رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ابن العياط.. وتأثير المخدرات


لم يتم اعتقال الابن الأصغر لمحمد موسى العياط، كما زعمت صحف ومواقع إلكترونية ووكالات أنباء تحت مستوى الشبهات، بل تم إلقاء القبض عليه، صباح الأربعاء، تنفيذًا لقرار «ضبط وإحضار»، وخلال ساعات قرر النائب العام إخلاء سبيله على ذمة التحقيق، بكفالة قدرها ٥ آلاف جنيه، بعد أن واجهته نيابة أمن الدولة العليا بالاتهامات المنسوبة إليه واستمعت لأقواله.
ابن «العياط» الأصغر، عبدالله، هو نفسه الذى سبق أن أدين فى قضية تعاطى المخدرات. لكن هذه المرة، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدرين أمنيين أنه متهم بـ«نشر أخبار كاذبة»، بعد مقابلة أجرتها معه وكالة «أسوشيتد برس» فى ٢ أكتوبر الجارى، زعمت «رويترز» أنها «تركزت على ظروف سجن والده». وانتقت منها أن «الحالة الصحية لوالده تدهورت بسبب ظروف سجنه» وأن «الأسرة لا يسمح لها بزيارته إلا نادرًا». والشىء نفسه تقريبًا فعلته وكالة الأنباء الفرنسية. وتجاهلت الوكالتان وغيرهما افتراءات وأكاذيب لامست حد الهلاوس امتلأت بها مقابلة «أسوشيتد برس» التى تجاوزت الألف كلمة.
طبيعى أن تردد صحف الإخوان ومواقعها الإلكترونية النغمة نفسها، لكن يدهشك أن تشاركها صحف مصرية وعربية، من المفترض أنها ليست إخوانية. وقد يصدمك أن تنشر جريدة «عكاظ» السعودية الخبر، فى موقعها الإلكترونى وفى الصفحة ٥، من عددها الصادر، الخميس، تحت عنوان «اعتقال نجل محمد مرسى»، زاعمة أن أسامة الشقيق الأكبر لعبدالله «معتقل منذ قرابة العامين»، مع أنه مسجون بحكم قضائى. أما ما قد يجعلك تعتقد أن كاتب الخبر يتعاطى المخدرات، هو الآخر، فهو زعمه أن «عبدالله نفسه اعتقل لعدة أشهر قبل أن يتم إطلاق سراحه. وليست هذه هى المرة الأولى التى يلقى فيه القبض على نجل مرسى، إذ قبض عليه فى عام ٢٠١٤ بتهمة حيازة مخدرات قبل أن يطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة».
بغض النظر عن ارتباك وركاكة الصياغة، فالثابت هو المذكور أدين فى القضية، وتم الإفراج عنه فى ٢١ يوليو ٢٠١٥ بعد قضائه فترة العقوبة، وبعد التأكد من عدم اتهامه فى أى قضايا أخرى. وكانت محكمة جنايات بنها، قد قضت فى يوليو ٢٠١٤، بحبس عبدالله محمد موسى العياط، وصديقه محمد عماد عبدالمنعم، لمدة سنة وغرامة ١٠ آلاف جنيه لكل منهما فى قضية تعاطى مخدرات، بعد ضبطهما فى أحد الأكمنة على الطريق، وبحوزتهما «سيجارتان مخلوطتان بالحشيش» أثناء استقلالهما سيارة خاصة بمدينة العبور. وبين ما حملته الواقعة من مفارقات ونكات، كانت المفارقة الكبرى أو النكتة الأبرز، قيام شبكة «رصد»، التابعة للتنظيم الإرهابى، بنشر تقرير حمّلت فيه «عبدالفتاح السيسى» المسئولية، لأنه هو الذى حرم «عبدالله» من حنان أبيه، ودفعه إلى تعاطى الحشيش، لمحاولة الهروب من الواقع المر الذى لم يستوعبه!.
تأثير المخدرات امتد من «رصد» إلى «رويترز» ووكالة الأنباء الفرنسية و«عكاظ» وإلى كل من تجاهلوا أن الابن الأكبر لـ«العياط»، سبق أن أدلى بتصريحات لوكالة الأناضول التركية، فى ٤ أكتوبر الجارى، قال فيها إن حالة والده جيدة ومعنوياته مرتفعة، ودعا إلى ضرورة الاهتمام بجانب الرعاية الصحية لوالده. وبالتالى، ليس معقولًا أن يكون سبب ضبط وإحضار الابن الأصغر ثم الإفراج عنه بكفالة، هو تصريحاته عن حالة والده الصحية، وليس الأكاذيب التى تضمنتها مقابلة تجاوزت الألف كلمة. كما ليس معقولًا أيضًا أن يتم تجاهل أكاذيب وهلاوس، سابقة، نشرتها جريدة «واشنطن بوست»، فى مارس الماضى، بزعم أنها «مقال رأى» كتبه المذكور، سبق أن توقفنا عندها وأشرنا إلى أن الافتراءات والإهانات التى وجهها إلى القضاء المصرى توقعه تحت طائلة القانون، وتمنينا ألا يظهر وقتها من يقول إنه كان تحت تأثير المخدرات.
فى ذلك الكلام الفارغ، أو المقال المزعوم، اتهم المذكور السلطات المصرية بأنها لا تسمح لوالده بالحصول على الأدوية، مدعيًا أنها تستهدف من ذلك أن يموت فى أسرع وقت ممكن. كما اتهم المجتمع الدولى بالتقاعس عن الدفاع عن حقوق والده. وهدّد بأن ما يصفها بالمحاكمات الجائرة لقيادات جماعة الإخوان «لن ينتج عنها إلا مساعدة تنظيم الدولة الإسلامية فرع سيناء على تجنيد المصريين». وغير الاستعداء الواضح والتحريض الصريح ضد مصر، امتلأ ما كتبه ابن «العياط» الأصغر بأكاذيب تليق بابن إرهابى، أو بـ«حشاش صغير» من عينة «أن مصر أصبحت ممرًا لأسلحة كوريا الشمالية إلى المنطقة»!.
بهذا الشكل، يكون منطقيًا أن تتضمن الاتهامات الموجهة إلى المذكور أكاذيبه فى «واشنطن بوست» وفى «أسوشيتد برس»، وربما كانت هناك أكاذيب وهلاوس أخرى تاهت فى الزحام. وقد لا نكون مخطئين حين استنتجنا أنه لم يُقلع عن تعاطى المخدرات، أو حين تشككنا فى أن السنة التى قضاها فى الحبس لم تنجح فى تأديبه أو تهذيبه وإصلاحه.