رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تثقيف الشباب



تجديد الخطاب الدينى أو السياسى أو الثقافى، أو تجديد الخطاب الموجه للأمة عموما وفى مختلف المجالات ليس مسئولية جهة واحدة أو وزارة معينة، ولكنه جهد مطلوب أن يشارك فيه الجميع، سواءً بالفعل أو الدراسة أو التخطيط.
وعندما يطلب الرئيس السيسى، عبر خطابات متعددة وفى مناسبات عديدة، أن نعمل على تجديد الخطاب الدينى لا يعنى ذلك أنه يُقصر التجديد على خطاب الدين دون سواه.. ولكنه اختار الأهم لكى نبدأ به.. وفى المقابل ولكون مصر تعيش حقبة الهبة الديموجرافية، فيشكل الشباب أكثر من ثلثى الأمة، مما يضعها فى مصاف الأمم الشابة، لذا يجب أن نهتم أكثر بالخطاب الموجه للشباب، سواء كان دينيا أو ثقافيا أو سياسيا، ومع ما شهدته مصر من أحداث فى يناير ٢٠١١ وما تبع تلك المرحلة من حالة من الانفلات والسيولة، يجب أن نقف أمام كل ذلك لنبدأ فى توجيه خطاب للشباب.. والخطاب الموجه للشباب لن يؤتى ثماره إلا إذا كان الشباب المتلقى لديه القدر الكافى من التثقيف.. إذن البداية تكون من تثقيف الشباب، وهذه المهمة الصعبة ليست فقط مهمة وزارة الثقافة أو التعليم أو الشباب، ولكن دعنا نتوقف أمام الدور المهم لوزارة الشباب والتى يتبعها أكثر من أربعة آلاف مركز شباب يضم كل مركز على الأقل حوالى ألف مشترك من الشباب، ما يعنى أن لدينا حوالى ثمانية إلى عشرة ملايين شاب هم شريحة مهمة ويجب أن تكون مستهدفة للوصول إليها بالخطاب الدينى أو السياسى أو الثقافى.. هذه الشريحة تزيد المهمة الملقاة على عاتق الصديق الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب، والذى يجد نفسه فى مواجهة مهمة مع إعادة البدء فى معركة تثقيف الشباب.. وأعتقد أن الوزير الشاب حريص على تطوير الخطاب الموجه للشباب بقدر حرصه على توفير الملاعب وتطوير المنشآت.. وإذا كانت مراكز الشباب فى مرحلة سابقة قد شهدت تطويرا فعليا فى المنشآت، فقد آن الأوان لنبدأ المعركة الأهم وهى تطوير العقول.
قضية تثقيف الشباب هى الأهم الآن.. كيف نصل إلى الشباب، وما مضمون الخطاب الموجه إليهم، وما وسيلة التلقى، ومن هم المسئولون أو المثقفون.. فى الستينيات كانت تجربة منظمة الشباب هى البداية والتى من خلال دوراتها تخرج آلاف الشباب ما زال الكثير منهم فى صدارة المشهد السياسى أو الثقافى.. وفى الثمانينيات حاول الحزب الوطنى استنساخ التجربة مرة أخرى من خلال دورات معاهد إعداد القادة والتى قدمت أيضا مئات من الشباب عملوا فى المجال السياسى ووصل منهم العشرات إلى المجالس النيابية.. واليوم ومع اختفاء منظمة الشباب وأيضا معاهد إعداد القادة يجب أن نتجه إلى مراكز الشباب مباشرة عبر خطط واضحة للوصول إليهم بشكل مباشر.
وإذا اعتبرنا الأكاديمية الوطنية للتدريب هى قاطرة تدريب وتثقيف الشباب فى هذه الفترة فلا بد أن نعمل على أن الأربعة آلاف مركز شباب روافد مهمة لها.. علينا أن نبدأ فى وضع خطط تثقيفية لمراكز الشباب تختلف باختلاف محافظاتهم.
فالرسالة الموجهة لشباب جنوب الصعيد يجب أن تختلف عن الموجهة لشماله وعن الموجهة لمحافظات الوجه البحرى، تختلف أكثر عن الرسالة التى يجب أن توجه إلى محافظات سيناء أو مطروح أو أسوان أو الوادى الجديد.
مكتبة مراكز الشباب هى البداية وهى حجر الأساس.. وجود مكتبة فى كل مركز شباب أصبح ضرورة والمهم ليس وجود المكتبة فقط، بل المهم محتوى المكتبة ونوعية الكتب الموجودة وأعتقد أن تكلفة مكتبة جديدة أقل قليلا من تكلفة تجديد ملعب، وأهمية المكتبة تعادل إن لم تفق أهمية الملعب. بجانب المكتبة يجب وضع خطة لندوات مراكز الشباب واختيار وجوه مقبولة لدى الشباب وتنظيم قوافل تثقيفية تجوب مراكز الشباب طوال العام، وتنظيم مسابقات ثقافية تضم محاور ثقافية وسياسية ودينية، وتنشيط حملات التوعية التى تصل إلى الشباب فى كل مكان.
رصد جوائز مالية وعينية للمسابقات الثقافية سيدفع الشباب للمشاركة فيها.. ويجب بعث الحياة فى الأمكنة الثقافية بوزارة الشباب وعودة المعسكرات التثقيفية بجانب الأنشطة الترفيهية، واستغلال مركز التعليم المدنى الذى يضم قاعات للتدريب وفندقا صغيرا ومعامل للغات وتحويله إلى مركز إشعاع وتثقيف للشباب.
لو استطعنا الوصول الحقيقى لمراكز الشباب فإننا سندفع بجيل جديد من الشباب إلى ممارسة العمل السياسى والثقافى، ومن خلال مراكز الشباب يمكننا إعداد أجيال جديدة تنضم إلى المجالس المحلية والنيابية. مهمة تثقيف الشباب تحد جديد للدكتور أشرف صبحى نتأكد أنه قادر على مواجهة التحدى.. يجب البدء وفورًا فى حملة تثقيف الشباب وتغيير الخطاب الموجه إليهم فى كل المجالات.. العشرة ملايين شاب المشتركون فى مراكز الشباب، لنبدأ بهم، وتكون الحملة الموجهة إليهم هى بداية خطاب جديد للشباب نتمكن من خلاله أن نخلق أجيالا جديدة تكون هى البداية لأجيال متتالية من الشباب تشكل القاعدة لبناء المستقبل.