رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الغالي تمنه مش فيه».. مصانع غير مرخصة تنتج ملابس جاهزة مهربة (صور)

جريدة الدستور

أقمشة ومنسوجات مجهولة المصدر، يستوردها أصحاب المصانع من الدول الأوروبية، وتدخل مصر بطرق غير شرعية دون سداد مستحقات الدولة، إذ تُباع داخل السوق المصرية بأسعار أقل من المنتج المحلي، وهنا يحدث التضارب بين المنتجات الأوروبية المُهربة والمصرية.

وعلى الرغم من انتشار الملابس الجاهزة المهربة داخل الأسواق المصرية، التي الحقت الضرر بأصحاب المصانع وتجار المنتجات المحلية، إلا أن المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، أعلن مؤخرًا عن ارتفاع الصادرات من الملابس الجاهزة إلى 802 مليون دولار مسجلة ارتفاعًا بقيمة 4.7% خلال الستة الأشهر الماضية، لتكون السعودية هي أكبر الدول المستوردة بنسبة 24%، وتليها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 19%، بينما انخفضت لأوروبا بنسبة 7%.

"الدستور" داخل مصنع وهمي يستخدم الملابس المهربة
"الدستور" قامت بجولة داخل مصنع لبيع الملابس الجاهزة بمنطقة عين شمس، والتي تبين من خلالها قيام صاحب المصنع غير المرخص باستخدام منسوجات مهربة من الخارج، لترويجها داخل السوق المصرية بأسعار متضاربة مع المصانع الأخرى، وبالحديث مع صاحب المصنع الذي يدعى "أشرف القاضي"، 42 عامًا، كشف لنا عن المواد الأخرى التي يضيفها للأقمشة المهربة قبل بيعها.

شقة كبيرة المساحة، بها أكثر من ثلاث غرف، كل غرفة منها تحتوي على معدات التصنيع الخاصة، كما يوجد غرفة مخصصة للأقمشة والمنسوجات قبل تصنيعها، لإضافة صبغات بألوان مختلفة على تلك المنسوجات، حتى تظهر بشكل لائق للعميل عند عملية البيع، لكن هذه الملابس لا تدوم طويلًا فهي تُكشف بعد استخدام قصير لها، بخلاف الملابس الجاهزة المهربة التي يتاجر بها صاحب المصنع.

"أتفق مع مجموعة من التجار على شراء حاوية ملابس من دولة أوروبية، وواحد منهم بيبقى مسئول عن دخولها من الجمارك متهربة"، هذا ما يقوله القاضي، عن طريقة شرائه الملابس الجاهزة المهربة، بعدما ادعى أنه بصدد إنشاء مصنع للملابس، فأوضح الأول أنه غالبًا ما يستورد الأقمشة والمنسوجات الخام حتى يقوم بتصنيعها داخل المصنع الخاص به، على الطريقة المعتادة له من إضافة المواد التي تجعله يربح أكبر قدر من المال.

وعن الأسعار المتداولة في السوق المصرية، يقول: "نبيع الملابس بأسعار أقل من المصانع الأخرى والمنتجات المحلية، حتى يكون لنا الأولوية في عملية البيع دون خسارة الربح الأساسي من المنتجات"، مشيرًا إلى الرسوم المالية التي يمتنع عن سدادها للجمارك المصرية، فهي توفر عليه قدرا كبيرا من المال، كما يوفر في عملية التصنيع من خلال المواد المغشوشة التي يضيفها.

شعبة الملابس الجاهزة: "عدم جودة المنتج المحلي هي السبب"
يوضح يحيي الزنانيري، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرف التجارية، أن السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة الملابس الجاهزة المهربة، وتدهور الصناعة المصرية، هو عدم جودة المنتج المحلي، بالإضافة إلى منع استيراد الأقمشة والمنسوجات من الدول الخارجية، مشيرًا إلى ارتفاع تكلفة المنتجات بسبب استيراد مستلزمات الملابس الجاهزة من الخارج، فهي لا تتماشى مع صناعة الغزل والنسيج في مصر.

ويؤكد الزنانيري، أن وزارة الصناعة والتجارة، تعمل على خلق استراتيجية جديدة لتطوير التنمية الصناعية في عام 2020، حتى يتم حل العديد من المشكلات التي تواجه المصانع المحلية والمستهلكين من صناعة الملابس الجاهزة والمنسوجات، كما ستقضى على ارتفاع تكلفة المنتج النهائي.

وتضمنت الاستراتيجية العديد من الطرق للحفاظ على حقوق العمالة فى القطاع، والقضاء على مشكلة التهريب التى تُعد الأزمة الأولى التى تواجه المنتجين، كما ستحل أزمة سوء الإنتاج المحلي للمنسوجات والأقمشة وارتفاع أسعارها، والأهم من ذلك أنها ستحقق طفرة فى إنتاجية المصانع، وستساعد المنتجين والتجار فى زيادة الصادرات والمنافسة عالميًا.

وفي جولة أخرى، قامت بها "الدستور" في إحدى المصانع الشهيرة في تصنيع الملابس الرياضية بمدينة المحلة الكبرى، تقابلنا مع صاحب المصنع، الحاج "محمد أبو سليمان"، ليوضح أن هناك تضاربا في الأسعار يعاني منه تجار الملابس في مصر، خاصة بعد ترويج المنتجات الأوروبية بأسعار أقل من المنتجات المحلية.

"كنا بنصدر شغلنا لكل محافظات مصر، دلوقتي بقينا نبيع في محافظتنا بالعافية"، يقولها أبو سليمان، في حديثه مع "الدستور"، مشيرًا إلى تعاقداته السابقة مع العديد من محال الملابس الرياضية والنوادي الصغيرة، التي اندثرت بعد انتشار المنتجات الأوروبية رخيصة الثمن في الأسواق، بسبب جودة هذه المنتجات المختلفة عن جودة المنتج المحلي، بالإضافة إلى سعرها المنخفض.

يضيف أبو سليمان، أنه يعمل داخل هذا المجال منذ عشرات السنوات توارثًا عن والده، فقد شهد هذه الكارثة لأول مرة في حياته، حتى بدأ يفكر في الابتعاد عن تصنيع الملابس، والتعمق في مجال آخر يكون له فائدة تتماشى مع الوضع الاقتصادي الحالي، معبرًا عن امتناعه لاستخدام منسوجات غير محلية: "طول عمرنا بنصنع بالقماش المحلي وبنطور منه، مستحيل نستخدم طرق تانية".

الفترة الأخيرة، استطاعت إدارة المنافذ بجمارك بورسعيد، من إحباط عدة محاولات تهريب لكميات كبيرة من الملابس الجاهزة أجنبية الصنع، غير مسددة مستحقات الدولة من رسوم جمركية خلال الشهر الجاري، وبالتنسيق مع مخابرات حرس الحدود ومباحث شرطة أمن موانئ بورسعيد، تم ضبط 4 أشخاص يحاولون تهريب الملابس، من خلال المدقات المؤدية للساحل والحيز الجمركي لخط الحراسات بمدينة بورسعيد.

بلغت القيمة الجمركية للمضبوطات حينهًا 557 ألفًا و327 جنيهًا، والضرائب والرسوم الجمركية 381 ألفًا و 920 جنيهًا، وتم التحفظ على البضائع وتحرير 4 محاضر ضبط جمركي لاتخاذ الإجراءات القانونية.

تنص المادة 122 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963، على معاقبة أي شخص يحاول التهريب الجمركي بالحبس وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه، ومعقابة مهرب البضائع بقصد الاتجاربالحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.