رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المكافح.. فرج عامر: بدأت حياتي متدربًا فى شركة فأصبحت أملك 28 مصنعًا

جريدة الدستور

- استثمرت عمرى فى الصناعة ولم أندم.. وأنصح الجميع باللجوء إليها
- أنا أول من أدخل العربات المبردة والعصائر المركزة إلى مصر

رجل صناعة من الطراز الأول، وواحد من مقاتلى حرب أكتوبر ١٩٧٣، يرأس ناديًا رياضيًا وإحدى لجان مجلس النواب، ويعد من ألد أعداء جماعة الإخوان الإرهابية.. بهذه الكلمات يمكن تلخيص حياة رجل الأعمال محمد فرج عامر، رئيس مجلس إدارة مجموعة «فرج الله» للمنتجات الغذائية. «عامر» المولود فى الإسكندرية عام ١٩٥١، وتخرج فى كلية الهندسة بجامعتها، بدأ حياته متدربًا فى إحدى الشركات إلى أن أصبح يملك ٢٨ مصنعًا يعمل بها نحو ٢٠ ألف عامل. وبين محطتى «القاع» و«القمة» هاتين يمتلئ مشواره الاقتصادى والسياسى الطويل بالعديد من التفاصيل التى يكشفها فى حواره مع «الدستور» خلال السطور التالية.
■ بداية.. كيف كانت انطلاقة مشوارك الاقتصادى؟
- البداية كانت مثل أى شاب فى سنى، عملت مهندسًا متدربًا فى إحدى الشركات أثناء دراستى بإنجلترا، ثم وسيطًا بين البائعين والمشترين، ومنه إلى وكيل تجارى لمعدات الحديد، وبعدها اتجهت للعمل وكيلًا للألبان واللحوم، وأخيرًا عملت وكيل شركات ثم وكيل فنادق.
■ لماذا انتقلت من التجارة إلى التصنيع؟
- رأيت أن التجارة لم تعطنى استقرارًا رغم المكاسب التى يحققها الشخص من ورائها، ورأيت أن الاستقرار الحقيقى والأكبر يكون فى العمل بالصناعة، وهو ما أتمنى تعميمه فى مصر، لأنه اتجاه يحسن من دخل الأفراد ويزيد الدخل القومى.
■ كيف بدأت تنفيذ ذلك؟
- فكرت أولًا فى إقامة صناعة جيدة أخدم بها وطنى، وساعدنى على ذلك دراستى، وبالفعل بدأت فى منطقة برج العرب فى الثمانينيات، وأصبحت أول من يدخل الثلاجات والعربات المبردة إلى مصر، وأول من أدخل مصانع اللحوم والألبان، وصاحب فكرة إدخال مركزات الفاكهة والخضروات والعصائر، وصاحب أول مصنع لإنتاج اللحوم.
■ كم عدد المصانع التى تمتلكها حاليًا؟
- أملك ٢٨ مصنعًا على مساحة ٦٥٠ ألف متر فى برج العرب، يعمل فيها ٢٠ ألف عامل، وبدأنا تصدير منتجاتنا للخارج فى أوائل التسعينيات.
■ ما الجوائز التى حصلت عليها باعتبارك «رجل صناعة»؟
- بعدما أنشأت أول مصانعى فى مصر، أصبحت أحد أهم مصدرى المواد الغذائية فى الشرق الأوسط، وحصلت على لقب «رجل الصناعة الأول فى إفريقيا» أعوام ٩٥ و٩٦ و٩٧، ولقب «رجل الصناعة الأول فى العالم النامى» عام ٩٤، بجانب «الجائزة الأوروبية» و«جائزة الإبداع والابتكار فى الصناعات الغذائية» من الأمم المتحدة، ومن وقت لآخر ألقى محاضرات عن الصناعات الغذائية فى دول كبرى، كان آخرها إيطاليا.
■ هل تعرضت لخسائر أثناء عملك فى الصناعة؟
- خسرت ملايين الجنيهات خاصة فى فترة حكم جماعة الإخوان، وتعرضت لسرقة الملكية الفكرية فى وقت سابق، بعدما سرق البعض عبوات العصائر الزجاجية التى ننتجها، وجمعها بعد الاستهلاك بهدف تصديرها إلى الخارج.
■ ألم يكن هناك تواصل بينك وبين «الإخوان» فى فترة حكمهم؟
- المعزول محمد مرسى دعانى لحضور ٥ اجتماعات متتالية معه ولم أحضر، وفى الاجتماع السادس كلمنى أحد الأشخاص وأصر على حضورى فوافقت. كان «مرسى» يترأس هذا الاجتماع مع حسن مالك، ويوجد به حوالى ١٢٠ شخصًا، وعند جلوسى فى المقاعد الأمامية رفضوا وقالوا بالنص: «المقاعد دى لقيادات مكتب الإرشاد».
مع بدء الاجتماع طلبت الكلمة، وقلت الآتى نصًا: «أنا مبسوط لأنى حضرت معاكم الاجتماع، وعرفت الدنيا رايحة على فين وبشكركم على الدعوة، والرجالة بتوعك مدّوا واحد على رجله وآخرون هربوا من على السلالم خوفًا من رجالة حضرتك، إنت أجدع من رماح بتاع السيرك القومى، والرجالة بتوعك واقفين بالسكاكين مانعين العمال والموظفين عندى من دخول المصانع فى برج العرب، فبعد إذنك أنا قفلت المصانع وشطبت».
■ ماذا كان ردهم بعدها؟
- حدث هرج ومرج بالقاعة، وحسن مالك قال لى: «الناس كلها حذرتنى منك وقالوا حيضرب كرسى فى الكلوب». بعدها كلمنى الملحق التجارى لسفارة دولة عظمى، وأبلغنى بأن السفيرة تريد مقابلتك، وحددوا لى موعدًا للمقابلة بمنزلى فى الإسكندرية، وكانت أول كلمة قلتها للسفيرة: «خربتم البلد». استشهدت بما حدث وقتها فى استفتاءات «الإخوان» وقلت: «كل الناس قالت: لا.. إزاى النتيجة تطلع ٦٦٪؟ نعم، فى لجنتى كان المفروض يكون فيه ٢ قضاة للإشراف والموجودين كانوا ٢ واحد منهم زميلى فى الكلية اسمه مصطفى وبيشتغل سمسار والتانى واحد مش بيعرف يقرا ويكتب، هو ده الإشراف القضائى؟». السفيرة نفت حدوث ذلك وقالت لى: «محصلش ولازم تقفوا جنب محمد مرسى وهناك اتفاقيات هيتم توقيعها مع مصر».
■ ما حقيقة أنك طلبت الهجرة إلى كندا فى هذا التوقيت؟
- فى عهدهم كانت الدنيا سوداء فعلًا، وحدث أنى دفعت أموالًا كثيرة للهجرة إلى كندا، لكنى تراجعت فى آخر لحظة، و«رغم إنهم كانوا عايزين ياخدوا كل مصانعى اللى قفلت كلها وقتها وحاولوا يطردونى من جمعية المستثمرين ونادى سموحة وفشلوا، وتقريبا كنت عدوهم الأول فى (بحرى)، وتجربتى معهم كانت صعبة ومليئة بالخناقات».
■ بعد انتهاء هذا العهد.. كيف ترى الوضع الحالى فى مصر؟
- أرى أن المرحلة المقبلة هى مرحلة الصناعة، لأنها قادرة على استيعاب الشباب ودفع الدولة للتقدم وتحقيق طفرة صناعية كبيرة.
■ ما الشعار المناسب لهذه الفترة؟
- لو وضعنا شعار «مصر دولة صناعية مصدرة» فى الوقت الحالى، سيكون أمرًا مناسبًا فى ظل وجود شبكات طرق كثيرة يجرى تنفيذها ومدن صناعية تتم إقامتها.
■ فى تقديرك.. ما الذى تحتاجه الدولة لتشجيع الصناعة؟
- نحتاج لمراجعة اتفاقيات الشراكة بيننا وبين بعض الدول التى تسمح بدخول بعض السلع المنافسة للمنتجات المصرية بدون جمارك، ونحتاج لتعميق الصناعة المصرية نفسها، وتشجيعها جميعًا دون تمييز صناعة عن أخرى.
فالصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر قد تحول العاطلين إلى قوة منتجة، وهنا تظهر قوة مصر فى تحويل الأيدى العاطلة إلى قوة عاملة واقتصادية كبيرة، ولدينا الفرصة لذلك حاليًا، ما سيؤدى لزيادة دخل المواطن وانخفاض الأسعار وزيادة الاستيراد والطلب على العمالة.
■ بصفتك برلمانيًا.. كيف ترى دور مجلس النواب فى تشجيع الصناعة؟
- الشخص الذى يفتح مصنعًا أو مشروعًا على أرض مصر، هو رجل وطنى من الدرجة الأولى، لكونه يفتح مجالات عمل جديدة، ويستجيب لنداء الدولة، سواء كان ذلك عبر مشروع صناعى أو زراعى أو سياحى.
ونحن فى البرلمان نسعى لتقديم التسهيلات وتشجيع الاستثمارات، ومن جهتى أرى أن هناك قصورًا فى تشجيع الصناعة، فمثلًا دولة مثل بنجلاديش تحولت إلى نمر آسيوى كبير عندما عملت على الصناعة.
وهنا يكمن دور مجلس النواب عبر تشجيعها بالتشريع والرقابة التى تساعدها، إلى جانب عقد لقاءات مع الصُناع وسؤالهم عن العوائق التى تواجههم أثناء التصنيع.
والبرلمان سيناقش فى الفترة المقبلة ٣ مشروعات قوانين مهمة لدعم الصناعة، وهى: مشروع قانون الإعلان، ومشروع قانون تطوير اتحاد الصناعات، بالإضافة إلى مشروع استراتيجية صناعة السيارات.
وبالإضافة إلى ذلك سيشهد دور الانعقاد الرابع عقد لجنة الصناعة لقاءات مع وزير البترول والثروة المعدنية المهندس طارق المُلا، لبحث تفاصيل مشروع قانون الثروة المعدنية الجديد والمزمع إرساله إلى مجلس النواب، والذى يتناول أنشطة حقول النفط والذهب والمحاجر والمناجم والملّاحات.
■ ماذا عن المصانع المغلقة فى المحافظات؟
- هى إحدى الخطوات التى ستبذل فيها لجنة الصناعة بالبرلمان جهدًا كبيرًا لمحاولة إعادة فتح هذه المصانع، واعتقادى الخاص أن غلقها لم يكن بيد الدولة، لكن فى النهاية تشجيع الصناعة قضية مُلحة حاليًا، وكى تتقدم مصر فى الصناعة يجب أن تكون قادرة على الكسب والاستمرار.
■ كيف نجذب المستثمرين إلى السوق المصرية؟
- إجابة هذا السؤال هى حل المعادلة التى تحقق تقدم الدولة، والصناعة بشكل عام تنقسم إلى شقين: القطاع الخاص الذى يحتاج لتشجيع الاستثمارات والقطاع الحكومى الذى يضم شركات قابضة تضم كيانات ضائعة ومنهوبة ومحطمة وأخرى ناجحة. وهنا يكون أمامنا طرق عديدة لرفع كفاءة هذه الشركات، والتعامل معها بشكل حاسم، ورؤيتى الخاصة للتطوير تقوم على تركيز وتعميق الصناعة المحلية وتنميتها، للوصول بمعدلات النمو الصناعى إلى ٨٪ بحلول عام ٢٠٢٠، على أن تصل نسبة مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى إلى ٢١٪ ما يوفر ٣ ملايين فرصة عمل سنوية وزيادة معدل نمو الصادرات ليصبح ١٠٪ سنويًا.
■ إلى أى مدى نجحت الدولة فى تهيئة المناخ العام لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية؟
- مصر نجحت فى تهيئة مناخ الأعمال الداعم للتنمية الاقتصادية، عبر اختصار مدة استخراج التراخيص الصناعية، وتوفير الأراضى المرفقة والمخصصة لأغراض الاستثمار الصناعى بالأسعار المناسبة، وتيسير الحصول على المساندة الفنية والمالية اللازمة لتطوير الصناعة، وزيادة القيمة المضافة للصناعات المصرية. كما تحاول حاليًا تعميق التصنيع المحلى وتصنيع منتجات ذات تكنولوجيا متطورة وآليات إنتاج حديثة تتوافق مع العصر، وتتوسع أيضًا فى إنشاء التجمعات الصناعية المتخصصة.
■ ما الصناعات التى تستطيع مصر تحقيق تقدم كبير فيها؟
- لا توجد دولة فى العالم تنجح فى جميع الصناعات، لكن الدول التى نجحت هى التى تركز على تحقيق الأفضلية فى ٣ مجالات هى: صناعة الدواء والتصنيع الزراعى والسيارات.
■ كيف نرتقى بمنتجاتنا إلى مرحلة المنافسة؟
- أن نتعلم من الآخرين، فمثلًا سبق أن صدرت إلى دولة كوريا «مُركز الجوافة» وفوجئت بأنهم يعرفون كل شىء عنها رغم عدم وجودها لديهم، ثم يتعاملون معها كما نتعامل مع الأدوية وهو ما قامت عليه حملتهم.
بمعنى أنهم قالوا إن الواحدة منها تساوى ١٠ برتقالات، وبعدها وضعوها فى زجاجة تشبه الأدوية وبدأوا فى بيعها، وكنا فى مصر نبيعها بحوالى ٥٧ قرشًا، لكنهم باعوا نفس المنتج الذى استوردوه منا إلى الشرق الأوسط من جديد، بما يعادل ٧.٥ جنيه.
والمقصود أنهم حولوا بعقليتهم المنتج إلى قيمة مضافة كبيرة، ووصلوا بذلك إلى تحقيق أرباح عالية.
■ أخيرًا.. من المثل الأعلى لرجل الأعمال فرج عامر؟
- والدى هو مثلى الأعلى وقدوتى، بجانب بعض الأشخاص الآخرين الذين أثروا فى حياتى، ومنهم المهندس جمال أبوالعزم عصام سالم، والوزير إبراهيم فوزى، وزير الصناعة الأسبق، وبعض العائلات من رواد الصناعة فى مصر مثل عائلة السويدى.
وهؤلاء جعلونى أستثمر عمرى كله فى الصناعة، ولو عاد بى الزمن لكررت ذلك، وعلى من يريد النجاح أن يلجأ إليها بدلًا من فتح الكافيهات وركوب التوك توك وترك الأعمال الحقيقية التى تضيف للمجتمع.