رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

365 يومًا «تأديب».. ما الذى ينتظر قطر فى العام الثانى للمقاطعة العربية؟

جريدة الدستور

مع مرور عام على إعلان مصر والسعودية والإمارات والبحرين قطع علاقاتها مع قطر ووقف الحركة البحرية والبرية والجوية معها، تثار العديد من التساؤلات حول ما حققه هذا الإجماع العربى ضد داعمى الإرهاب، والتوقعات بشأن مستقبل الأزمة، خاصة فى ظل الرفض القطرى للمطالب العربية الـ١٣. وقطعت دول «الرباعى العربى»، فى ٥ يونيو ٢٠١٧، علاقاتها مع قطر، على خلفية دعمها الإرهاب وتمويلها التنظيمات المتطرفة، وبعدها بـ١٧ يومًا سلمت الكويت قائمة تضم ١٣ مطلبًا قدمتها الدول الأربع إلى قطر.
ومن بين هذه المطالب إغلاق قناة «الجزيرة» وخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وطرد جميع عناصر الحرس الثورى الإيرانى من الأراضى القطرية، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية هناك، وإيقاف أى تعاون عسكرى مع أنقرة، وقطع العلاقات مع «الإخوان» و«حزب الله» و«القاعدة» و«داعش».
«الدستور» ترصد فى السطور التالية، من خلال خبراء معنيين بالأزمة ومطلعين على تفاصيلها، ما الذى تحقق بعد ٣٦٥ يومًا من «المقاطعة»، وتوقعاتهم للفصل الثانى من الأزمة، خلال الفترة المقبلة.

لا تراجع من «الرباعى العربى» وتنظيم كأس العالم ٢٠٢٢ «مهدد»
البداية من الكاتب والمحلل السياسى البحرينى عبدالله الجنيد، الذى قال إن عزل ومقاطعة قطر كشف نظامها السياسى فى الداخل قبل الخارج، عن طريق ظهور رأى عام قطرى رافض لسياسات «تنظيم الحمدين» العدائية تجاه جوارها الخليجى وعمقها العربى.
ورأى «الجنيد» أن قطر تملك مفاتيح إنهاء الوضع القائم وقتما تشاء، من خلال وضع برامج لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى الرياض بين عامى ٢٠١٣- ٢٠١٤، على ألا يتجاوز ذلك عدة أسابيع، والتوقيع على تعهد ملزم لها بعدم تكرار ما استدعى اتخاذ قرار العزل والمقاطعة، مشددًا على أن الرباعى العربى لن يتراجع عن ذلك التعهد، وهو ما يدركه الوسيط «الكويت»، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، وتدركه قطر نفسها.
وأشار إلى أن قطر تدرك أنها فشلت دبلوماسيًا فى تحقيق الحد الأدنى من التعاطف الدولى مع مظلوميتها، فضلًا عن فشلها فى ابتزاز الرباعى والولايات المتحدة بالارتماء فى حضن إيران وتركيا، معتبرًا أنه حال قررت قطر الاستمرار فى المكابرة فإنها ستغامر ليس فقط بخسارة عمقها الخليجى، وإنما بجوهرة تاجها السياسى أيضًا، أى خسارتها حق تنظيم كأس العالم ٢٠٢٢.
أما الدكتور مطلق المطيرى، أستاذ الإعلام السياسى فى جامعة الملك سعود السعودية، فرأى أن الأزمة العربية القطرية لها امتداد تاريخى بدأ منذ الانقلاب على الشيخ خليفة عام ١٩٩٥، موضحًا: «الدوحة أصبحت منذ ذلك التاريخ (غرفة عمليات الفوضى الخلاقة)».
وأضاف «المطيرى» أن قطر كانت تمارس داخل مصر أكثر من دور تخريبى، فتقربت من السودان لخلق حالة كراهية مع القاهرة، وساندت حركة «حماس» لضرب تاريخ بلاد النيل المشرف ضد العدو الإسرائيلى، ودعمت جماعة الإخوان فى مصر لتعزيز الفوضى وعدم الاستقرار وإشعال الحرب الأهلية.
وفى السعودية، دعمت قطر الإرهابيين لتنفيذ عمليات إرهابية فى المملكة، ومنها محاولة اغتيال الملك عبدالله، بجانب دعم معمر القذافى فى مواقفه المناهضة لبعض الدول العربية ثم الانقلاب عليه بعد الثورة فى ليبيا.
وخلص إلى أن قطر تخدم مشروعًا تخريبيًا كبيرًا يهدف لضرب كل الدول العربية، وحذر: «تم تنفيذ بعض من هذا المشروع، بعد أن صارت قطر غرفة عمليات تخريبية لأطراف خارجية».
وعن تصوراته لمستقبل الأزمة، قال: «قطر لا تريد الالتزام بشروط الرباعى العربى، أو ربما طُلِب منها ذلك حتى تكمل المشروع التخريبى»، معتبرًا أن قبولها شروط الرباعى العربى اعتراف ضمنى بدورها التخريبى، وكشف الدول الممولة لهذا المخطط.

ترجيحات بتجميد وساطة الكويت وسلطنة عمان خلال الفترة المقبلة
فيما توقع الكاتب والمحلل السياسى الإماراتى أحمد السياف، تصعيد الموقف خلال الأيام المقبلة، ودخول دول جديدة على خط الأزمة، بعد التسريبات الأخيرة التى أكدت اتهامات دول المقاطعة لقطر.
وقال إن مستقبل الأزمة يقف على دخول أطراف جديدة، وعلى رأسها الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، الوارد أن تعيد ترتيب أوراقها، خاصة إذا سقط النظام القطرى، محذرًا فى الوقت ذاته من دخول إسرائيل.
وأضاف أن الولايات المتحدة ذاتها تتحدث عن الإرهاب وتخشاه، ووجهت عدة إنذارات لقطر، لذا فإن دخولها سيثقل من الموقف العربى، ويمثل نوعًا من الضغط على قطر، معتبرًا أن قائمة الكيانات والشخصيات الإرهابية التى أصدرتها قطر مؤخرًا غير كافية، خاصة مع امتلاك «تنظيم الحمدين» قدرة كبيرة على المراوغة.
وقلل من أهمية مذكرة التفاهم الموقعة بين واشنطن والدوحة، فى بداية الأزمة، قائلًا: «قد تحمل نتائج عكسية على قطر، حال اتهمتها الولايات المتحدة بخيانة بنود الاتفاقية، فرغم أن قطر كانت تظن فى توقيع الاتفاقية مع واشنطن دعمًا دوليًا لها، لكنها فى الحقيقة فخ أمريكى».
ورأى «السياف» أن الولايات المتحدة تبحث عن مصالحها، ومصلحتها خلال الخمس سنوات المقبلة ليست مع قطر، وإنما هى بحاجة إلى الدول العربية ومن بينها مصر، كما أنها تخشى الشمال العراقى الذى يتمتع بعلاقات طيبة مع الإمارات، وبالتالى فإن لم ترض الولايات المتحدة دول الخليج خلال هذه الفترة، فإنها قد تخسر أشياء كثيرة.
وعن بقية الوسطاء والأطراف المتداخلة فى الأزمة، قال الدكتور مختار غباشى، نائب رئيس المركز العربى للدراسات الاستراتيجية: «الكويت وسلطنة عمان، باعتبارهما عضوين فى مجلس التعاون الخليجى، يتخذان موقفًا حياديًا هو أقرب لوجهة النظر القطرية، من وجهة النظر السعودية الإماراتية، ما قد يعد سببًا لتجميد هذه الوساطة قريبًا»، وفق قوله.
وأضاف «غباشى» أن كل الأطراف ما زالت ترى أن دولة الكويت هى الوسيط الأصيل الذى لا يجوز الاستغناء عنه، أما الولايات المتحدة فتمارس دورًا يدفع أطراف الأزمة إلى ضرورة تسوية أمورها.
وفسر رؤيته تلك قائلًا: «الوساطة الكويتية تختلف عن الأمريكية، لأنها تهدف لمصلحة مجلس التعاون الخليجى، لكن الثانية تهدف لمصلحتها الذاتية»، مشيرًا إلى أن واشنطن استفادت من الخلاف عبر صفقات السلاح.
واختتم: «قطر، فى هذا الخلاف، باتت أقرب للموقفين الإيرانى والتركى اللذين استطاعا الاستفادة من هذا الخلاف مع الولايات المتحدة».
واتصالًا مع دور إيران، قال الدكتور محمد محسن أبوالنور، الباحث والخبير فى الشأن الإيرانى: «العام الماضى كشف ما كان مخفيًا فى العلاقات الإيرانية القطرية».
وأوضح أن التعاون القطرى الإيرانى كان وثيق الصلة، وتكلل ذلك من خلال الاتفاقية الأمنية التى وقعها حمد آل ثانى والرئيس محمود أحمدى نجاد فى ٢٠١٠، التى بمقتضاها تلتزم إيران بإرسال قوات إلى قطر لو تعرضت لأى تهديد.
وأضاف أن المقاطعة العربية لقطر أظهرت بجلاء تلك العلاقات وجعلتها سافرة على نحو لا يقبل التشكيك، مستدلًا على ذلك بحركة التجارة بين البلدين التى زادت بنحو ٥ مليارات دولار، فضلًا عن مشروع تطوير «بندرلنكة»، وغيره من مشروعات وبروتوكولات التعاون الثقافية والاقتصادية.
وتابع: «هذا التقارب لم يكن يحلم به أكثر الإيرانيين تشاؤمًا، ولم تتصور طهران أن تكون لها قوات فى عاصمة خليجية ودولة عضو فى مجلس دول التعاون».
لكن «أبوالنور» توقع مستقبلًا انخفاض مستوى العلاقات بين طهران والدوحة على خلفية الضغوط الأمريكية لإنهاء الأزمة القطرية العربية، فى ضوء محاولات واشنطن محاصرة نفوذ إيران فى الإقليم.

شق «قناة سلوى» من قبل السعودية يحولها إلى «جزيرة معزولة»
بينما ربط السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إمكانية نجاح أى وساطة بضرورة وجود تجاوب من الأطراف الضالعة فى الأزمة مع الوسيط.
وقال «حسن»: «على الرباعى العربى وقطر التجاوب مع ما يقدمه الوسيط من مقترحات وآراء للتقريب بين وجهات النظر لإيجاد أرضية مشتركة»، خاصة أن عدم الاستجابة لأى مطلب سواء من الوسيط الكويتى أو الأمريكى أدى إلى تجميد الوساطة وجعل الأزمة تدور فى حلقة مفرغة».
وأضاف أن الدول الأربع لم تتساهل فى التفاوض مع قطر، وتمسكت بتطبيق المطالب أولًا ثم بدء الحوار، ومن هنا تجمد الموقف، مشيًرا إلى أن الهدف من العقوبات كان إبعاد قطر عن إيران والولايات المتحدة ولكن ما حدث هو العكس، وفق قوله.
واعتبر أن المقاطعة أصابت مجلس التعاون الخليجى بـ«حالة من الشلل»، موضحًا: «لم يعد له دور على مستوى علاقاته مع المجموعات الإقليمية الأخرى، نظرًا لانقسام أعضائه بين موقف يضم الكويت وعمان وقطر من ناحية، وآخر يضم السعودية والإمارات والبحرين».
وفى مقابل تلك الرؤية، قال كرم سعيد، الباحث فى الشأن التركى: إن المقاطعة أفادت تركيا فى التقرب إلى قطر فى ظل استمرار الخصومة مع دول الرباعى العربى، خاصة أن تركيا بحاجة هى الأخرى إلى قطر، مشيرًا إلى أن هناك موقفًا عربيًا رافضًا لسياسات تركيا، خاصة فيما يتعلق بتدخلها فى الشئون العربية وموقفها حيال الأزمات فى المنطقة.
وتابع: «فى ظل حالة الفتور بين تركيا وعدد من الدول الخليجية تبقى قطر سوقًا مهمة للصادرات التركية، كما تبدو أهميتها فى ظل التراجع الواضح للاقتصاد التركى وفقدان الليرة التركية ما يقرب من ١٩٪ من قيمتها على مدى شهر، كما أن قطر هى الأخرى بحاجة إلى تركيا فى ظل مقاطعة الدول العربية لها».
وشدد «سعيد» على أن التقارب التركى القطرى ممتد وليس مرتبطًا بالأزمة الخليجية، والدليل على ذلك القاعدة العسكرية التركية الموجودة فى قطر، والمشروعات التى تنشئها تركيا فى قطر، بالإضافة إلى الاستثمارات القطرية فى تركيا.
واعتبر الخبير الاقتصادى الدكتور صلاح فهمى أن قطر لن تتأثر كثيرًا بالأزمة، لكن فى حال واجهت حصارًا من الولايات المتحدة وإنجلترا ودول أوروبا فإن الأضرار الاقتصادية ستكون أكبر، نظرًا لاعتماد اقتصاد الدوحة على منتجات هذه الدول.
وأضاف «فهمى» أن اقتصاد قطر غنى ولديه فوائض مالية وإلى حد ما متماسك لكنه ضعيف وهش كونه قائمًا على البترول والغاز فقط، وليس صناعيًا أو زراعيًا، وإنما مجرد اقتصاد ريعى يعتمد على عائد البترول فقط.
وطالب قطر بالعودة إلى عمقها العربى وإنهاء الأزمة، منعًا لتمدد الخطر الإيرانى، وعدم ترك الأبواب مفتوحة لأطراف أخرى تريد اللعب فى الداخل العربى، خاصة الخليجى.
فيما رأى الدكتور مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، أن قطر دولة غنية لكونها دولة بترولية وعدد سكانها قليل، وليس لقوة اقتصادها، والخناق يضيق حولها بمرور الزمن من جانب الدول المحيطة بها خاصة السعودية والإمارات والبحرين.
ولفت إلى أن مشروع السعودية لشق «قناة سلوى» يجعل من قطر جزيرة معزولة ويؤثر على تواصلها مع دول العالم، وتابع: «فضائح قطر على المستويين الدولى والإقليمى كان لها تأثير فى خفض الأسهم الخاصة بها، واستمرار المقاطعة بنفس القوة الموجودة حاليًا ودخولها العام الثانى سيجعل الأضرار الاقتصادية لقطر أشد صعوبة».

نظام تميم يمارس ضغوطه على رموز المعارضة.. دعم الإرهاب لا يتوقف.. ولا مؤشرات حول نقل قاعدة العديد الأمريكية
فيما كشف المستشار على آل الدهنيم، أحد رموز المعارضة القطرية، عن أن النظام القطرى يمارس ضغوطًا لإجباره على ترك صفوف المعارضة، وعقب ظهوره على وسائل الإعلام فوجئ بصدور حكم بالإعدام ضده ومصادرة أملاكه.
وأضاف: «أنا ورقة أولى مطلوبة فى قطر، وتعرضت لمحاولة خطف، وأمر بظروف قاسية للغاية منذ بداية الأزمة»، لافتًا إلى وجود محاولات غير مباشرة للتواصل معه من قبل الحكومة القطرية عن طريق وسطاء، طُلِب منه فيها أن يظهر على قناة «الجزيرة».
وأكد «آل الدهنيم»، الذى يعيش فى بريطانيا حاليًا، عدم رغبته فى ترك المعارضة، لأن هذا ما يريده النظام فى الوقت الراهن، نظرًا لكونه رجل مخابرات سابقًا ويعرف أشياء كثيرة عن قطر والشعب القطرى مغيب عنها.
من جانبها، قالت المعارضة القطرية منى السليطى، عن الأزمة: إن الوضع متأرجح ما بين جدية دول المقاطعة، وممانعة قطر بسبب دعم تركيا وإسرائيل وإيران، لافتة إلى أن رموز المعارضة يتعرضون لضغوط من قبل النظام القطرى.
وأضافت: «ما يهمنى هو بلدى المختطف من إيران وإسرائيل، وتحولنا لمشردين، والفساد بالداخل هو قنبلة موقوتة ولكن يحتاج إلى وقت نظرًا للقمع».
وعن الداخل القطرى، قالت: الفساد تعايش معه الشعب، ويرون أن دول المقاطعة حاسدة لهم وتريد الغاز الذى يملكونه، مشددة على أن دعم قطر للإرهاب مستمر فى ليبيا وسوريا ولبنان من خلال «حزب الله».
وفيما يتعلق بقاعدة «العديد» الأمريكية فى قطر، قال اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكرى والاستراتيجى: «دعوات الكونجرس لإغلاقها غير مؤثرة، لأن البنتاجون والاستخبارات هما المؤثران فى الولايات المتحدة، وبالتالى لا يستطيع الكونجرس أن يفرض رأيه».
ورأى «مسلم» أن الاحتمال الأخطر للقاعدة الأمريكية فى قطر خلال الفترة المقبلة هو استخدامها ضد إيران، لافتًا إلى أنه فى هذه الحالة ستتعرض المنطقة العربية بأكملها لضربات مضادة.
من جانبه، قال اللواء حمدى بخيت، الخبير الاستراتيجى، إن قاعدة «العديد» لن يتغير موقعها الحالى، لأنه لا غنى عن العلاقات القطرية الأمريكية، فهى علاقة استراتيجية، وإحدى علاماتها هو وجود القاعدة الأمريكية.
وأضاف أن قطر تعمل على تنفيذ مخطط أمريكى فى المنطقة، والوجود الأمريكى فى الخليج لن يبقى إلا عن طريق القواعد العسكرية.
واختتم: «الكونجرس يعمل على تقليص المصروفات فى الخارج، ومنها تقليص حجم القواعد، إلا أن مصالح الأمن القومى الأمريكى تقاس قياسًا آخر، بعيدًا عن ذلك»، لكنه أشار إلى أن قاعدة «العديد» نفسها تعد نقطة تهديد لمصالح الولايات المتحدة لأنها فى مدى الأسلحة الإيرانية.