رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مدير مشروع التأمين الصحي الشامل: أجرينا 24 عملية جراحية حتى الآن

 الدكتور أحمد السبكى
الدكتور أحمد السبكى

بورسعيد جاهزة للتطبيق الفعلى للمنظومة أول سبتمبر ونعمل على إنهاء النظام المميكن لتحويل المرضى

«توأمة» القطاع الخاص ليست خصخصة لكنها تحول المستشفيات الحكومية إلى مؤسسات هادفة للربح



كشف الدكتور أحمد السبكى، مساعد وزير الصحة للرقابة والمتابعة، مدير مشروع التأمين الصحى الشامل، عن إجراء ٢٤ عملية جراحية ضمن المنظومة الجديدة، وذلك منذ بدء تشغيلها التجريبى فى محافظة بورسعيد فى الأول من يوليو الجارى حتى الآن، مشيرًا إلى أن بعض هذه العمليات يجرى للمرة الأولى فى محافظات القناة.
وتحدث «السبكى» عن دورة العمل فى المنظومة الجديدة، بداية من تسجيل المريض وأسرته فى الوحدات الصحية، وإعداد ملف خاص بهم، وصولًا إلى استخراج «الكارت الذكى»، الذى يمكنهم من الكشف وتلقى العلاج والإحالة إلى مستشفيات أخرى حال احتاجت الحالة إلى ذلك.
وتطرق إلى ملف تدريب الأطباء ضمن المنظومة الجديدة، وكشف عن عدد من انتهى تدريبهم فى بريطانيا، وموعد سفر الدفعة الثانية.
■ بداية.. ما هو التأمين الصحى الشامل، ومنْ المستفيدون منه تحديدًا؟
- هو نظام صحى تكافلى يضمن تقديم الخدمة الصحية بمختلف مستوياتها بجودة عالية، وفقًا لمعايير قومية لكل مواطن دون تفرقة أو تمييز، وهو يغطى كل المواطنين وأسرهم، ليختلف فى ذلك عن التأمين القديم الذى يخدم الأفراد فقط، لذا أعتبر ما يحدث الآن فى مصر من تفعيل لمنظومة التأمين الصحى الشامل «ثورة» فى القطاع الصحى وبداية للإصلاح.
ويخدم التأمين الصحى الشامل المواطنين عن طريق ٣ مستويات للخدمة، بداية من نظام طب الأسرة فى الوحدات الصحية، ومستشفيات الخدمة الثنائية والخدمة الثلاثية، وهذه المستويات مفعلة منذ أول يوليو الجارى، فى إطار التطبيق التجريبى للمنظومة من محافظة بورسعيد.
وقبل تطبيق المنظومة الجديدة، درسنا النظم الصحية فى ٣٣ دولة على مستوى العالم، وتم اختيار أنجح ٨ تجارب منها، مثل فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان.
■ كيف تتم إدارة منظومة التأمين الصحى الشامل ككل؟
- تتم إدارة المنظومة من خلال ٣ هيئات بإشراف وتنسيق من وزارة الصحة والسكان، وهى: هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، تتبع رئيس الجمهورية، ومسئولة عن وضع معايير الجودة ومتابعة الأداء، ثم هيئة الرعاية الصحية، تتبع وزارة الصحة والسكان، ومسئولة عن تقديم الخدمة الطبية من خلال كل المستشفيات التابعة لها لتقديم خدمة طبية ذات جودة عالية ومعايير موحدة، والهيئة العامة للتأمين الصحى، تتبع مجلس الوزراء، وتتولى جمع الاشتراكات من المنتفعين، والتعاقد مع أماكن تقديم الخدمة الطبية، وشراء الخدمات من الأماكن التى تقدمها، بشرط أن تكون ذات معايير عالية وتحقق رضا المريض.
■ لماذا بدأتم التشغيل التجريبى بدلًا من التطبيق الشامل، ومتى ستعمم بشكل كامل؟
- المنظومة ستعمم بالتسلسل فى باقى المحافظات عبر عدة مراحل، وفترة التشغيل التجريبى مهمة جدًا لتجربة كل ما هو مستحدث داخل المنظومة، وفى مقدمته تدريب الأطباء، وتأثيره ككل على الطبيب، بجانب جعل المواطن معتادًا على الشكل الجديد للوحدة، ومراحل إحالته للمستشفيات وعلاجه بها إذا استدعت الحاجة لذلك.
■ ما الذى تم الانتهاء منه فى منظومة التأمين الصحى الشامل خلال الفترة الماضية؟
- الفترة الماضية شهدت العمل على تطوير البنية التحتية للمستشفيات والوحدات الصحية، وتوفير الأطقم الطبية، وإعادة ترتيب وتنظيم الهياكل الإدارية بالمنشآت الطبية، مع الحرص على الابتعاد عن «النمطية» فى منظومة العمل، واستحداث أنظمة جديدة توفر الوقت والجهد وتقدم خدمة طبية عالية، بجانب إعادة هيكلة الأجور لتتناسب مع طبيعة العمل بالمنظومة الجديدة.
وتم كذلك استحداث عدد من الإدارات الجديدة مثل إدارة «التسويق»، وذلك لأن منظومة التأمين الصحى الشامل، قائمة على مبدأ التنافسية مع القطاع الخاص، وإدارة «الموارد البشرية» بدلًا من إدارة «شئون الأفراد».
كما استحدثت أقسام جديدة مثل قسم «التكنولوجيا الطبية»، مع فصل المدير الإدارى عن المالى، ووجود ما يسمى بـ«المدير التشغيلى»، وإعادة هيكلة المنظومة ككل، لتتواكب مع سير العمل داخل المنظومة الجديدة وتقديم الخدمة.
■ كيف يتم تسجيل المواطن فى المنظومة الجديدة؟
- يبدأ ذلك بتسجيل المواطن داخل الوحدات الصحية، بحيث يتوجه إلى الوحدة الصحية هو وكامل أفراد أسرته لإجراء عملية فحص شامل لهم بالمجان، ثم تدون جميع المعلومات الصحية الخاصة بهم فى ملف على الشبكة الخاصة بالتأمين الصحى، ويلى ذلك استخراج «الكارت الذكى» الذى يحمل رقم هذا الملف.
ويستطيع المواطن وأفراد أسرته بعد ذلك التردد على الوحدة التى سجلوا بها باستمرار، لتلقى الخدمة الطبية طوال الفترة المشتركين فيها، ويكون لهم طبيب أسرة خاص مسئول عنهم، ويتلقون ما يسمى «خدمات طب الأسرة»، وهى خدمات المستوى الأول.
ويُفحص المواطن وأى من أفراد أسرته داخل الوحدة، ويستطيع صرف أدويته منها، وإذا استدعت حالتة الصحية مستوى أعلى من الخدمة، يُحال إلى مستشفى بنظام «الإحالة المميكن».
■ هل لك أن تشرح لنا دورة العمل تلك بشكل أكثر تفصيلًا؟
- النظام الجيد مبنى على «التنميط»، بمعنى أن يكون هناك نمط موحد يسير عليه المنتفع لحين الحصول على الخدمة الطبية، فكل الوحدات الصحية فى المنظومة تقدم حزمة معينة من الخدمات والأدوية، بواسطة أطقم من الأطباء والممرضين والمعاونين، مع الحرص على زيادة عدد وأصناف الأدوية داخل هذه الوحدات لتتناسب مع الحالات التى ستتردد عليها.
لكن إذا واجهنا مريضًا يعانى أمراضًا لا يتوافر علاجه فى الوحدات الصحية، تتم إحالته إلى المستشفى الذى يحدد وفقًا لطبيعة حالته، وتصرف له فيه الأدوية المكملة، فإذا كان لدينا طفل يعانى من عيب خلقى، تتم متابعته فى مستشفى النصر التخصصى للأطفال، على سبيل المثال.
■ لو تحدثنا عن بورسعيد تحديدًا.. متى نقول إنها جاهزة للتطبيق الفعلى للمنظومة؟
- بورسعيد جاهزة للتطبيق الفعلى للتأمين الصحى الشامل يوم ١ سبتمبر المقبل، وقبل ذلك سيتم تلافى المشكلات والعقبات التى واجهت المنظومة خلال التطبيق التجريبى لها، مع الانتهاء من نظام «الميكنة»، لتسهيل تحويل المرضى إلى المستشفيات، واستكمال الأنظمة المحاسبية كذلك.
■ كيف يتم توزيع مواطنى بورسعيد على الوحدات الآن؟
- تم فتح تسجيل جميع مواطنى محافظة بورسعيد بداخل ٢٠ وحدة صحية، هى التى تعمل الآن ويتم تسجيل المرضى بها، وذلك لحين فتح باقى الوحدات.
ويتم تقسيم جميع المنتفعين الذين سجلوا داخل منظومة التأمين الصحى على جميع الوحدات، كل حسب مربعه السكنى والوحدة الصحية الأقرب له، على أن يكون هناك التزام بمعايير تسجيل المواطنين وتوزيعهم جغرافيًا.
■ ماذا عن توفير الأطباء للعمل بالمنظومة فى المحافظة؟
- النظام الجديد مبنى على التعاقد ومبدأ وجود الطبيب فى الوحدات الصحية والمراكز، وحينما بدأ العمل فى بورسعيد تم اكتشاف نقص وعجز فى عدد الأطباء فى بعض التخصصات، لذا لجأت وزارة الصحة والسكان لتوفير عدد كبير من الأطباء عبر التعاقد وتوقيع بروتوكولات التعاون مع كليات الطب بالجامعات.
وبصفة عامة، الأطباء العاملون بالجهاز الإدارى للدولة، تتم إعارتهم من الجهة العاملين بها بموافقتها، أما العاملون فى القطاع الخاص، سواء الطبيب على المعاش أو يعمل فى جهة حرة، فيتم التعاقد معه وإدراجه بالمنظومة عن طريق التعاقدات.
■ هل عدد الأطباء فى الوحدات الصحية هناك كافٍ؟
- عدد الأطباء داخل الوحدات كافٍ. ففى كل وحدة يوجد ٤ أطباء يعملون بنظام «الشيفتات»، وكل وحدة تخدم قرابة ٥ آلاف أسرة موزعة على أطبائها، أى تقسيم نحو ألف و١٢٥ أسرة على طبيب، وبالتالى لا يوجد لدينا عجز فى عدد الأطباء داخل الوحدات التى تم تشغيلها بالفعل.
■ كم عملية جراحية أجريت فى بورسعيد ضمن المنظومة حتى الآن؟
- أُجريت ٢٤ عملية جراحية فى محافظة بورسعيد، ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل لأول مرة، بواقع: عمليتا زراعة قرنية، و٤ قسطرة قلبية ودعامات ذكية، و٣ زراعة قوقعة، لأول مرة فى محافظات القناة، و٥ إزالة مياه بيضاء على العين، و١٠ حقن جسم زجاجى فى العين.
■ كم تبلغ التكلفة الفعلية للمنظومة؟
- هناك تكلفة مباشرة وتكلفة غير مباشرة، والتى تزيد على ٦.٨ مليار جنيه، موزعة على الإنشاءات وتطوير البنية التحتية وتدريب الأطباء وإرسالهم فى بعثات للدراسة والتدريب فى الخارج.
وتم تدريب ٣٥ طبيبًا فى بريطانيا، عادوا لتدريب الأطباء المتواجدين فى محافظة بورسعيد، بجانب باقى العاملين فى المنظومة، وستسافر الدفعة الثانية من الأطباء إلى نفس الدولة، يوم الأحد ١٤ يوليو الجارى، وذلك لمدة أسبوع.
■ ماذا عن «التوأمة» بين مستشفيات التأمين الصحى والقطاع الخاص؟
- هذه المبادرة تعتبر نموذجًا فريدًا لنجاح العلاقة بين القطاعين العام والخاص، وأثبتت «وطنية» القطاع الخاص، وعدم بحثه عن الربح فقط، فهو يقدم كل خبراته للارتقاء بالمنظومة الطبية فى مصر، خاصة ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل بمحافظة بورسعيد، من خلال توفير الخبرة والمشورة فى تطوير المستشفيات، وتحسين الخدمة الصحية المقدمة للمواطن والمنتفع بالمنظومة.
ولا علاقة لذلك بـ«الخصخصة»، والمقصود فقط نقل الأنظمة الموجودة فى القطاع الخاص إلى العام، من حيث الفندقة والجودة، ومكافحة العدوى، والإدارة المالية وكيف تكون المنشأة الجديدة هادفة للربح، لأن المنظومة الجديدة قائمة على التمويل الذاتى، وبالتالى فإن المستشفيات الخاصة ستسهم فى تحويل ثقافة المستشفيات الحكومية من منشآت طبية تعتمد فى تشغيلها على الموازنة العامة للدولة، إلى مستشفيات هادفة للربح تعتمد على التمويل الذاتى.
وأود الإشارة إلى أنه لا يتم توجيه أى مخصصات مالية من الدولة للمستشفيات الخاصة، وتبادر بتدريب الأطباء وتقديم كل الدعم لهم. وهناك اجتماع يومى مع الأطباء ومديرى المستشفيات والجهاز الإدارى بمستشفيات القطاعين، التى تعقد بينهما «توأمة»، من خلال «غرفة عمليات التأمين الصحى».
■ ما وظيفة ودور غرفة العمليات تلك؟
- غرفة العمليات لها ٣ وظائف، بداية من الإشراف على تشغيل المنظومة داخل محافظة بورسعيد، ورصد أى تحديات أو معوقات تقف أمام ذلك، وسبل التعامل مع تلك التحديات، بجانب عقد اجتماع لجميع مديرى الوحدات الصحية والمستشفيات الـ٢٧ للمنظومة فى بورسعيد، وذلك فى الثامنة صباحًا، ثم يعقد اجتماع ثانٍ فى الثامنة مساءً، لمناقشة التحديات التى تواجههم وحلها، وأخيرًا رصد انطباع وآراء المواطنين عن المنظومة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، والتحديات التى تواجه تنفيذها.
■ ماذا عن حملات التوعية التى أطلقتموها بشأن المنظومة؟
- بالفعل بدأنا فى تدشين حملة لتوعية المواطنين بكيفية التسجيل، ونظم الإحالة، وأهمية تسجيلهم بنظام الأسرة، وكيف سينعكس ذلك على توفير نفقاتهم من خلال توفير الأدوية داخل الوحدات الصحية، أو تحويلهم إلى مستشفى لتلقى العلاج، وذلك من خلال منشورات توزع داخل الوحدات الصحية وفى الشوارع والميادين.
■ كيف تكفل الدولة غير القادرين داخل منظومة التأمين الصحى الشامل؟
- فى مصر، جميع المواطنين مقسمون إلى مواطنين مؤمن عليهم وغير مؤمن عليهم، والمؤمن عليه منقسم إلى تأمين حكومى وخاص ومدارس، وغير المؤمن عليه كان يحصل على الخدمة الطبية من خلال عدد كبير من الإجراءات، سواء العلاج على نفقة الدولة، أو من خلال أى من البرامج التى توفرها الدولة، وإذا احتاج إلى خدمة طبية أخرى، أعاد تلك الخطوات مرة أخرى، ما كان يشكل عليه عبئًا ومجهودًا كبيرين.
لكن فى المنظومة الجديدة، القادرون وغير القادرين مؤمن عليهم، فالمواطنون العاملون لديهم جهات العمل تؤمن عليهم، والآخرون تكفلهم الدولة، التى أجبرها القانون الجديد على دفع ٥٪ نيابة عنهم، وكأنهم يتقاضون الحد الأدنى للأجور.
■ كيف تتم معرفة واختيار المواطنين غير القادرين للانتفاع من التأمين الصحى؟
- يوجد قرار من مجلس الوزراء بتشكيل لجنة تضم ممثلى عدد من الوزارات المعنية، على رأسها التضامن الاجتماعى، لتحديد معايير المواطنين غير القادرين، وانتهت اللجنة بالفعل من وضع عدة معايير للاختيار.
فمن خلال الاستعانة بقاعدة بيانات مشروع «البنية المعلوماتية للدولة» بهيئة الرقابة الإدارية، جرى تصنيف المواطنين داخل محافظة بورسعيد، وفقًا لهذه المعايير، إلى مواطنين قادرين وغير قادرين.
■ لكن هناك من يشكو بتصنيفه «قادر» رغم كونه مستحقًا للدعم.. فما العمل؟
- من حق المواطن الذى لا يملك عملًا أو عائلًا يكفله، التوجه إلى مكاتب خدمة المنتفعين داخل مقار هيئات التأمين الصحى الشامل، ويقدم المستندات الدالة على عدم قدرته، ليتم تسجيله فى المنظومة.
ما أبرز التحديات حتى الآن وكيف واجهتموها؟
- أبرز التحديات التى واجهناها منذ بدء التشغيل التجريبى للمنظومة هى: الإقبال الكثيف من المواطنين على التسجيل فى الوحدات، وتمكنا من مواجهة ذلك بتقليل فترة انتظار المواطن داخل الوحدة من ٤٥ دقيقة إلى ٧ دقائق فقط، عبر زيادة عدد مكاتب التسجيل الإلكترونى داخل الوحدات، والدفع بـ٥ موظفين داخل كل وحدة وتدريبهم للتعامل مع المواطنين وتعريفهم بكيفية التسجيل، والحرص على دقة بيانات المرضى ومراجعتها، وتسجيلهم ومنحهم «كارت الأسرة».
لذا فإن فترة التشغيل التجريبى للمنظومة، ستتيح لنا التعرف على نقاط الضعف والتقصير، وتفاديها عند تطبيق التأمين الصحى بشكل كامل.