادل إمام للشخصية فى الفيلم؟
- تشاورنا فى البداية حول ما الذى سترتديه الشخصية فى الفيلم، وكان «البنطلون» و«البلوفر» من العلامات الرئيسية، وأضاف «عادل» طريقة الكلام التى تحدث بها فى الفيلم، وحين عرضها علىّ تحمست لها بشدة كبيرة.
وأتذكر أن مسئولى الشركة المنتجة «صوت الفن» سألونى: «هل سيتحمل الجمهور طريقة الكلام هذه؟»، فقلت: «سيتفاجأون، وسيسحبهم بسلاسة للنهاية»، وهو ما حدث، وأستطيع القول إن «الهلفوت» هو الجد الأكبر لـ«اللمبى».
■ كيف اخترت فاروق الفيشاوى لفيلم «المشبوه»؟
- شقيقتى قالت لى إن هناك ممثلًا مميزًا اسمه «فاروق الفيشاوى» فى مسلسل يسمى «أبنائى الأعزاء شكرًا»، فلما شاهدته قلت: «مستحيل.. إنه الفنان العالمى إيرول فلين»- ممثل شهير فى فترة الثلاثينيات- فطلبته للفيلم، وكان يعد بطولة ثالثة فى الفيلم بعد عادل إمام وسعاد حسنى.
■ ماذا عما تردد حول تحويل الفيلم إلى مسلسل؟
- مصر فى عام ١٩٨٠ غير مصر فى الوقت المعاصر، من حيث الأشخاص والظروف، وبالتالى المسلسل سيحتاج إلى زيادة الخطوط الدرامية والشخصيات، وتغيير الموضوع برمته.
صحيح أننى انتهيت من كتابة ٢٧ حلقة كاملة من المسلسل، لكنى أعتقد أنه أصبح «منحوسًا»، خاصة فى ظل خوف الفنانين من تقديم الأدوار خوفًا من المقارنة، حتى إننى خطر فى بالى الاستعانة بمحمد إمام وأحمد الفيشاوى فى البطولة، باعتبارهما ابنى الفنانين بطلى الفيلم، فتحدث إلىّ عادل إمام وأخبرنى بتردد ابنه خوفًا من المقارنة.
■ كيف كان التعامل مع وحيد حامد فى كل الأعمال التى قدمتماها سويًا؟
- تجمعنا صداقة كبيرة، وكان لا يستكبر أن يأتى ويقول لى: «أريد أن أعمل معك»، وأتذكر أننى كنت أعرض أول نسخة فى المعمل من فيلم «المشبوه»، وكنت أعرف «وحيد» معرفة سطحية، ففوجئت به وهو يزور سعيد صالح حين كان مريضًا يطلب منى العمل سويًا، فقدمنا بعدها فيلم «غريب فى بيتى».
■ ما الذى ميّز محمود عبدالعزيز عن النجوم الكبار الذين عملت معهم؟
- أعرف محمود عبدالعزيز قبل أن نعمل معًا، ومن البداية كنت متحمسًا له للغاية منذ قدّم فيلم «حتى آخر العمر»، فرشحته لفيلم «المتوحشة» ووافقتنى سعاد حسنى، وكانت نقلة كبيرة له، كما قدمت معه «البشاير» الذى يعد من أنجح المسلسلات التى تعاد حتى الآن.
■ قدمت محمد رمضان فى «السندريلا».. فكيف جاء اختياره؟
- كنت أبحث عن شاب يقدم دور أحمد زكى، ورغم أنه يحكى ويقول الآن إننى قلت له «رَوّح» فى أول مقابلة معه، فإنه لم يحدث هذا، وليس أسلوبى، بل كانت مشكلته أن جسمه «قليل» فقلت له انتظرنى حتى أرى البقية، ثم عدت إليه وقررت التغاضى عن الحجم فى سبيل الموهبة وتم إسناد الدور إليه.
وأرى أنه ممثل موهوب ولديه نزعة فنية مميزة، وكما قال أحد الكتّاب الفرنسيين: «عندما تحدث ظاهرة فنية لا تبحث عن الأسباب الفنية لنجاح العمل، لكن ابحث عن الأسباب الاجتماعية التى مست وترًا اجتماعيًا للجمهور»، وأعتقد أن ذلك سر نجاح محمد رمضان.
■ أخيرًا.. ما رأيك فى مصطلح «القوى الناعمة المصرية»؟
- المصطلح ابتُذل من كثرة استخدامه، لكن ما أستطيع قوله إننى من أوائل المنادين بالاهتمام بـ«القوى الناعمة» فى مصر، فلو دخلت أى مكتبة فى أى بلد عربى ستجد كتبًا مصرية مع كتب عربية، لكن أى قناة أفلام عربية ستجدها كلها مصرية، وهذا يعنى أن السينما تظل مكمن القوى الناعمة الحقيقية.