رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ورطة فى تل أبيب.. من يشكل الحكومة بعد انتخابات الكنيست؟

جريدة الدستور



انتهت جولة انتخابات الكنيست الـ٢٢ بنتائج غير حاسمة، إذ أظهرت النتائج شبه النهائية حصول بينى جانتس، رئيس تحالف «أزرق - أبيض» على ٣٣ مقعدًا، مقابل حصول بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال وحزب «الليكود»، على ٣١ مقعدًا، فيما حصلت كتلة اليمين مجتمعة على ٥٥ مقعدًا مقابل ٥٧ مقعدًا لكتلة يسار الوسط بدون أفيجدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، والأحزاب العربية.
ووفقًا للنتائج لا يمكن لأى من الكتلتين تشكيل حكومة بمفردها، ورغم أن حزب «ليبرمان»، الذى حصد نحو ٩ مقاعد يمكنه ترجيح أى من الكتلتين، فإن الرجل رفض ذلك داعيًا إلى حكومة وحدة ليبرالية موسعة.
«الدستور» تستعرض، فى السطور التالية، النتائج غير الحاسمة للانتخابات والخيارات الصعبة أمام تشكيل الحكومة الجديدة.


أزمة لتقارب أصوات اليمين واليسار.. وجولة الانتخابات الثالثة واردة


تقف إسرائيل الآن أمام ٣ احتمالات لتشكيل الحكومة: أولها حكومة وحدة بين «الليكود» و«أزرق- أبيض» بمشاركة المتدينين، أو تشكيل حكومة وحدة علمانية تجمع الحزبين إلى جانب حزب «ليبرمان» دون مشاركة المتدينين، أو الاضطرار إلى إجراء جولة انتخابية ثالثة.
ويضم تحالف «أزرق- أبيض» مجموعة من القادة العسكريين، فى مقدمتهم «جانتس» رئيس الأركان الأسبق، ووزير الدفاع الأسبق، موشيه يعلون، ورئيس الأركان الأسبق، جابى أشكينازى، ومعهم صاحب التاريخ الأسود مع المتدينين رئيس حزب «يوجد مستقبل»، يائير لابيد، ويواجه هذا الاحتمال سؤالًا صعبًا: هل يقبل هؤلاء المتدينون مشاركة «لابيد» فى حكومة واحدة؟
الخيار الثانى أمام المتصارعين هو تشكيل حكومة وحدة علمانية دون مشاركة المتدينين، وهو خيار صعب بالنسبة لـ«نتنياهو»، فهل يمكن أن يتخلى الأخير عن شركائه الطبيعيين ويقيم حكومة دونهم، هذا أيضًا احتمال من الصعب تحقيقه، كما أن «ليبرمان» أصبح عدوًا حقيقيًا لـ«نتنياهو»، ويستبعد المراقبون أن تتشكل حكومة تضمهما معًا.
ووفقًا لتقديرات المراقبين فإن هناك اتجاهًا فى إسرائيل لتشكيل حكومة علمانية، لوقف سيطرة المتدينين على مؤسسات الحكم، ووقف عملية التهويد فى جهاز التعليم وفى الجيش، وخلق جدول أعمال مدنى وإدارة مالية للميزانيات العامة، تكون غير خاضعة للحاجات الخاصة لإحدى المجموعتين السكانيتين «المستوطنين» و«الأصوليين».
ويعتبر «ليبرمان» أول من رفع راية الحكومة العلمانية، ولكن ليس من الواضح، حتى الآن، ما إذا كان «أزرق- أبيض» من الممكن أن ينضم إلى جبهة «ليبرمان»، فحتى اللحظات الأخيرة يبدو أن «جانتس» يسعى بدأب وراء شركائه من المتدينين، ويرى المراقبون أنه فى حال تشكلت حكومة وحدة علمانية، كوجه جديد لإسرائيل، فسيكون هذا تحقيقًا لحلم النشطاء العلمانيين الذين ناضلوا منذ سنوات من أجل هذا الهدف، أما إذا كان الحديث يدور فقط عن مناورة دعائية يختار «جانتس» بعدها المتدينين ضمن صفوف الحكومة، فلن يؤدى ذلك إلى تغيير حقيقى على أرض الواقع، خاصة أن الجمهور العلمانى الليبرالى يعتبر الحكومة اليمينية المتدينة التى سيطرت على الحكم فى السنوات الأربع الأخيرة هى الأسوأ فى التاريخ.
من ناحية أخرى، إذا نجحت الأطراف فى التوصل لحكومة الوحدة، فإن ذلك يعنى أن «نتنياهو» سيحكم لمدة عامين، ثم يحكم «جانتس» لعامين آخرين، أو العكس، وهنا تظهر أسئلة جديدة وهى: «من منهما سيقود الحكومة أولًا؟ وتشير التقديرات إلى أن «نتنياهو» هو صاحب الحظ الأوفر، لأنه يقود الحكومة حاليًا، ولكن إذا تعنت «جانتس» ورفض، هل يتنازل «نتنياهو» ويقبل أن يكون فى المركز الثانى؟
المقربون من «بيبى» يؤكدون أن حبه للقيادة يفوق أى تصور، ولا يمكنه أن يقبل أن يكون الرجل الثانى فى أى حكومة، وذلك ما يزيد الوضع تأزمًا وصعوبة، وكان «نتنياهو» قد صرح فى أحد اجتماعات «الليكود» الأخيرة بأنه لا يوجد عدة خيارات، فإما حكومة وحدة يمينية برئاسته، أو حكومة عرب خطرة، ويقصد بها أن «جانتس» لا يمكنه تشكيل حكومة بمفرده، وأنه سوف يشرك العرب ضمن صفوفها، وهى الخطوة التى يصعب على «جانتس» القيام بها على أرض الواقع، فى ظل فاعلية عناصر مهمة من اليمين الإسرائيلى فى حزبه وعلى رأسهم «يعلون»، وذلك قبل أن يتراجع ويعرض على «جانتس» تشكيل حكومة وحدة قبلها الأخير ولكن برئاسته فقط.
وأفادت قناة «مكان» الإسرائيلية بأن «نتنياهو» قام بالاتصال هاتفيًا بكل من آيليت شاكيد، رئيسة تحالف «يمينا» الذى يضم عددًا من الأحزاب المتطرفة، وكذلك نفتالى بينيت، أحد أعضاء حزب «اليمين الجديد»، لترتيب شىء ما معهما، وصفته القناة بأنه «غامض»، فى ظل الخلافات بين «نتنياهو» و«شاكيد»، وأفادت القناة بأن الأول ربما يرتب لتشكيل حكومة وحدة تجمعهم بـ«جانتس» دون مشاركة «ليبرمان».
ويرى المراقبون أن الذهاب إلى جولة انتخابية ثالثة هو آخر الاحتمالات الصعبة التى تواجهها إسرائيل، فوفقًا للتقديرات فإنه من الصعب الذهاب لجولة انتخابية جديدة، لأن الاقتصاد الإسرائيلى لن يحتمل تكاليفها الباهظة، ومن ناحية أخرى فإن إسرائيل تحت حكم «حكومة انتقالية» غير قادرة على اتخاذ القرارات المهمة، لما يقرب من عام، وهو ما يعرف بالشلل السياسى الذى لا يمكن أن يمتد لأشهر أخرى.

هل يطيح «الليكود» بـ«نتنياهو» حال فشله فى المهمة الصعبة؟


أعادت المؤشرات الأولية حول نتائج انتخابات «الكنيست» الأخيرة فى إسرائيل إلقاء الضوء على تصريحات سابقة لـ«أفيجدور ليبرمان»، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، حول استعداد عناصر قيادية فى حزب «الليكود» للإطاحة ببنيامين نتنياهو من رئاسة الحزب، حال أسفرت الانتخابات عن عدم قدرته على تشكيل الحكومة الجديدة مع حلفائه التقليديين.
وقال «ليبرمان»، منذ ٣ أسابيع أثناء جلسة مغلقة مع أعضاء حزبه، إن قياديين بـ«الليكود» يستعدون حاليا لسيناريو الإطاحة بـ«نتنياهو»، حال عدم فوز معسكره بـ٦١ مقعدًا فى انتخابات «الكنيست»، وتأمين أغلبية مريحة تسمح له بتشكيل الحكومة.
وشهدت الأيام الماضية أنباء عن استعداد جدعون ساعر، عضو «الليكود»، لتشكيل تحالف داخلى يمهد للإطاحة برئيس الحزب، خاصة أنه سبق أن حاول منافسته على الرئاسة فى ٢٠١٥، قبل أن يدبر «نتنياهو» حملة شخصية ضده تسببت فى اعتزاله العمل السياسى لعدة سنوات قبل أن يعود فى الفترة الأخيرة مهددًا بالانتقام.
وقال مراقبون إن الإطاحة بـ«نتنياهو» من الحزب تظل خيارًا مطروحًا فى السياسة العبرية، خاصة أن «الليكود» سيضمن بذلك البقاء فى السلطة عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية مع تحالف «أزرق- أبيض» بقيادة بينى جانتس، رئيس الأركان الأسبق، وهو ما قد يقبله الأخير بسهولة حال خروج «نتنياهو» من المشهد.
وأشاروا إلى أن «جانتس» سبق أن خاض حملة قوية أثناء الانتخابات أكد فيها أنه يرفض الجلوس مع رئيس الوزراء أو العمل فى حكومة تحت قيادته، كما أن تحالفه «أزرق- أبيض» أعلن سابقًا أن شخصًا يواجه اتهامات جنائية مثل «نتنياهو» لا يمكنه أن يستمر فى منصبه.
فيما شكك آخرون فى أن ينجح سيناريو الإطاحة برئيس «الليكود»، خاصة بعد إحكام «نتنياهو» سيطرته على الحزب، مؤخرًا، وتعهد أعضائه منذ أسابيع بالولاء الشخصى له عبر التوقيع على استمارات مكتوبة تؤكد أنهم لن يخرجوا عليه حال فشله فى الانتخابات.
وفى مواجهة الحملة الداعية للإطاحة برئيس «الليكود»، نفى عدد من قادة الحزب، فى لقاءات صحفية وتليفزيونية، تخليهم عن دعم «نتنياهو»، ومن بينهم موشيه كحلون، وزير المالية، العائد مؤخرًا إلى صفوف الحزب، الذى أكد عدم وجود أى احتمالات لحدوث تمرد داخلى يدعو لعزل «نتنياهو».
ونفى ميكى زوهار، عضو الكنيست عن «الليكود» احتمالات حدوث التمرد، مؤكدًا أن الحزب لا يزال يدعم رئيسه ولن يتخلى عنه، مشيرًا إلى أن الحزب لن يقبل الدخول فى حكومة وحدة وطنية دون حلفائه التقليديين من الأحزاب الأصولية «الحريديم» وغيرهم من التكتلات اليمينية، واصفًا إياهم بأنهم «الشركاء الطبيعيون للحزب».

المخالفات: الصوت لـ«ليبرمان» بـ500 شيكل.. وشراء التأييد بـ«آيس كريم»


رصدت تقارير عبرية العديد من المخالفات التى شابت العملية الانتخابية، وبدأت الجهات المعنية فى التحقق من صحتها، من بينها دفع أحزاب رشاوى انتخابية مالية وعينية، ووجود شبهات تزوير فى لجانٍ، بجانب بطاقات اقتراع مزيفة.
وكشف موقع «٠٤٠٤» العبرى عن رصد «ليبرمان» مبالغ مالية مقابل التصويت له، ونقل عن مستوطنة قولها: «أحد أعضاء حزب إسرائيل بيتنا عرض علىّ ٥٠٠ شيكل مقابل منح صوتى لليبرمان».
وقال مواطنون عرب، وصلوا إلى مقر التصويت فى السابعة صباحًا للإدلاء بأصواتهم باكرًا ثم التوجه إلى العمل، إنهم فوجئوا بغلق اللجان وعمل مسئولى اللجنة على ترتيب المقر الانتخابى رغم تجاوز الساعة السابعة، الوقت المحدد لبدء الاقتراع وفقًا للقانون، مشيرين إلى أن «اليمين» بقيادة «الليكود» ورئيسه «نتنياهو» استعمل كل الوسائل لعرقلة سير الانتخابات فى البلدات العربية، وإجبار مواطنيها على عدم المشاركة.
وشهدت قرية «يركا» غلق ٣ مراكز اقتراع لوجود شبهة تزوير فيها، وفى أحد مراكز الاقتراع بقرية «كوكب أبوالهيجا» توجه أمين إحدى اللجان إلى أفراد الشرطة المتمركزين فى المكان وأخبرهم بأن أحد أعضاء اللجنة صور عملية الاقتراع بما يتعارض مع القانون، فتم توقيفه لاستجوابه والتحفظ على هاتفه المحمول. وقدمت سكرتيرة فى أحد مراكز الاقتراع بمنطقة «سخنين» شكوى حول تلقيها تهديدات، فتم إرسال قاضية تشغل رئاسة اللجنة المركزية ومراقب إلى المركز للتحقيق فى الأمر.
وأصدرت رئيسة لجنة الانتخابات المركزية، القاضية حنان ميلتسر، قرارًا ضد «الليكود» يمنعه من تسيير سيارة «آيس كريم» عليها ملصقات دعائية للحزب، وتوزع «آيس كريم» مجانًا على الناخبين، كما حظر على قائمة «أزرق أبيض» تنظيم مسيرة دعائية فى تل أبيب.
وعثر على أوراق اقتراع مزيفة تخص حزب «أزرق أبيض» كتب عليها اسم «لابيز» عوضًا عن «يائير لابيد»، رئيس حزب «هناك مستقبل».
وتقدمت إيليت شاكيد، رئيسة تحالف «يمينا»، بشكوى للجنة العليا للانتخابات، أفادت فيها بوجود أوراق تصويت باسم «اليمين الجديد»، وهو الحزب القديم الذى شارك فى انتخابات أبريل الماضى، وتم دمجه فى الحالية مع حزب «البيت اليهودى» تحت اسم «يمينا».
وذكر بيان صادر عن المتحدث باسم الشرطة للإعلام العربى أنه تم إغلاق مركز اقتراع فى مدينة «أم الفحم»، لوجود «ما يخل بالنظام الانتخابى»، بعد تلقى بلاغ عن تصوير أحد المراقبين فى المركز المواطنين فى المكان، فتم إخراجه من قبل الشرطة، وإغلاق صندوق الاقتراع خشية اندلاع أعمال عنف.
ونقلت حافلات المصوتين من القرى البدوية غير المعترف بها فى «النقب» إلى مراكز الاقتراع فى قرية «شقيب السلام»، واعترضت جمعية «إيم ترتصو» على «قيام متطوعين ومتطوعات يهود وعرب بنقل المصوتين من القرى البدوية غير المعترف بها فى النقب إلى مراكز الاقتراع»

الرئيس يتسلم النتائج الأربعاء ويكلف بتشكيل حكومة خلال 28 يومًا
بعدما تعلن لجنة الانتخابات المركزية النتائج الرسمية لانتخابات «الكنيست»، سترسلها إلى الرئيس رؤوفين ريفلين، الأربعاء المقبل، الموافق ٢٥ سبتمبر، ليجرى مشاورات مع ممثلى الأحزاب والتحالفات فى المجلس، وبعد ٧ أيام، يكلف أحد الأعضاء بتشكيل الحكومة خلال مهلة لا تتجاوز ٢٨ يومًا، على أن يكون اختيار ذلك الشخص وفقًا لتلك المشاورات، وإمكانية تمديد المهلة ١٤ يومًا أخرى.
وفى حال فشل المُكلف بتشكيل الحكومة فى مهمته، سيكون هناك احتمالان، إما تكليف أى عضو «كنيست» آخر بتشكيل الحكومة، باستثناء الذى مُنح الفرصة ولم ينجح، أو إبلاغ رئيس «الكنيست» بعدم وجود إمكانية لتشكيل الحكومة، ولا مفر من الخروج إلى معركة انتخابية ثالثة.
وتعهد «ريفلين» ببذل كل ما فى وسعه لتجنب الذهاب لجولة انتخابية ثالثة، وهو ما تتفق عليه آراء أغلب التيارات السياسية فى إسرائيل، والتى ترى أن جولتين انتخابيتين فى عام واحد أمر مرهق ومكلف جدًا، فضلًا عن خطورة عدم وجود «حكومة حقيقية» منذ عام، ووجود حكومة انتقالية مقيدة فى اتخاذ القرارات.