رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وللإخوان حج البيت الأبيض.. أما الثوار فتكفيهم السفارة


أيها الحاج الكريم، يا من ستذهب حاجًا إلى بيت الله الحرام تبتغى مغفرة من الله ورضوانا، أرجو أن تتقن فى حجك تصويب الجمرات على إبليس اللعين، إذ إننى أراه ما زال يتجول بكامل حريته فى بلاد العُرْبِ أوطانى، ويقيم لنفسه القواعد العسكرية والقنوات الفضائية والصفحات الفيسبوكيَّة والتويترية، بل إنه ورغم صحوة الشعوب ضد المؤامرات التى دُبِّرت ضد بلادنا، إلا أنه لا يزال يجتذب الأنصار ويُجَنِّد الجنود ويعمل على العبث بالعقول فيحرك شياطينه الصغيرة لنشر الشائعات وإشاعة الإحباط واليأس، على ظنٍ منه أن شعوبنا من الممكن أن تثور أو تنشر القلاقل، وفى سبيل سعيه هذا فإنه يقوم فى بلادنا بمقابلة أولئك الطامعين فى الوصول إلى سدة الحكم، فيعطى لهم موافقته، ويعدهم بدعمهم.
يقال إن إبليس اللعين صنع لنفسه كعبة هناك خلف المحيط سماها البيت الأبيض!، جعل لها فروعًا فى بلاد العالم يُقال لها السفارات الأمريكية، وقد أذَّن فى الناس بالحج إليها فلم يذهب للحج هناك إلا طائفة الإخوان، وبعض السلفيين المتشوقين للحكم، ولكن الراغبين فى الثورة لم يذهبوا إلا إلى حج السفارات، فمنها تأتى الإشارات والدولارات، أما الإخوان فقد ذهبوا للبيت الأبيض رجالا من كل فج قطرى وتركى عميق، ولكن قياداتهم ذهبت على متون الطائرات والسفن وهم يرتدون ملابس الإحرام الأمريكية، وهناك عند البيت الأبيض نصب إبليس تمثالا لنفسه تعوّد الحجيج من الإخوان تقبيله كى ينالوا البركة، لذلك من المعتاد أن ترى الإخوانى من هؤلاء وهو يسلم بيده على هذا التمثال الشيطانى ويقوم بتقبيله من وجنتيه، وفى آخر حج رأت جموع الحجيج الإخوانى الحاجة «آيات عرابى» وهى من فرط الخشوع تقوم باحتضان التمثال الحجرى بغية الحصول على الدفء المبارك، ولكن القيادى الأكبر «فؤاد رشيد» حرص على أن يرتدى ملابس الإحرام الأمريكية المتمثلة فى علم أمريكا، ووصل الأمر إلى درجة أن جعل هذا الحاج الإخوانى ربطة عنقه أيضا عبارة عن علم سيدته وسيدة جماعته الولايات الأمريكية، ولكى يكتمل حجهم هناك فإنهم يجب أن يسعوا بين البيت الأبيض وبنك أوكلاهوما، ومن الممكن أيضًا أن يكتفى الإخوانى بدلًا من السعى بسماع أغنية شهيرة يتغنون بها فى الموالد، وهى أغنية الليلة الكبيرة «إسعى إسعى إسعى إسعى.. خد لك صورة ستة فى تسعة».
ويقول أحد الراغبين فى إثارة الثورات إن حجه يختلف عن حج الإخوان، فهو حج «المفرد»، وفى هذا الحج عليه أن يتوجه لمقابلة السفير أو الملحق السياسى، فإن لم يجد فيكفيه مقابلة فرّاش السفارة، أو السعى بين سفارة إسرائيل والسفارة الأمريكية، وله فى عزمى بشارة أسوة حسنة، وفى أيمن نور مُطوف ودليل. فإذا استكمل مناسكه كلها فقد نال رضاء أولى الأمر فى السفارة، ثم رضاء البيت الأبيض وهذا أفضل الحُسنيين، علمًا بأن علماء الإخوان قالوا إن رضاء السفير يعنى رضاء البيت الأبيض، وبانتهاء مناسك الحج للبيت الأبيض وقتئذ ينقسم الحجيج إلى طائفتين أو فوجين، أما عن الفوج الأول فهو فوج الإخوان، وهؤلاء يعودون إلى بلاد المسلمين كما ولدتهم أمهاتهم، إذ إنهم سيكونون عرايا أمام الشعوب لا يستر عوراتهم حتى ورقة التوت، إلا أن هذا كله لا يهم فقد حصلوا على المعونات التى ستضاف إلى أرصدتهم، حيث سيذهب الإخوانى من هؤلاء إلى مدير البنك معطيا له صك المعونة قائلا له: أعطنى حسناتى التى نلتها من الحج.. وبذلك يكون قد حصل على جنة نيويورك، فإذا رضى عنه رب البيت الأبيض ارتقى درجة وحصل على جنة واشنطن، وما أدراك ما جنة واشنطن، أما الذى يخرج عن طوع المخابرات الأمريكية فسيتم نحره يوم عيد الأضحية، فإذا نسى أحدهم فرضًا من فروض الحج الأمريكى فعليه دم، إذ يجب عليه أن يقوم بذبح مائة من شعبه عن طريق التفجير والاغتيال، إن استطاع إلى ذلك سبيلًا. وقد حدث أن أخطأ الحاج محسوب فذهب إلى إيطاليا ليحج حجته الرابعة بعد أن اكتفى من الحج للبيت الأبيض، فكادت مخابرات أمريكا أن تنحره ولكنه قدَّم الوعود وأقسم إنه سيظل فى حجه للبيت الأبيض لا يرتضى سواه بديلا.
أما الفوج الثانى فهو فوج الراغبين فى الفوضى الطامعين فى الحكم الذين أجهدوا أنفسهم فى الطواف حول السفارات، فهؤلاء سيعودون إلى بلادهم وهم يكتبون التويتات والتغريدات التى تنقل الشائعات وتسعى لتحطيم المعنويات، فإن انكشف أمرهم وافتضح وأصبحت فضيحتهم بجلاجل، فليس لهم إلا الاستغاثة بمنظمات حقوق الإنسان وإقامة القضايا على من فضحهم، لأن ستر المسلم أولى من فضحه وهنيئًا لك يا فاعل الخير، أما عن ذلك الحج التقليدى الذى يفعله المسلمون منذ عصر النبوة فهو لا يليق بمقام الإخوان الصالحين، كما أنه لا يليق بجنابه، وجنابه هنا هو لقب رسمى لذلك الطامع فى الحكم وليس أمامه إلا التآمر على بلده، وللإخوان ألف مبرر فى هذا، والحق أن مبرراتهم مقبولة، فيقال إن الإخوان يخافون الذهاب لحج المسلمين هذا العام، إذ من الممكن أن يختلط الأمر على الحجيج أثناء الرجم فيحدث ما لا تحمد عقباه، وكل إخوانى ومتآمر ينبغى أن يتريث وأن يحافظ على عقباه!!، ومن ناحية ثانية أشاع البعض فتوى مفادها عدم جواز حج الإسلام بالنسبة للإخوان والراغبين فى الفوضى، وقد استندت الفتوى إلى عدم الاستطاعة المالية، نظرًا لأن أموال الإخوان هى فى حقيقة الأمر أموال التنظيم الدولى وليست أموالهم الشخصية.. أما عن أموالهم الشخصية فهم بالقطع لا يمتلكون قطميرًا.. كما يقال إن أموال البيت الأبيض التى تتدفق بين أيديهم ليست لهم فهى من الأموال التى اؤتمنوا عليها ولا يجوز لهم إنفاقها إلا فى وجهها الصحيح وهو قتل الشعوب ونشر الفوضى وممارسة الإرهاب.. ولكنهم سينالون بعد ذلك المكافأة فى جزر البهاما وكازينوهات موناكو ومنتجعات إعادة الشباب.
ولكن السند الرئيسى لفتوى عدم جواز حج الإسلام للإخوان وللراغبين فى الفوضى هو أن حج المسلمين يُشترط فيه أن يكون الحاج مسلمًا.. فمن شروط الحج الإسلام.. ومسألة إسلام الإخوان مسألة فيها نظر، وقد اعترف مرشدهم الأول حسن البنا بأنهم ليسوا مسلمين عندما قال «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين».