رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الفاشل»

«الفاشل».. ترشيحه فى المناسبات الكبيرة غامض.. والطموح والتسويق لا يصنعان الإنجازات

جريدة الدستور

فى كل أزمة يمر بها الزمالك يكون اسمه من أوائل المرشحين، وعندما تتم استضافته فى أى حوار صحفى أو تليفزيونى يجرى سؤاله عن موقفه من تدريب الأهلى، ولما أتى الحديث عن مدرب وطنى لقيادة منتخب مصر كان حاضرًا أيضًا وبقوة.
ووسط كل ذلك، تجد نفسك حائرًا فى البحث عن الأسباب التى تجعل أحمد حسام ميدو واحدًا من أقوى المرشحين لقيادة الكبار، فماذا قدم هذا المدرب ليحظى بمثل هذه الثقة؟ وهل فى تجاربه السابقة شىء يجعله دائمًا فى مقدمة المرشحين؟
البحث فى سجل «ميدو» كمدرب يثير العجب، فقد كان فى طريقه للهبوط بوادى دجلة إلى دورى الدرجة الثانية، لولا أن أنقذ ماجد سامى ناديه بقرار إبعاده فى التوقيت المناسب، بعدما كان الفريق معه هو الأضعف ببطولة الدورى والأكثر هزائم وتلقيًا للأهداف.
ومع دجلة، لم نر من «ميدو» كرة قدم جميلة أو استراتيجية لعب، كما لم يدعم فكرته عما يصفه بـ«مشروعه» بنتائج، فكانت تجربة سيئة لا يمكننا الاستعانة بها ونحن نتحدث عن مدرب مرشح لقيادة منتخب.
وقتها، دافع «ميدو» عمَّا وصفه بالمشروع الذى يحتاج إلى وقت، لكننا تأكدنا تمامًا أنه بلا مشروع عندما شاهدنا دجلة فى الموسم التالى مع اليونانى تاكيس جونياس، الذى قدم أفضل كرة قدم تعرفنا عليها فى الدورى المصرى فى السنوات الأخيرة، ومعه أصبح الفريق نفسه هو الأكثر إمتاعًا.
مع الزمالك لما بدأ الموسم مع الفريق وتعرض لضغوط المنافسة لم يستطع «ميدو» الاستمرارية، ومبكرًا رفع راية الاستسلام، ولا يمكن اعتبار بطولة الكأس التى حققها إنجازًا يستحق معه قيادة المنتخب، لأن هذا الأمر سبق أن فعله عشرات المدربين العاديين.
فى الإسماعيلى أظهر «ميدو» جانبًا سلبيًا آخر، عندما فشل فى التعامل مع نجم الفريق حسنى عبدربه، وخرج على الهواء ليقول: «إما أنا.. أو حسنى فى الفريق»، وهى صفات لا تناسب الطباع التى يفترض أن يتميز بها المدربون الكبار.
من جهتى وعلى مستوى شخصى اعتقدت أن سر قوة «ميدو» وترشيحه الدائم يرجع لتغنى الجميع بتجربته مع الوحدة السعودى والعناوين الكبيرة التى صدرها لنا البعض عن تجربته المبهرة.
ولأنى لم أكن مطلعًا بشكل تفصيلى على تجربة «ميدو» مع الوحدة كنت مخدوعًا مثل كثيرين، حتى نبهنى أسامة هوساوى، قائد فريق الوحدة السابق ونجم المنتخب السعودى، إلى خطئى وطلب منى النظر إلى جدول الدورى السعودى قبل وصول «ميدو» وبعده.
بالنظر للجدول أدركت أن «ميدو» لعب مع الوحدة ١١ مباراة فى الدورى لم يفز سوى فى ٤ منها، وخسر فى مثلها، وتعادل فى ٣، ولم يحدث معه أى تحسن على مستوى النتائج كما كان مطلوبًا منه، خاصة أن الهدف من الاستعانة به كان السعى للدخول إلى المربع الذهبى.
لذا، لم يمثل «ميدو» أى إضافة ولم يترك بصمة كبيرة أو صغيرة فى أى مكان تولى مهمته، لكننا رغم ذلك نجده مرشحًا فى أى وقت وكل مكان، وكأن البعض قرر أن يقلب الهزائم لانتصارات وأن يحول «اللا شىء» إلى «مشروع» والانكسار إلى بطولة، وإذا بحثنا عن أسرار ذلك لن نجد غير تسويق خادع وآلة كبيرة تدعم كثيرين من غير الأكفاء وتحد أيضًا من فرص الأحق.
شخصيا، أؤمن بأن لدى «ميدو» من الخبرات والتجارب ما يسمح له بأن يكون مديرًا فنيًا ناجحًا، لكن تصويره بأكبر من حجمه ووضعه فى غير مكانته الحقيقية يدفعه نحو مزيد من الفشل، وفى عدة سنوات صغيرة سيجد «العالمى» نفسه مستنفدًا كل رصيده ومجرد عابر يمر من هنا إلى هناك، دون أن يترك لنا شيئَا نقول به إن «ميدو» مر من هنا.
«العالمى» بحاجة إلى تقويمه.. بحاجة إلى من يواجهه لا لمن يضلله ويخدعه، لمن يقول له إن سهراتك مع لاعبى دجلة داخل الفندق كما روى كثير من اللاعبين أمر غير صحى، وطريقة تعاطيك مع «أزمة حسنى» لا تناسب مدربًا كبيرًا، وانفعالك على مشجع سعودى خطيئة ما كان يجب أن تقع فيها، أما «مشروعك» فهو بحاجة لجهد وعمل وتخطيط أكثر من الحاجة إلى «تسويق» ونفخ فى «اللا شىء».
«ميدو» المدير الفنى بحاجة إلى أن يبدأ من القاع لا من القمة، بحاجة إلى الهدوء وتعلم البناء والاستمرارية؛ حتى يصبح ذات يوم مدربا له اسم ورصيد كونه من عمله، لا مجرد مدرب يعتمد على اسمه الكبير كلاعب سابق ويحظى بدعم إعلامى كبير.
أما «ميدو» الإنسان، فلا يزال غير قادر على التعامل مع نجوم كبار، كما أنه لا يمتلك الشخصية القيادية التى تؤهله لكسب هذه المكانة، ما يجعل منه مدربًا سيئًا، لأن بداية الفشل لدى أى فريق تكون فى النظرة السلبية من اللاعبين لمديرهم الفنى.
وإجمالًا نقول: إذا كان حسن شحاتة قد قدم شخصية قوية ذات إنجازات فى الماضى لكن يعيبه حاليًا غياب الابتكار وعدم قدرته على التأسيس، الذى يحتاجه منتخب «الفراعنة» فى هذه المرحلة، فإن «ميدو» فى المقابل لم يقدم شيئًا إيجابيًا بعد، لا على مستوى السمات الشخصية ولا الجوانب الفنية التى تجعله مرشحًا من الأصل لهذه المكانة.