رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إفريقيا فى مواجهة داعش


إلى أين يذهب تنظيم داعش بعشرات الآلاف من عناصره وقادته بعد فرض الحصار عليهم فى سوريا والعراق وبعد تحرير أغلب إن لم يكن كل المناطق التى كانت تخضع لسيطرتهم فى الشام؟.. وماذا يفعلون بعد انهيار دولة الخلافة المزعومة؟.
كان هذا هو السؤال الأبرز على ساحات التحليل السياسى وفى الغرف المغلقة أيضًا.. دول كثيرة فى العالم أعلنت الاستنفار خوفًا من وصول هذه العناصر إليها، ولكن العناصر الداعشية اختفت وتحولت فى الفترة الماضية إلى سراب ليتحول السراب إلى حقيقة بعد أشهر قليلة من الاختفاء، وليتأكد وصول هذه العناصر إلى القارة الإفريقية.
السؤال الآخر: هل يعنى وجود عناصر داعش فى الكونغو الديمقراطية والصومال وليبيا والكاميرون ومالى أن داعش سيبعث من جديد من خلال تنظيم أو تنظيمات إفريقية تضم العناصر الهاربة من الشام؟ وهل استطاع تنظيم داعش تهريب عناصره المدربة إلى إفريقيا ليبدأ رحلة جديدة مع الإرهاب؟
ومع ذلك فإن هناك مؤشرًا بأن داعش يسعى للعودة إلى العراق، فالمعروف أن داعش أعلن أن 65% من عملياته خلال أسبوع واحد نفذت فى العراق، وهذا دليل على أن داعش لن يكتفى بالهروب إلى إفريقيا والتوطن بها وبعث تنظيمه أو حلمه القديم من القارة الإفريقية، ولكن يسعى أيضًا إلى الحفاظ على موضع قدم إن لم تكن مناطق يكرر فيها حلمه بالشام، ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرًا أشارت فيه إلى أن تنظيم داعش عاد مرة أخرى إلى تكتيكات حرب العصابات فى سوريا والعراق، وهو ما أكد عليه أبوبكر البغدادى فى كلمته الأخيرة التى تحدث فيها عن استراتيجية حرب الاستنزاف التى يخوضها التنظيم فى هذه المرحلة، فقد عادت مرة أخرى الخلايا النائمة إلى الظهور فى بعض المدن لحشد صفوفها فى محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار وكركوك.. وحلت سوريا فى المرتبة الثانية من عمليات داعش، فقد شهدت أيضًا أربع عمليات إرهابية كان أشدها فتكًا العملية التى وقعت فى إدلب شمال سوريا والتى راح ضحيتها سبعة عشر شخصًا عقب انفجار ضخم شهدته المدينة، والتى تشهد نشاطًا وافيًا لمقاتلى «هيئة تحرير الشام» بالإضافة إلى خلايا نائمة لتنظيم داعش. يأتى ذلك فى الوقت الذى تسعى فيه التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة فى سوريا إلى أن تعمل على ملء الفراغ الذى خلفه تنظيم داعش فى بعض المناطق، حيث تحاول أن تكثف من ضرباتها ضد مواقع عسكرية، كما حدث فى حميميم، أو ضد عناصر مدنية، كما حدث فى إدلب، مستغلة أن الجيش السورى قد بدأ تحركًا لحسم الموقف فى إدلب ومناطق الشمال الخارجة عن سيطرته حتى الآن.
إذن نحن أمام تحرك داعشى منظم وإن القول بانتهاء عصر داعش لم يكن حقيقيًا أو مبنيًا على واقع حقيقى، فالتنظيم حل محل القاعدة فى الشام وبعد أن انتقلت عناصر القاعدة من أفغانستان إلى العراق وغيّرت العناصر جلدها عبر مبايعات متعددة لما أطلق عليه تنظيم الدولة فى الشام، وبعد محاولات لإحياء تنظيم بيت المقدس فى سيناء الذى اتجه أيضًا إلى مبايعة داعش بعد أن أحس بنهاية تواجده فى شمال شبه جزيرة سيناء وتحول أغلب عناصره إلى أشباح مختفية خوفًا من مطاردات الجيش المصرى والشرطة التى تلاحق العناصر التكفيرية فى كل مكان.
وكشف تقرير لمرصد دار الافتاء المصرية عن التواجد المكثف لداعش فى القارة الإفريقية عبر انتشاره بشكل رسمى فى بوركينا فاسو وتنفيذه العملية الأولى فى الكونغو الديمقراطية، وأشار التقرير إلى أن القارة الإفريقية شهدت الأسبوع الثالث من أبريل 14 عملية إرهابية من إجمالى 24 عملية جرى تنفيذها فى العالم بنسبة تشكل 60% من عمليات الإرهاب وهز الإرهاب تسع دول إفريقية هى الصومال والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو وليبيا وتونس والكاميرون ومالى والكونغو الديمقراطية.. خاصة أن العمليات التى جرت فى مالى كانت الأكثر عنفًا، حيث سقط 13 قتيلًا وأصيب 16 آخرون من قوات الجيش وحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، رغم انتشار ما يقرب من 12 ألف جندى و1750 شرطيًا فى مواجهة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التى تكثف من عملياتها الإرهابية ضد قوات حفظ السلام الدولى الموجودة هناك والتى سقط منها منذ بداية هذا العام وحتى الآن 190 شخصًا.
ما يحدث حاليًا لا حل له سوى تنظيم عمل إفريقى مشترك ضد كل عناصر الإرهاب أيًا كان مسماها قبل أن يتحول داعش إلى سرطان إرهابى جديد فى إفريقيا.