رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تستقبل موائد "آل البيت" الصائمين في رمضان؟ (معايشة)

جريدة الدستور

تحولت قاعة مسجد السيدة زينب الخالية إلى مائدة رحمن ضخمة تراص فيها الصائمون بجوار بعضهم يتناولون إفطارهم في هدوء.

قبل هذا المشهد بنصف الساعة فقط كانت هناك خلية نحل من خدام مسجد السيدة زينب لتحضير المسجد لاستقبال الصائمين، فالتفت الموائد حول المسجد من كل مكان حتى داخل جدرانه، فهناك من يضع الطاولات وهناك من يفرش "الحصير" وهناك من يستلم الوجبات من المتصدقين".

قبل دقائق من آذان المغرب، يجلس كل شخص في المكان الذي اختاره وبدأ العاملون في المسجد في توزيع التمر والعصير ووجبه الإفطار، "‎الدستور" عايشت تحضيرات موائد الإفطار في مسجد السيدة زينب وتحدث مع المسئولين عنها.

ـ محمد: أعمل ٢٤ ساعة لخدمة المسجد والصائمين دون مقابل
داخل وخارج مسجد السيدة زينب انتشرت موائد الرحمن، وقال محمد ٤٠ عاما من خدام السيدة - كما أطلق على نفسه- داخل المسجد يكون هناك أكثر من ١٠ موائد لكنها تكون وجبات بسيطة مكونة من تمور مع زجاجات مياه.

وأضاف أنه يصل عدد المقبلين على مائدة الرحمن في المسجد المئات من الصائمين يوميا، ويتولى العاملون في المسجد والخدام مسئولية توزيع الطعام وتحضير الموائد التي يكون بعضها عبارة عن طاولات ضخمة يتم وضع الطعام عليها وأمام الباب الرئيسي للمسجد نضع - حصيرة- كبيرة يتم وضع الوجبات عليها.

وتابع: "أنا متواجد في المسجد 24 ساعة طوال شهر رمضان وأعمل لوجه الله ولخدمة السيدة زينب"، مضيفا: "أتولى مع بعض زملائي مسئولية توزيع الطعام على الصائمين ثم أقوم بتنظيف المكان بعد انتهائهم من تناول وجبة الإفطار".

قبل آذان المغرب بنصف ساعة يجتمع الصائمون أمام المسجد في انتظار مدفع الإفطار وتكون هناك خلية نحل داخل المسجد من الخدام والعاملين، وطوال اليوم يكون عملنا قليل لكن قبل آذان المغرب يأتي العمل الجاد فننقل الفرش والطاولات ونوزعها داخل المسجد وخارجه في انتظار أن يأتي طعام الإفطار ممن يتصدقون به على الصائمين ـ حسبما قال محمد ـ.

وبمجرد إنطلاق الآذان تبدأ حالة من الهرج والمرج فبعض الصائمون يخشون أن تنفذ الوجبات كما يخيل إليهم، ونبدأ في توزيعها على الصائمين حتى يحصل كل الموجودين على وجباتهم ثم أنذوي في ركن بجانب باب المسجد وأتناول وجبتي.

ـ عبدالقادر: بنستقبل حوالي ألف فرد يوميًا
بوجه بشوش، ملامح هادئة، ملابس ناصعة البياض، وقف عبدالقادر، أمام بوابة مسجد السيدة زينب، ليلتقط الوجبات من أيدي أهل الخير، لتقديمها على موائد الرحمن في رحاب المسجد.

وقال عبدالقادر، خادم مقام السيدة زينب، إن المسجد يضم بين طياته عشرات الموائد، فهناك مجموعة داخل المسجد ومجموعة في الساحة الخارجية، والأخيرة خلف المسجد، معلقا: "الموائد كتيرة جدا".

وتابع عبدالقادر، لـ"الدستور"، أن عدد الوافدين يزيد عن ألف شخص يوميا على الموائد، بعضهم من سكان المنطقة، والبعض الآخر يكون من محافظات متنوعة، معلقا: "فيه ناس بتيجي من الصعيد للقاهرة ومبيكونش معاهم فلوس تكفي فطار في القاهرة فبيجوا للمائدة".

"الأكل بيجي من عند الله"، كلمات عبر بها خادم مقام السيدة زينب، عن عدم مسئولية المسجد عن أي طعام يقدم فيه، موضحا أن المتبرعين بالطعام يتوافدون على المسجد بعد صلاة العصر حاملين الطعام في جعبتهم.

وأعرب خادم مقام السيدة زينب، عن ألمه الشديد الذي يشعر به، حينما يتصارع المجاذيب والشحاتين، ليفتكوا به وبالطعام، معلقا: "ممكن يضربوا الناس اللي جايين يدوهم الأكل".

أضاف عبدالقادر، أن الطعام يتنوع من مائدة لأخرى، فالبعض يقدم الطعمية والجبن، البعض الآخر اللحم والفتة، وهناك من يقدمون الوجبات الجاهزة.

"المهم أن الكل بيقوم شبعان"، هكذا اختتم عبدالقادر حديثه لـ"الدستور" قائلا إن كل من يأتي إلى رحاب السيدة يطعم من خيرها، حتى يشعر بالشبع.

ـ حسين: دورنا التنظيم فقط

فيما أكد حسين محمد، موظف سابق بوزارة الاوقاف، وكان مقر عمله سابقا قبل أن يحال للمعاش في مسجد السيدة زينب، أن المسجد لا يتقاضى أي أموالا من المتبرعين لقاء إقامة موائد رحمن، مضيفا أن الموضوع يتم بين المتبرعين والوافدين على المائدة.

وتابع الموظف السابق بوزارة الأوقاف، أن الطعام يأتي للمسجد في الفترة ما بين صلاة العصر والمغرب، إذ يقوم العاملون بالمسجد بفرش ساحته بـ"الحصائر"، ويبدأ موردي المائدة بالجلوس أرضا بانتظار وجباتهم.

أضاف حسين، أنه هناك متبرعين بكل شيء فهناك من يتبرع بالتمر، الصوبيا، العرقسوس، الشربات، المياه البادرة، وهناك من يتبرع بالمقبلات، السلطات، المخللات، بالإضافة إلى الأطعمة الرئيسية.

"فيه الغني والفقير"، هكذا أوضح حسين، أن التبرع بالطعام للمائدة لا يقتصر على الأغنياء فقط وإنما يشمل متوسطي الحال ايضا، معقبا: "بنعرف من نوع الأكل اللي بيجي على الموائد"، لافتا إلى أن هناك بعض المتبرعين يوزعون الطعام بأنفسهم على المواطنين، وهناك من يسلمه للعاملين بالمسجد ليتولى عملية التوزيع.

"بنشتغل زيادة بعد الفطار"، علق حسين على عمل الموظفين في المسجد، الذي يتضاعف بعد الفطار، إذ أنهم يقومون بلم "الحصائر"، غسل الأواني، تنطيف المسجد من بقايا الطعام التي قد تتناثر على السجاد، ورش العطور لتغطي على روائح الطعام، معلقا: "بنضف المسجد من كل حاجة، حتى صناديق الزبالة اللي حوالي بنضفها علشان الحشرات، أحنا في الصيف وده موسم لانتشار الحشرات لازم نكون منتبهين له بدل ما نلاقي المسجد كله نمل".