رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مياه فاسدة.. مواسير "الاسبستوس" تُصيب الأهالي بمرض الـ"سرطان"

جريدة الدستور

مادة «الاسبستوس» من أخطر المواد على صحة الإنسان والمحرمة دوليا، وبالرغم من أن معظم دول العالم توقفت عن إنتاجها، إلا أنها مازالت مستخدمة في «مواسير» مياه الشرب بالريف والصعيد؛ بينما تهدد الشعب المصري بالإصابة بمرض السرطان الناجم عنها؛ كما أنها موجودة في البورسلين والسيراميك، وبطانيات إطفاء الحرائق، ومواد الحشو البلاستيكية، والعبوات الطبية، فضلًا عن استخدامها في قوابض السيارات وبطانات مكابح السيارات.

محمد إبراهيم، شاب يبلغ من العمر 17 عامًا، لم يكن لدية فرصة نجاة واحدة من مرض الـ«سرطان» الذي أصبح ينهش فى أجزاء جسده كلهيب النار المشتعلة فى أحشاء بطونيها المعمقة، ولم يخطر على باله قط بأنه سيُصاب بهذا المرض لكونه صغير السن، إلا أن مياه الشرب المسرطنة ملأت أحشاء جسده النحيف، وأصبحت سببًا رئيسيًّا فى تدهور صحته.

إصابة إبراهيم، جعلته يفقد الأمل والطمأنينة فى حياته؛ يقول الشاب: "لم يكن فى بالى أن المياه ستسبب لي ذلك المرض اللعين، ولم أظن يومًا بأننى سأشتكى يومًا من أنين التعب وأرقد على أسرّة المستشفيات".

يتابع إبراهيم، مياه الشرب هى التى تسببت فى إتيان هذا المرض وجعلته يتمكن من جسدي؛ حتى أصبحت مريضًا أُعالج بـ"الكيماويات"، مضيفًا: أن الطبيب أخبره أن هذا سببه المأكولات الترفيهية والمياه الفاسدة التي تخرج من مواسير الـ"الاسبستوس"، والموجودة داخل منازلنا.

محمد لم يكن الوحيد الذي أصيب من المواسير المصنعة بمادة مسرطنة، بل كثير مثله يعانون من نفس الشيء، وأغلبهم لا يجد مالًا للعلاج من هذه الأمراض.

إبراهيم محسن، واحد آخر أصيب بسبب المياه المسرطنة، إلا أن إصابته لم تكن مثل الشاب ذو الـ«17 عاما»، فإصابته كانت ضمور فى الكلى وضعف خلايا الكبد، والذي وصف الأطباء حالته بـ«شبه منتهية»، ولم يعد يلعب ويلهو مع أصحابة الذين كانوا يلقبونه بـ«صاحب السعادة»، وذلك لابتسامته التي كانت لا تفارقه أبدًا.

يقول محسن البالغ من العمر 20 عاما: «كنت دايمًا أخرج أنا واصحابي نلعب ونهزر ونمرح طول اليوم؛ لكن دلوقتى مبقاش فى البسمة والضحكة اللي كانت بتجمعنا زمان.. تعبت وجسمي كله بقى فيه ألم، وده كله بسبب المواسير اللي مصنوعة من مادة مسرطنة».

كشفت دراسة فى 2017 أن الزرنيخ غير العضوي، الذي يوجد بشكل طبيعي في مياه الشرب في بعض البلدان، يمكن أن يسبب السرطان بعد عقود من التعرض الأولى له.

يتكون الزرنيخ غير العضوي بشكل طبيعي من مستويات عالية في المياه الجوفية في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم ويمكن أن يسبب عدة أنواع من السرطان، بما في ذلك الجلد والكلى والرئة والمثانة، من بين أمراض أخرى.

وقد وجدت دراسة حديثة أن القيود الصارمة للحكومة الأمريكية على الزرنيخ في مياه الشرب منذ عام 2006 أدت إلى انخفاض بنسبة 17 فى المائة في مستويات الزرنيخ الموجودة في الأفراد، وفقا لنظم المياه العامة مع ما يقدر بنحو 200 حالة أقل من سرطان الرئة والمثانة.

وفي هذه الدراسة – التي نشرت في عدد أكتوبر من مجلة "المعهد الوطني للسرطان" - وجد الباحثون أن تواجد الزرنيخ في مياه الشرب يعد من أكثر المواد بقاء فى المياه من أى مادة مسرطنة، ليظل متواجدا فى دماء الإنسان لمدة تصل إلى 40 عاما بعد انتهاء التعرض له.

وقد درس الباحثون آثار تلوث الزرنيخ في مصدر المياه في مدينة أنتوفاجاستا"، في شيلي والتي شهدت زيادة دراماتيكية مفاجئة في الزرنيخ في مياه الشرب عام 1958.. وقد أعقبت هذه الزيادة في عام 1970 انخفاض كبير في التعرض عندما تم تركيب محطة لإزالة الزرنيخ.

ومن خلال تحليل السجلات الطبية والبيانات من السكان الذين عاشوا في مدينة أنتوفاجاستا خلال تلك الفترة الزمنية، وجد الباحثون أن معدلات وفيات الرئة والمثانة وسرطان الكلى بدأت في الزيادة بعد ارتفاع في التعرض للزرنيخ.

ولم تصل هذه الزيادة في معدلات وفيات السرطان إلى ذروتها حتى ما يقرب من 20 عاما بعد بدء الحد من التعرض للزرنيخ، وظلت معدلات وفيات السرطان، خاصة الرئة، المثانة، الكلى مرتفعة لمدة 40 عاما بعد توقف التعرض العالي للزرنيخ.

واعتقد الباحثون أن هذه النتائج تعني أن نسبة الإصابة بالأمراض المرتبطة بالزرنيخ ستظل مرتفعة لسنوات قادمة.

وجود مواسير مياه قديمة لم يتم تجديدها من قبل شركة مياه الشرب والصرف الصحي لازالت مدفونة في الارض تمد القرى الريفية والصعيد بالمياه رغم أن الشركة تعهدت خلال السنوات الماضية بإحلال وتجديد الشبكة القديمة المصنعة من الاسبستوس بمواسير بلاستيكية، إلا إن الشركة قد قامت بإحلال وتجديد بعض المدن والقرى ولازالت مواسير الاسبستوس موجودة بالقرى المتبقية كما هي منذ عشرات السنين.

قبل أيام تقدم النائب بدوي النويشي وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب وعضو المجلس عن دائرة مركز الواسطي ببني سويف بطلب إحاطة إلى الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب موجه إلى الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان بشأن إحلال وتجديد مواسير مياه الشرب "الإسبستوس" المسرطنة إلى مواسير بلاستيك وتوفير الاعتماد المالي اللازم لها بمدينة الواسطى بمحافظة بني سويف.

وأوضح النويشي في طلبه أن مدينة الواسطي لم يشملها الإحلال والتجديد منذ تاريخ بناؤها وبها انسدادات عديدة بسبب تراكم الصدأ والرمال وهو ما يمثل خطرًا على صحة المواطنين، خاصة وأنها مصنوعة من مادة الإسبستوس المسرطنة.

وأشار وكيل محلية النواب بأنه تعددت شكاوى الأهالي من انقطاع متواصل لمياه الشرب على مدار اليوم، مؤكدًا أن الثلاثاء القادم سيتم مناقشة طلب الإحاطة بحضور قيادات وزارة الإسكان والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي.

بنى سويف من أكثر المحافظات تعيش على مياه شرب غير الصالحة للاستخدام الآدمي بسبب تسرب مياه الصرف وكل المياه الملوثة لمواسير الشرب «الإسبستوس» المحرم استخدامها دوليا في ظل دخول شركة مياه الشرب والصرف الصحي ببني سويف في سبات عميق وعدم استبدالها بمواسير البروبلين حتي الآن‏؛ فضلا عن أن الفلتر المستخدم لتنقية المياه بمحطة المياه التابعة لها القرية بدائي مما أدي إلي تفاقم الوضع الصحي للأهالي بالقربة‏.‏

الدكتور محمد إبراهيم، أخصائي باطنة، يقول إن مواسير «الاسبستوس» المصنعة من مادة مسرطنة، تمثل كارثة على المواطنين أبرزها إصابتهم بمرض السرطان والالتهاب الرئوي وسرطان الحنجرة والغشاء البلوري وغيرها من الأمراض الفتاكة التي تعصف بالبشرية.

ويضيف إبراهيم، المياه بطبعها حساسة تلتقط أي شوائب وفضلات ضارة عن طريق الهواء، لذا أنصح بتركيب أعداد من الفلاتر الطبية داخل المنازل لتكون لهم حما من للمواطنين من أي مرض يصيبهم ويتسبب في انتشار أمراض كثيرة أخرى كـ«السرطان»؛ أما عن هذه المواسير الضارة يجب تغيرها فورًا لأنها فعليًل تُسبب أمراض كثيرة دون معرفة أصحابها.