رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سماح نوح.. أول بيطرية فى المنوفية: دخلتُ المجال بعد ولادة قيصرية لـ«بقرة»

جريدة الدستور

عندما أبدت «سماح نوح» رغبتها فى الالتحاق بكلية الطب البيطرى بجامعة قناة السويس، كانت تعلم همسات أهل قريتها «السلامون» بالمنوفية: «إزاى بنت تدخل طب بيطرى؟ وإزاى لما تتخرج هتتعامل مع الحيوانات؟.. ده حتى الـ٣ ولاد من القرية اللى دخلوا الكلية اشتغلوا فى شركات أدوية مش فى نفس مجالهم»، لكن ذلك لم يمنعها من تحقيق رغبتها لتصبح أول فتاة تدخل كلية الطب البيطرى من قريتها ومن محافظتها عام ١٩٩٥.
الطب البشرى هو الرغبة الأولى والدائمة لطلاب الفئة العلمية بالثانوية العامة، وكذلك كانت «سماح»، إلى أن خالفها مجموعها، ووجدت نفسها أمام خيارين: «مجموعى كان يجيب هندسة بس مكنتش بحبها، فقررت أن أخوض تجربتى بكلية الطب البيطرى».
فكرت «سماح» فى إعادة الثانوية العامة من أجل تحسين مجموعها، لكن كان لولادة بقرة خلال عملية قيصرية السبب فى عدم تخليها عن كليتها المنشودة: «فى عامى الأول حضر وفد من منظمة اليونسكو إلى الكلية، وعرضوا فيديو وثائقيًّا مدته ٢٠ دقيقة، عن ولادة مستعصية لبقرة، وهو ما لم أكن أتخيله، أن تواجه هذه المخلوقات مثل تلك الصعوبات، وختم الوفد جلسته بالسؤال: (تفتكروا لو مكنش فيه طبيب بيطرى كانت الحالة مصيرها إيه؟)».
هنا بدأ تحدى الدكتورة «سماح» لقريتها ولنفسها، أن تصبح أول طبيبة بيطرية، بعد تخرجها عام ٢٠٠٠: «أهل القرية أخبرونى أنى من المؤكد سأعمل فى شركة أدوية مثلما فعل غيرى، خاصة أنى فتاة، إلا أنى قررت خوض تجربتى بكاملها وبدأت فترة تدريب فى الوحدة البيطرية التابعة للقرية».
بعد حصولها على التدريبات الكافية واللازمة استطاعت «سماح» أن تفتح أول صيدلية بيطرية لأول طبيبة بيطرية فى قرية «السلامون»، ولعب القدر دوره معها لتثبت كفاءتها وجدارتها أمام أهل القرية ممن استهانوا فى البداية بعملها ومجال تخصصها. تحكى «سماح»: «فى الوقت الذى افتتحت فيه الصيدلية، كان ينتشر بين المواشى مرض يُسمى حمى الثلاثة أيام، وهى نوع من الأمراض الفيروسية الخطيرة التى تسبب نسب نفوق عالية بين المواشى، وعندما أحضر أحد الفلاحين أول حالة لعيادتى لمعالجتها كنت أرتعش من الخوف، لأنها ستكون شهادة خبرة أمامهم، ومنها إما استكمال مصيرى أو أن تشمت فىّ القرية بكاملها».
بعد إسعاف «سماح» للبقرة بجميع العلاجات المطلوبة «صاحبها جالى تانى يوم وقالى إنها بقت كويسة، بعدها بدأت أشتغل بقلب جامد»، وبعدها توافد العديد من أهالى القرية لعيادتها لمعالجة مواشيهم، ومن القرى المجاورة كذلك.
٧ آلاف جنيه كان العائد على «سماح» فى أول ٣ أشهر من عملها، إلى أن بدأ اسمها يصل إلى القرى فى المحافظات المجاورة: «كان يأتينى أصحاب مزارع الدواجن للإشراف على مزارعهم، عملت اسم ليا ولعيادتى وتخطيت حاجز إنى مش هعرف أشتغل زى ما كانوا بيقولوا».
لم يصل اسم الدكتورة «سماح» خارج قريتها ومحافظتها فقط، ولكن وصل أيضًا إلى دولة أخرى وهى السعودية، حيث استعان أحد الأمراء السعوديين بها لمعالجة الناقة الخاصة به.
ترفض الدكتورة «سماح» نظرة الفهم الخاطئة تجاه كلية الطب البيطرى، والتهكمات التى تنال من يدرسون ويعملون بهذا المجال: «هذه التهكمات ما هى إلا جهل، يحكم الناس على الطب البيطرى دون وعى كامل بأهميته».
نجاح «سماح» فى مجالها، لم يمنعها من إهمال حبها للشعر والكتابة، والذى مكنها من إصدار عدة دواوين، وتسعى فى الوقت الحالى لإصدار كتاب «يوميات طبيبة بيطرية»، تحكى من خلاله تجربتها كاملة.