رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المسيح كان هنا.. الشرقية أول محطة "عامرة" بخريطة رحلة العائلة المقدسة

القس متياس
القس متياس

ورد فى سفر أشعياء "هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا".. وفى تلك السطور ما يدعو للتأمل، حيث قُصد بها دخول المسيح مصر فى رحلة العائلة المقدسة، وكيف تزلزلت الأوثان وتهدمت حين طل عليها المسيح وهو طفل صغير.

فمن المعروف أن الشرقية، وتحديدا "تل بسطة" من أبرز الأماكن التى مرت بها العائلة المقدسة خلال رحلتها، والتى إذا أخذت حقها الدينى والتاريخى ستصبح من أشهر مزارات مصر.

إذا ألقينا نظرة خاطفة على معبد تل بسطة، مقارنة بمعابد قدماء المصريين مثل معبد فيلة ومعبد الكرنك، سنلاحظ أن المعابد الأخرى ما زالت قائمة، ولكن تل بسطة تتناثر آثاره وأحجاره على الأرض، كما لو تم قصفها بالطيران أو هدمها بطريقة مريعة، رغم أن زنة الحجر الواحد من أحجارها المتناثرة تقاس بالأطنان، واليوم نستعرض علاقة العائلة المقدسة بتل بسطة وعلاقة دخول المسيح مصر بتلك الآثار المنهدمة، كما تتطرق "الدستور" إلى تفاصيل رحلة العائلة المقدسة ومعجزات وجودهم فى مصر.

يحتفل مسيحيو مصر بذكرى دخول العائلة المقدسة مصر فى يوم 24 بشنس، الموافق 1 من يونيو، كل عام، والحقيقة أن هذا التاريخ يرجع إلى دخولهم محافظة الشرقية بوصفها أول مكان عامر بمصر تدخله العائلة المقدسة، لأن العريش وبورسعيد آنذاك كانتا بمثابة صحراء، فلم تحظ تلك الأماكن إلا بمرور عابر للعائلة المقدسة، أما محافظة الشرقية فقد شهدت معجزات وأحداثًا تبرز أهميتها فى الدين المسيحى.

وسرد القس متياس يعقوب صبرى، كاهن كنيسة السيدة العذراء وماريوحنا الرسول، أن المجوس فى ذلك الوقت، رأوا نجما فى السماء يشير لميلاد الطفل المعجزى، أو الطفل الإلهى بفلسطين، وكان يحكمها فى ذلك الوقت الملك "هيرودس" اليهودى، والذى أمر بقتل كل الأطفال حديثى الولادة خوفا من سرقة عرشه، فأتى ملاك للشيخ "يوسف النجار" يخبره بأن يصطحب العذراء مريم وطفلها إلى مصر هربا من بطش هيرودس.

وأضاف فى تصريحات صحفية خاصة لـ "الدستور" أن تلك الرحلة ضربت أروع مثال على الصبر والاجتهاد، حيث قطعت العائلة المقدسة معظم الطريق مشيا على الأقدام، محتملين تعب المشى وحر الصيف وبرد الشتاء والجوع والعطش والمطاردة فى كل مكان.. فكانت رحلة شاقة بكل معنى الكملة تحملها السيد المسيح وهو طفل مع أمه العذراء والقديس يوسف، لافتا إلى أن الشرقية تعتبر المكان الأول الذى نزلت به العائلة المقدسة فى مصر، وشهدت المحافظة 3 معجزات للعائلة المقدسة، أولها أنه باستقرار السيدة مريم ويوسف النجار ويسوع المسيح بأرض تل بسطة بمحافظة الشرقية، ظلت العائلة المقدسة تبحث عن الماء، ولصعوبة الحصول على الماء وحيرة السيدة البتول، ظل الطفل المسيح يواسى أمه ورسم على الأرض دائرة، إذا بها تتحول لبئر، شرب منه أهل المنطقة والعائلة المقدسة.

وأثبتت بعض الدراسات والأبحاث، التى جرت على هذه البئر وبأخذ عينات من المعادن الموجودة فيها، أنها ترجع إلى وقت وجود العائلة المقدسة بمصر، أى أنها البئر التى فجرها المسيح وباركها بمنطقة تل بسطة.

والمعجزة الثانية، هى أن أهل مصر فى ذلك الوقت كانوا لا يرحبون بالغرباء، ولم يقبل أحد استضافة العائلة المقدسة ما عدا المصرى "كولوم" الذي رحب بهم واستضافهم بمنزله، وبدخولهم المنزل اعتذر لهم كولوم لإصابة زوجته "سارة" بالشلل وعدم قدرتها على الحركة، ولكن زوجته قامت من شللها وتمكنت من المشى والحركة بقدوم العائلة المقدسة للمنزل، ويقال إن هذا المنزل هو مقر كنيسة السيدة العذراء بالزقازيق.

المعجزة الثالثة، التى ما زالت آثارها واضحة حتى الآن، هى معبد تل بسطة الذى يتلاحظ تكسير آثاره وتناثرها على مسافات بعيدة، وهنا يشار إلى المعجزة الثالثة من معجزات العائلة المقدسة بمحافظة الشرقية، حين كان أهالى الشرقية يقيمون الاحتفالات الضخمة فى عيد معبودتهم "باستت" بمقر معبد تل بسطة الحالى، فاصطحبت السيدة العذراء مريم ابنها لمشاهدة الاحتفالات، وحين دخلا المعبد تزلزلت التماثيل وانهارت، وسقطت على الأرض فأساء أهلها معاملة العائلة المقدسة فتركوا المدينة وتوجهوا نحو الجنوب، وكان قدوم المسيح صاحب الرسالة السماوية بمثابة زلزلة للأوثان التى عبدها قدماء المصريين.

واستمرت رحلة العائلة المقدسة بمصر مدة تتجاوز العامين، اتخذت الرحلة فى مصر حوالى 25 مقرا بمختلف المحافظات، حيث دخلوا من بيت لحم مرورا بالعريش والفرما الواقعة بين العريش وبورسعيد، ليدخلوا الشرقية "تل بسطة"، ثم الفرار إلى مسطرد حيث ما يعرف بـ "المحمة" وهو مكان حممت فيه السيدة مريم ابنها المسيح وغسلت ملابسه، ومن مسطرد توجهت العائلة المقدسة إلى بلبيس، ومنها إلى سمنود، حيث يوجد هناك الماجور الذى عجنت فيه السيدة مريم طعام طفلها.

ومن سمنود توجهت العائلة المقدسة إلى "سخا" والتى عرفت فى ذلك الوقت بـ "بيخا إيسوس" وتعنى قدم يسوع، حيث ترك قدم المسيح علامة فى الحجر، ومن سخا إلى المطرية وعين شمس، ثم
إلى المطرية حيث استظلت العائلة المقدسة بشجرة تعرف إلى اليوم بشجرة مريم، وأنبع عيسى عليه السلام عين ماء هناك وشرب منه وباركه، ثم غسلت فيه السيدة العذراء ملابس المسيح وصبت الماء على الأرض فنبت فى تلك البقعة نبات عطرى ذو رائحة جميلة هو المعروف بنبات البلسم أو البلسان.

ثم توجهت العالة المقدسة إلى المعادى ومنها إلى المنيا، حيث نبتت هناك شجرة "العابد" ويقال إنها سجدت للسيد المسيح، وتجد أن جميع فروعها هابطة باتجاه الأرض ثم صاعدة ثانية بالأوراق الخضراء، واستمرت الرحلة إلى بلدة مير ومنها إلى جبل الفسقام، وهناك جاءت البشارة ليوسف النجار، وظهر له الملاك ليخبره بموت هيرودس، ويبشر العائلة المقدسة بإمكانية العودة لفلسطين، وسلكت العائلة طريق العودة بمحافظة أسيوط ثم إلى المطرية ومصر القديمة ثم إلى المحمة ومنها إلى سيناء وفلسطين.

وطالب القس متياس بأن يتم وضع محافظة الشرقية على الخريطة الأثرية والدينية الخاصة برحلة العائلة المقدسة، حيث وقعت بها أهم المعجزات، وتعتبر أول محطة لاستقرار العائلة المقدسة خلال الرحلة، وما زال بها البئر والمعبد المنهدم الدال على وجود المسيح وعائلته.