رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لیل مدرید

جريدة الدستور

الثالثة صباحًا. ليل مدريد قاس. أنتظر- وحيدة- موعد السحور. علاء نائم على السرير، وأنا مستلقية على فوتيل مجاور. ضوء خافت. وأنا بملابس النوم. لن يأتينى أحد بعد ‏الآن. التليفونات أيضًا توقفت قبل ساعة. حتى الصائمون مثلى لا ينتظرون موعد السحور، يأكلون فى أى وقت وينامون. وراءهم أعمال غدًا. أنا ليس ضروريًا أن أكون ‏مستقيظة تمامًا فى عملى. لا شىء يستحق اليقظة. والنوم أصبح عزيز المنال.‏
أكتب لنفسى، لنفسى فقط، فربما استطعت أن أفهم ما أنا فيه بعد ذلك الوصف الفظيع الذى قدمه الطبيب النفسى لحالتى. ليس مهمًا اسم المرض الذى ألصقه بى، وليس مهما ‏شكه فى إمكانية العلاج السريع، أريد أن أقول له إنه لا يفهم شيئًا، وأننى أنا الوحيدة التى أستطيع أن أفهم نفسى ومشاكلى، قد أكون مريضة لأنى فعلًا تعبانة، ولكن ليس ‏بالمعنى الذى أفهمنى إياه.‏
اسمى هناء. ولست أذكر أننى تمتعت- يومًا ما- بهذه الصفة، ولست أعرف لماذا سميت بهذا الاسم، فلم يكن لدى أهلى الوقت لكى يحكوا لى كثيرًا من الأشياء التى سمعت من ‏بعض زميلاتى أنهن قد عرفنها من أهلهن. فقد كان لديهم من المشاكل ما يصرفهم عن أن يهتموا بى أو حتى بأخى وأختى اللذين جاءا بعدى إلى الدنيا. ومع ذلك من الغريب أن ‏يسمياهما أيضًا «رضا» و«صفاء».‏
لست هنية. هذا لا يكفى. فأنا أعرف ما هو أكثر عن مشكلتى. بل أكاد أؤكد أننى أعرف بالضبط ما هى المشكلة.‏
أعرف أننى أعيش حالة ضياع كامل. لا أعرف من أنا ولا ماذا أريد، ولا ماذا أفعل بحياتى.‏