رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة للمستشار محمد خفاجي عن دور القاضي الإداري في بناء الشخصية المصرية (4 – 7)

السيسي والمستشار
السيسي والمستشار خفاجي


◄الرقمنة -- ثورة التمكين لمتحدى الإعاقة
◄دعما كبيرا من الرئيس فى إعلان عام 2018 عامًا لذوي الاحتياجات الخاصة
◄استراتيجية الدولة تقوم على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المعرفة الرقمية
◄وزارة الاتصالات برئاسة وزيرها الكفء حققت طفرة نوعية ورؤية موسوعية لنشاط الرقمنة
◄القاضى الإدارى ساهم في حماية المعاش الضمانى للمعاقين ذهنياً
◄القاضى الإدارى عمل على تأمين التلاميذ المعاقين ضد أخطار الحوادث وإعفائهم من تحمل رسوم الاشتراك في نظام التأمين ضد الحوادث

يعتبر موضوع الشخصية المصرية قلب الموضوعات بالغة الأهمية سواء على المستوى الشعبى أو المستوى الرسمى للدولة، الذى توليه القيادة السياسية جل اهتماماتها وجهدها , وعلى رأس أجندة الاهتمام العام للوطن، إيمانا منها بغد أفضل للشباب بما يحقق التنمية والرخاء للشعب , وفي ذات الوقت الذى تتولى فيه مصر قيادة العالم في حربها ضد الإرهاب والعنف والتطرف بكافة أشكاله وصوره . خاصة وأن مصر تشهد استضافة منتدى وملتقى شباب العالم للعام الثاني بمدينة شرم الشيخ الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر 2018 تحت رعاية القائد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وفى أحدث بحث للمستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة عن :" المدخل في فلسفة وفكر القاضى الإدارى تجاه قواعد بناء الشخصية المصرية وإعدادها.

ونعرض في الجزء الرابع تحت عنوان " الرقمنة ثورة التمكين لمتحدى الإعاقة تحقق مبدأى الاختيار والفرص وتكفل لهم المعرفة وحرية التعبير والتواصل "من هذا البحث الهام على النحو التالى :

أولاً: المقصود بالرقمنة كضرورة عصرية فرضتها بيئة عصر التكنولوجيا، وبيان أحدث استخداماتها لمساعدة ذوى الاحتياجات الخاصة على الاندماج الحقيقى لا النظرى في المجتمع.

أن الرقمنة تتضمن تحويل النصوص الورقية أو "الأصول" في شكلها الفيزيائي المادي، إلى نصوص الكترونية، مبنية على نظام الواحد والصفر، بحيث يمكن للآلة أن تتعامل مع هذه النصوص، وتخزّنها في ذاكرتها.

بناء على عاملي "الدّقة والسرعة" ويتولّد لدينا أربعة أشكال أساسية، إما صوت رقمي، أو صورة رقمية، حركة فيديو رقمية أو نص رقمي, فالتحوّل هنا من الشكل الورقي، إلى الشكل الرقمي عن طريق الكمبيوتر.

ونظراً لأهمية الرقمنة تتجه أوروبا في الوقت المعاصر إلى تطبيق الرقمنة في العديد من المجالات وقد أحدثت تغييرات هائلة في العالم مما دعا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى القول بأنه من المهم بالنسبة لألمانيا المشاركة في صياغة الرقمنة، في ظل التلاحق التكنولوجى مع الولايات المتحدة وآسيا في تكنولوجيا المستقبل.

وقد ساعدت الرقمنة على تحقيق الإندماج بين الكمبيوتر وشبكات الاتصالات والبرمجيات فهذه التقنية أنجبت الوسيلة الفعالة في تحقيق التكامل بين العلوم والفنون وامتزاج المعارف مع الخبرات، الأمر الذي من شأنه رفع مستوى انتشار الرقمنة على الصعيد الوطني إضافة إلى خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الإنتاج، واستكشاف الفرص الجديدة المتاحة في الأسواق.
ولعل أحدث استخدام للرقمنة مساعدة ذوى الاحتياجات الخاصة على الاندماج الحقيقى لا النظرى في المجتمع.

ثانياً: الرقمنة ثورة التمكين لمتحدى الإعاقة تحقق مبدأى الاختيار والفرص وتكفل لهم المعرفة وحرية التعبير والتواصل:

تُعد الرقمنة ثورة التمكين لذوى الإعاقة وتمثل أهمية كبرى لهم من حيث مبدأى الاختيار والفرص، فهي تمكنهم من المشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لمجتمعاتهم بدعم الوصول إلى المعلومات والمعرفة لتوفير المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة على نحو يكفل لهم المعرفة وحرية التعبير والتواصل الشخصي وإبداء الرأي وكذلك توفير معلومات سهلة المنال بشأن التكنولوجيات المساعدة.

لقد أصبحت الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أحد أهم الأدوات الدامجة لحياة للأشخاص ذوي الإعاقة، والتى توفر لهم الفرص الحقيقية في مجال التعليم والوظيفة مساواة لهم مع الآخرين من أقرانهم في المجتمع، فالأشخاص ذوى الإعاقة يمثلون تقريباً نحو 15 مليون نسمة من عدد سكان مصر، لذا انتهجت الدولة نهجاً جديداً قوامه تطوير استراتيجية تكنولوجية غير مسبوقة لدمج وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة تكنولوجياً، تشمل على التدريب و التعليم والتأهيل والتوظيف و الرعاية الصحية عن طريق المشروعات المختلفة التى كانت موضع تقدير المنظمات الدولية المختصة.

تُولى الدولة اهتماماً كبيراً بالأشخاص ذوى الإعاقة تنفيذا لرغبة المشرع الدستورى في دستور مصر 2014 حيث نصت المادة 81 منه على أن " تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص".

ومن قبلها عرضت المادة 80 للمعاقين من الأطفال إذ نصت على إنه " -- وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع"-- وهكذا ليضمنَ للأشخاصِ ذوي الإعاقةِ حقوقهم التي أصبحت واجبًا على الدولة بكافة مؤسساتها، حيث تلزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وتوفير فرص العمل لهم وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم ودمجهم فى المجتمع ، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالةِ وتكافؤ الفرص وضمان ممارستهم لجميع الحقوق السياسية، كما يشهد البرلمان الحالى تمثيلاً مناسبا للأشخاص ذوى الإعاقة، هذا بالإضافة إلى الدعم الكبير الذي يوليه السيد رئيس الجمهورية بالأشخاص ذوى الإعاقة والذى تمثل فى إعلان عام 2018 عامًا لذوي الاحتياجات الخاصة .

ثالثاً: استراتيجية الدولة لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المعرفة الرقمية، والدور الرائد لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات:

تقوم رؤية استراتيجية الدولة من خلال تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة على خلق مجتمع معرفة رقمي يتميز بالمشاركة والعدالة تقوم تلك الاستراتيجية على تطويع تكنولوجيا معلومات لتحسين جودة الحياة وضمان الحياة باستقلالية للأشخاص ذوي الإعاقة، ومؤدى ذلك تحقق الإتاحة التكنولوجية وتيسير الوصول للمعلومات والمعرفة، وإتاحة الخدمات، والمساهمة في توفير فرص عمل ملائمة.

ومن غايات تلك الاستراتيجية دعم الوصول إلى المعلومات والمعرفة، وتعزيز التفاعل والتواصل الشخصي، وتعزيز مبادئ المساواة في الفرص التعليمية والصحية، وتحقيقي التأهيل والتدريب من أجل توفير فرص عمل أفضل، والعمل على تطوير السياسات الداعمة للإتاحة التكنولوجية، فضلا عن تطوير البنية المعلوماتية المتعلقة بشئون الإعاقة. وخلاصتها أربعة عناصر رئيسية تقوم على دمجهم وتمكينهم ومشاركتهم ودعمهم للاستفادة من طاقاتهم الإبداعية لخدمة المجتمع.

نظرا لأن الدولة تعطى ملف ذوى الإعاقة أهمية خاصة تم توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة " يونيسف"، يهدف إلى التوسع في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتمكين ودمج الأطفال الأكثر احتياجاً وذوي الإعاقة في المجتمع، لاستخدام تكنولوجيا المعلومات لدعم وتمكين الأطفال ذوي الإعاقة في مجالات التعليم، والابتكار وحماية الاطفال على الإنترنت والاستفادة من الخبرات الدولية للمنظمة العالمية وأفضل الممارسات ذات الصلة، فدعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع يأتى ضمن أهم أولويات استراتيجية الدولة للمسئولية المجتمعية بهدف تعزيز مهارات الأطفال ذوي الإعاقة وتحسين البيئة الداعمة لتمكينهم في المجتمع، وتوفير إمكانية الوصول التكنولوجي إلى المصادر ومعدات وبرامج تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا المساعدة، ورقمنة وتوفير المواد التدريبية من خلال " مسابقة الابتكار في تطوير التكنولوجيا المساعدة في التعليم" بالإضافة إلى تنظيم الألعاب الأولمبية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة فضلا عن تعزيز الابتكار الرقمي .

لعل من أهم المشروعات التى قامت بها الدولة بالنسبة لذوى الاحتياجات الخاصة ثلاثة مشروعات هامة يتمثل المشروع الأول في مشروع " القاموس الإلكتروني التعليمي للغة الإشارة الموحدة لخدمة الطلاب من ذوي الإعاقات السمعية" ، وذلك لإنهاء معوقات اختلاف لغة الإشارة من مكان لآخر نظراً للاختلافات البيئية والجغرافية داخل المجتمع المصري.

ويخدم هذا المشروع ما يقرب عن 15 ألف طالب من الصم وضعاف السمع. ويتمثل المشروع الثانى في مشروع " رقمنة المناهج لذوى الإعاقة " الذى يعد نقطة تحول كبرى للعملية التعليمية لذوي الإعاقة ويجرى هذا المشروع داخل المدارس ذوي الاعاقات السمعية والبصرية علي مستوي الجمهورية لقد استطاعت الدولة المصرية – بفضل توجيه القيادة السياسية - تحويل كافة مناهج الطالب من ذوي الإعاقة إلى محتوي الكتروني، حتى يسهل عليهم التفاعل مع المواد الدراسية، ويتمثل المشروع الثالث في مشروع "التدريب والتأهيل من أجل فرصة عمل أفضل للأشخاص ذوى الإعاقة" التي يتم فيها تدريب الأشخاص ذوى الإعاقة على مهارات متعلقة بوظائف بعينها، ثم يتم الحاقهم بتلك الوظائف بعد اجتياز التدريب بنجاح وهو ما يمثل قمة الاندماج والدعم والمشاركة.

ويؤكد البحث أنه من واجب الإنصاف في هذا المطاف، القول بأن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات برئاسة الوزير الكفء عمرو أحمد سميح طلعت قد حققت طفرة نوعية واسعة النطاق - كما بدأها سلفه - ورؤية موسوعية لنشاط الرقمنة، وذلك بخطوات واثقة فى مجال دعم وتمكين الأشخاص ذوى الاعاقة، لتحقيق الاستفادة من إمكانيات ومهارات متحدى الإعاقة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير العديد من الخدمات التعليمية والصحية بسهولة لهم، والمساهمة في زيادة قدراتهم علي الدخول إلى سوق العمل والحصول على وظائف مناسبة عن طريق تقديم التدريب والتأهيل المناسب، من خلال نظام الرقمنة . وربما ساعده على هذا الجهد الوطنى المثمر المعبر عن النظرة الثاقبة لرؤية القيادة السياسية نحو الارتقاء بمتحدى الإعاقة واندماجهم في المجتمع أنه تربى تربية قضائية على أصولها في الجدية والالتزام والعطاء فقد كان والده المستشار الجليل أحمد سميح طلعت وزير العدل الأسبق في حكومة ممدوح سالم في منتصف السبعينات، واتطلع نظراً لإعتماد الدول المتقدمة على نظام الرقمنة واعتباره جزءً رئيسيا من حركة الاستثمار والتنمية إلى أن يتم إضافة كلمة الرقمنة لإسم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

رابعاً: مساهمة القاضى الإدارى في حماية المعاش الضمانى للمعاقين ذهنياً

يقول الدكتور محمد خفاجى ساهم القاضى الإدارى في حماية المعاش الضمانى للمعاقين ذهنياً وذلك في قضية عرضت على محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة وصدر فيها الحكم فى الدعوى رقم 4879 لسنة 13 قضائية بجلسة 18 أبريل 2016 لصالح فتاه معاقة ذهنياً بإلزام وزارة التضامن الاجتماعى برفع قيمة المساعدة الشهرية الضمانية( المعاش الضمانى سابقا ) إلى مبلغ 323 جنيها شهريا اعتبارا من 1/1/2014 إعمالا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 375 لسنة 2014 وإلزامها بصرف المبلغ المتجمد المستحق لها، أكد فيه القاضى الإدارى على إن الدستور المصرى قد قرر مبدأى الحق فى الضمان الاجتماعى وضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا.
وقد تعرض القاضى الإدارى للإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا الذى اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2856 (د-26) المؤرخ في 20 ديسمبر 1971 الذى انتهى إلى ضرورة حماية حقوق ذوى العاهات البدنية والعقلية وتأمين رفاههم وإعادة تأهيلهم، وكفل حقوق المتخلفين عقليا، وأخصها انه للمتخلف عقليا، إلي أقصي حد ممكنا عقليا، نفس ما لسائر البشر من حقوق وحقه في الحصول علي الرعاية والعلاج الطبيين المناسبين وعلي قدر من التعليم والتدريب والتأهيل والتوجيه يمكنه من إنماء قدراته وطاقاته إلي أقصي حد ممكن وحق التمتع بالأمن الاقتصادي وبمستوي معيشة لائق.

القاضى الإدارى أوضح أن المتتبع للتطور التاريخي فى المجتمع الدولى لأوضاع ذوى الاحتياجات الخاصة أو المعاقين، وقواعد معاملتهم، يجد أن كثيرا من الوثائق الدولية منحتهم الرعاية التي يقتضيها إنماء قدراتهم، وأن جهودا تبذل باطراد من أجل تشخيص عوارضهم في مهدها، وقبل استفحال خطرها، ثم تقييمها للحد من آثارها، وأن آراء عديدة تدعو الدول على تباين اتجاهاتها، لأن تنقل إلى مجتمعاتها - ومن خلال حملاتها الإعلامية بوجه خاص - ما يبصرها بأن المعاقين مواطنون ينبغي منحهم من الحقوق ما يكون لازما لمواجهة ظروفهم الذاتية التي لا يملكون دفعها، لتمهد بذلك للقبول بالتدابير التي تفرضها، وتعينهم بها على مواجهة مسئولياتهم. وكان من بين تلك المواثيق، ذلك الإعلان الصادر في 9/12/1975 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم 3447 لسنة 1975 في شأن حقوق المعاقين ، Declaration on the rights of disabled persons متوخيا أن تعمل الدول - سواء من خلال تدابير فردية، أو عن طريق تضافر جهودها - من أجل إرساء مقاييس أكثر حزما للنهوض بأوضاع المعاقين، وتوكيد ضرورة استخدامهم بصورة كاملة، وتحقيق تقدمهم من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، آخذة في اعتبارها احتياجاتهم الخاصة، وضرورة تطوير ملكاتهم لإعدادهم لحياة أفضل، ولحفزهم على الاندماج في مجتمعاتهم من خلال إسهامهم في أكثر مناحي النشاط تنوعا.
وارتأت الامم المتحدة أن تعزز الإعلان المتقدم، بالقرار رقم 96/48 الصادر في 20/12/1993، لتصوغ بمقتضاه مجموعة من القواعد التي تبين مستوياتها الفرص المتكافئة التي ينبغي ضمانها للاشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة والمعاقين persons with disabilities وبوجه خاص، لمواجهة أشكال من العوائق التي كشفتها التجربة العملية، وهو الأمر الذى وضعته مصر غاية العناية والاهتمام وكانت سباقة في منطقة الشرق الأوسط في الارتقاء بشئون ذوى الاحتياجات الخاصة.

خامساً: مساهمة القاضى الإدارى في تأمين التلاميذ ضد أخطار الحوادث وصرف الإعانة الاجتماعية للصم وضعاف السمع وإعفائهم من تحمل رسوم الاشتراك في نظام التأمين ضد الحوادث:

لقد ساهم القاضى الإدارى في الإعانة الاجتماعية للصم وضعاف السمع تعويضاً لهم عن الوفاة عقب العودة من المدرسة فى قضية عُرضت على محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاستنا لأحد التلاميذ الذى كان مقيداً بالصف الثاني الإعدادي في مدرسة الأمل للصم وضعاف السمع الإعدادية التابعة لإدارة بندر كفر الدوار التعليمية في العام الدراسي 2007/2008 .

وبتاريخ 1/9/2008 توفي بمنزله بالسكتة القلبية عقب عودته من المدرسة مباشرة ، نظراً لطول المسافة التي يمشيها من المدرسة إلى المنزل , وصدر فيها الحكم فى الدعوى رقم 18489 لسنة 14 ق بجلسة 26 / 6 /2016 لصالح ورثة هذا الطفل . أكد فيه القاضى الإدارى إن رعاية المشرع لطلبة المدارس، لم تقتصر على ضمان توفير وسائل التعليم الحديث ، والارتقاء بجودته ، وتوفير البيئة المحيطة المناسبة من وسائل وأدوات ومباني ، كما لم تقتصر تلك الرعاية على توفير تأمين صحي مناسب يقدم الرعاية الصحية الواجبة واللازمة ضد ما قد يصيب الطلبة والتلاميذ من الأمراض، وإنما امتدت رعاية المشرع فوق كل ذلك إلى تأمين التلاميذ ضد الحوادث التي قد يتعرضون لها وذلك على نحو ما ورد بقرار وزير التربية والتعليم رقم 224 لسنة 2015 ، والمعدل بقراره رقم 228 لسنة 2015.

إن هذا التأمين – وإن كان اختيارياً – إلا أنه يستند إلى اعتبارات التضامن الاجتماعي، واتصال أفراد الجماعة وترابطهم ليكون بعضهم لبعض ظهيراً ، وشركاء في المسئولية ، فتتضافر جهودهم لتكون للجميع في النهاية الفرص ذاتها ، ودون إخلال بالحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار . لذلك فإن التأمين على الطلاب ضد الحوادث يعتبر صورة من صور التضامن لحمايتهم وتأمينهم ضد أخطار الحوادث ، فيكون مبلغ التأمين سنداً وعوناً لهم على تكاليف وأعباء العلاج ، أو سنداً – ولو ضئيلاً – لأسرة المتوفى.

سادساً: فضل ذوى الإعاقة على البشرية بخدمات جليلة غيرت مسار التاريخ

عدالة السماء تنصف ذوى الإعاقة و أن الرسالات السماوية وعلى قمتها الكتاب الكريم كرمت ذوى الإعاقة ، فكل إنسان له الحق فى أن يتمتع بإنسانيته وأنه إذا ألم به ثمة نقص فى الحواس فلا يجب أن يعوقه ذلك عن التمتع بإنسانيته، فالصم والبكم والمكفوفين والأقزام ليسوا عالة على المجتمع بل قوة منتجة فيه وهم قيمة مضافة للمجتمع السوى فى كافة مناحى الحياة إنسانياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

لا ريب فى أن إقدام الدولة على الاهتمام بتنظيم حقوق تلك الفئات فإن اهتمامها لن يذهب سدى، فقد أثبت التاريخ أنه حينما تعطى الدول اهتماماً لحقوق هذه الفئات فإنهم دائماً ما يتغلبون على إعاقتهم وضعفهم وأنهم يصنعون من ذلك الضعف قوة تبث الأمل الذى يحيا به الإنسان بل ويقدمون للبشرية خدمات جليلة غيرت مسار التاريخ الذى أثبت أنهم وإن كانوا معاقين لكن الكثير منهم عظماء أكثر من الأصحاء فى كافة المجالات, فذاكرة التاريخ حية باقية مع الزمن وهى تضع عظماء المعاقين الذين صنعوا لبلادهم مجداً يتعدى حدود الزمان والمكان، ففى مجال السياسة كان فرانكلين روزفلت الرئيس الأمريكى رقم 32 مصاباً بشلل الأطفال وإستطاع من فوق كرسيه المتحرك أن يقود أمريكا إلى الإنتصار فى الحرب العالمية الثانية.

وفى مجال العلوم كان الكيميائى الفرنسى لويس باستير مشلولاً وقدم للبشرية العلم بالجراثيم والبسترة والمخترع الفرنسى لويس برايل كان أعمى وإخترع حروفا على شكل نقاط نافرة مكنت المكفوفين فى العالم من قراءة الكتب ووحد لغتهم وجعلها عالمية وفى مجال الآداب المعجزة هيلين كيلر الأمريكية التى فقدت ثلاث حواس جميعاً صماء وبكماء وخرساء وألفت 18 كتاباً من روائع الأدب العالمى وأبو العلاء المعرى صاحب رسالة الغفران وطه حسين عميد الأدب العربى وبشار بن برد الشاعر العباسى وهوميروس شاعر اليونان القديم فقد كانوا جميعاً مكفوفين لكنهم قدموا للبشرية إبداعات رائعة وفى الرياضيات العالم البريطانى ستيفن هاوكنغ.

وفى مجال الموسيقى المعجزة الفذة بتهوفن الألمانى الذى كان أصماً لا يسمع ألحانه التى أمتعت البشرية بموسيقاه الرائعة وكذلك الموسيقار الألمانى شومان والمصرى سيد مكاوى وفى الرسم المدهش أوغست رينوار الرسام الفرنسى الذى كان لا يستطيع أن يمسك بالريشة بين اصباعيه مما أضطره إلى ربطها بين أصابعه ليكون أحد رواد المدرسة الإنطباعية فى الرسم وغيرهم من العظماء من ذوى الإحتياجات الخاصة ممن أعطوا وأبدعوا للإنسانية نتاجاً خالداً مع الزمان.

وغداً نستكمل الجزء الخامس من هذا البحث.