رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صندوق النقد: النمو السكانى السريع التحدى الأكبر أمام مصر

سوبير لال
سوبير لال

قال سوبير لال رئيس بعثة الصندوق المعنية بمصر، إن أهم القضايا التي تواجه مصر في السنوات المقبلة ترتبط بالنمو السكاني السريع، والحاجة إلى تحديث الاقتصاد، وإيجاد أفضل السبل لضمان حماية شرائح المجتمع الأضعف من خلال شبكة حديثة للأمان الاجتماعي.

وأضاف أنه على مدار الخمس سنوات المقبلة، يُتوقع انضمام 3.5 مليون من الشباب إلى سوق العمل، ما سيجعل استيعابهم بمثابة تحدٍ يواجه مصر، ورغم ذلك، فهو يخلق فرصة هائلة لتسريع النمو إذا تمكنت مصر من العمل على بزوغ قطاع خاص قوي ونشط لتشغيل هذا الجيل من العمالة في وظائف منتجة.

وأوضح أنه على مدار عدة عقود سابقة، كان القطاع الخاص في مصر أقل ديناميكية وأكثر اتجاها إلى الخارج مما هو الحال في البلدان المناظرة، مع وجود نسبة بسيطة من الشركات القادرة على المنافسة خارج السوق المحلية، ولتعزيز التقدم في تنمية القطاع الخاص وتحقيق نمو يقوده التصدير، توسعت السلطات في جدول أعمال الإصلاحات الهيكلية في ظل برنامجها الوطني، فشرعت في إصلاحات لرفع كفاءة تخصيص الأراضي، وتقوية المنافسة والمشتريات العامة، وزيادة شفافية المشروعات المملوكة للدولة، والتصدي للفساد.

وأضاف أن مصر تمتلك إمكانات هائلة بفضل تعداد سكانها البالغ نحو 100 مليون نسمة، وموقعها الجغرافي الذي يتيح مدخلًا ممتازًا للأسواق الأجنبية المهمة، غير أن التنمية الاقتصادية ظلت مكبوحة بسبب تركة السياسات الاقتصادية المنغلقة، وضعف الحوكمة، والدور الكبير الذي تقوم به الدولة في النشاط الاقتصادي، والذي أسفر عن سوء توزيع كبير للموارد.

وأوضح أنه مع ما يشهده الاقتصاد من تقدم نحو الاستقرار، تواجه مصر تحدي تحديث الاقتصاد لتحسين الاستفادة من إمكاناتها المتاحة.

ومن العناصر الضرورية في عملية التحديث ضمان أفضل تخصيص للموارد من أجل توليد نمو أعلى، وإزالة التشوهات السعرية التي تعوق الأسواق عن العمل بكفاءة.

ولفت إلى أن دعم الطاقة من أبرز التشوهات السعرية؛ فهو يبقي تكلفة الوقود في مستوى أقل بكثير من سعر السوق، ما يشجع الاستخدام غير الكفء للطاقة والاستثمار المفرط في الصناعات كثيفة الاستخدام لرأس المال سعيًا للاستفادة من تكلفة الوقود المنخفضة.

ودعم الوقود مكلف وغير منصف، إذ يستفيد بمعظمه الأثرياء الأكثر استهلاكا للطاقة مقارنة بشرائح المجتمع الأخرى، وسيساعد تحديد أسعار صحيحة للوقود على رفع كفاءة الاقتصاد حتى لا تتجه الاستثمارات إلى القطاعات كثيفة الاستخدام لرأس المال والطاقة.

وبدلًا من التركيز على هذه القطاعات، ينبغي توجيه الاستثمارات إلى القطاعات المنشئة لفرص العمل والمفيدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تنتفع بمواطن القوة في مصر، وتساعدها على الاندماج في سلاسل العرض العالمية.

ويؤدي تخفيض دعم الطاقة أيضا إلى تحرير موارد للإنفاق على الصحة والتعليم، وهما قطاعان ضروريان لتحقيق النمو الاقتصادي والتقدم المجتمعي على أساس طويل الأجل.

وقال إنه "مع بدء مصر في تحديث اقتصادها وتعزيز تنافسيته، سيكون من الضروري أيضا مواصلة تخفيض الدين العام إلى مستوى يمكن الاستمرار في تحمله على المدى الطويل".

والتحدي القائم هو ضمان حماية شرائح المجتمع الأضعف أثناء هذه العملية، وحماية موارد المالية العامة للإنفاق على الصحة والتعليم.

ومع التحرك نحو شبكة أمان اجتماعي أكثر فاعلية واستهدافا للمستحقين، يتعين الابتعاد عن نظام الحماية الاجتماعية القائم على دعم الوقود، وستواصل ميزانية 2018-2019 إحلال برامج الدعم المباشر للأسر الفقيرة محل دعم الطاقة، الذي يتسم بضعف استهدافه للمستحقين، وذلك بالتوسع في برامج التحويلات النقدية ودعم الغذاء.

وعززت السلطات برامج مثل بطاقات التموين الذكية، وضاعفت مقدار المساعدات المقدمة من خلال هذه البطاقات.

وعززت الحكومة أيضا معاشات الضمان الاجتماعي، وبرنامجي "تكافل" و"كرامة" للتحويلات النقدية، ويهدف برنامج "تكافل" إلى دعم دخل الأسر التي تعول أطفالًا، بينما يهدف برنامج "كرامة" إلى تحقيق الدمج الاجتماعي لغير القادرين على العمل، وبخاصة كبار السن وأصحاب الإعاقات.

ويجري تدعيم هذه الجهود بإصلاحات لتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وتحصيل الضرائب لضمان حماية الإنفاق الداعم للفقراء والاستثمارات الموجهة للصحة والتعليم.. وبشكل أعم، من المتوقع تحقيق تحسن مطرد في المستويات المعيشية، بما يشمل العمالة محدودة المهارات، من خلال التعجيل بخلق الوظائف في القطاع الخاص، وإدخال النساء سوق العمل في إطار استراتيجية السلطات للنمو الاحتوائي.