رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صيادو المكس: الصورة "فينسيا الشرق".. والواقع "شقا وقلة حيلة"

صيادو المكس
صيادو المكس

"مع شروق شمس يومٍ جديد، تظهر لوحة فنية، تختلط فيها زرقة مياه البحر مع عشوائية الأكشاك القديمة، تتراسى القوارب على جانبيها، تنتظر أصحابها للخروج في رحلة البحث عن لقمة العيش، داخل بحر "المكس".

"المكس"، أو كما تلقب بـ "فينسيا الشرق"، أحد معالم محافظة الإسكندرية، يأتي إليها الزائرون من كل مكان للاستمتاع بمشهد المنازل التي تقع في وسط المياه، والفنار القديم، وشراء الأسماك، والجلوس أمام البحر، فتلك الصورة البديعة التي يعرفها الجميع، تحمل في طياتها شقاء وتعبًا وقلة حيلة، لعجائز وشباب وأطفال يعملون جميعهم في مهنة الصيد، فهي المهنة الأصلية لأهالي المنطقة، والتي يشتهرون بها.

"الصيد مش زي زمان، كل حاجة بقت غالية، والبحر ليه ايام". هكذا بدأ محمد البرنس حديثه "للدستور"، وتابع، لدي 4 أبناء، والخروج للبحر يستلزم "جاز وطُعم وغزْل"، وكل تلك الأشياء ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، مضيفًا أن الصيادين يعيشون بالدين، وهو منهم، فبعد شراء العدد، يستلزم وجود صياد أو اثنين للمساعدة، وهذا يكلف يوميات، رزق البحر لم يكفيها.

وأضاف: "هناك عدة مشاكل تواجه الصياد، فبعد أن كانت تلك المهنة هي أساس الإسكندرية، أصبح الصيادون يتركون المهنة بسبب العواقب التي تواجههم، بجانب الأسعار المرتفعة، نواجه إغلاق البحر لعدة أشهر".

يجلس في إحدى أركان مقهى الصيادين، سبعينيٌ ارتسمت علامات الحكمة على ملامح وجهه، فهو أحد شيوخ الصيادين، ومتمرس في المهنة.

"أنا صياد ابن صياد"، هكذا بدأ الريس "شمس" حديثه، موضحا: "مشاكلُ الصيادين كثيرة، لكن اكبر مشكلة هى التراخيص وتجديدها، والأسعار أصبحت مرتفعة جدًا، مع قلة وقت الصيد في أيام الشتاء، بسبب النوات، ونخرج من الشتاء على وقت قلة كميات الاسماك، ثم غلق البحر شهر للحفاظ على الزريعة، ولا يوجد أي تعويض عن وقف الحال ولا حيلة لدينا".

وأضاف الريّس "شمس": "الصياد ملوش غير البحر وميعرفش مهنة تانية"، حتى تلك العشش الذين يسكنون بها بالنسبة لهم مهمة جدًا فهى منزل ومخزن ومرسى للقوارب، بالإضافة أنها مكان لصانعى الغزل، فالمكس مدينة مستقلة، كل اهلها صيادين، والكل يعرف بعضه، مشيرًا أن تلك الصورة الجميلة للبحر والمراكب التي تتناقل عنا، يوجد بداخلها تعب عائلات بأكملها تبحث عن قوت يومها يومًا بيوم".

بينما تراقب خروج الصيادين على كورنيش شاطئ المكس، يقفوا، على أحد المراكب الراسية مع الصيادين، فبرغم سنهم الصغير أصبح تكسوا وجههم سمرة الشمس وملوحة البحر.

"حمدي وإسلام" أصحاب العشر سنوات، لم يحالفهم الحظ أن يكملوا دراستهم، ليتجهوا إلى العمل في البحر.

بوجهٍ يعلوه الابتسامة، قال " إسلام" أعمل على إحدى قوارب الصيد أساعد الصيادين وأحمل الطاولات، والشباك، واحاول اتقان المهنة لاصبح صياد ولي مركب خاصة بي فيما بعد.

وأضاف: "جميعًا نخرج للعمل باكرًا للبحث عن مركب صيد باليومية، لمساعدة عائلتي في احتياجات المنزل".

وتابع "حمدي" أعمل مع الصيادين واتحصل على اليومية، والتي تكون عشرة أو عشرين جنيهًا، بأختلاف المركب وحسب رزق اليوم، مضيفًا، أننا نعمل للحصول على كارنيه للصيد، فجميع عائلتنا صيادون، لكنني يوجد لدي أشقاء في المدرسة وأنا أساعد مع والدي لإكمال دراستهم.