رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمرو خان يكتب: «الباز» يخوض حرب فكرية باردة مع أوصياء الدين عبر «باب الله»

جريدة الدستور

إذا حذفت المستحيل من معادلة حياتك فبالضرورة ستكون معطياتك للوصول إلي البرهان هي الواقع، ولكن هناك من يحلو لهم الاستمرار في صناعة الفزاعة –خيال مآتة- حتي يلوحوا بها بالابتعاد وعدم الاقتراب من كهوف الفكر العفن، للحفاظ علي مكتسباتهم من ترسيخ الأفكار الخاطئة سواء علي مستوي الفكر الأدبي أو الثقافي أو المورث الديني والأعراف والعادات والتقاليد، وكثيرًا ما شاهدنا وتابعنا عن قرب معارك وصولات وجولات بين من نصبوا أنفسهم أولياء علي الفكر والمجددين، سواء كان لديهم الحجة والبرهان، أو كانوا يقدمون محض أطروحة قابلة للنقاش وقد تحمل الصواب أو الخطأ.
في مسيرة كل منا عثرة نقف عندها ونولي وجهنا نحو "باب الله" ندعوه أن يقضي حوائجنا إلي أن تقضا، ثم نعبر ونمر ونسير نحو غايتنا، ولكننا لا نعتبر؛ بأنه لا يوجد مستحيل، لا يوجد حواجز بين الله وعباده، لم يخلقنا الله ليعذبنا في الأرض، لا يوجد أوصياء علي الأديان ولا وسطاء بين العبد وربه، فيقول الله سبحانه وتعالي:" قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" –سورة غافر-، وهذا يعني أنه الخطاب الديني الذي كان يقدم علي مر السنوات كان بحاجه إلي تغيير المسار، في المحتوي واللغة التي يخاطب بها الناس.
أسعدني كواحد من تلاميذ الإعلامي والكاتب الصحفي الدكتور محمد الباز رئيس مجلس الإدارة والتحرير لمؤسسة الدستور للصحافة والنشر، كما اسعد باقي تلاميذه في الجامعة وفي صاحبة الجلالة، واسعد محبيه ومتابعيه وجمهوره من المعارضين المثقفين والمؤيدين، طلته الجديدة عبر برنامجًا يقدمه على قناة «الغد »، يسمى «باب الله»، وجدت فيه محتوي مغاير ولغة سهلة بسيطة، استطاع «الباز» من خلالها أن يصل إلي عقول وقلوب البسطاء قبل المثقفين والصفوة منهم، بما يقدمه من تفسير للأفكار، وتفكيك لعشرات الأسئلة الملغمة والمعقدة.
غاص «الباز» في أعماق الفكر، واقتحم كهوف مغلقة من مئات السنين، وبكل يسر تمكن من أن يدخل في العقول ليخرج ما بداخلها من أسئلة ظن البعض أنها محظورة وغير مباح طرحُها، منها قصص الملحدين من المفكرين إلي شباب ثورات الربيع العربي، ناقش إحصاء بأن مصر الأولى عربيًا فى الإلحاد، طرح فكرة حول هل الله الذي نعبده هو رب داعش؟!، وبكل جرأة فكرية مغلفة بالهدوء الذي تتسم به شخصيته، جلس يحاور أصحاب الفكر الحجري وقلمه كمعول عظيم يهدم به أصنام الفكر، ربما يصفه البعض جنرال الحرب الفكرية الباردة، لم يخشي أن يهاجم هؤلاء وحده، أو يواجه بمفرده، ولكنه آمن بأن لديه أطروحة، ربما يؤمن بها الكثير من الناس ولكن ليس لديه القدرة أو الوسيلة لطرحها أو التعبير عنها، فبادر هوا بها.
طرح «الباز» في أحدي حلقات برنامجه «باب الله» تساؤلات حول هل كان النبي محمد الصوفي الأول فى الإسلام؟، وتحدث عن الحلاج الذي لا يعرفه أحد؛ ولماذا تعرض للصلب وحرق جثته؟، وكيف نشأت الصوفية فى مصر؟، وكيف تسربت فكرة التصوف للديانة المسيحية؟، وما سر العداء بين داعش والصوفيين؟، ربما كانت الإجابات عن هذه الأسئلة بحاجه إلي سردها في كتاب، ولكن القدرة اللغوية التي يتمتع بها أسلوب «الباز» جعلته قادر علي تقديم الإجابة سهلة بسيطة موجزة غير مجتزأة في دقائق معدودة خلال الحلقة.
وفي حلقة أخري أثار الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الأوساط الصحفية والإعلامية، طرح «الباز» تساؤل؛ قال فيه:" عندما يقف عادل أمام بين يدي الله يوم القيامة ويسأله: ماذا قدمت فى حياتك؟سيرد الزعيم: كنت سببًا فى بهجة المصريين لأكثر من ستين عامًا، ساعتها سيكون وارد جدًا أن يحكم الله له بالجنة دون حساب"، وتزامن هذا الطرح مع الاحتفال بعيد ميلاد الزعيم عادل أمام.
ربما كان هذا هو الطرح الأعظم لـ«الباز» في سلسلة اطروحاته نحو تفتيت جبال الأفكار المتحجرة، وفتح كهوف عقلية ممتلئة بالتشدد الفكري دون حجة علي مسرعية، وإخراج كل ما فيه ووضعه علي طاولة النقاش والحوار، وإلا ما كان أحدث هذا الطرح كل هذا الجدل.
وإيمانًا بما قدمه «الباز» في برنامجه «باب الله» خلال شهر رمضان الكريم وما سوف يقدمه خلال الحلقات المتبقية من أيام هذا الشهر، أعتقد أن كل من يفكر أو يحمل في بنات أفكاره أطروحات تهدف إلي التجديد، الذي يتطلب فتح عقول وقلوب كل الناس لإخراج ما بداخلهم مما كانوا يخشون البوح به أو التحدث إلي أنفسهم به، سوف يواجه موجة من النقد ومحاولات للتشويش، ولكنه في ذلك حاله حال كل المجددين السابقين، ونتمني أن يستمر «الباز» في تقديم مثل هذه الأفكار، ويسير علي دربه الكثير من الإعلاميين.