رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جميل راتب.. "البرنس" صاحب الإطلالة الباريسية الراقية

جميل راتب
جميل راتب

لعل دراسته في مدرسة الحقوق الفرنسية، وميلاده من أم تنتمي إلى البلدة نفسها، وسفره لاستكمال دراسته في باريس، كان له أثر ممتد بطول عمره الذي تجاوز الـ90 عامًا في تعلمه فنون الإتيكيت، والرقي من ثقافة المدينة التي تشتهر بكونها موطن العديد من بيوت الأزياء الراقية: مثل هيرميس، ديور، لويس فويتون، وشانيل، حتى أنها يطلق عليها "عاصمة الموضة".

إنه الجميل الذي يحظي بنصيب كبير من اسمه "جميل راتب"، والذي وافته المنية، صباح اليوم الأربعاء، عن عمر يناهز 92 عاما بعد صراع مع المرض.

في سن مبكر بدأ جميل راتب، العمل في التمثيل، فحين قطعت أسرته عنه المصروفات المالية أثناء دراسته في باريس، ما اضطره إلى ترك دراسة الحقوق والسياسة، والتحق بمعهد للتمثيل؛ حتى يتمكن من العمل بجانب دراسته.

من وقتها انطلق في مسارح باريس، وقدم أعمالًا أثقلت مشواره الفني والحياتي، وعرفته على ثقافات جديدة؛ وطبائع اجتماعية لهذا الشعب المميز، ومع الوقت تأثر بكل هذا فكانت شخصيته نتاج هذه التجارب والأعمال المُشارك بها، والتي اتسمت بالكلاسيكية والأصالة، جنبًا إلى جنب؛ تعرفه على طبائع الناس من حضارات وثقافات مختلفة، حتى أنه تدرج على خشبة المسرح الفرنسي، وشارك في أعمال لشكسبير، وراسين، وكورناي، وموليير، وشارك مع فرقة "كوميدي فرانسيس".

وعن هذا الربط بين "راتب" والثقافة الفرنسية، أوضحت نيفين روبير، خبيرة الإتيكيت، أن الفرنسيين من أكثر الشعوب التي تتميز بالقدرة على مواكبة الموضة والأناقة، كما لديهم ذوقًا راقيًا في التعاملات اليومية، والإلمام بفنون الإتيكيت والسلوك الحسن، مؤكدة لـ"الدستور" أن لغة جسد الممثل الراحل؛ كانت خير دليل على تأثره بكل هذا التميز الباريسي، فحتى في أدوار الشر؛ كان يحرص خلالها على الإطلالة بكامل أناقته.

وتشير خبيرة الإتيكيت إلى أن "فن الإتيكيت"، يعود تاريخه إلى الفرنسيين، حيث ينسب إلى الملك لويس السادس عشر؛ صياغة قواعد تحدد السلوك الجيد والملابس الملائمة، وفرضها على زوار قصر فرساي، موضحة أنه أول من أطلق على هذه الممارسات لفظ "إتيكيت"، التي تعني بالفرنسية "التذكرة الصغيرة"، وهذه التذكرة كانت تمنح للفرنسيين في الاحتفالات، ويكتب عليها تعليمات خاصة بنظام الحفل.

كل ذلك انطبع أيضًا على جميل راتب، فحين عاد الفنان الراحل إلى القاهرة عام 1974، وعمل مع المخرج المصري كرم مطاوع في مسرحية "دنيا البيانولا"، وتوالت أعماله في مصر؛ أيضًا ظل محافظًا على هذا الخط الفرنسي؛ سواء في إطلالاته الباريسية الأنيقة، أو في طريقة كلامه وصوته الذي ظل سمة مميزة له حتى نهاية مشواره الفني.

ويذكر أن بداية "راتب" فى عالم السينما من خلال فيلم "أنا الشرق" عام 1946، ولعبت دور البطولة الممثلة الفرنسية، كلود جودار، وكان معها الفنان جورج أبيض، وحسين رياض، وتوفيق الدقن.

وبعد ذلك انطلق جميل راتب إلى العالمية، وهذا يرجع بالتأكيد إلى أنه استطاع أن يتقن عدة لغات، بخلاف أدائه الذي تميز بالإتقان والقدرة على تجسيد أدق تفاصيل الشخصيات التي يؤديها.