رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المشاركون في الملتقى المصري اللبناني يؤكدون أهمية الثقافة في مواجهة الإرهاب

جامعة بيروت العربية
جامعة بيروت العربية

أكد المشاركون في أعمال الدورة الثانية من الملتقى الثقافي المصري – اللبناني، أهمية الدور المحوري للثقافة في ترسيخ دعائم الدولة الوطنية القائمة على مفهوم المواطنة والحرية والحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها في العالم العربي، في مواجهة المخاطر التي تهدد وجود الدول الوطنية جراء الظروف الاستثنائية والتهديدات، وعلى رأسها خطر الإرهاب والحروب التي تفكك الدول.

جاء ذلك خلال أعمال المتلقى الثقافي المصري – اللبناني الثاني، والذي استضافته جامعة بيروت العربية برئاسة الدكتور عمرو جلال العدوي، بالتعاون مع مؤسسة الأهرام، وعقد تحت عنوان (الثقافة في العالم العربي من التفكيك إلى إعادة البناء) بحضور سفير مصر لدى لبنان نزيه النجاري، وعمر سامي المدير العام لمؤسسة الأهرام.

وتحدث في جلسات الملتقى لفيف من كبار السياسيين والمثقفين المصريين واللبنانيين، على رأسهم الدكتور علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور وحيد عبدالمجيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والدكتور نبيل عبدالفتاح الخبير في شئون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والفقيه القانوني الدكتور خالد قباني وزير التربية والتعليم العالي اللبناني الأسبق، ووزير البيئة اللبناني الأسبق محمد المشنوق.

وقال الدكتور علي الدين هلال، إن إعادة بناء وتطوير الدولة الوطنية في البلاد العربية، يجب أن يستند إلى "أفكار كبرى" قلبها المواطنة والتي تعني بالضرورى التعددية والقبول بالآخر المختلف والعدالة والمساواة.

وأشار إلى أن الدول العربية تعاني جميعا أزمات متفاوتة، بلغت ذروتها في بعض الدول إلى مستوى الحروب، فيما يتعرض البعض الآخر من الدول لحملات تشكيك وزرع للإحباط والتفكيك من جانب قوى ترتدي ثوب الدين، وتسعى جاهدة لتفكيك الدول والمجتمعات باسم أفكار تزعم أنها من أصول الدين.

وأكد أن إعادة بناء الدول العربية، يجب أن يكون مصحوبا بالتطوير والتغيير نحو الأفضل، مع التقليل من ثقافة تقديس الماضي، مشددا على أن التقدم إلى الأمام يكون بالتطلع نحو المستقبل، وهو الأمر الذي تقوم عليه فلسفة وفكرة الدولة ومؤسساتها والمجتمع المدني.

وشدد على ضرورة إجراء نقاش موضوعي حول بعض الأفكار والمفاهيم السائدة بين عموم الناس، والتي يعتقدون أنها من قبيل الأسس الدينية، لافتا إلى أن هذا الأمر ضروري ولكنه في ذات الوقت يحتاج إلى أن يتم بـ"رفق وروية وتدرج"، مستشهدا على أهمية إجراء هذا النقاش بتجارب سابقة، قبل فيها المجتمع حكم البعض باسم الدين بل واعتبره خيرا عظيما.

وقال: "لا يجب أن تعتقد أي مجموعة دينية أو وطنية أنها أسمى من الآخرين جميعا.. الأصل أن تفتخر بدينك ومذهبك وأيا ما كان تنتمي إليه وتعتقده، ولكن دون التعرض للآخرين، أو الشعور بالأفضلية عنهم أو أنهم أفضل منك.. فقط تعايش معهم".

من جانبه، قال الدكتور وحيد عبدالمجيد إن المكون الثقافي هو المكون الأبرز والأكثر أهمية في إعادة بناء الدولة، مستشهدا على صحة ذلك بالتقدم والتطور في أوروبا خلال عصور النهضة وما بعدها، مشيرًا إلى أن هذا المكون لا يزال غائبا أو سطحيا إلى حد كبير في العالم العربي.

وأكد أن التحولات الثقافية الكبرى في عصر النهضة، هي التي أسست للدول الوطنية المتطورة القادرة، وأنه من دون الثقافة ما كان يمكن أن تحدث تلك النهضة الأوروبية، مشيرًا إلى أن الانتماء إلى الوطن يجب أن يجمع الكل مهما اشتدت الأزمات المعبرة عن "انتماءات أولية" هنا أو هناك.

وشدد على أن الدولة الوطنية المحصنة من الاختراق الخارجي والتطرف والتعصب من الداخل، يقتضي بالضرورة أن يرتفع فيها المستوى الثقافي والمعرفي والتواصل مع الآخرين والتعارف فيما بينهم، لافتا إلى أن عدم التعارف بين المختلفين، مدعاة للتعصب، وتصبح معه الدولة هشة معرضة للاهتزازات الداخلية والاختراق الخارجي لأن المكون الثقافي فيها ضعيف يتسم بالهشاشة.

من جانبه، أكد السفير نزيه النجاري أن الثقافة تكتسب أهمية بالغة في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها بلداننا العربية، وما تشهده من تهديد مباشر لفكرة الدولة الوطنية وما يرتبط بها من قيم التعددية والسلم الأهلي والعيش المشترك، في مقابل تفشي الانقسامات وتعرض بعض المجتمعات للتفتت، والارتداد إلى هويات دينية ومذهبية ضيقة نتيجة ضغوط داخلية وخارجية.

وأضاف أن تلك الضغوط والأزمات أفرزت إرهابا وجماعات تتخذ من العنف والكراهية وإلغاء الآخر سبيلا وأسسا تبني عليها توجهاتها وتحاول ترسيخها في مجتمعات لطالما عرفت معنى وقيمة التعايش السلمي بين مختلف الأديان والمذاهب التي كونت مجتمعة هويات واحدة لشعوبنا.

من جانبه، قال المدير العام لمؤسسة الأهرام عمر سامي، إن الأهرام أطلقت ورعت فكرة انعقاد الملتقى الثقافي المصري اللبناني، ويحدوها الأمل في أن يصبح ملتقى سنويا ليس فقط بين مصر ولبنان بل بين الدول العربية كافة، إيمانا منها بأن الثقافة والمثقفين العرب يمثلون أحد أهم دعائم التضامن والتقارب العربي إن لم تكن أهمها على الإطلاق.

ومن جهته، أكد رئيس الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال فتح الله فوزي، أن الملتقى ينعقد في ظل ظروف تستدعي مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية الكبرى، وعلى رأسها ظاهرة الإرهاب التي زرعت في منطقتنا بهدف إضعافها وتفكيكها، الأمر الذي يتطلب من الجميع التحرك الفعال على كافة الأصعدة، الأمنية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية، للقضاء على هذه الظاهرة.

ومن ناحيته، قال الدكتور عمرو العدوي، إن جامعة بيروت العربية كانت دائما بمثابة جسر للتواصل الثقافي بين مصر ولبنان منذ أن أنشئت في ستينيات القرن الماضي، وتحرص دائما على حيوية التبادل الثقافي العربي واحتضان الطاقات والمشاريع التنموية التي من شأنها رفع المستوى العلمي والفكري، وخلق مناخ للحوار الإبداعي سواء في العلوم التطبيقية أو الإنسانية.