رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«70 عاما من الخدمة والتضحية».. شعار اليوم الدولي لحفظة السلام 2018

الأمم المتحدة
الأمم المتحدة

يحيي العالم بعد غد الاثنين، اليوم الدولي لحفظة السلام 2018 تحت شعار (70 عاما من الخدمة والتضحية)، فهي الأداة الفريدة من نوعها المتسمة بديناميكيتها، والتي طورت لمساعدة البلدان الممزقة من الصراعات على بناء الظروف المواتية للسلام الدائم.

وقد بدأت أولى بعثات حفظ السلام من الأمم المتحدة في 29 مايو 1948، عندما صرح مجلس الأمن بنشر مجموعة صغيرة من المراقبين العسكريين التابعين للأمم المتحدة في الشرق الأوسط لتكوين هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة (يونتسو) من أجل مراقبة اتفاق الهدنة بين إسرائيل وجيرانها العرب.

ومنذ إنشاء أول بعثة لحفظ السلام في عام 1948، قضى أكثر من 3700 من أفراد الجيش والشرطة والموظفين المدنيين نحبهم في خدمة قضايا السلام نتيجة لأعمال العنف والحوادث والمرض.

ومن المقرر أن يرأس الأمين العام مراسم وضع إكليل من الزهور تكريما لجميع حفظة السلام، الذين قضوا نحبهم أثناء أدائهم لمهامهم تحت راية الأمم المتحدة، وإضافة إلى ذلك سيمنح وسام (داغ همرشولد) إلى أسماء حفظة السلام الذين سقطوا في عام 2017 في سبيل قضية السلام.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت يوم 29 مايو ليكون اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة، وذلك حيث أنه في مثل هذا اليوم من عام 1948 أنشئت أول بعثة لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وهي بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، والتي بدأت عملياتها في فلسطين.

وقال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالة له، "إنه في يوم 29 مايو 1948 أذن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأول عملية تضطلع بها الأمم المتحدة في مجال حفظ السلام، وهي هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة في الشرق الأوسط.. وبمناسبة حلول الذكرى السنوية الـ70 نعرب عن امتناننا لما يفوق مليون رجل وامرأة عملوا تحت راية الأمم المتحدة وساهموا في إنقاذ أرواح عدد لا يحصى ولا يعد من الناس".

وأضاف: "كما نحيي ذكرى أكثر من 3700 من القبعات الزرق الذين جادوا بأرواحهم في سبيل أداء الواجب.. ونحيي البعثات الـ14 التي تعمل حاليا على مدار الساعة من أجل حماية الناس وتدعيم قضية السلام.. ولقد قررت هذا العام أن أقضي اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة في مالي تعبيرا مني عن تضامني مع هؤلاء الزملاء الذين يتعرضون لعدد كبير من الإصابات ويعملون في بيئة شديدة التقلب".

وتابع: "وإذ نعترف بالإنجازات التي حققناها والتضحيات التي بذلناها في أرجاء العالم، ألتزم أيضا باتخاذ إجراءات لصالح حفظ السلام يكون من شأنها أن تحقق المزيد من الأمان والفعالية لعملياتنا في الظروف الصعبة التي يتسم بها الوقت الحاضر، وأن نلتزم أيضا بتعزيز الدور المهم الذي يتعين على قواتنا أن تضطلع به في تعزيز حقوق الإنسان والتصدي لأعمال الاستغلال والانتهاك الجنسيين".

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه عبر سبعة عقود، خدم أكثر من مليون رجل وسيدة تحت علم الأمم المتحدة في 71 عملية حفظ سلام، وهو الأمر الذي كان له التأثير المباشر على حياة مئات الملايين من الأفراد، وحماية عدد لا يحصى من الأرواح الأكثر عرضة للخطر.

ويقدم حفظة السلام تضحيات هائلة، فهم يخدمون في الغالب في أماكن تتسم بالخطورة الشديدة، وفي ظروف تمثل تحديات جمة.. وتشارك عائلات حفظة السلام وحكوماتهم في هذه التضحيات، كما ساعدت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على تحول الكثير من البلدان من سيراليون إلى كمبوديا وتيمور الشرقية وناميبيا والسلفادور وأماكن أخرى، من الحرب إلى السلام.

وكانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيريا قد أتمت بنجاح انتدابها في مارس من هذا العام، لتصبح عملية حفظ السلام رقم 57 للأمم المتحدة حتى الآن.. فيما تنشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أكثر من 100 ألف عسكري وشرطي ومدني في 14 عملية حفظ سلام في أربع قارات. وحاليا، تتلقى عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مساهمات من الأفراد العسكريين والشرطيين من 124 دولة عضو، وكذلك معدات حيوية لمساندة عملياتها.. وتمثل عمليات حفظ السلام شراكة عالمية حقيقية، وهذا الرقم يعكس ثقة عالمية كبيرة في قيمة المشروع الذي يحمل علم الأمم المتحدة.

وأثبتت مهام حفظ السلام أيضا أنها استثمار ناجح في السلام والأمن والرخاء العالميين، وبرغم حجم العمليات واتساع نطاقها، تظل الميزانية السنوية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أقل من 7 مليارات دولار سنوي، وتمثل أقل من نصف في المائة من الإنفاق العسكري العالمي، كما تتسم عمليات حفظ السلام بمرونتها وبأنها أداة متطورة تدمج معا الأدوات السياسية والأمنية والتقنية التي تحت تصرفها للمساعدة في إتمام الانتقال الصعب من الصراع إلى السلام.

وفي مارس 2018، أطلق الأمين العام مبادرة جديدة، هي (العمل من أجل حفظ السلام)، بهدف تحسين الأداء وضمان موائمة عمليات حفظ السلام للأغراض الموضوعة لها لمجابهة تهديدات العمليات التي ازداد تعقيدها وخطورتها، وتدعو الدول الأعضاء ومجلس الأمن والدول المساهمة بقوات عسكرية وشرطية إلى إعادة تركيز قوات حفظ السلام على التوقعات الواقعية، وحشد دعم أكبر للحلول السياسية، وتقوية بعثات حفظ السلام وزيادة تأمينها من خلال نشر القوات ذات التجهيز والتدريب الجيدين مع إدماج المزيد من السيدات في العمليات.

وأشار أتول كاري وكيل الأمين العام للدعم الميداني إلى أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قد أنجزت أهدافها لحفظ السلام في عام 2017، على الرغم من التحديات القاتلة التي واجهتها وأودت بحياة أكثر من 60 جنديا من حفظة السلام في أعمال عدائية.. منوها بما تم تحقيقه في كوت ديفوار وهايتي، فضلا عن قرب انتهاء ولاية البعثة في ليبيريا.

ومن جانبه، قال جان بيير لاكروا وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام، في استعراض لعمل قوات حفظ السلام الأممية على مدار عام 2017، "إننا نحمي المدنيين كل يوم، وإننا ننقذ الأرواح كل يوم، وغالبا ما نقوم بذلك في ظروف صعبة وخطيرة للغاية.. وهذا إنجاز حقيقي، ومن الضروري أن نشيد بحفظة السلام وإنجازاتهم، ولكن بالتأكيد علينا أن نعمل بجد للتغلب على التحديات التي نواجهها، ومن بينها الحاجة إلى تدريبات ومعدات أفضل، لاسيما عندما يتعلق الأمر بجمع المعلومات الاستخبارية".

ويتطلب ذلك استخدام التكنولوجيات الحديثة، مثل الخدمات الجوية بدون طيار والرادارات وغيرها، بحسب رئيس إدارة الدعم الميداني، الذي أشار إلى أن الأمم المتحدة تتطلع إلى اقتراض أو شراء مزيد من المعدات المتعلقة بتعزيزات الأمن والمركبات وأدوات الاتصال وغيرها. وفضلا عن ذلك تأتي إدعاءات الاستغلال والانتهاك الجنسيين من جانب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كأحد التحديات الرئيسية لعمليات حفظ السلام.

وكشف أنطونيو غوتيريش عن استراتيجيته الرامية إلى القضاء على هذه الآفة لدى توليه منصب الأمين العام، حيث عين الأسترالية جين كونورز لتصبح أول مدافعة أممية عن حقوق الضحايا.. ولربما بدأ الأمر يؤتي ثماره بالفعل، فبحسب بيانات الأمم المتحدة انخفض عدد الادعاءات المسجلة من 106 في العام الماضي إلى 54 ادعاء هذا العام، أي ما يقرب من النصف.

وعن ذلك قال أتول كاري وكيل الأمين العام للدعم الميداني أن هذه نتيجة للجهود الكثيرة التي بذلت لتدريب موظفينا، وزيادة الوعي بين المجتمعات المحلية بشأن المخاطر المرتبطة بالاستغلال والانتهاك الجنسيين، وتعزيز تنفيذ سياسة عدم التسامح مطلقا والشراكة مع الدول الأعضاء.

وتضع استراتيجية الأمم المتحدة الجديدة لمنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين مزيدا من الضغوط على الحكومات للتحقيق والمقاضاة في ارتكاب الأخطاء، وبالإضافة إلى ذلك، تطوع 17 بلدا لإنشاء صندوق لمساعدة الضحايا في الحصول على الدعم الطبي أو النفسي أو الاجتماعي أو القانوني أو الاقتصادي.

وفي هذا الشأن، قال لاكروا وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام "إنه إذا كان عام 2017 هو العام الذي أدخلت فيه إصلاحات طموحة، فإن عام 2018 يجب أن يكون العام الذي يتم فيه تنفيذ هذه الإصلاحات".

وكشفت صحيفة وقائع حفظ السلام الصادرة في 31 مارس 2018، أن عمليات حفظ السلام منذ عام 1948 بلغت 71 عملية سلام، وأن عمليات حفظ السلام الحالية تبلغ 15 عملية حفظ سلام.

أما بخصوص تمويل قوات حفظ السلام، فقد بلغت الموارد المعتمدة للفترة من الأول من يوليو 2017 وحتى 30 يونيو 2018 حوالي 6.80 مليار دولار، ويمول هذا المبلغ من 14 إلى 16 من بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، ويدعم الخدمات اللوجستية لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم) من خلال مكتب دعم الأمم المتحدة في الصومال (UNSOS)، ويقدم الدعم والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية لجميع عمليات السلام من خلال العالمية مراكز خدمة في برينديزي (إيطاليا)، وفالنسيا (اسبانيا)، ومركز خدمة إقليمي في عنتيبي (أوغندا).