رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النهائى الأول.. أسلحة إسبانيا والبرتغال فى أقوى مواجهات المجموعات

اسبانيا
اسبانيا

فى أول مواجهة من العيار الثقيل بمونديال موسكو، يلتقى فى الثامنة مساء اليوم منتخبا إسبانيا، بطل العالم فى النسخة قبل الماضية، والبرتغال بطل «اليورو» الأخير، ضمن منافسات المجموعة الثانية التى تضم المغرب وإيران أيضًا.
فى التقرير التالى نشرح استعدادات الخصمين الأوروبيين لهذا النهائى المبكر الذى يترقبه العالم، ونقاط القوة والضعف هنا وهناك، ومَنْ الأقرب لتحقيق الانتصار ولماذا؟.

لاروخا.. هييرو على خُطى لوبيتيجى.. الانضباط التكتيكى قيمته المُضافة.. والرهان على الاستحواذ وعزل الخصم
قبل المونديال بـ٤٨ ساعة، تعرض «الماتادور» الإسبانى لزلزال قوى بإقالة جولين لوبيتيجى، المدرب العبقرى الذى قدم أدوارًا رائعة طوال الفترة الماضية، وشكّل مزيجًا من أجيال جديدة وبقايا الجيل الذهبى، لكنه خالف اتفاقه مع الاتحاد الإسبانى ووقَّع على عقود تدريبه لفريق ريال مدريد بدءًا من الصيف الجارى.
«قرار خاطئ».. هكذا اعتقد الكثيرون، وذهب البعض ليصف اتحاد إسبانيا بالجنون، وازداد غضب هذا الفريق عندما أُعلن اسم البديل فيرناندو هييرو، الذى لم يكن له أى تاريخ تدريبى.
كيف يتم الاعتماد على مدرب لم يسبق له خوض تجربة تدريب جادة؟.. هكذا يتساءل الجميع.
لكن الرد بتساؤلات أخرى: هل كان لجوارديولا تاريخ قبل برشلونة؟ ألم تكن مقامرة الاعتماد على مدرب شاب لم يقد أى فريق بالدرجة الأولى؟.. النتيجة كانت صناعة تاريخ وفريق لم يره العالم وسيحتاج عشرات السنوات ليرى نسخة أفضل منه.
تساؤل آخر: هل كان يعرف أحد لوبيتيجى هذا الذى أحدث هذه الضجة قبل تدريب إسبانيا؟.. مؤكد لا.
عندما تعيِّن مدربًا لفريق بحجم برشلونة أو منتخب بحجم إسبانيا فى ظرف مثل هذا فأنت أمام أمرين لا ثالث لهما، خيار عبقرى سيُبهر العالم، أو قرار أحمق سيكلفك الكثير، والتاريخ يقول إن الإسبان بالتحديد لا يرتكبون الحماقات، وكل شىء يقومون به فى كرة القدم مدروس ومخطط له مسبقًا، فهييرو، الذى كان مديرًا رياضيًا للاتحاد الإسبانى، لم يكن موجودًا فى الأساس كمجاملة أو من أجل الحصول على راتب وضعه أحد رفاقه كما يحدث فى الاتحادات الفاسدة، وما أكثرها.
المدير الرياضى لاتحاد مثل إسبانيا أو ألمانيا، هو أهم رجل يخطط لكرة القدم هناك، يضع الاستراتيجيات، ويشرف على تنفيذها من البداية إلى النهاية، ويجرى عملية الربط ما بين المنتخبات وبعضها البعض، حتى تتواصل الأجيال ويستمر الاستغلال الأمثل للمواهب.
وهذه المهام لا تحتاج لرجل دارس ومحترف، ومتفرغ لتلك المهمة فقط، لذلك لن يكون هييرو سوى امتداد لاستراتيجية واحدة، كل من سيأتى بعده سيسير عليها حتى يأتى من يُبدل هذه الاستراتيجية بقرار فوقى من الأساس.
فنيًا، لا تغييرات كبيرة ستحدث على شكل الفريق الإسبانى، ستظل فلسفة الاستحواذ والسيطرة على الكرة طوال المباراة قائمة، وسيقوم الفريق بعملية تدويرها وعزل الخصم تمامًا بحرمانه من تبادل السيطرة عليها، بفعل تقارب المساحات المذهل، والمهارات الفردية العالية لدى جميع اللاعبين فى كل خطوط اللعب.
فى الدفاع سيلعب كارفخال وراموس وبيكيه وألبا، وفى الوسط سيكون بوسكيتس محور الارتكاز، ومعه إنييستا وواحد من كوكى أو تياجو ألكانتارا، وأمامهم الثنائى إيسكو وديفيد سيلفا خلف المهاجم الصريح مورينيو.
لا يلعب الفريق الإسبانى بجناحين صريحين، ويعتمد على فتح الخطوط أمام ظهيرى الجانبين كارفخال وألبا، ومنحهما الفرصة للقيام بالأدوار الهجومية وعدم تضييق المساحات أمامهما، فى حين يقوم إيسكو وسيلفا بأدوار هجومية من عمق الملعب لتحقيق التنوع المطلوب.
تزداد قوة الفريق الإسبانى بمنتصف الملعب الذى يضم مع سيلفا وإيسكو لاعبين آخرين بنفس المهارة الفردية والقدرة على المراوغة وتحقيق الزيادة الهجومية فى وجود إنييستا وألكانتارا، وهذا يمنح الفريق مرونة كبيرة فى عملية تبادل الأدوار بين الجميع، فلا تعرف من سيخرج على الخط، ومن سيتواجد فى العمق، وهذا الأمر سيربك البرتغال كثيرًا رغم الصلابة الدفاعية التى يتمتع بها الفريق.
الشىء الذى قد يُضاف إلى الفريق الإسبانى مع هييرو هو إضافة مزيد من الانضباط التكتيكى على شكل الفريق، فهو مدافع كبير ومعروف بميله للانضباط، لكنه كان أيضًا بين الهدافين التاريخيين للمنتخب الإسبانى، وهذا الأمر يكشف عن أنه رجل بإمكانيات غير عادية وقادر على الابتكار وخلق حلول إبداعية.
ومع الحرص الخططى لهييرو، ربما يجد المنتخب الإسبانى علاجًا للأزمة الدفاعية التى تتولد نتيجة الضغط العالى وتقدم قلبى الدفاع راموس وبيكيه بالقرب من منتصف ملعب الخصم، وهو ما يعرض الفريق لخطورة كبيرة عندما يصطدم بلاعبين يستطيعون اللعب على المرتدات.

برازيل أوروبا.. دفاع بـ9 لاعبين.. المرتدات سلاح خطير.. ومخاوف من بطء المدافعين وضعف الدكة
فى المقابل، نجح المنتخب البرتغالى فى التتويج ببطولة «اليورو» الأخيرة دون تقديم كرة جميلة، لكن المدرب البرتغالى المحنك فيرناندو سانتوس، لم يعتن بالانتقادات الموجهة إليه، ولم يبال بما قيل عن محدودية أفكاره، وأصرَّ على الرهان على المدرسة الدفاعية التى لم تكن تعرفها البرتغال من قبل.
أمام إسبانيا، سانتوس والبرتغاليون جميعًا ليسوا مخيَّرين، بل مجبرين على انتهاج نفس الفلسفة، ففكرة خطف الاستحواذ واللعب بهجوم منظم والبناء من الخلف أمر صعب للغاية، لأن الاستحواذ أمر مضمون لـ«الماتادور»، لذلك ستستمر نفس الطريقة التى لعب بها البرتغال فى «اليورو» الأخيرة.
سانتوس سيخوض هذه المواجهة بطريقة «٤٤٢» وربما يبدلها إلى «٤٥١»، لكنه فى كلتا الحالتين سيعتمد على دفاع مكون من ٩ لاعبين خلف خط المنتصف عندما تكون الكرة بحوزة الفريق الإسبانى، وسيكون نجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو هو الاستثناء الوحيد فى العملية الدفاعية، إذ يفضل ادخار مجهوده فى الثلث الأخير من الملعب.
يراهن المدرب البرتغالى على اللعب المرتد، ويستغل فى ذلك سرعات رونالدو وبيرناندو سيلفا وأندريا سيلفا، ويتميز هذا الثلاثى بقدرات رائعة فى التحول السريع ونقل الفريق للمناطق الأمامية.
ويمثل النجم بيرناندو سيلفا، لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزى، حلقة الوصل فى الفريق، وربما يكون المحور الأهم فى الأداء عندما يستغل المساحات التى يخلِّفها الصعود المتكرر لظهير إسبانيا جوردى ألبا الذى يفضل القيام بالأدوار الهجومية دائمًا.
ويتميز سيلفا بامتلاك مهارات عالية فيما يتعلق بالمراوغة، واستغلال أرباع المساحات، كما أنه بارع فى موقف لاعب على لاعب، وسيضع راموس فى مواقف محرجة كثيرًا عندما يجد تلك المساحات بفعل التقدم الدائم لراموس.
ومع أن المنتخب البرتغالى يلعب بصلابة دفاعية كبيرة، لكن السبب فى ذلك هو أسلوب الفريق الذى وضعه المدرب، وليس أن الفريق يمتلك مدافعين كبارًا، بل إنه يجد قصورًا كبيرًا عند سيدريك سواريز وبرونو ألفيش ورولاند، بسبب البطء والسذاجة فى قراءة ألعاب الخصوم.
أمام لاعبين أذكياء بحجم إيسكو وسيلفا وإنييستا، تحتاج لمدافعين يفكرون قبل أن تكون قوتهم متمثلة فى الأبدان والصراعات الجسدية، وهذا الأمر لا يتوافر كثيرًا فى الدفاع البرتغالى، الذى تكون كل قوته فى الدفاع ككتلة وواحدة، بينما إذا توافرت المساحات- التى يُجيد الفريق الإسبانى خلقها- سيكون البرتغال فى موقف محرج.
من نقاط الضعف لدى الفريق البرتغالى أيضًا غياب الدكة الفاعلة، فبدلاء «برازيل أوروبا» ليسوا بنفس الإمكانيات الموجودة فى الملعب، ولا يمتلكون القدرة على توفير حلول جديدة، مثل دكة بدلاء إسبانيا التى تشهد وجود أسينسيو وفاسكيز وكوستا، وجميعهم خيارات يمكنهم إعطاء إضافة قوية من جهة، فضلًا عن قدرة الثنائى الأول على تغيير الطريقة التى يلعب بها المدرب.
وبعيدًا عن الشكل الجماعى للفريق البرتغالى، فإن الرهان دائمًا على النجم الأول كريستيانو رونالدو، لكنه سيكون فى اختبار صعب للغاية عندما يصطدم بقلبى دفاع بحجم راموس وبيكيه.
رونالدو يعرف زميله راموس فى ريال مدريد جيدًا، ولعب أمام بيكيه أكثر من أى مدافع آخر فى العالم، وربما يفوقهما بذكائه، لذلك يبقى الرهان عليه حاضرًا إذا توافرت القوة الجماعية للفريق البرتغالى لمساعدة «الدون» على الوصول إلى مناطق الخطورة.