رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات مصرية.. رئاسة مجلس الشورى مقابل عضوية نادى الجزيرة!!


في آخر انتخابات مجلس شورى له، وبعد أن استنفد الدكتور مصطفى كمال حلمى مرات التعيين، وتجاوز عمره التسعين، تقرر خوضه انتخابات الشورى عن دائرة شرق القاهرة والتى تضم مصر الجديدة والنزهة وعين شمس وعزبة النخل والمرج، ولأنه من أعمدة النظام ورموزه، فكان من العيب أن يخوض معركة انتخابية أمام مرشحين، فكانت قوة النظام في قوة رموزة، وقوة الرموز في الفوز بالتزكية كتعبير عن حب الناس، لكن في دائرة متسعة كشرق القاهرة كيف يمكن السيطرة على الطامحين في الترشح، جماعة الإخوان الإرهابية كانت كل قراراتها بالتنسيق مع الحزب الوطنى وكان يتم تقسيم الدوائر بينهما بالتراضي وهذا معروف وموثق تاريخيا، ونواب وأعضاء الحزب الوطنى لم يكن يجرؤ أحد منهم على الترشح إلا بإذن.

أما رجال الأعمال والطامحين فكان يتم اختيار أحدهم ليمثل مقعد العمال مقابل الإنفاق أولا، ولإرضاء فريق من فرق الحزب ثانيا، وهذا معروف وموثق تاريخيا أيضا.

نعود للمرة التي أجبر فيها الدكتور مصطفى كمال حلمى على خوض الانتخابات عام 1999 وهو المسيطر على مقعد رئاسة مجلس الشورى من 24 يونيو 1989، وتم فتح باب الترشح لانتخابات الشورى بالفعل، وكالعادة لم يتوقع أحد أن يترشح امام الدكتور كمال حلمى أحد، غير أن إدارة شئون البرلمان داخل الحزب الوطنى فوجئت بترشح 5 مرشحين موزعين على أقسام الدائرة وتقدموا بالفعل بأوراق ترشحهم، وهنا بدأت الحكاية، ففوز الرجل الكبير مضمون لا محالة، والوسائل كثيرة لكن العبرة هنا بالشكل تارة وبالمجهود تارة أخرى، فكيف يخوض معركة انتخابية وهو في هذه السن وهذه المكانة، وكيف يسمح أن يتعرض رمز للمنافسة، والأهم هو الاضطرار في النهاية للتزوير.

فكان الحل المعتاد هو الضغط على المرشحين للانسحاب باستخدام وسائل كثيرة من الترهيب معروفة، وأخرى للترغيب، وأدوات الحزب الحاكم كثيرة ومتنوعة ومعروفة أيضا، وقد نجحت الحيل في انسحاب أربعة من المرشحين، بينما ظل واحد.

هذا المرشح هرب واختفى عن الأنظار تماما حتى لا يتعرض للضغوط، وظل الحزب الوطنى بإمكانياته وبمساعدة الأجهزة المعنية يبحثون عنه دون جدوى، حتى اقترب موعد إجراء الانتخابات، وهو وإضافة لما سبق سوف يكلف الحزب والدولة أموالا كثيرة، فباستمرار هذا المرشح سوف يتم طباعة أوراق انتخابات كاملة وسوف تفتح جميع اللجان بحضور الاشراف القضائي كاملا ومعهم جيوش من الموظفين والمشرفين والمندوبين، وما يتضمنه هذا اليوم بكل تفاصيل يوم الانتخابات من مصاريف إعاشة ودعاية ولو شكلية وجولات انتخابية إن أمكن.

واستمر البحث عن المرشح المختفي حتى بدأ هو في الاتصال من بعيد وعن طريق وسطاء وهو يعرف تكلفة استمراره ويدرك اهمية انسحابه، فكانت مساومته غريبة عمن سبقه فإلى جانب حصوله على مبلغ مالى كبير أعتقد أنه كان 200 ألف جنيه اعتبرها رجال الحزب هي الحل الأسهل فقد تطوع رجال أعمال كثيرون بدفعها، ودفعها بالفعل رجل أعمال شهير صاحب معارض سيراميك، لكن الأصعب هو اشتراطه الحصول على عضوية نادي الجزيرة، وهو الشرط الذي فشل الحزب الوطنى في الاستجابة له بعدما رفض مجلس إدارة النادي العريق في قبول عضويته لأي سبب وبأي ثمن، واستمرت الأزمة حتى الأيام الاخيرة قبل إجراء الانتخابات حتى نجح الحزب بما يملك من أدوات في إجباره على الانسحاب. وانتهت حكاية من عصر مضى ولن يعود.