رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

للموت وجوه كثيرة

جريدة الدستور


البلهارسيا التى قتلت «حليم» وأنا صغيرة لم ترعبنى،
لكن دموع معلمتى هذا الصباح
أثناء الطابور المدرسى
زرعت فى قلبى خوفًا،
تجذر وترعرع،
كلما سمعت إِحدَى أغانيه
وهممت بقول «الله»
خرجت «آآآآه».
تلك الآه تآكلت أطرافها
مرة بعد مرة،
خفتت،
ذات أغنية
بحثت عنها
فاكتشفت أننى
فقدت صوتى!
القطار الذى دهس «جلال»
زميلى فى الصف الأول الابتدائى
لم يرعبنى
لكنى أصبحت طفلة وحيدة
أخاف من مشاركة الآخرين فى لعبهم
وخاصة الاستغماية
فقد أبحث عن أحدهم
وربما يفاجئونى
أن القطار دهسه
فقدت خوفى على أصدقائى
لأننى لا أملك أصدقاء
ولكننى فقدت أيضًا
ابتسامتى!
الموتوسيكل الذى صدم حبيبى
وخطف فرحتى
لم يقتلنى
لكن كلما مر بجوارى موتوسيكل
تابعته بجزع
ودون أن أدرى
تمتد يدى
لتبحث عن قلبى
وعجبًا
فى كل مرة
لا أجده!
«المرض الوِحش»
الذى نهش جسد أمى
لم يقض علىّ
لكننى كلما رأيت إعلانًا
فى حملة التوعية ضد السرطان
تحسست روحى
ولا أجدها!
النيران التى التهمت جارتنا الشابة،
السيارة التى صدمت زميلى فى العمل.
البلهارسيا
والقطار،
النيران
والسيارة،
الموتوسيكل
والسرطان
وجوه كثيرة للموت،
أعرف أنه يتربص
ويحوم،
ينتظر،
يقتنص،
لكننى أثق
أنه حين يصل لى
لن يجدنى!