رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية أول قضية إثبات نسب في مصر.. «هدى شعراوي هددت صاحبتها بتلفيق قضية دعارة»

هدى شعراوي
هدى شعراوي

ولدت فاطمة سري عام 1904، وهي ابنة لسيد بيك المرواني، وهي من رواد شارع محمد علي في عصر المغنيات العوالم، وهي أول مصرية تغني أوبرا كاملة "شمشون ودليلة".

لفاطمة أغنيات شهيرة جدا " بدل ما تسهر ع القهوة.. تعال نشوي أبو فروة"، و"كفاية اللي شفته"، وطقطوقة"أنا بس ساكتالك"، "و "ناس ليها بخت في الحب".

ومع شهرة سري الفنية، فقد نالت شهرية سياسية أيضا، فهي صاحبة أول قضية منظورة في المحاكم لإثبات النسب لابنتها ليلى من زواجها السري المشهور سنة 1924، من محمد بك شعراوي، ابن صاحبة العصمة هدى هانم شعراوي.

أما تاريخ القصة فيرجع إلى 27 يناير 1927، حين استيقظ الشعب المصري على خبر نشرته فاطمة سري في مجلة المسرح الأسبوعية عن قصة زواجها من محمد شعراوي، ابن هدى شعراوي رائدة حركة تحرير المرأة، وعلي باشا شعراوي صديق الزعيم سعد زغلول، وصرحت سري في الخبر بظروف زواجهما السري، وأسباب رفض زوجها إثبات نسب ابنتها إليه.

وذكرت سري أن هدى شعراوي أقامت حفلا كبيرا في سراياها بعد خلافها مع سعد زغلول وقتها، وفي الحفل شاهدها محمد شعرواي، فأعجب بها، ووقع حبها في قلبه، فأخذ يلاحقها من حفل إلى حفل، وهي تتهرب منه، الأمر الذي زاده حبا.

وأشارت إحدى المجلات إلى القصة العاطفية التي دبت بين ابن الهانم والمطربة، الامر الذي اثار انزعاج سري، لكن ابن الباشا لم ينزعج، وقال لها" أريد أن تعرف الدنيا كلها إني أحبك"، وكانت فاطمة سري وقتها مطلقة ولديها ولدان، وعندما علم طليقها بالأمر، ثار عليها وحرمها من ولديها، فقرر محمد شعراوي الانسحاب من حياتها بعدما تورطت معه، وثارت من حولهما الشبهات، فكتب لها شيكا بمبلغ كبير ثمنا للوقت الذي قضاه معها.

وأمسكت فاطمة سري بالشيك وغضبت ومزقته إربا وداسته بأقدامها في غضب وهي ثائرة، فلحق بها محمد شعراوي واعتذر لها عن سوء تصرفه، وعرض عليها الزواج العرفي، فاعترضت بقوة وقالت "أريد عقدا شرعيا".

وطلب شعرواي من فاطمة ان تمهله بعض الوقت حتى يسترضي والدته للزواج منها، بعد ذلك احست سري بدبيب الحمل في بطنها فذهبت لتجهض نفسها وعندما أخبرها الطبيب أن هذا الإجراء خطر على حياتها تمسك بها محمد شعراوي وبالجنين، وكتب إقرارا على نفسه بأبوته للجنين.

قال مصطفى أمين في كتابه "مسائل شخصية" أن هدى شعراوي حين علمت بزواج ابنها الوحيد من المطربة ثارت ثائرتها واتهمت ابنها بأنه يحاول قتلها بهذا الزواج، وحاولت الضغط على المطربة بما لها من نفوذ وشبكة علاقات واسعة بالتهديد بتلفيق ملف سري في شرطة الآداب بتهمة الدعارة.

لكن المطربة تحدت الكل وقالت "سوف أطلق بنفسي الرصاص على أي وزير داخلية يقوم بهذا التزوير"، فاشتعلت المعركة بين هدى شعراوي وابنها وفاطمة سري، فقرر شعراوي السفر إلى أوروبا وطلب من زوجته اللحاق به فكان ينتقل من مدينة إلى مدينة ومن بلد إلى بلد تاركا لزوجته العرفية في كل مدينة رسالة مفادها أن الحقي بي، وبالفعل سافرت خلفه، ولكنها لم تعثر عليه، فعادت فاطمة سري إلى مصر ومعها طفلتها ليلى التي أخفتها عن العيون خوفا عليها، وبعد مدة عاد شعراوي ليسأل عنها وعن ابنته ويسأل عن الإقرار ايضا فلما قابلها سألته "هل يهمك الحصول على الورقة إلى هذا الحد"، فرد عليها" بهذا تثبتين ولائك لي وإخلاصك إلى الأبد".

وسلمته سري صورة زنكوغرافية للورقة، والحكاية أنها تشاورت مع المحامي الخاص بها فطلب منها التمهل وصنع لها صورة زتكوغرافية تشبه الأصل، وعندما منحت سري الورقة لشعراوي لم يتبين أنها صورة للعقد وليس العقد نفسه، وأخذ الورقة ووعدها بالعودة في اليوم التالي، ولكنه لم يحضر وظلت تتصل به على هاتف البيت، فأمسك بسماعة التليفون وانهال عليها بالشتائم والسباب وأغلق الهاتف في وجهها.

ولما يأست فاطمة منه كتبت خطابا إلى والدته هدى شعراوي تطالبها كمدافعة عن حرية المرأة أن تأخذ حقها من ابنها، إن كانت صادقة في دعوتها، وما كادت هدى شعراوي تنتهي من قراءة الرسالة حتى ثارت ثائرتها ودنست كل مبادئها للتحرير وخاضت معركة عنيفة ضد فاطمة سري، وبعد سنوات من المرافعات والضغوط والتدخلات إذا بالمحكمة الشرعية تحكم في جلستها بتاريخ 1930 بأن ليلي هي ابنة محمد شعراوي وهنا قامت فاطمة سري بتسليم ابنتها ليلى إلى أبيها.

ولم تر فاطمة سري ابنتها مرة أخرى حتى ماتت في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وذلك حسبما ذكر عمرو علي بركات في كتابه سيدات الطرب والغناء والذي صدر عن دار الهلال.