رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تحاور عائلة الطفل الأفغاني الراقص فرحًا بـ«القدم الصناعية»

جريدة الدستور

أحمد سيد رحمن فقد ساقه فى اشتباكات مسلحة بين الأمن وإرهابيى «طالبان»

صدى كبير وتعاطف إنسانى على مستوى العالم، أحدثه الفيديو الذى أظهر طفلًا أفغانيًا يرقص فرحًا على أنغام أغنية محلية إثر تركيب طرف صناعى له ودّع به عجزًا رافقه منذ كان عمره ٨ أشهر فقط، بعد أن أُصيب فى اشتباكات بين حركة «طالبان» وقوات الأمن فى بلاده. والطفل هو أحمد سيد رحمن، البالغ من العمر ٥ سنوات، ومصورة الفيديو هى الطبيبة ميلجارا رحيمى، بواسطة كاميرا هاتفها، ونشرته فى البداية على «فيسبوك» ثم نشره آخرون على «تويتر»، وبحلول يوم الإثنين الماضى انتشر المقطع بشكل هائل، حسب ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية. وتمكنت «الدستور» من التواصل مع أسرة الطفل فى أفغانستان، حيث تقطن فى قرية «باراكى باراك» التابعة لإقليم «لوجار» شمالى العاصمة الأفغانية «كابول»، بجانب طبيبته، ومسئول العلاقات العامة فى «الهلال الأحمر» الأفغانى.




والدته: كان يقول «سأطلب من الله طعامًا وحلوى تعويضًا عن فقد ساقى»


البداية بوالدة الطفل وتدعى «أرضا» التى حكت ظروف إصابته قائلة: «كانت شقيقته الكبرى (سليمة) تحمله بقريتنا وعمره لم يتجاوز ٨ أشهر، وفى تلك الأثناء حوصرا فى معركة بين عناصر من حركة طالبان وقوات الأمن التابعة للحكومة وأصيب كلاهما».
وأوضحت: «أصيب برصاصة طائشة أثناء تبادل لإطلاق النار فى القرية، رفقة عدد من الأطفال الموجودين، ونظرًا لصغر سنه وجسده الصغير تسببت الرصاصة فى تشوه قدمه بالكامل ما أجبر الأطباء على بترها».
وتعافت شقيقته «سليمة» من الإصابة، لكن «أحمد» فقد ساقه اليمنى، ومنذ ذلك الحين، وخلال نموه زوّده موظفو اللجنة الدولية و«الهلال الأحمر» فى أفغانستان بعدد من الأرجل الصناعية دون مقابل، وكانت الساق الصناعية التى ظهرت فى الفيديو هى الرابعة.
وأضافت والدة الطفل، التى طلبت أن نلقبها بـ«أم أحمد»، أنهم ينادون الطفل باسم «سعيد»، لأنه دائم البهجة والمرح رغم فقدانه قدمه، موضحة: «على الرغم من حالتنا المادية الصعبة للغاية، فدائمًا ما ينظر طفلى سعيد إلى الجانب المشرق وينشر السعادة فى المنزل».
وأشارت إلى أن «أحمد» كان يأتى إلى أسرته ويسألهم: «لماذا ليس لى قدم هنا كهذه؟»، ويشير إلى قدمه الأخرى وأقدام أشقائه وشقيقاته، فكانوا يردون عليه قائلين إن «الله أخذها ليعطيه شيئًا جميلًا جدًا عندما يذهب إلى الجنة»، وكان يصدقهم ويقول: «سأطلب أن يعطينا الله طعامًا وحلوى، لأننا كثيرًا ما كنا ننام بلا طعام».
وبسؤالها عما ظهر فى الفيديو، قالت: «بفضل الهلال الأحمر وأطباء العظام فى كابول، حصل أحمد على ساق يمنى صناعية، ما جعله يصرخ من الفرحة ويقول لى (إننى أرقص يا أمى إننى أرقص)، وراح يركض فى أرجاء المكان ذهابًا وإيابًا».
وأضافت: «سألنى هل سأرتدى حذائى الثانى؟ وهل ما زال الله سيعطينى شيئًا جميلًا فى الجنة؟، فقلت له: سيعطيك الله كل الأشياء الجميلة، وهذه القدم هى أولى تلك الهدايا التى يمنحها الله لك».




طبيبته: غنى «يا ماما.. أنا أرقص» وسألها: «هل يمكننى ارتداء حذاء الآن؟»


قالت ميلجارا رحيمى، طبيبة العظام الخاصة بـ«أحمد»، إنها كانت تشاهده وهو يأتى مع أسرته كل فترة للحصول على العلاج، ضمن عشرات من المصابين نتيجة الحرب القائمة فى أفغانستان منذ أعوام.
وأضافت أنه جاء إليها فى إحدى المرات وهو يشير إلى مكان بتر قدمه ويقول: «أمى لا تجعلنى ارتدى فردة حذائى الأخرى فى قدمى هذه»، وهو ما جعل «الدماء تقف للحظات فى جسدى من هول الجملة».
وتابعت: «قررت اتخاذ الإجراءات اللازمة بالتعاون مع الهلال الأحمر فى كابول، من أجل توفير قدم صناعية تناسبه حتى يستطيع أن يعيش حياته ككل الأطفال هناك، وبالفعل تواصلنا مع أسرته حتى يأتى ونأخذ المقاسات الخاصة به، وخلال فترة وجيزة لم تتعد ٢٠ يومًا جاء لقياس القدم الصناعية».
واستكملت: «عندما وضعت له القدم بمساندة الأطباء الموجودين المتابعين للحالات المشابهة نزل من على السرير وراح يرقص ويصرخ بسعادة ويردد (يا ماما إننى أرقص) (يا ماما ستضعين لى حذائى الآخر الآن.. أليس كذلك؟) فبكت والدته ورحنا نصفق له وقلوبنا تغمرها سعادة انتقلت منه إلينا».
واختتمت: «سنركب القدم للطفل بشكل دائم ونهائى فى الأسبوع المقبل، على أن نتابعه خلال السنوات المقبلة لتغييرها حسب طوله ونموه مع مراحل عمره المختلفة»، موضحة أن ما ظهر فى الفيديو كان مجرد تجربة للمقاس.
بدوره، قال رويا موساوى، مسئول العلاقات العامة لدى اللجنة الدولية مدير «الهلال الأحمر» فى أفغانستان، إن المنظمة تتابع آلاف المصابين والمواطنين كل عام بشكل دورى، و«أحمد» إحدى الحالات التى أرسلت طلبًا إليهم للنظر إليها، مضيفًا: «نظرًا لسنه الصغيرة سعينا بسرعة لأن نجعله يعيش حياة طبيعية ككل الأطفال، كجزء من حقه فيما ليس له ذنب فيه نتيجة الحرب الواقعة فى أفغانستان».
وتابع «موساوى»: «علمنا أنه يبلغ من العمر ٥ سنوات، وأنه أُصيب خلال القتال بين الحكومة وحركة طالبان فى قريته برصاصة فى ساقه، عندما كان مع شقيقته، وهو ما أدى إلى بتر ساقه».