رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زين العابدين بن علي.. رئيس فهم شعبه بعد فوات الأوان

جريدة الدستور

"أنا فهمتكم فهمت الجميع البطال والمحتاج والسياسي واللي طالب مزيد من الحريات فهمتكم فهمتكم الكل، سيكون التغيير اللي أعلن عليه استجابة لمطالبكم".

بهذه الكلمات توجه الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي بخطاب إلى التونسيين يوم 14 يناير 2011 إثر تظاهرات عارمة طالبت برحيله عن السلطة، لم يكد ينهي الخطاب حتى غادر السلطة في اليوم ذاته هاربا إلى السعودية حتى توفي اليوم الخميس على أراضيها، في وقت تشهد فيه تونس انتخاب رئيسا جديدا لها بدلا من بن علي الذي فرض عليهم.

ولد بن علي في 3 سبتمبر 1936، وغادر الحياة في الشهر ذاته عن عمر يناهز 83 عاما. كان بن علي كمعظم التونسيين أحد أفراد المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي الذي جثم على صدور التونسيين فقد انضم للمقاومة منذ أن كان طالبا في المرحلة الثانوية وطرد من المدرسة وسجن بسبب مقاومته المحتل.

نجحت المقاومة ضد المحتل وخرج الفرنسيين، واستطاع بن علي مع استقلال تونس عام 1956 أن يلتحق بصفوف الجيش التونسي الذي بدأ الحبيب بورقيبة أول رئيس لتونس تأسيسه، وترقى داخل ثم حصل على العديد من الدورات العسكرية في فرنسا ذاتها والولايات المتحدة.

صعد ابن علي إلى السلطة وبدأ يفهمها حينما تزوج زوجته الأولى نعيمة ابنة محمد الكافي أول رئيس أركان للجيش التونسي، ليتدرج في المناصب داخل الجيش وأصبح بعدها أحد أبرز المقربين من الرئيس بورقيبة.

اعتمد عليه بورقيبة في مجال الأمن الداخلي حيث ترأس جهاز الأمن الوطني ونجح في احتواء اضطرابات قوية ضربة تونس مثل الصدام بين الحكومة والعمال عام 1978 وكذلك عام 1984 ما عرف بانتفاضة الخبز، وكان في هاتين الأزمتين يرأس جهاز الأمن الوطني.

اشتد الصدام بين الرئيس الراحل بورقيبة والإسلاميين ليتأتي به وزيرا للداخلية عام 1986 ونجح في احتواء الأمور، وسجن الكثير من الإسلاميين وحكم عليهم بورقيبة بالإعدام من بينهم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الحالي.

أثبت زين العابدين جدارته مجددا لبورقيبة ليعينه في أكتوبر 1987 رئيسا للوزراء، ليكافئه زين العابدين سريعا ويرد له الجميل بالانقلاب عليه في نوفمبر من العام ذاته ولم يتأخر في رد الجميل لرئيسه مستغلا تقدمه في السن وتزايد الاضطرابات وتردي الأوضاع الاقتصادية وصدامه مع المعارضة والإسلاميين.

استطاع بن علي قيادة تونس خلال أول خمس سنوات بكفاءة وقدرة التونسيين إلا أن خبرته الأمنية جعلته يتعامل مع تونس من نظرة أمنية فقط مهملا باقي القطاعات حتى انتفض التونسيين في وجه في ديسمبر 2010 مستيقظين على الشاب البوعزيزي الذي حرق نفسه بسبب وضعه الاقتصادي.

امتلأت شوارع تونس بالمتظاهرين السلميين وأطاحت بزين العابدين خلال أيام مدشنة ثورات الربيع العربي، ليترك بن علي إرثه متخذا من السعودية ملجأ له حتى وافته المنية هناك وما زال التونسيين مستمرين في رسم نظام جديد لمرحلة ما بعد الرئيس الأوحد.