رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإخواني والنصراني!


ما أعرفه أن تجلس إلى ابنك أو ابنتك الآن وتتحدث بكل فخر عن شهداء وطنك الذين يتساقطون برصاص الغدر فى سيناء، ودير الأنبا صموئيل، لا تذرف الدمع ولا تفقد البصيرة، الرصاصة التى تسكن صدر جندى مصرى على الحدود، هى نفسها التى غدرت بالعائدين من صلواتهم فى الدير.
المصريون يواجهون عصابات إجرامية تلدغنا مثل العقارب، وقد نجحنا فى قطع رأسها ولم يتبق سوى الذنب، ذلك الذيل الخبيث الذى غافلنا جميعًا ولدغ أطفالًا ورجالًا وفتيات جميلات كانوا عائدين من صلواتهم فى دير الأنبا صموئيل، انطلق الرصاص فى أجسادهم وسقطوا على الرمال، سبعة أرواح بينهم أشقاء وأبناء عائلة واحدة وكلهم مصريون، وقاتلنا واحد لا يتغير مهما ارتدى الأقنعة: «تنظيم الإرهاب الإخوانى» وتوابعه من أعضاء معسكر الكراهية لمصر وشعبها، فى قطر وتركيا، والبقية المدسوسة بيننا، وتبدى غير ما تضمر، وهؤلاء منتشرون فى كل مؤسسات وهيئات مصر، كل هؤلاء يفرحون إن سقط مصرى برصاص الغدر.. دوى قنبلة صغيرة فى كمين أو شارع أو مسجد أو كنيسة يثير لديه شهوة الشماتة فينا، فكيف لأحدهم أن يدّعى بكاءً على دم مسيحى مصرى؟
خرج أرامل المأسوف على أيامه محمد مرسى، ليلة أمس، يبكون شهداءنا فى دير الأنبا صموئيل، ويتمايلون مثل لبؤات أسفًا وحزنًا على أقباط مصر!، ما لكم أنتم يا ثعالب الحقول وأوغاد الحياة بشهدائنا؟ أنتم مع البهلول المسجون عندنا، هذا الأبله الذى ما زلتم تهتفون باسمه، كان جاسوسًا مثلكم تمامًا، لقد لفظناكم يا أعداء الحياة، لستم منّا ولسنا منكم، ولن نمنحكم فرصة الشماتة فينا، ألم تعلنوها حربًا طائفية لصالح تنظيمكم وطالبتم بإبادة «النصارى» وقتلهم وإجبارهم على الخروج من بيوتهم؟، ألم تقطعوا أصابع وأطراف «نصارى» لإجبارهم على دفع الجزية؟ لقد أخرجناكم من بلادنا بثورة هى الأعظم فى تاريخ الشعوب، ثورة ضد الفاشية والقتل ورفع المصاحف على أسنّة الرماح، لقد أخرجناكم لأننا مصريون ندين بدين الحب أنّى توجهت ركائبنا، ونموت شهداء عزتنا وكرامتنا فداءً لأرضنا، أنتم تركعون مثل السبايا والجوارى والمخنثين لمرشدكم ولعرّابكم اليوم فى قطر وإسطنبول، ما لكم يا عبيد ثقافة بول الإبل وبراز البعير وتقصير الجلباب بالمصريين وحضارتهم وتقديسهم رب السموات والأرض؟!، قبل أن تنحتوا جباهكم فى حُصر الزوايا الصغيرة لزراعة علامات الورع على وجوهكم الكالحة، كنّا قد علّمنا البشرية كلها أسرار النجوم والكواكب ومواعيد سقوط الشمس على المعابد، وعرفنا الطريق إلى الله.. منذ جئتم، منذ ظهر ثعلبكم الصغير حسن البنا، فى الإسماعيلية، ورائحة الدم تفوح بيننا، منذ جئتم كأنكم تحملون رسالة الإسلام نيابة عن الله ورسوله، ونحن نكابد معكم ونعانى منكم ومن سواد أفكاركم وإهانتكم لدين جاء رحمة للعالمين.. كان مكتوبًا على أبناء جيلنا أن نشهد صعودكم العفن إلى قمة السلطة فى مصر، وامتلأت شوارعنا بوجوهكم العابسة الغاضبة، فأسقطناكم لتبقى مصر بجيشها وشعبها قاهرة كل الغزاة والدخلاء عليها وعلى طبيعة روحها السمحة الطيبة المسالمة.. نحن أبناء أرض الخير التى كانت تروى ممالك الخلفاء الراشدين، ويقيم سيدنا عمر بن الخطاب العدل بفضل ثروات نيلها العظيم التى يرسلها إليه عمرو بن العاص، نحن أحفاد الذين زرعوا وحصدوا وعاشوا وسيموتون على هذه الأرض.
كل هذا القتل والحزن يا ولدى مصدره واحد: تنظيم دينى انتشر فى كل بقاع العالم، وتم استغلاله فى ملاعب السياسة العالمية وأجهزة المخابرات التى لا يطرف لها جفن، وأصبح كما ترى قنبلة تنفجر لتثير الخراب والهلع فى بلادنا، تنظيم يموّل كل عمليات التخريب والقتل، فالرصاص الذى أردى شابًا مصريًا عائدًا مع عائلته من الدير، هو الذى انطلق بلا رحمة ليحصد أرواح ثلاثمائة من الرُكع السجود، ففى نوفمبر من العام الماضى، سجد المصلون فى مسجد الروضة بالعريش، وبينما يسبّحون باسم الله كان الرصاص يخترق أجسادهم الطاهرة، وتفرش الدماء أرضية المسجد فى عملية إرهابية ثأرت مصر من منفذيها، وظل الحزن والألم يعششان فى بيوت قرية الروضة حتى اليوم.
هذا التنظيم أخرجناه من مصر يا ولدى، فزرع خلاياه، وبثّ جواسيسه، وحرّض إعلامه، وامتلك المال وتفرغ للحرب ضدنا.. سيطول الصراع ويسقط الشهداء، لكن انظر يا ولدى أين كنّا وكيف أصبحنا، نحن أرض الخير والسلام والمحبة، وكما فصلنا رأس العقرب سنقطع الذنب قريبًا، وتعود مصر الحقيقية التى استوعبت الفاطميين والأيوبيين، وقهرت الصليبيين، واحتضنت اليهود والأرمن والكاثوليك والأرثوذكس، ووزعت النذور وأطباق الأرز باللبن فى ساحات الكنائس والمساجد.