رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يجعل "بيت المؤمنين" عمار




قررت دولة الإمارات تصميم "بيت العائلة الإبراهيمية" في العاصمة الإماراتية أبوظبي، على أن يضم كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف واحد، ليكون عنوانًا للتسامح الديني، بتصميم المهندس المعماري "سير ديفيد أجايي أوبي"، البريطاني الجنسية والحاصل على العديد من الجوائز العالمية، طبعًا ذلك بلا شك تقدير للأديان الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، على أن يتم توجيه المسجد نحو الكعبة في مدينة مكة، واتجاه مذبح الكنيسة شرقًا، وسيواجه المنبر اليهودي والتوراة القدس، وسوف يتم تخصيص شارع منفصل للوصول إلى أي من المباني الثلاثة.

وهو أمر قد يساهم في نشر الوئام والتفاهم، ولكنه في الحقيقة يعظِّم من قوة الإمارات وقدراتها الاستراتيجية على التأثير الإقليمي والدولي، وتعاظم نفوذها السياسي على نحو كبير بسبب تحركها الاحترافي على أرض الواقع، بعدما أصبح اسمها يتردد أكثر بسبب نجاحاتها في مجال نشر ثقافة التعايش والتسامح الديني والتعددية، عن المجال الاقتصادي والتكنولوجي.

أما في ما يخص الحالة المصرية فقد أنشئ بيت العائلة المصرية عام 2103، بهدف الحفاظ على النسيج الاجتماعي لأبناء مصر بالتنسيق مع جميع الهيئات والوزارات المعنية في الدولة، تحت رئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وعضوية عدد من العلماء والمفكرين والخبراء. وبلا شك يولي بيت العائلة المصرية اهتمامًا ورعاية خاصة بالأنشطة الثقافية والدينية، من خلال لجان بيت العائلة المصرية التي تعمل باستمرار وجنبًا إلى جنب، لبحث المشكلات التي يعاني منها المجتمع المصري، والعمل على حلها بأسرع وقت قبل أن تتفاقم.

ولكن نحتاج هنا إلى رصد حقيقي لواقع الدور، بخلاف الصلح بين العائلات في عدد من محافظات الجمهورية، هل ساهم في ضبط الخطاب الديني، وإرساء قيم التسامح والمحبة من خلال التركيز على القيم الإنسانية؟
أتصور أن حرية المعتقد في غالب دول العالم اليوم يضمنها الدستور، ويشمل المعتقد وكل الديانات والأعراق كافة في إطار يهدف إلى تأصيل المحبة والاحترام والتسامح، استجابة لمبادئ حقوق الإنسان والحريات، وهي قيم ارتضاها المجتمع الدولي منذ أمد بعيد ويواصل النهوض بها حتى اليوم، بجانب دعم الجماعة الدينية من رموز وقيادات للمعتقدات الدينية، وقد اتفق غالبهم على الاتحاد والوسطية والتسامح والانفتاح.

هناك جوانب هامة لا بد من أن تلقى رعاية واهتمام المجتمعات المتقدمة، كالسعي لتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني في تنمية وعي الجمهور بأهمية الإحساس بالمسؤولية واحترام القانون، والتأكيد على أهمية وحيوية دور المؤسسات الدينية والتعليمية في إرساء أسس التربية على قبول الآخر والتعايش النابعة من الثقافة المصرية في الأصل.

بجانب تركيز وسائل الإعلام على نشر ثقافة العيش المشترك وتأصيل الأسس والمبادئ التي تعزز تلك القيم ومتطلبات احترامها على أوسع نطاق ممكن، والعمل على تعزيز ثقافة حقوق الإنسان عبر مشروعات ومبادرات الشراكة المجتمعية بين الجمهور وأجهزة الدولة.