رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبايات أمريكا.. معرض للأزياء الإسلامية بسان فرانسيسكو

جريدة الدستور

سلطت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أمس الأربعاء، الضوء على افتتاح معرض للأزياء الإسلامية فى متحف دى يونج بسان فرانسيسكو، الذى يستمر حتى ٦ يناير المقبل.

كان ماكس هولاين، مدير متحف «متروبوليتان»، أكبر متاحف العالم، قد اقترح فكرة إقامة معرض للأزياء الإسلامية منذ عامين، واختار متحف «دى يونج» فى سان فرانسيسكو للعرض، وقوبلت الفكرة حينها بردود فعل مؤيدة وأخرى رافضة، كما تلقى انتقادات من شرائح عديدة فى المجتمع الأمريكى.
وذكر هولاين لـ«نيويورك تايمز»: «تلقيت عددًا من الرسائل الإلكترونية التى انتقدت الفكرة، بعضها كان بعبارات قاسية للغاية، مفادها أن هذا ليس الوقت المناسب لأمريكا للاحتفال بالثقافة الإسلامية»، مضيفا: «تم اتهامى بالعنصرية ضد النساء والرغبة فى نشر الملابس التى تقيد الحرية الشخصية، وتطفئ جمال المرأة، بسبب احتواء الأزياء الإسلامية على الحجاب والعباءات الطويلة».
وأضاف أنه تلقى بعض الانتقادات من المسلمين أنفسهم، الذين اعتبروا الموضة فكرة متناقضة مع الشريعة الإسلامية، وتدنيسا للمقدسات والثوابت.
وتابع: «كنا نعلم منذ البداية أن الفكرة ستدخلنا إلى مساحات ملتهبة وستضعنا داخل معارك قوية، لكننى أؤكد أن المقترح لم يكن أبدا استفزازا للمجتمع مثلما حاول البعض تفسيره».
وأشار إلى أنه لم يرغب سوى فى مشاركة العالم الإسلامى بعض تقاليده وطقوسه وطبائعه الخاصة، ولم يجد سوى الأزياء كمفهوم تجتمع حوله كل الشعوب، وتلتف حوله جميع الثقافات، والذى يدخل الناس جميعا فى مشترك أوسع يتفقون حوله وينسجمون مع بعضهم.
وأردف: «أن يتجمع عدد من البشر فى متحف، ويشاهدوا عرضا ما، لهو أمثل طريقة لتحقيق التآلف فيما بينهم، وخلق مساحة مشتركة تذيب الجليد الناشئ بسبب اختلاف الديانات والثقافات والحضارات».
وذكر أنه تلقى انتقادات حول الفكرة، لكنها انتقادات إيجابية، حملت حجما من التقدير للأزياء الإسلامية، وللحضارات الأخرى، مشيرا إلى أن المعرض سيكون بمثابة محاولة لخلق مساحة مشتركة وخليط تتمثل مكوناته فى «الإيمان والأزياء والحياء والحداثة».
وقال هولاين إنه تم تصميم مجموعات الأزياء الـ٨٨ المعروضة داخل المتحف، بطريقة تتيح تغطية جسم الأنثى تماشيًا مع المبادئ الإسلامية، وهى تتنوع بين «الموديلات» الحديثة والتقليدية، كما تشمل الثياب الشهيرة فى المجتمعات العربية «العباية».
وأضاف: «قدمت المصممة البريطانية سارة إليانى ملابس رياضية مستوحاة من (الهيب هوب) موجهة للشباب المسلم، إلى جانب مجموعات منسقة غنية بأقمشة (الباتيك) و(الإيكات)، صنعها مصممون إندونيسيون، أبرزهم ديان بيلانجى الذى يمتلك نحو ٥ ملايين متابع على (أنستجرام)، وكذلك خنان لقمان شملان».
وأشار هولاين إلى أن العرض يتضمن أيضا مقاطع فيديو تتحدث عن الحظر الفرنسى المثير للجدل لـ«البوركينى»، أى ملابس السباحة التى تغطى كامل الجسم، إلى جانب «موضة» الحجاب فى إيران لعام ٢٠١٨.
وقال هولاين: «ارتداء الحجاب، ووشاح الرأس، يحمل وزنًا دينيًا وسياسيًا وثقافيًا كبيرًا للنساء المسلمات فى العديد من البلدان، وقد شهد هذا العام العديد من الاحتجاجات والاعتقالات فى إيران بسبب القانون الذى يفرض الحجاب على النساء، ومن يذهب إلى متحف دى يونج فى سان فرانسيسكو، لن يرى فقط أزياء إسلامية، ولكنه سيتمكن من فهم طبيعة وثقافة الزى الاسلامى».
ووصف هولاين الموضة الإسلامية المعاصرة بأنها «جهاز قياس الزلازل» للمجتمعات، مضيفا «هذا المعرض بوضوح، الأكثر تحديا لثقافة الاتجاه الواحد». وكشف هولاين عن بدء اهتمامه بالأزياء الإسلامية منذ ٤ سنوات، فى أثناء سفره إلى طهران، حينما كان مديرا لمتحف ستادل فى فرانكفورت، ولاحظ حينها حيوية الموضة فى المدينة، حيث كانت النساء يرتدين الحجاب الذى يعبر عن شخصياتهن الخاصة. وقال هولاين إنه كان يراقب بفضول إطلاق شركة «نايك» خطها الراقى لمساندة الحجاب، خاصة الذى ترتديه لاعبات الرياضة، وقد صُعِقَ من حجم المبيعات والنمو السريع للسوق فى بيع هذه المنتجات، إذ أنفق المستهلكون المسلمون نحو ٢٤٣ مليار دولار على الملابس فى عام ٢٠١٥ فقط، وسط توقعات بأن تصل إلى ٣٦٨ مليار دولار بحلول عام ٢٠٢١، وفقًا لتقرير اقتصادى صادر عن «طومسون رويترز» بالتعاون مع شركة «الدينارستاندارد».
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن المعرض متنوع إلى حد كبير، وقد يبدو أنه يتحدى بعض الصور النمطية للثقافة الإسلامية، فعلى سبيل المثال لا تظهر بعض العارضات بالحجاب.
وذكرت رينا لويس، أستاذة الدراسات الثقافية فى كلية لندن للأزياء: «الموضة حركة للعبور بين الأديان، لم يكن هناك أى معرض بهذا الحجم أو المقياس من قبل»، مشيرة إلى أن عرض»Cherchez la Femme» الذى أقيم فى المتحف اليهودى فى برلين، ركز أيضا على أغطية الرأس، لكن ليس بنفس حجم العرض فى متحف دى يونج بسان فرانسيسكو.
وأضافت: «هناك شرائح من النساء المسلمات لا ترتدى الحجاب بمنطق (أن الله يحب الجمال)، وتعتبر أن ارتداء ملابس تعكس الجمال جزءا من الممارسات الدينية الصحيحة».