رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صنُاع ترانيم العذراء يتحدثون: هكذا خرج أشهر ما قيل عن مريم

جريدة الدستور

اعتاد المصريون منذ عهد أباءهم الفراعنة الأوائل، على التعبير عن مشاعرهم وما بداخلهم، من حزن أو فرح في هيئة قوالب شعرية مُلحنة، تعددت مسماياتها فهناك من وجهها إلى الله؛ لتصبح أدعية أو ابتهالات أو ترانيم، وهناك من عبر من خلالها عن محبته للوطن، فجاءت على شاكلة أناشيد وطنية وملاحم، وهناك أيضًا من استغلها؛ للتعبير عن محبته للزوجة او الشقيقة او الام الابنة فتوجهت للشكل الرومانسي العاطفي.

السيدة العذراء نالت نصيب الأسد من الترانيم المسيحية، فلها المركز الثاني من ناحية العدد والقوة بعد الترانيم الموجهة إلى الله تبارك اسمه، ولعل ترانيم مريم لها طابع مختلف فالأكثرية منها – إن لم يكن الكل- لها الطابع الفلكلوري المصري الذي دفع المسيحيين لحفظها عن ظهر قلب حتى النسبة غير المتعلمة بصعيد مصر ترددها أثناء العمل وأثناء فلاحة الأرض.

"م،ر،ي،م".. اتكتبت في الاتوبيس

+ م ر ى م مريم أسمك غالى على.. الميم مرهم تداوينى بشفاعتك لى..والره ربنا جاه منك يفدى البشرية..واليه يا سلام على قلبك مليان حنية..والميم تانى مين زيك ياطهرة ونقيه.

"م،ر،ي،م" تلك الترنيمة التي ان اردنا ان نختار اكثر الترانيم انتشارًا فسنجدها في الصدارة، وعلى الرُغم من أنها من ترانيم العصر الحديث، إلا أن انتشارها الكثيف دفع البعض للظن بأنها ترنيمة من ترانيم التراث.

قال الشاعر "رمزي بشارة" المُلقب من قبل مُحبيه بـ"بحر الكلام"، إنه كتب ترنيمة "م،ر،ي،م" منذ عدة سنوات، وتحديدًا في إحدى البومات الترانيم الخاصة بالشماس والمُرتل بولس ملاك، مُرتل كنيسة طاحونة البابا كيرلس السادس بزهراء مصر القديمة، موضحًا أن كواليس كتابة الترنيمة كانت لها رواية، فقد كان "ملاك" في استديو التسجيل، ويحتاج للكلمات التي سيقوم بأدائها، ولم تكن قد كُتبت بعد.

وأشار "بشارة" إلى أن المُوزع الموسيقي كان قد قام بصناعة النوت الموسيقية للحن، ولم يتبقى إلا دعمه بالكلمات فقط، في حين أن ذلك جاء قبيل انتشار تطبيقات الهواتف الحديثة المُنتشرة حاليًا، مثل الواتس آب وغيره، فاضطر "بشارة" أن يكتب تلك الترنيمة الأشهر في الأتوبيس حتى يتمكن من بولس ملاك من أداءها دون أن يتعطل، لاسيما وأنه كان على درايه باللحن المُستخدم كونه لحنًا تراثيًا.


مريم يا ابنه يواقيم.. التجربة اللحنية الأولى
وأوضح "بحر الكلام" أن انتاجه الأدبي الخاص بالسيدة العذراء مريم، تجاوز الـ100 مُنتج، إلا أن الطريف بين تلك الانتجات الشعرية كان له بعض التجارب الموسيقية والانتاجية، فجاء أولى تجاربة اللحنية هي ترنيمة "مريم يا ابنة يواقيم"، التي رتلها العديد والعديد من الكورالات والفرق في مصر وبلاد المهجر، والتي لا يدري أحد أنها أولى تجاربه اللحنية، على الرُغم من كونه أديبًا وشاعرًا في المقام الأول.

فقال "بشارة" إنه اضطر لتلحين الترنيمة نظرًا لتغيب المُلحن، واحتياج الموزع الموسيقي؛ لبدء العمل مما دفعه لتلحين كلماته للمرة الأولى والتي تقول: "مريم يا إبنة يواقيم لكي منّا كل التعظيم".

ولعل أبرز تجاربه الانتاجية في مجال ترانيم السيدة العذراء، ألبومي "أمي الغالية" وألبوم "ملئ الزمان" موضحًا أنه إنفرد في ألبومه الثاني بعمل ترنيمة تحمل مُسمى "طبعًا كانت عارفة"، للمرنمة مريم شوقي وألحان القس موسى رشدي الشهير باللحن الروحاني، حيث تعمد في تلك الترنيمة الرد على كلمات الترنيمة الغربية الشهيرة "هل كنتي تعلمين؟.. Mary، Did You Know؟"، والتي تقول:"طبعًا كانت عارفة أكيد وده سؤال! وازاي هتنسى يوم بشارة غبريال! عارفه ان طفلها اللي نام فـ حُضنها..وكتير قوي كانت تشيله فـ حجرها.. ده مش مجرد طفل عادي لكنها..مُتَفَكِّرَة بكل الأمور دي فـ قلبها..وده شيء يقيني مش مجرد احتمال..وده شيء يعوز معونة من فوق واحتمال".

كما أكد أنه يقع أيضًا على رأس طاولة انتاجه الادبي للسيدة العذراء، ترنيمة "أم المسيح" للمرنمة مريم بطرس التي قال فيها الجملة المشهور التي يستخدمها العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي:" ام المسيح شغلت عقول.. أم بصحيح لكن بتول"، مشيرا إلى أنه قدم العديد من الانتاجبات مع العديد من المرنمين والفرق على مدار ما يقارب الـ15 عامًا من الكتابة، لعل ابرزهم كورال ايبارشية سيدني المُجمع بقيادة سامح اسكندر.

متعودين زي المعاد ده في كل عام
"متعودين ذي الميعاد ده في كل عام نمدح فضايلك يا عدرا نهديكي السلام وصوت دفوفنا تعلى وتهز الجبال طوباكي شيري ني ماريام..من المشارق والمغارب الكل جايلك يا امي طايرين مالفرح شاكرين فضايلك صلبان وزفه شعوب وواقفه بالندور الكل جي يحكي جمايلك".

متعودين تعتبر من أشهر ترانيم الكنيسة التي تتحدث عن محبة الشعب القبطي للسيدة العذراء والعلاقة المتبادلة بينهما، ولعل أبرز ما يميز الترنيمة أنها ذات الطابع الطويل، فقد قام بأداءها 8 من أعضاء فريق إيد واحدة، وهم أمجد فوزي وسامر إبراهيم وماجد صموئيل، ومارتينا حسني، وماري نبيل، ودينا عاطف وفيبي باسم.

قال مهندس الصوت بيشوي مجدي، إن "متعودين" يأتي ضمن أبرز تجاربه في مجال التلحين، فعلى الرغم من أنه لا يمتهنه، مُتخصصًا في مجال الهندسية الصوتية، إلا أنه كان حريصًا أن يُقدم لحنًا للسيدة العذراء مريم، ولم يكن يتوقع أن تنتشر الترنيمة بهذا الشكل، فهناك العديد من الكورالات والفرق التي تقوم حاليًا بأداء وعرض الترنيمة دون أن تعلم شيئًا عن كواليس انتجاها.

وأشار "مجدي" إلى أنه قام أولًا بصناعة اللحن، ثم كُتب الكلمات، ثم تولى الموزع الموسيقىي روماني ميشيل مهمة كتابة النوت الموسيقية، مؤكدًا انه حرص في الترنيمة على أن تخرج بشكل يناسب جميع الفئات بالكنيسة حتى يسهل حفظها فعلى الرغم من أن الأبيات تنوعت أفكارها، الا أن القرار جاءت في غاية السهولة.

وعلى صعيد عمله كمهندس للصوت فقال إنه على الرغم من أنه لا يعمل بحقل الترانيم المسيحية بكثرة، وعلى الرُغم أيضًا في مجاله في صناعة الفن بشكل عام فكان آخر أعماله أغنية ختام بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019، للفنانة دُنيا سمير غانم، إلا أنه يحرص في شهر أغسطس من كل عام وعلى مدار 15 عامًا أن يُقدم شيئًا جديدًا ومختلفًا للسيدة العذراء، مما أثرى مكتبة أعمال بمعدل 100: 150 ترنيمة من هندسته الصوتية.

البنات كمان بتعرف تقول الحان وتماجيد العدرا حتى لو كانت "قبطي ويوناني"

اعتادت الكنيسة على استخدام اللغتين القبطية واليونانية بجانب العربية، في النصوص المستخدمة بالصلوات الطقسية، الا أن تلك اللغتين بالرغم من صعوبتهما لم تمنعا مرنمات الكنيسة من أداء الألحان التي تُقال بهما.

ولعل أحدث الأفكار الإبداعية في مجال الألحان الكنسية وموسيقى التراث، هو ميدلي كورال كلمة الله، الخاص بكنيسة القديس العظيم الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذكس بحلوان، المرنمتان نانسي جرجس ورفقة سمير، قائدتا الكورال قالتا إنهن خضن تجربة جديدة عليهن في نهضة العذراء 2019، وهي عمل ميدلي كامل من الحان الكنيسة الخاصة بالسيدة العذراء.

ويتكون الميدلي من 5 ألحان كنسية 4 منهم باللغتين القبطية واليونانية، وواحدة فقط باللغة العربية، في إشارة منهن إلى أنهن قمن بدمج أجزاء من الحان "إفرحي يا مريم، ثم لحن "راشي ني"، والذي يعني الفرح لكي، ثم لحن سينا اتشو والذي يعني "كثيرة هي عجائبك"، ثم لحني "ذيفتيه بانتيس" الذي يعني "تعالو يا جميع الشعوب"، و"خين أفران" وهو ختام التماجيد.

وأشارتا المرنمتان إلى أن الفتيات لم يجدن صعوبة في تعلم اللغتين القبطية واليونانية، والنطق الصحيح لكليهما أثناء أداء المديلي، بل هم الآن يقمن بعرضه على مدار نهضة العذراء 2019 في العديد من الكنائس مقدمين فقرة روحية فنية تعزي جميع المشاركين بالحضور.

مين فات قديمه تاه.. رشوا الورد يا صبايا VS يا مريم البكر فقتي
مهما تجدد عنصر الموارد الفنية بالكنائس، ومهما تجددت الانتاجات، فلا يزال يحن المسيحيون بمصر، إلى القديم عملًا بالمثل العامي القائل "مين فات قديمه تاه".

الا أن ترانيم التراث لها طابعين طابع فلكلوري وطابع آخر كلاسيكي، وقال جرجس صبحي، المرنم والملحن وعازف العود إنه يميل إلى الطابع الكلاسيكي، فمثلا يعشق أن يؤدي ترنيمة يا مريم البكر فقتي، ومجد مريم يتعظم في المشارق والغروب، وعلى الرغم من إجادته التامة؛ لعزف وأداء الترانيم الفلكلورية الا إنه دائما ما يتخيل مريم العذراء كملكة ويشعر بقمة الروحانية حين يقول لها:"مجد مريم يتعظم في المشارق والغروب كرموها عظموها ملكوها في القلوب" أو "يا مريم البكر فقتي الشمس والقمر".

وعلى صعيد آخر، قال سامح نبيل المرنم والمحلن والموزع الموسيقي، إنه يرى العذراء في كل عروضه الفنية بالكنيسة هي أمه وأم كل الشعب المصري، وأن كل الشعوب يحب أن يخاطبها بلسان أبناءها، وعلى الرغم من إجادته الأداء في ترانيم الكلاسيك، إلا أنه يجد ضالته حين يقول"رشوا الورد يا صبايا رشوا الورد مع الياسمين.. شروا الورد وغنوا معايا.. دي العدرا زامانها جاية.. يا موالي ساعدوني.. في مديح مريم دعوني.. أنشد الإنشاد مغرم.. في البتول نور العيون"، أو حين يقول "ستنا يا عدرا يا أم المسيح ياللي فيكي دايما بيحلي المديح.. قلوبنا بتحبك حب مالوش مثيل عاوزين نفضل جنبك ونقول تراتيل".