رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبرزها مكافحة الفساد.. تحديات تواجه قيس سعيد في رئاسة تونس

قيس سعيد
قيس سعيد

يستعد قيس سعيد لتأدية اليمين الدستورية الأربعاء المقبل رئيسا للجمهورية التونسية بعد إعلان فوزه رسميا ونهائيا على منافسه نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس، في الجولة الثانية من الانتخابات بنسبة بلغت 72.71 % من أصوات الناخبين، وسط تحديات سياسية وأمنية واقتصادية تنتظره ويريد التونسيون منه التعامل مع هذه الملفات وألا يفشل كما فشل غيره.

يأتي على رأس التحديات السياسية التي تواجه قيس سعيد تركيبة البرلمان فمن ناحية هو مرشح مستقل وغير منتمي لأي حزب ولا يملك أي نواب تابعين له في البرلمان البالغ عددهم 217 نائب، الأمر الذي قد يضعه في صدامات مع البرلمان فمن خلاله ستأتي الحكومة ورئيس الوزراء الذي يحظى بصلاحيات قوية في الشأن الداخلي تفوق ما يحظى به رئيس الجمهورية الذي تتفوق صلاحياته في ملفات الدفاع والأمن والسياسة الخارجية.

وجاء برلمان 2019 الذي جرت انتخابات الشهر الجاري مفككا ولا تسيطر عليه قوى أو حزب سياسي فأعلى حزب حظي بمقاعد هو حركة النهضة بـ 52 مقعدا فيما جاء حزب قلب تونس ثانيا بـ 38 مقعدا، وباقي الأحزاب منهم من حصل على عشرين مقعدا فأقل، بالتالي سيكون البرلمان غير موحد وهذا قد يصب في صالح قيس سعيد لتعزيز صلاحياته، والعكس قد يحدث تكتل من جانب الأحزاب الليبرالية والمدنية ضده ما يعرقل عمله في كثير من الملفات ما يظهر ضعفه وفشله أمام الشعب.

وعلى المستوى الأمني يواجه قيس سعيد ملف العائدين من صفوف التنظيمات الإرهابية حيث يعتبر التونسيين من أكثر الجنسيات الملتحقة بالتنظيمات الإرهاب خاصة في سوريا والعراق الأمر الذي يمثل تحديا أمنيا كبيرا بخلاف عناصر الجماعات الإرهابية المتمركزين على الحدود الليبية التونسية بسبب ما تمر به ليبيا.

اقتصاديا يواجه قيس التحدي الأكبر والأكثر صلة بالمواطن، فتونس تعاني من نسبة تضخم مرتفعة تصل إلى 7 % ونسبة بطالة تتخطى 25 % بجانب تراجع الاستثمارات وانخفاض عائدات السياحة، حيث يصل معدل النمو الحالي في تونس إلى أقل من 3 %، ما يتطلب حزمة من الإصلاحات الاقتصادية قد تؤدي إلى غضب شعبي نتيجة هذه الإجراءات، بخلاف الحصول على مساعدات دولية من مؤسسات ودول قد لا تلقى قبولا شعبيا.

ومن الملفات المهمة التي ستواجه قيس سعيد هو مكافحة الفساد، فالكثير من رموز نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي ما زالوا موجودين في السلطة وعلى الساحة ولم يتم محاكمتهم أو مسائلتهم وسط تعطيل لقوانين مكافحة الفساد لما يحظون به من نفوذ اقتصادي وسياسي ودعم دولي، وقال قيس سعيد خلال حملته إنه سيحاسب المفسدين الأمر الذي سيضعه في صدام مع فئات قوية ومؤثرة بتونس، وفي حال نجح في هذا الملف سيحظى بدعم شعبي كبير.

وعلى مستوى السياسة الخارجية قد يواجه قيس سعيد صعوبات في خلق علاقات قوية دولية وإقليمية تساعده على تحقيق أهدافه فنظرته السياسية ومبادئه قد تجعل الدول خاصة الكبرة متشككة في التعاون معه فهو ما زال يرى أن الغرب والاستعمار يحكم الدول العربية عبر عملاء له، وأن الغرب هو سبب ما تعانيه المنطقة ما يضع محاذير في تعامل الدول الكبرى معه خاصة دول الاتحاد الأوروبي.

وفيما يتعلق بتشكيل الفريق المحيط به، سيواجه قيس سعيد صعوبات كبيرة في هذا الأمر فهو نجح نتيجة دعم شعبي ومن جماعات شبابية غير معروفة وهو لا يعرفهم بالأساس بالتالي لم يكن معه فريق شكله منذ إعلان حملته الانتخابية في الغالب إذا فاز بالمنصب يأتي ببعض منهم في العديد من الوظائف التي يحق له تحديد من يشغلها، الأمر الذي سيجعله يواجه تحديا كبيرا في تشكيل فريق رئاسي قوي ومتماسك ويمكن الثقة فيه.

وعلى المستوى الثقافي والهوية سيواجه قيس سعيد تحديا كبيرا في هذا الشأن فالرئيس الراحل الباجي السبسي والأحزاب المدنية العلمانية سعت لسن قوانين مثيرة للجدل من بينها المساواة في الميراث والزواج المدني وقضايا تتعلق بالمثلية الجنسية، الأمر الذي يرفضه قيس سعيد ما قد يدفعه للصدام مع هذه الأحزاب والخارج في قضية الهوية التونسية والمبادئ التي يجب أن تحتكم إليها في قوانينها.