رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نزار عبد الستار: اغتيال "مشذوب" شكل صدمة للوسط الثقافى العراقى (1-2)

نزار عبد الستار
نزار عبد الستار

نزار عبد الستار، قاصّ وروائيّ عراقيّ عمل فى الصحافة، وُلد في بغداد عام 1967، حصدت روايته الأولى ليلة الملاك جائزة أفضل رواية عراقيّة، وجائزة الإبداع، وهي أرفع جائزة رسميّة، كما نالت مجموعته القصصيّة رائحة السينما جائزة الإبداع عام 2010.

التقت "الدستور" الروائي العراقي نزار عبد الستار، للحديث عن تجربته الروائية والصحفية، وبدايات التنوير العربي، مقتل الأديب العراقي علاء المشذوب فى فبراير الماضي.
وإلى نص الجزء الأول من الحوار.

*عملت بالصحافة وتكتب القصة والرواية.. كيف تحافظ على التوازن بين كل هذه الأجناس المغايرة؟

- نسبة كبيرة من الادباء اشتغلوا في الصحافة أو لعبت في حياتهم الأدبية دورا مهما وانا منهم، دخلت عالم الصحافة سنة 2004 وكنت قد أصدرت مجموعتين قصصيتين ورواية، عملت في بداية الامر مراسلا لجريدة المدى بمدينة الموصل التي كانت تحت سلطة الاحتلال الأميركي، وهي مرحلة غنية باحداثها استمديت منها فكرة رواية "الامريكان في بيتي" التى كانت ريبورتاجا نشرته في جريدة المدى وقد نبهني مدير التحرير إلى أن الفكرة تستحق أن تكتب رواية.

كانت "الامريكان في بيتي" هي بداية التوازن بالنسبة لي فقد اصدرت بعدها مجموعة قصصية وثلاث روايات، والشيء الذي حفزني وجعلني اعشق الصحافة هو القدرة على التأثير بشكل يومي والتعايش مع هموم الناس، لقد ساهمت الصحافة بشكل واسع في اثراء وعيي وتعميق صلتي بالقضايا التي تشغل الرأي العام وأيضا علمتني فن الايجاز والسرعة ومرنت قدراتي والاهم من كل هذا انها كانت تنشطني وتدمر خلايا الكسل في دمي.

* نالت روايتك الأولى "ليلة الملاك" اهتمامًا واسعًا وحصدت اكثر من جائزة.... كيف ترى الجوائز في العالم العربي؟


ـ الجوائز العربية لها ذائقة تصيبنا أحيانا بالدهشة ولكنها في العموم حالة صحية كونها تحفز الكاتب وترشد إلى القراءة، هناك جوائز عربية باتت تسعى إلى تجديد مقاييسها وتنفتح على فضاءات أكثر سعة والبعض منها يساهم بشكل جدي في التعريف بالادب العربي عالميا.

*هل الروائي مطالبا بأن يتوجه لمناطق الخلل في جسم المجتمع؟

ـ الرواية مرتبطة كليا بالحياة وهي تستمد حيويتها من مقاربتها مع المعاش سواء كان حاضرا أو ماضيا وجمالية هذا الفن الادبي تكمن في التعمق بالانسان والمجتمع، لذا لابد للرواية أن تكون مجمعا معرفيا لكل مايتصل بالانسان والمجتمع، كما أن كل الفعاليات الانسانية بدءا من الخيال وانتهاءا بالقانون الاجتماعي الجمعي هي مواد أولية للفن ومها اختلفت المدارس وتعددت الاشتغالات السردية يبقى هدف الرواية أن تكون خلية حية، فالرواية شكل من اشكال الضمير وهي تتعرض لمناطق الخلل في المجتمع وترصد التحولات وتؤرشف للحياة بكل ابعادها، ففي رواية "الامريكان في بيتي" تكلمت عن الحرب باعتبارها صراعا حضاريا، وهذا ما لمسته عندما كنت مراسلا صحفيا في الموصل ووثقته في هذه الرواية.

*المشهد الثقافى فى العراق الآن، كيف تراه بعد مقتل علاء مشذوب؟


مقتل علاء مشذوب شكل صدمة للوسط الثقافي، وللاسف هذه الجريمة ارجعتنا إلى سنوات ماضية اعتقدنا اننا غادرنا عتمتها، فالحراك الثقافي العراقي تطغى عليه الفردية في ظل رفض الدولة اعتماد الثقافة كوسيلة اساسية في التغيير، والشأن الثقافي هو الأكثر اهمالا في العراق والدولة تنظر إليه باعتباره ترفا لسنا بحاجة إليه وهذا الامر يشكل خلالا كبيرا في بنية الانسان العراقي.

*تتميز مجموعاتك القصصية وأعمالك الروائية بالحس الإنساني وتمزج بين الواقع والفنتازيا.. ما السبب ؟

لدي هوس بالتاريخ القديم والحديث وهذا مرده إلى اهتمامي بالرؤية الشاملة، واعتقد أن الكتابة السردية في جوهرها هي فكرة تحليلية، كما أن علم الرواية لابد أن يشتمل على أسئلة وجودية ودلالات فكرية لأن الكتابة هي تجربة حياتية. لا يمكن ان تخلو الرواية من الفكر لأننا نقترف الجهد الانساني المعيشي اليومي باعتباره مشقة مفروضة علينا وهذا بالتحديد دفع الانسان منذ آدم إلى التفكير بمصيره. الرواية ليست ثرثرة واحداثا مسلية. انها حياة ضاجة بالصراع وتجربة تطرح نفسها باشكال عدة وانا كروائي لا بد لي من طرح مشروعي الفكري واستكماله في اطر مختلفة منها الفنتازي أو التاريخي أو الاجتماعي الواقعي. في الكتابة اؤمن بتراتبية البناء واللغة هي احدى اهم البنى التي اشتغل عليها بصبر وهذا فعلته في كتبي القصصية والروائية. ابذل جهدا كبيرا في ابتكار المفردة وصفها موسيقيا في الجملة. اهتم كثيرا بنغمة الكلمة وترابطها مع النسيج العام واتجنب المفردة ذات الاحرف الصارخة. اللغة الموسيقية مهمة في اعمالي فالعمل الناجح هو سلسلة بنى متداخلة ومتينة ولابد للغة هنا ان تعمل على الابهار وبالتالي تتمكن من شد المتلقي. اعتقد ان الكلمة البسيطة السلسة لا تدعو الى الاسترخاء، وانما الكلمة الفاتنة غير المتوقعة هي التي تجلب الانتباه وتفتعل اللذة.