البهجة تمتزج بالشجن.. شباب "المزاريق" إسعاف متنقل لإنقاذ الركاب

بحث صاحب الـ53 عامًا كالمعتاد عن المواصلات الأقل تكلفة، حتى استقل القطار لتبدأ رحلته إلى مسقط رأسه في قنا، لم يخطر في مخيلته أن تنقلب الرحلة إلى حادث أليم، فعندما دقت عقارب الساعة عند الثانية والربع ظهرًا، تحوّلت حياة محمد محمود رأسًا على عقب، فوجد نفسه وعائلته المكوّنة من 6 أفراد، وسط مواطنون يهرولون، ومصابون وعويل هنا وهناك، وأجساد غارقة في دمائها داخل عربات قطار البدرشين.

صوت قوي في محيط خط سير القطار، فتأرجح الركاب على إثره يمينًا ويسارًا، في العربة رقم 10، فاكتشفوا حينها أنه صوت اصطدام القطار بالرصيف، فهرولوا صوب الشبابيك، في محاولة للنجاة من الموت، يقول محمود لـ"الدستور": "إحنا كنّا قاعدين في أمان الله، بعد ما ريح القطر شوية في محطة الجيزة واتحرك، محسناش بحاجة غير بناس عمّالة تجري شمال ويمين والقطر بيتقلب بينا، خرج عن خط سيره الطبيعي أصلًا محدش عارف إزاي، جرينا ناحية الشباك عشان ننفد بجلدنا".

كان اختيار القدر للمكان فلسفة لم يعلمها سوى الناجون من الهلاك المؤكد، فحينما هروّل الرجل الخمسيني مع عائلته خارج القطار، وجد شباب القرية على يد رجل واحد في مساعدة غيرهم من الناجين والمصابين يحاولون مدّهم بالإسعافات الأوليّة حتى وصول عربات الإسعاف، فامتزجت لديه البهجة بالشجن، حيث يُتابع الرجل الخمسيني روايته "خرجت واطمأنت على أهلي، ولمّا ابديت أفوق من الخضة لاقيت الشباب هنا في المرازيق واقفين، كانوا رجالة بقدر الكلمة، وعمالين يشيلوا في الناس ويلحقوهم، وفي ناس اتحركت بعربياتها عشان توديهم المستشفيات مااستنتش الإسعاف".


الإهمال كان سيد الموقف حينها، حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم، ما زالت الأجواء مشحونة، والغضب يستقر داخل نفوس الناجون من شبح الموت، مطالبين بتعويضات تخفف عنهم ما شوهد من آلام، "أنا عايز على الأقل ألف جنيه ليا ولأسرتي عشان أروّح، لأن أقل عربية هتتكلف لكل فرد فينا 150 جنيهًا، وأنا قابلت حد من النواب قالي استنوا نصف ساعة، وهنجيب عربيات، وأدينا بقالنا أكتر من ساعة ومحدش سأل فينا".