رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل الصداقة بين النساء ممكنة؟.. هؤلاء يجيبون

الأديب عباس العقاد
الأديب عباس العقاد

يقول "أرسطو" في كتاب "علم الأخلاق إلى نيقوماخوس"، إن الصداقة هي حد وسط بين خلقين، فالصديق هو الشخص الذي يعرف كيف يكون مقبولًا من الآخرين كما ينبغي، أما الشخص الذي يبالغ حتى يكون مقبولًا لدى الجميع إلى الحد الذي يجعله لا يتعارض في أي شىء حتى لا يسيء إلى الآخرين فهو "المساير"، وذلك إن كان يفعل هذا بدون سعي إلى منفعة شخصية وإنما لولعه بالإرضاء، أما إن كان يهدف من مسايرته إلى مصلحة شخصية فهو"المتملق"، أما الشخص الذي لا يكترث بالقبول من الآخرين فهو "الشرس"، والمشاغب، والصعب المعيشة.

هذه أصول وشروط الصداقة عند "أرسطو"، دون تفسير، لكن في الحقيقة يبدو أن مسألة الصداقة بين امرأة وأخرى له شأن آخر، فتقول ديبورا تاني، أستاذة علم اللغة في جامعة جورج تاون، أثناء حضورها مهرجان آسين للأفكار الذي نظمه معهد آسبن بالمشاركة مع مجلة "ذا أتلانتك":" النساء يختلفن عن الرجال في ابتعادهن أو مقاطعتهن لصديقة ما، فهن يتجنبن المواجهة، ولا يعطين للصديقة الأخرى الفرصة في الدفاع عن نفسها، ويكون الأمر مؤلم جدًا، خصوصًا أن معرفة ما يحدث بينهن هو جزء كبير من الصداقة".

وبينت"تانين"، أن "النميمة" بين النساء تنبع من التنافس بينهن، رغم أن هذا التنافس لايكون إلا بشأن التواصل، ومراقبة كل منهن حياة الأخرى، رغم أنهن يستطعن أن يكن مصدر من مصادر الدعم الهائل لأي شخص يمر بأمر صعب.

وفي نفس السياق، جرت معركة فكرية شكلتها مجلة الهلال عام 1962، بين كلًا من "كوكب الشرق" أم كلثوم، وكريمة السعيد أول وكيلة وزارة في مصر، والكاتبة والأديبة سهير القلماوي، ومفيدة عبد الرحمن أول محامية في مصر والفنانة أمينة رزق، والأديب عباس العقاد، وكان السؤال واضحًا ومباشرًا لهم: هل يمكن أن تقوم صداقة حقيقية بين امرأتين؟.

الأديب عباس العقاد، قال:"لايمكن"، ووضع شرطًا بعد ذلك قائلًا:"ستقوم الصداقة بينهن إذا كانت على حساب امرأة ثالثة، ورجح فكرة الاختلاف بينهن في الميول والأفكار كي تتأصل هذه الصداقة وتدوم مع الأيام.

ولفت "العقاد"، إلى أن غير المتزوجات يتصادقن وتكون عين كل منهن على رجل لم يقع في المصيدة، أما غير المتزوجات، فالرجل الذي يعنيهن وشغل بالهن قد صادر داخل المصيدة بالفعل.

فردت كريمة السعيدة مخالفة لرأيى "العقاد":"يمكن أن تقوم الصداقة طبعًا، وتكون من أجمل وأحسن الصداقات، حتى إن كن غير متزوجات او متزوجات، فالاختلاف لا يكون إلا في طبيعة الأمور التي يتحدثن فيها"، لكنها رجحت أن يكن على قدر من التشابه كي يمتزجا، ففي بعض الميول والأفكار المشتركة ما يدعم تلك الصداقة.

أما الأديبة سهير القلماوي، فقالت:"اعتقد أنه يمكن قيام صداقة بين امرأتين، ولكني ألمح وراء هذا السؤال إشارة خفيفة لما بين النساء عادة من عواطف منها الغيرة العنيفة، وافترضت"القلماوي" المساواة بين الرجال والنساء في عواطفهم، لكنها رجحت أن النساء لا يستطعن التحكم في عواطفهن مثل الرجال، وأنهت حديثها بأنه يمكن أن تقوم الصداقة بين النساء وتكون متينة، ويكتب لها الاستمرار.

وجاء دور "كوكب الشرق" الذي كان مختصرًا للغاية:"يكون أن تكون الصداقة بين المرأة والأخرى، ولما لا تقوم"، وأشارت أم كلثوم إلى أن الاختلاف او التشابه في الميول والأفكار ليس ضروريًا لوجود الصداقة بين امرأتين، فقد تختلفان وتتشابهان وتقوم الصداقة ايضًا، أما ان كن غير متزوجتين أو متزوجتين فالأمر لايهم.

وكان رأي المحامية مفيدة عبد الرحمن، أنه يمكن أن تقوم مادام هناك إنسانية وذوق، بل إن هذه الصداقة قد تكون أعمق من صداقة المرأة بالرجل، لأن المرأة أقدر على فهم المرأة، وقد يكن مختلفتين في الاعتقاد والأفكار وتقوم الصداقة ايضًا، لكن رأت أن السيدة المتزوجة تختلف عن الشابة غير المتزوجة لأن المتزوجة لها خبرة أكبر في الحياة، هذا ما يجعلها أقدر على الفهم وأكثر تسامحًا.

ومن جانبها، قالت الفنانة أمينة رزق:"هذا ممكن جدًا متى كانت النفوس صافية بحيث لاتتدخل الأنانية بينهما فتفقد الصداقة جمالها"، وعولت"رزق" في حديثها على التوافق الروحي لا المادي، فهى ترى أن اختلاف البيئة او المهنة لا يهم، فالمهم هو الذوق والأخلاق.

ولفتت الفنانة الراحلة إلى أن صداقة الفتيات تختلف عن صداقة المتزوجات بسبب السن والخبرة والراحة النفسية من نضج يزيد القدرة على الفهم والتفاهم.