الكاتب الألبانى إسماعيل قادارى

قال رئيس التموين: هذه الحرب ستدوم طويلًا، ستضع فيها ألبانيا كل قدراتها، وهذا ليس سوى بداية.
شرب وتنهد قليلًا، ثم تابع كلامه:
فى كل ربيع، فى أول اخضرار الأرض، سنظهر فى هذه البلاد، وستهتز الأرض تحت أقدام جنودنا، ستحرق الوديان، وكل ما ينبت فيها أو ينتصب على أرضها سيتحول إلى رماد، ستنهار الحياة الاقتصادية فى هذا البلد، وحينئذ يذكرون اسم «الترك» ليُخيفوا أولادهم، ومع ذلك فكما قلت لك سابقًا يا شلبى، إذا لم ننجح فى التغلب عليهم هذه المرة فى حملتنا الأولى، فسنحتاج فى الحملة الثانية إلى ضعف قواتنا لإحراز النصر، وفى الحملة الثالثة سنحتاج إلى ثلاثة أضعاف، وهلم جرا.. إذا نجوا أحياء من جحيم هذه الحرب سيكون من الشاق جدًا القضاء عليهم، بعد ذلك سيعتادون على الحصار والجوع والعطش والمذابح والاستنفار، وفى هذه الأثناء يكون أولادهم الجدد قد ولدوا فى الحروب، وهم كذلك سيألفون الموت، سيعتادون عليه كأنه حيوان مروض لا يخشى منه أبدًا، وحينئذ حتى لو انتصرت عليهم، فلن نُخضعهم أبدًا، فبمقاتلتنا وضربنا لهم بلا شفقة، وإطلاقنا عليهم جنودنا الذين لا حصر لهم، من غير أن نتوصل مع ذلك إلى أن نلقى بهم أرضًا، نكون حينئذ قد أدينا لهم خدمة جليلة.
هز رئيس التموين رأسه بمرارة، ثم تابع:
- ظننا أننا نسقيهم الموت، فى الوقت الذى جعلناهم بأيدينا ذاتها خالدين لا ينالهم الموت، كان شلبى يصغى إليه مأخوذًا.
وقال رئيس التموين: ستكون مذكراتك حينئذ يا مولى طويلة وحزينة.