رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حفيظ دراجي: مصر أبهرت العالم في "كان 2019".. وهذا الفرق بين "صلاح" و"محرز"

جريدة الدستور

معلّق رياضي شهير، لمس قلوب ملايين العرب بصوته الذهبي وعباراته الرنانة في أثناء تعليقه على المباريات، تفاعل معه الجماهير بسبب تلقائيه حال إحراز أهداف، يتجرّد من كونه معلقًا لينضم إلى صفوف الجماهير في اللحظات «الحلوة»، يصرخ ويضحك ويمدح لاعبًا بغض النظر عن انتمائه، ويبكي عفويًا حال يستدعى الأمر ذلك، فيدخل كلامه قلب المشاهد لتكتمل الفرحة والصورة الجميلة وكأنه طفل لا يصدق ما يشاهد من فرط الشغف، إنه المعلق الرياضي الجزائري الشهير حفيظ دراجي، الذي التقته «الدستور» وأجرت معه حوارًا خلال تواجده في مصر على هامش بطولة أفريقيا.

س| في البداية.. تهنئك "الدستور" بفوز المنتخب الوطني الجزائري، فكيف ترى أداؤه في مباريات البطولة؟

ج| المنتخب الوطني أدى بروح قتالية وخاض مباريات صعبة واستطاع تحقيق الفوز، وتأهل لنهائي البطولة عن جدارة، وكنت واثقًا من حصده للقب وأنه قادرًا على إسعاد جماهيره التي قطعت مسافات كبيرة وتحملت عناء السفر إلى بلد آخر من أجل هذه اللحظة، وأقول شكرًا للاعبين كنتم على قدر المسؤلية.

س| ما رأيك في مستوى تنظيم مصر لبطولة أفريقيا؟
ج| لم يُكن لدينا أيّ شك بتنظيم مصر لبطولة أمم أفريقيا بعدما فازت به، فهي دولة تتمتع بالتقاليد الجميلة والثقافة العالية، حيثُ استطاعت إبهار العالم بروعة التنظيم في 6 أشهر فقط، ومصر تمتلك ملاعب على أعلى المستويات، ولديها قدرة كبيرة على تنظيم الأعمال الفنية الرياضية، فمن حسن حظ البطولة التي تضم لأول مرةّ 24 منتخبًا أنها نُظمت في مصر، ومن سوء حظ البطولة المقبلة أنّ الدولة التي ستستضيفها ستعاني معاناة كبيرة بعد هذا التنظيم المبهر، ولم نسمع أي شكوى على الإطلاق، ما جعلها الأفضل في تنظيم بطولة أمم أفريقيا 2019.

س| من هو أفضل منتخب في البطولة وأفضل لاعب من وجهة نظرك؟
ج| أجمل منتخب كما تقولون أنتم المصرين "الجزائري"، وليس هناك أيّ اختلاف بكوني معلق جزائري وأُشجع منتخبي، إلا أنّه خاض معركة بين منتخبات كبيرة واستطاع المنافسة بالأداء الجيد والفوز المستحق، وأفضل لاعب في البطولة هو "جمال بالماضي" فهو يتعاون بالروح الرياضية والحرص الشديد على منتخب بلاده وتقديم أداء أفضل كما يصنع الفارق في جميع من المباريات.

س| ما رأيك في الخروج المبكّر للمنتخب المصري؟
ج| منتخب مصر لم يكُن موفقًا على الإطلاق، كما أنه خيّب الآمال والطموحات الهادفة التي كانت ينتظرها ملايين، وعن المستوى الفني فلم يكُن يستحق أن يواصل اللعب في هذه البطولة بهذا الأداء السيء، مثل ما كان منتخب تونس لا يستحق الوصول لنصف النهائي إلا أن الأقدار تتغيّر، فكلاهما لم يستحقا الوصول للنهائي بسبب أدائهم الفني، كما أنّ المدرب أجيري لم يتأقلم مع الوضع واللاعبين أيضًا لم يُقدموا الأداء المطلوب.

س| ما تقيمك لحكام هذه البطولة؟
ج| التحكيم كان رائعا للغاية مقارنة بالدول الأخرى التي استضافت بطولة أمم أفريقيا على مدار السنوات الماضية، فجميع المباريات كان الأداء التحكيمي بها مميّز.

س| هل أدى محمد صلاح المستوى المطلوب مع المنتخب المصري؟
ج| محمد صلاح كان جزءا من منتخب مصر، فلم يكُن بما يجب أن يقوم به كما كان جميع اللاعبين، ولو كان في أفضل أحواله الفنية؛ كانت مصر ستخرج بنفس الأداء السيء، حتى ولو كان سجل محمد صلاح ثلاثة أهداف في كل مباراة، مصر كانت ستُودع البطولة، لأدائها المخيّب، فالمنتخب الجزائري لم يوصله رياض محرز فقد لربع النهائي، بل المنتخب بأكمله كان على ثقة.

س| هاجمت محمد صلاح لاعب منتخب مصر ونادى ليفربول الإنجليزي وقولت إنه لا يُجيد التسجيل أمام الفرق الكبيرة.. هل تصر على ذلك؟
ج| لم أقول أبدًا أنّ محمد صلاح لم يُجيد التسجيل أمام الفرق الكبيرة؛ قولت أنه لم يُسجل هذا الموسم أمام الفرق الكبيرة فهناك فرق بين (لا يُجيد - لا يُسجل)، لأن إذا قلنا لا يُجيد فهذا استنتاج بائخ، فهناك زميل في البرنامج مُكلف بكتابة إحصاءات اللاعبين والفرق بنهما، ومن خلالها أثبتت أن محمد صلاح لم يُسجل.

س| تُعد زيارتك هي الأولى من نوعها للنادي الأهلي.. مدى انطباعك عنه؟
ج| مثلما سمعنا إنه نادي الكيان والبطولات، لا أعتقد أن ذلك نقص عند زيارتي له، بل أكدّ بالفعل أنه نادٍ كبير له قيمة رياضية ويحمل كثير من لوحات الشرف والبطولات النوعية والمختلفة، كما أن شعبيته كبيرة جدًا، فالآن فهمتُ قداسة هذا النادي بالنسبة لعشاقه، لما رأيته من ارتباط بين الجماهير والنادي، مثل ارتباط الشخص بوطنه.

س| تشاهد كثيرًا الأهلي والزمالك.. فلأي منهم تنتمى أو تُفضل؟
ج| لا توجد عندي مرونة بين الفرق المصرية كذلك عندي بالجزائر وأيضًا أوروبا، الفرق كلها جميلة واللاعبين جميعهم على المستويات، لكن يعجبني بعض اللاعبين من حيث الأداء، فلا يوجد عندي انتماء لفريق معيّن أو لمنتخب معيّن، لأني معلق ولا يجب أن أتعاطف مع فريق حتى وإن كان جزائري.

س| أُثيرت أقاويل حول ترشحك للرئاسة الجزائرية فهل هذا صحيح؟
ج| بالفعل قولت ولكن ليس بغرض امتلاك المنصب ولم يكُن في بالي نهائيًا الترشح، وإنما قولت ذلك لأثبت أنني على قدرة الترشح والفوز بالمنصب ضد عبد العزيز بوتفليقة، وسأقف أمامه بمساندة الشعب الجزائري، لكن في المطلق لم أنتبه لهذا على الإطلاق.

س| هل امتنعت عن التعليق على أقوى لقاءات كأس العالم وكؤوس أوروبا؟
ج| لم أرفض التعليق على أي مباراة، لكن ضمنيًا في قرار نفسي لا أقول أرفض، إنما لا أُحبب التعليق على المواجهات العربية، فأنا صريح لدرجة من الممكن أن أُزعج الفريقين أو الناديين، فعلى سبيل المثال علقت على مباراة الأهلي والترجي التونسي، وعلى إثرها وُجهت ليا انتقادات من الفريقين؛ فأنا لا أُحب لعدم المحايدة والإحراج، صدقني بأنني صرت لا أُحب التعليق على المواجهات العربية بين النوادي والمنتخبات العربية، تجنبا لكل الحساسيات التي نعرفها عند بعض جماهيرنا، ففي كل المرات التي كنت فيها منحازًا، كان بطلب من القناة التي صارت تضع أحيانًا معلقين اثنين في مواجهة عربية، وتطلب من كل واحد منا أن يكون مع منتخب بلاده، ولمّا يتعلق بمواجهة منتخب عربي لمنتخب غير عربي، فيكون الأمر بديهيا وطبيعيا أن تكون مع منتخب بلادك، ومع ذلك أنا شخصيا أكون دائما حريصا على الالتزام بالأخلاقيات واحترام المنافس وإعطائه حقه عندما يتألق ويبدع ويفوز على منتخب بلادي مثلا.

س| بماذا تردّ عن الانتقادات التي وجهت لك حول عدم الحيادية في لقاء الترجي والأهلي؟
ج| المعلق دائمًا متهم من طرف الجماهير بالتحيز، وكنت في الجزائر متهما أحيانًا، وأنا اليوم متهم من مناصري البارسا والريال، على حد السواء، ومتهم من طرف بعض مناصري الترجي بسبب مباراتهم مع الأهلي المصري، علما أن البعض من مناصري الأهلي اتهموني بالتحيز للترجي، لكن على كل حال فأنا شخصيًا لا أجد حرجًا في هكذا اتهامات، لأن هذا يدل على نجاحي في التعليق، وصرت أتعجب من بعض الجماهير التي لا تزال تعتقد بنظرية المؤامرة والتحيّز وتعتقد بأن المعلق قد يكره أو يحبّ عندما يمارس مهنته،أنا شخصيًا معلق أقوم بواجبي دون تملق لأيّ كان وسأبقى على هذا الحال إلى الأبد، لكن المعلق لا يجب فيه توفير الحيادية والانحياز، فهو يُعلق دون ابداعات تميل لفريق ما حتى وإن كان فريق بلده.

س| بدأت مشوارك لاعبًا ثم انتقلت للتعليق بالتلفزيون الجزائري.. كيف فعلت ذلك؟
ج| مشواري الرياضي كان قبل ذلك بممارسة كرة السلة، ثم القدم مع نوادي جزائرية صغيرة، ختمتها باللعب في واحد من أعرق النوادي الجزائرية، فريق وهو فريق مولودية الجزائري وكان عمري حينها ثلاثة وعشرين عامًا؛ توقفت في عز شبابي لأنني اخترت مهنة الصحافة التي دخلتها من بوابة التلفزيون الجزائري سنة 1988 مذيعًا ومعلقًا، تقلدت فيه مسؤوليات رئيس القسم الرياضي ثم مدير الأخبار ثم نائبا للمدير العام إلى غاية 2008، حيث غادرت إلى الجزيرة الرياضية التي تحولت منها إلى "بي ان سبورتس".

س| ماهي أصعب مباراة علقت عليها وأبرز ذكريات التي لن تنساها؟
ج| كانت مباراة "أم درمان" في 2009، بسبب ما أحاط بها وليست المباراة، وكوني شاركت في تغطية كل أنواع الرياضات بمختلف أنواعها وألقابها؛ فأنا لا أنسى أبدً تغطيتي لنهائيات كأس العالم في البرازيل التي شهدت تألق المنتخب الجزائري وتأهله للدور الثاني، لأول مرة في التاريخ.

س| حسب تجربتك.. كيف يكون المعلق ناجحًا؟
ج| المعلق الناجح هو الذي يتحكم في اللعبة واللغة الـ"الوسطى" التي يتفهمها موقعه هو وليس لغات دول أخرى، ويملك قدرا كبيرا من البديهة والذكاء والقدرة على الملاحظة والاستنتاج، وبطبيعة الحال هو الذي يملك الموهبة والعشق الكبير لهذه المهنة التي تعتبرا فنا لا يختلف عن فنون الغناء والتمثيل والإبداع في وصف ما يشاهده، دون تملق ودون مبالغة.

س| ما هي المباراة التي تحلم بالتعليق عليها؟
ج| أعتقد أنني علقت على كل أنواع الرياضات وكل المناسبات المحلية والقارية والدولية من ألعاب أوليمبية، إفريقية عربية ومتوسطية، كما قمت بتغطية نهائيات كأس العالم لكرة القدم وكؤوس أوروبا وإفريقيا للأمم وآسيا، وبطولات الخليج، على ما أعتقد أنه لا يبقى التفكير على مباراة بعينها.

س| لماذا توقفت عن كتابتك في جريدة الشروق الجزائرية؟
ج| توقفت حفاظًا على أسرتي بالجزائر، لأن تلقيت بعد التهديدات، ولكن لم أتوقف خوفًا، بل مؤقتًا وكتبت مقال بذلك وقولت فيه قررتُ التوقف عن الكتابة وشرحت الأسباب لكن ليست جميعها، وليست جريدة الشروق فقط؛ بل توقفت أيضًا عن الكتابة موقع فرنسي، لأن أمي أيضًا طالبت مني التوقف بعد تواصل سلطات الجزائر معها منهم وزير أول قال لها إن حفيظ يكتُب ضد بلده والرأي ورفضهم عن كتابتي، وقررت التوقف، أنا لستُ إخواني ولا ريبلاوي ولا إسلاماوي ولا شيوعي، أنا لا يوجد لدي انتماءات لأحزاب ما، ولكن بصفتي حفيظ دراجي الإعلامي فأعتقد أنا من حقي أن أتكلم برأي في شؤون بلدي.

س| في 2013 أعلنت اعتزامك نشر مذكراتك فهل حدث ذلك.. وما هي؟
ج| سبقتها بكتاب ثالث لأني لدي كتابين الأول "لا ملاك ولا شيطان" والثاني "دومينو" الذي صدر لي عن دار القصبة للنشر وسيعرض في المعرض الدولي للكتاب ويضم مجموعة مقالات في الشؤون السياسية والاجتماعية والاعلامية والرياضية، واخترت عنوان دومينو نسبة للعبة شعبية مشهورة يمارسها بعض الجزائريين في الكثير من أوقات فراغهم إدراكًا وقناعة مني بان الذي يحدث من حراك عندنا في مختلف المجالات يشبه لعبة الدومينو بما تتميز به من حيلة وتحايل ومكر واستعمال متكرر لعباراه غلق اللعب عندما يستطيع اي من المتنافسين، والثالث "في ملعب السياسة"، أرسلته لشركات إنجليزية ترسله لإنجلترا حتي يتم طباعته، لأن لم أجد من يطبعه في الجزائر، وبدأ الانتهاء منه وسيتم عرضه قريبًا.