رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"التراخوما اللعينة".. نكشف سر المرض الذي انتشر داخل محافظات مصر

جريدة الدستور

زينب مختار، سيدرة أربعينية، وأم لطفلين من قاطني محافظة الغربية، تحكي في حديثها لـ"الدستور" عن تعرض طفلها الذي لم يتعد عشر سنوات من عمره للإصابة بمرض نادر منذ عامين تسببت أعراضه في التلف الدائم للقرنية، وتقول إنه اشتكى ذات يوم من تهيج شديد داخل عينيه، وإحمرار كان يزيد كلما حكها سريعًا، وظنت الأم وقتها أنه ألم بسيط سيتعافى منه بتناول قطرة العين المخففة للالتهابات.

شهران متواصلان من معاناة الطفل مع آلام عينه؛ مما أثار قلق السيدة حتى قررت عرض ابنها على الطبيب المختص لمعرفة ما أصابه، وتضيف قائلة "أول ما شفت صديد بيخرج من عينيه، والجفن منفوخ بشكل يخوف روحنا للدكتور على طول"، وبالكشف من قبل طبيب العيون تبين إصابة الطفل بمرض الرمد الحبيبي المعروف باسم "التراخوما"، وكتب له الطبيب على علاج موضعي للعين لمدة قصيرة مع تناول مجموعة من المضادات الحيوية.

"مدة العلاج خلصت ومفيش تأثير بالعكس عينيه كانت بتورم أكتر"، هذا ما تقوله "زينب" عن عدم تأثير العلاج مع طفلها، حتى استيقظت في يوم على صراخ منه بسبب آلام شديدة في عينه مصاحبة لشعور بالرؤية الغامقة، وتقول إنها ذهبت معه إلى المستشفى على الفور، ليخبرها الطبيب بعد إجراء التحاليل الطبية للطفل أن الحالة متأخرة للغاية، وعدم الاهتمام بعلاجها السريع أدى إلى إعتام القرنية بسبب تأثرها بالالتهاب، وتعرضه لفقدان بصر أبدي لا يمكن العلاج منه.

في ذات السياق، تقول أمنية رجب، وكيلة وزارة الصحة بالمنيا، إن وزارة الصحة كلفت بإجراء مسح طبي للمواطنين في محافظة المنيا بعد إصابة عدد كبير منهم بمرض "التراخوما" الذي قد يؤدي إلى العمى الفوري، وبدأت الوزارة في تدريب فرق طبية مكونة من 33 طبيبا للتعامل مع مصابي المرض، وتوفير العلاج اللازم والسريع لهم وفقًا للضوابط الصحية المتبعة.

وتضيف أمنية، أن هناك تدريبا لأطباء العيون بالمحافظة على الجراحة التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية لعلاج مرض الرمد الحبيبي، مشيرة إلى أنه فيما يتعلق بالجانب العلاجي، فهو عبارة عن مضاد حيوي يجب إعطاؤه لجميع سكان المناطق التي تزيد فيها نسبة المرض النشط على الحد، وبناءً على جهود الوزارة تم تحديد المراكز الثلاثة كمراكز يتم فيها العلاج الجماعي داخل المحافظة.

كشفت تقارير منظمة الصحة العالمية مؤخرًا عن التقدم المستمر في القضاء على مرض التراخوما، فقد انخفض عدد المعرضين للإصابة به من 1.5 مليار شخص في عام 2002 إلى أكثر بقليل من 142 مليون في 2019، أي أن نسبة انخفاض تصل إلى 91%، وانخفض أيضًا عدد من يحتاجون لعمليات جراحية في المرحلة المتأخرة من المرض من 7.6 مليون مريض في عام 2002 إلى 2.5 مليون في هذا العام، أي أن نسبة انخفاض تصل إلى 68%.

يوضح الدكتور محمد حبيب، إخصائي علاج العيون، في حديثه مع "الدستور" أن مرض الرمد الحبيبي يحدث بسبب أنواع فرعية من المتدثرة الحثرية، وهي بكتيريا يمكنها أن تسبب أيضًا عدوى المتدثرة المنقولة جنسيًا، وينتشر الرمد الحبيبي عبر ملامسة إفرازات عيني شخص مصاب، كما يمكن أن تكون اليدان، والملابس مسارات لنقل العدوى، وعن الأعراض "الشعور الأول للمرض يبدأ بوجود جسم غريب في العي، واحمرار، وتدميع، ثم حساسية للضوء وإفرازات سائلة أو قيحيّة.

ويقول حبيب، يجب العلاج السريع من هذا المرض، خصيصًا لأنه كلما مرت فترة من الآلام المستمرة للعين تزيد نسبة الإصابة بالعمى الدائم، وعلاج الرمد الحبيبي يكون عن طريق تناول المضادات الحيوية من مجموعة التتراتسيكلين والأريتروميتسين كعلاج موضعي للعي، وعن طريق الفم، بالإضافة إلى ظهور مضاد حيوي جديد مؤخرًا مع انتشار المرض يسمى أزيثروميسين، لكونه ناجحا وفعالا في علاج "التراخوما".