رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حمزة فين.. فى القناطر


صباح الخير يا حمزة .. صباح الخير يا كوكى.. إنت فين يا حمزة فى القناطر يا كوكى بتعمل إيه يا حمزة أنا وبابا وماما وعمو أشرف وعمتوا راما وإيمان وطارق ومعانا أصدقائى من الأولاد والبنات والكبار أولاد وبنات عمى وعمتى هايدى وعمر وهنا وكريم ومريم بنلعب وبتفسح فى القناطر.

مبسوط يا حمزة، مبسوط يا كوكى، ياه يا حمزة عارف إنت رجعت بى إلى عشرات من السنين، لما كنت صغيرة كانت أمى تأخذنا إلى القناطر الخيرية كل عيد فطر وكل عيد شم النسيم لنقضيه فى القناطر مع آلاف من البشر كانت القناطر وجهتهم فى يوم العيد، أذكر يا حمزة حينما كنا نستيقظ من الفجر وبعد صلاة الفجر تجهز أمى الشنطة بها ملاءة كبيرة لنجلس عليها على الخضرة فى الجناين وبعض المأكولات وكورة صغيرة ألعب بها أنا وأخى الكبير فوزى، ويجلس أخى الصغير نبيل مراقبا لنا بجوار أمى، كنا نجرى ونلعب فى قمة السعادة ومعانا أبى يجلس بهدوئه وابتسامته التى لا تفارقه يجلس بجوار أمى ولا تحس به كالعادة إلا إذا احتاج أى فرد من العائلة إلى المساعدة، وفى نهاية اليوم نعود فى الرحلة النيلية من القناطر ونحن فرحون ومبسوطون وفى الوقت نفسه الحزن فى عيوننا لأن الوقت انتهى سريعا.

تمر الأيام والأشهر والسنون يا حمزة وأدخل الجامعة وأذهب إلى القناطر ولكن هذه المرة 1973 ذهبت إلى سجن القناطر للنساء، وقبل أن أكمل الحكاية لحمزة تقفز فجأة ليلى ووراءها يارا ليجلسا أمامى.

ماذا؟ السجن؟ «احكى يا كوكى احكى اعترفى عملتى إيه واتسجنتى ليه؟» ضحكت من أعماق قلبى قائلة لهم السجن ليس فقط لمن ارتكب جريمة يستحق عليها العقاب ولكن أيضا للسياسيين والسياسيات، سأوضح لكم فى فترة السبعينيات كما قلت لكم من قبل وأنا فى الجامعة فى السنة الأولى فى كلية الصيدلة كنت مشاركة لزملائى وزميلاتى فى الجامعة فى نضال الحركة الطلابية من أجل الحريات والعدالة الاجتماعية ومن أجل خوض الحرب لاسترداد أراضينا التى احتلها الصهاينة 1967 من أجل استرداد العزة والكرامة، وما كان من الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلا أن أصدر أوامره لوزارة الداخلية ومباحث أمن الدولة بالقبض علينا وإدخالنا السجون أكثر من مرة.

ولكن كما قلت لكم من قبل كانت السجون والاعتقالات تجعلنا أكثر قوة وصمودا وكنا نخرج منها أكثر تصميما على مواصلة النضال والكفاح من أجل الحرية والديمقراطية وتحسين الأحوال المعيشية لشعب مصر الكريم.

عارفة يا ليلى عارف يا حمزة تمر الأيام وأذهب بعدها إلى القناطر الخيرية لحضور عدد من المؤتمرات أيام حركة «كفاية» 2004، 2005 وبعد ذلك 2010 مع أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير للنقاش مع الناس حول مطالب الشعب من الحريات وفى محاربة الفساد والاستبداد ثم الذهاب خلال 2012، 2013 لتوضيح فشل حكم الإخوان وخطورة استمراره بما يعنى مزيداً من انهيار دولة مصر ومزيداً من البؤس لشعب مصر وتوضيح المخطط «الصهيو أمريكى الإخوانى» مخطط العدوان الثلاثى لتقسيم مصر والوطن العربى فى مشروع الشرق الأوسط الكبير لتكون الدولة الصهيونية هى الأقوى فى هذه المنطقة ويستمر الوطن العربى ضعيفا ومستنزفا لصالح أمريكا وإسرائيل والدول الغربية الكبرى.

عارفين يا بنات أنا حزنت قوى عندما ذهبت إلى القناطر الخيرية خلال هذه الأيام والأشهر لأن زمان كانت القناطر عبارة عن حدائق كبيرة جميلة مفتوحة لكل الناس خصوصا الناس الغلابة، أما الآن فهناك القسم الأكبر من هذه الحدائق أصبح استراحات لكبار المسئولين أو شاليهات يتم تأجيرها بمبالغ باهظة أو نواد أو كافيهات الآن لكى تستمتع لابد من دفع مبالغ باهظة لكن زمان أيام ما كنت طفلة صغيرة كانت الحياة والمرح والمتعة -كل ذلك- كان متاحا لكل الناس بأقل التكاليف «دلوقتى علشان تشم الهواء تدفع فلوس» الحياة أصبحت صعبة على الناس الغلابة.

عارف يا حمزة السنة دى رمضان حزين والعيد حزين لأن فيه ناس متاجرين بالدين تسببوا فى العنف والقتل لشعب مصر المسالم وحاولوا إشعال فتن طائفية بالاعتداء على الكنائس فى المنيا وبنى سويف والإرهابيون فى سيناء هددوا بعض الأسر المسيحية وأجبروهم على ترك ديارهم.. رمضان حزين والعيد حزين، وكما قلت لك سابقا عيدنا يوم ما نستكمل ثورتنا ونسترد مصر العزة والكرامة والأمن والأمان.

عيدنا يوم ما يحاكم كل المجرمين والقتلة والخائنين والمتآمرين على أرض مصر وشعب مصر، عيدنا يوم ما.. يحاكم كل من قتل شبابنا وقتل أبناءنا عيدنا يوم ما نجيب حق الشهيد من أول حادثة كنيسة القديسين فى الإسكندرية مع نهاية عام 2010 حتى الآن، عيدنا يوم ما نحقق آمالنا وأحلامنا فى الحياة الحرة الكريمة فى عودة مصر القوية الأبية على يد أبنائها المخلصين الشرفاء الذين لا مصلحة لهم غير مصلحة الشعب والوطن.

■ ناشطة سياسية