رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زمن العرب..هل يرث صلاح ومحرز منصة ميسى ورونالدو؟

صلاح ومحرز
صلاح ومحرز

َثّل انتقال النجم الجزائرى رياض محرز من فريقه السابق ليستر سيتى إلى بطل «البريميرليج» مانشستر سيتى تحديًا جديدًا وصعبًا للنجم المصرى محمد صلاح، قائد ليفربول، لأنه سيجد ندًا قويًا ‏ومنافسًا حقيقيًا على جائزة «أفضل لاعب فى إفريقيا» خلال السنوات المقبلة، والتى ربما تشهد أفضل وأشرس صراع عبر تاريخها. ‏
أسباب عديدة تجعل المنافسة على تلك الجائزة صعبة ومعقدة وذات أهمية كبرى خلال السنوات المقبلة بين محرز وصلاح، وربما ترقى بفضل الزخم الجماهيرى الذى سيُحيط بها بفعل المنافسة ‏العربية بين مصر والجزائر إلى نفس المكانة التى تواجد بها ميسى ورونالدو طوال سنوات من صراعهما على حصد «الكرة الذهبية».‏
ماذا ينتظر النجمان فى الموسم الحالى؟ وكيف ستكون المنافسة بينهما؟ وما فرص كل منهما للتألق ونيل الجوائز فى السنوات المقبلة.. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى هذا ‏التقرير.‏



محارب الصحراء.. تطور مضمون على يد جوارديولا.. وطريقة لعب تظهر قدراته

فى الموسم الماضى، نال محمد صلاح جائزة «الأفضل فى إفريقيا»، فى ظل مزاحمة على استحياء من ساديو مانى، ولم يجد «الفرعون» ندًا قويًا يجابهه على هذه الجائزة، واعتقدنا حتى شهور ‏قليلة أنها ستكون مضمونة خلال سنوات عديدة، قبل أن يرحل محرز إلى السيتى ليدق ناقوس الخطر، ويعلن بدء مرحلة جديدة من الصراع الرياضى المصرى الجزائرى.‏
قبل عامين، توج رياض محرز بجائزة أفضل لاعبى «البريميرليج»، مثلما توج بها صلاح هذا الموسم، طاردت العروض الإسبانية والإنجليزية النجم الجزائرى من هنا وهناك، لكنه كان ضحية ‏إدارة أصرت على بقائه، ولما رحلت بعض الركائز الأخرى وتلاشى بزوغ الفريق الأزرق توقف محرز وتراجع مستواه فتضرر كثيرًا، قبل أن يتمرد ويقرر أن ينتقل إلى السيتى أيًا كانت الضريبة ‏لأنه يعلم أن النجاح مضمون، وأن الأفضل هناك.‏
أول الأسباب التى تجعل نجاح محرز مضمونًا، وتعلى من فرصه فى الصراع على جائزة «الأفضل إفريقيًا» وربما العودة للأفضل فى إنجلترا، هو ضمان التطور على يد المدرب الإسبانى بيب ‏جوارديولا، فالأخير بارع كما اعتاده الجميع فى تطوير اللاعبين وإعطائهم مزيدًا من المهارات الإضافية.‏
إصرار محرز على الانضمام إلى السيتى ورفض كثير من العروض التى كانت مقدمة من قبل- يعود بالأساس لإيمانه التام بأنه فى حاجة لمن يضيف إليه، ويُعطيه خصائص وطباعا جديدة، ويثق ‏تمام الثقة بأنه لن يجد مدربا أفضل من بيب جوارديولا ولا فريقا أكثر استقرارًا من «السماوى»، لكى يحصل على ما يريد، عوضًا عن الاتصال المباشر الذى تم بينه وبين المدرب الإسبانى والذى ‏أعطاه مزيدًا من الثقة.‏
كما أن طريقة لعب الفريق السماوى التى تعتمد على الاستحواذ، وتناقل الكرات كثيرًا، والهجوم بعدد كبير- تساعد أى لاعب مهاجم على الظهور جيدًا، وتزود معدلات تهديفه، وإسهاماته فى صناعة ‏الفرص والأهداف.‏
فى الموسم الماضى تواجد ٥ لاعبين من السيتى ضمن أفضل ١٠ هدافين فى الدورى الإنجليزى، وتواجد ٦ منهم بين العشرة الأكثر إسهامًا فى التسجيل، وهذا يعكس مدى فاعلية مهاجمى بيب، ‏وجماعية الفريق التى تنعكس على نتائج الأفراد.‏
إذًا فى أسوأ الأحوال سيقدم محرز أفضل مما كان عليه حتى وهو يتوج بـ«الأفضل فى إنجلترا»، والدليل على ذلك أرقام ستيرلينج، ذلك اللاعب الذى يواجه انتقادات كبيرة ولم يرض عنه أى أحد ‏فى إنجلترا، فرغم تراجع مستواه بشكل فج، وإهداره فرصا عجيبة طوال الموسم الماضى، أبرزت أرقامه مع جوارديولا تطورًا كبيرًا عما كان عليه فى الماضى، فأسهم فى ٧١ هدفًا صناعة ‏وتسجيلًا خلال ٩٣ مباراة، بينما كانت أفضل إسهاماته مع المدرب السابق للسيتى بيلجرينى تسجيل ١٠ أهداف وصناعة ١١ أخرى.‏
ستيرلينج فى أسوأ أحواله ضاعف أرقامه مع جوارديولا، فماذا لو نجح محرز الذى يلعب فى نفس المركز فى أن يقدم أفضل ما عنده مع جوارديولا؟ مؤكد أنه سيحقق أرقاما رائعة.‏
ويزيد من فرص تألق محرز أنه لاعب ملتزم خططيًا، وينفذ الأدوار المطلوبة منه، وقدرته على الدفاع مثل الهجوم، فضلًا عن امتلاكه مهارات فردية فيما يتعلق بالمراوغة والتصرف فى ‏المواقف الصعبة، وهذه النوعية من اللاعبين يعشقها «بيب» وتبرز بصماته معها مثلما فعل مع اللاعب الشاب ليروى سانى.‏
كما أنه من بين المميزات التى يتمتع بها محرز قدرة فريقه على حصد البطولات، فبعد أول مباراة له أمام تشيلسى الأسبوع الماضى فى «الدرع الخيرية»، نجح فى حصد أولى بطولاته وتسطير ‏نجاحات جماعية، بينما سيكون حصده للبطولات أمرا قريبا للغاية الموسم المقبل، لأسباب كثيرة أهمها أن الفرق التى يُدربها جوارديولا تحقق نتائج أفضل فى الموسم الثالت، مما كان عليه الوضع فى ‏الموسمين الثانى والأول، لأن الشكل يتطور ونوعية اللاعبين تتحسن، ومعهما تزداد البطولات.‏
فى موسمه الأول لم يحقق جوارديولا أى بطولة، وفى الثانى حصد الثلاثية المحلية، فماذا ينتظره فى الموسم الإنجليزى الثالث مع تطور أكثر للاعبيه الشباب مثل سانى، وفيرناندو سيلفا، وفودين، ‏ودياز، وخيسوس، ومع دخول لاعب بحجم محرز يضفى مزيدا من القوة، ليجعل فرص الحصول على البطولات أكبر.‏
كل تلك العوامل إلى جانب الرغبة فى النجاح والحافز الكبير لدى محرز، تجعل فرص تألقه وتتويجه بالألقاب مضمونة، وتبرز اسمه كمرشح قوى للوقوف إلى جوار صلاح رأسًا برأس على ‏منصة التتويج بالقارة السمراء. ‏


الفرعون.. القوة التهديفية تحفظ «توهج مو».. وغياب التتويج يهدد البقاء على القمة

فى المقابل، يبقى محمد صلاح المرشح الأول لنيل الجائزة- على أقل تقدير خلال هذا العام الذى لم يتبق منه سوى ٤ أشهر- فما قدمه نجم منتخبنا المصرى من أرقام ونتائج طيبة مع فريقه ليفربول يجعل ‏احتفاظه بالجائزة لعام ٢٠١٨ مضمونًا.‏
صلاح الذى توج بجائزة الهداف وأفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى، وصعد لنهائى دورى أبطال أوروبا لن يجد منافسًا على هذه الجائزة، لكن المستقبل سيكون مُحاطًا بالعقبات والتهديدات.‏
القوة التهديفية لمحمد صلاح، وفاعليته أمام المرمى، هما السلاح الأبرز للتفوق على محرز وعلى أى لاعب آخر فى البطولة الإنجليزية وربما فى العالم، مثلما ظهر الموسم الماضى، لكن الحفاظ على ‏الأرقام ذاتها والظهور بالأداء نفسه لن يكونا يسيرين.‏
سيواجه صلاح خصوما يلعبون بحسابات أكبر تجاهه، وسيلقى فريقه ليفربول خصومًا يبدلون من الأشكال الخططية والتكتيكية تجاهه، فالفريق اليوم أصبح مرشحًا بقوة للفوز باللقب، ومهاجمه صلاح هو ‏الهداف والأفضل، ما يجعل «الريدز» و«الفرعون» يواجهان صعوبات كبيرة جدًا بخلاف العام الماضى.‏
كما سيدخل صلاح هذا الموسم محاطا بالضغوط الكبيرة، والمطالب الجماهيرية المستمرة بالتهديف وبغزارة، فلن يكون مقبولًا أن يتغيب عن التسجيل مباراتين، وعندما تزداد مرات الصيام ستغزو الشكوك ‏عقله وجسده وتؤثر عليه كثيرًا، فلم يعد مقبولًا أن يصوم النجم الأول والأبرز عن التهديف، مثلما الأمر تمامًا مع ميسى ورونالدو فى السنوات الأخيرة.‏
لكن فى المقابل، فإن صلاح سيتمتع هذا الموسم بدخول عناصر جديدة فى فريقه واحتمال تطور الشكل الهجومى مع وصول نابى كيتا وفابينيو، بالإضافة إلى تحسن مركز حراسة المرمى بوصول ‏أليسون الذى ينعكس بالطبع على نتائج الفريق ووضعية الفريق، بما يخدم صلاح أيضًا.‏
نجاح فابينيو، وكيتا، وعدم حاجتهما لوقت طويل للتأقلم سيمنح الفريق قوة هجومية كبيرة، وسيعطى صلاح حرية أكبر، وستزداد مرات وصوله إلى المرمى، وهذا يجعله قادرًا على الاحتفاظ بأرقامه.‏
وبعيدًا عن الأرقام الفردية لصلاح، فإن قدرة فريقه ليفربول على حصد الألقاب من عدمه، قد تكون العقبة التى تعيقه وتعرقله الموسم المقبل، فوصول صلاح إلى صيف ٢٠١٩ دون التتويج بالدورى ‏الإنجليزى أو دورى الأبطال، فى ظل الفرص الكبيرة لمحرز للتويج بالبطولات فى الناحية المقابلة- سيقلل من فرص صلاح كثيرًا. نعم دعم ليفربول بطريقة جيدة، واختتم الموسم الماضى بشكل رائع، وبات ‏منافسًا حقيقيًا على لقب الدورى الإنجليزى، لكن تظل الأزمة الدفاعية حاضرة بقوة، وتبقى عقبة واضحة فى طريق تتويج «الريدز» بالألقاب، فلم ينجح الفريق فى الميركاتو فى جلب صفقات كبيرة بالخط ‏الخلفى، رغم العوار الكبير الذى عاناه الموسم الماضى. وبين القوة الفردية لـ«صلاح» وقدرته على الاستمرارية، نظير نجاحات جماعية على أقل تقدير قريبة من محرز، سيحتدم الصراع بين الثنائى على ‏جائزة الأفضل فى إفريقيا وإنجلترا، وربما يدخلان على نفس المنصة التى وقف عليها ميسى ورونالدو كثيرًا. تطور السيتى وليفربول وتقدمهما بخطى ثابتة أوروبيا، وانحصار المنافسة الإنجليزية بينهما- ‏سيجعل نجمى الفريقين خلال السنوات الأربع المقبلة فى مقدمة المرشحين للكرة الذهبية، ومعها ستبرز ظاهرة التراشق بين الجماهير المصرية والجزائرية من جديد، وهو ما وجب التحذير منه مبكرًا، ‏فتواجد صلاح ومحرز فى تلك المكانة البارزة مدعاة لفخر الجمهورين، بدلًا من عملية التقليل من هذا أو ذاك مثلما هو حاصل مبكرًا ومن الآن عبر الصفحات الرياضية على «فيسبوك».‏