رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الداخل مفقود.. أكياس دم ملوثة في المستشفيات الحكومية والخاصة

جريدة الدستور


دخلت سميرة سعد، 20 عامًا، في غيبوبة حادة انتقلت بسببها إلى مستشفى خاص بمحافظة الإسكندرية، بعد تعرضها للهبوط المفاجئ بالدورة الدموية؛ نتيجة مرضها بـ"الأنيميا"، فطالب الأطباء ذويها بشراء أكياس من الدم على وجه السرعة، لإنقاذ حياتها، وبالفعل نقلوا إليها دماء، إلا أن حالتها ازدادت تدهورًا، وتوفيت بعد مرور ثلاث أيام، وقالت التقارير الطبية الخاصة بها أن الوفاة نتيجة نقل دم ملوث.

"سميرة" هي حلقة ضمن سلسلة من الوفيات والإصابات التي تحدث للمرضى داخل المستشفيات الحكومية والخاصة بشكل يومي، بسبب نقل الدماء الملوثة إليهم، والتي يتم ضبط أكياس عدة منها كل فترة من قبل الجهات الرقابية والمباحث.

ومؤخرًا تم ضبط ٦ قرب دم، و٣ قرب بلازما غير صالحين ومنتهي الصلاحية، بأحد المستشفيات الخاصة في مدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية، والتي كان من المقرر نقلها إلى مرضى يحتاجون إلى دم، ليصبحوا بمرور الوقت في عداد الموتى، بحسب وقائع خاصة رصدتها "الدستور" في التقرير التالي.

هبة مختار، عشرينية، أحد ضحايا أكياس الدم الملوثة، والتي اكتشفت أنها مصابة بمرض الإيدز بمحض الصدفة، موضحة أنها أصيبت بفشل كلوي، وخضعت لجلسات غسيل كلوي، وفي إحدى المرات نُقل لها دم منتهي الصلاحية بشكل خاطئ والذي أدى إلى إصابتها بمرض الإيدز.

عدم إتباع الأساليب الطبية السليمة من البداية عند الحصول على أكياس الدم من المتبرعين، هو الذي يؤدي إلى انتهاء صلاحيتها، بحسب حسين مجدي، دكتور أمراض الدم والبلازما بجامعة عين شمس، مشيرًا إلى أهمية الحرص على إجراء كل الفحوصات الطبية على الدم من المتبرع، وكذلك بعد التبرع به وفحص الأكياس المستخدمة في حفظه.

يضيف، أن عدم إتباع أساليب الحفظ السليمة لأكياس الدم، هي واحدة من الأسباب التي تؤدي إلى نقل الفيروسات بل والتعرض للموت؛ موضحًا أن صلاحية كيس الدم ما بين 90 يوم إلى 120 يوم فقط، وهو عمر كرات الدم الحمراء به.

واستطرد: "وإذا تجاوز حفظه هذه المدة تتعرض كرات الدم به للتحلل وعندها يصبح الدم عديم الفائدة، بل وقد يتسبب في النمو الميكروبي ونقل الفيروسات للمريض والتي تظهر على شكل سخونة شديدة تصيبه، كما أنه قد يحدث تفاعل بين كرات الدم الفاسدة ودم المريض يؤدي بالنهاية إلى الموت".

أيمن عادل، شاب عشريني، حاصل على دبلوم فني صناعي، من مدينة الزقازيق بالشرقية، يحكي تجربته مع نقل الدماء الملوثة، والتي بدأت بإصابته بمرض نادر في الدم يسمى "الهيموفليا" والذي يحتاج إلى نقل الدم بصفة دورية، ونقل إليهفي أحد المرات دم مصاب بالتهاب الكبد الوبائي، بدلًا من أن يتلقى جرعات الدم التي تنقذ حياته.

يشير الدكتور وحيد دوس، رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية وأستاذ الكبد بكلية طب جامعة القاهرة، أ عملية نقل الدم تمثل عامل خطورة واختبارات الفيروسات، التي تتم على أكياس الدم مهما بلغت دقتها لا تصل نسبة اكتشاف الفيروسات 100%.

يرجع سبب الإصابة بالفيروسات إلى أن معظم بنوك الدم والمعامل تجرى تحاليل kits "الأجسام المضادة؛ لانخفاض ثمنها واصفًا إياها بعد الدقة، بعكس التحليل النووي pcr لأكياس الدم المرتفع ثمنه والمكلف، موضحًا أن علاج المصابين بفيروس سي في الفترة الحالية يقلل من نسبة العدوى.

مجدي ويليم، دكتور التخدير بمستشفى بنها التعليمي ببنها، يقول إن بنك الدم بالمستشفى تتوافر به كميات من الدم لتغطية طلبات المرضى واحتياجاتهم، وبعض العمليات الجراحية تحتاج إلى تزويد المريض بالدم الكافي لإجراء العملية، وضحايا الحوادث وحالات الولادة المستعصية، وعندما يخضع مريض للعلاج داخل أحد المستشفيات ويحتاج لنقل الدم لن يتمكن من الحصول عليه داخل المستشفى إلا إذا أحضر متبرعين.

وتابع ويليم لـ"الدستور" أن هناك رقابة على أكياس الدم في المستشفيات، وعند انتهاء صلاحيتها يتم حرقها، موضحًا أن أكياس الدم لا تكن مجانية للمرضى، وأن نسبة الإصابة بعدوى الفيروسات عن طريق نقل الدم الملوث للمرضى تتراوح بين 5٪ و10٪؛ نتيجة تجارة الدم التي يقوم بها بعض المواطنين المصابين بالأمراض، مقابل الحصول على المال.

الإحصائيات الرسمية من قبل منظمة الصحة العالمية، تشير إلى أن 3 ملايين مصري يحتاجون إلى نقل دم سنويًا، ويتبرع في مصر 600 ألف مواطن سنويًا بالدم، أي النقص يبلغ مليونًا و400 ألف شخص، بنسبة نقص 46.7% بحسب تأكيد الدكتورة شيرين صبري، رئيس قسم رعاية المتبرع بالمركز القومي لنقل الدم التابع لوزارة الصحة.