رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وفى الشهر الكريم.. رحل شيطان التقسيم


للقدر مفارقاته الخاصة، إذا تأملتها بعمق تجد أن لها مغزى قد لا يكون فى الحسبان.. هذا ما أحسسته حينما علمت بنبأ وفاة شيطان تقسيم الدول العربية فى ثالث أيام شهر رمضان الكريم.. الشهر الذى نعتبره كمسلمين خيرًا من ألف شهر.. حمل لنا شهر رمضان المبارك خبرًا يثلج الصدور، لكنه لا يلغى الحذر.. رحل كاره الإسلام والمسلمين والعرب وعرّاب خطة تقسيم الدول العربية إلى دويلات متصارعة متحاربة عن عمر مديد وصل الى ١٠١عام.

إنه برنارد لويس، المفكر الأمريكى الجنسية، الذى وضع الخريطة الملعونة التى يتم التقسيم على أساسها إلى طائفى وعرقى.. وكان الكونجرس الأمريكى قد صدق على مشروع برنارد لويس، وأصدر قرار ١٩٨٣ بأن يتم تطبيق مخططه من خلال سياسات أمريكا الاستراتيجية فى المستقبل.. وبالفعل تم تطبيقه وبدأت أمريكا سياسات التدخل لتقسيم الدول العربية الواحدة تلو الأخرى كما حدث فى الدول العربية الشقيقة، إلا أن مصر استعصت على التقسيم وعلى التفتيت وعلى تنفيذ هذا المخطط الشيطانى حتى الآن.

ومع ذلك فهذا لا يعنى أن أمريكا أو حلفاءها لن يبحثوا عن تنفيذ هذا المخطط اللعين بوسائل أخرى.. لذا علينا أن ندرك أن سياسات أمريكا فى ضمان أمن وحماية إسرائيل مستمرة.. وأن على شعبنا الأبى أن يدرك هذا.. وأن يعى أن محاولات إضعاف مصر ستظل مستمرة طالما استمرت مصممة على تنفيذ هذا المخطط.. وعلى الدولة أيضًا أن تدرك ذلك وتستيقظ له بشكل تام.. ومطلوب كذلك الاستمرار فى التنمية والتقدم والتعاون بين الشعب والجيش والشرطة لضمان استمرار حالة الاستقرار والأمان فى كل ربوع وحدود مصر.. لأن دور مصر القومى وقوتها ووحدة شعبها فى حد ذاته يُضعف أى محاولات لإضعافها كما يُفشل كل مخططات أعدائها.
إن مصر دائمًا كانت نموذجًا للإسلام المعتدل، ولا بد أن يكون الحفاظ على الإسلام الوسطى أيضًا أحد أهدافنا الاستراتيجية.. والآن بعد أن انكشف للشعب دور الإخوان فى التحالف مع أمريكا للوصول إلى السلطة، ثم تنفيذ مخطط التقسيم الذى كان قد وضعه برنارد لويس فإنه لا بد أن تدرك الدولة أن تجديد الخطاب الدينى هو صمام أمان ضرورى لضمان استقرار مصر ووحدة أهلها بغض النظر عن أقلية متطرفة لا تزال تسعى لتنفيذ الأهداف الصهيونية والشيطانية التى وضعها برنارد لويس فى الثمانينيات.

كان برنارد قد قام لأول مرة بشرح خطته فى اجتماع لأعضاء منظمة بيلدربرج بالنمسا فى سنة ١٩٧٩، وهى منظمة دولية لها هدف سياسى، حيث إنها تهيئ الأجواء لميلاد نظام دولى جديد بقيادة منظمة دولية تحكم العالم وتحل محل منظمة الأمم المتحدة التى بدأت تفقد تأثيرها وقدرتها.. وكان برنارد الذى ولد فى سنة ١٩١٦ فى لندن لعائلة يهودية قد أصبح مواطنًا أمريكيًا فى سنة ١٩٨٢، كما زود صنّاع السياسة فى أمريكا بأفكار مخططة فى نفس العام.. وذلك بتقسيم الدول العربية إلى دويلات قبائل ضعيفة لنهب ثرواتها الطبيعية وللتخلص من التهديد لإسرائيل واستخدام وسائل الإعلام لتحريض الشعوب وعدم إيجاد فضاء حوار بينها وبين الحكومات.
إن وفاة برنارد لويس هو خبر يسعدنا سماعه لأنه كان من ألد أعداء الإسلام وألد أعداء العرب.. لكن وفاته فى الشهر الكريم الذى هو خير الشهور وأفضل شهور السنة فيها مفارقة مدهشة، ما يجعلنى أعود إلى قراءة تفاصيل مخططه، وأعيد إلقاء الضوء على خريطته الشيطانية التى فيها تقسيم مصر إلى ٤ أقسام.
وحتى لا ننسى أهداف المخطط الذى يمكن أن يستمر لكن بطرق أخرى.. وحتى لا ننسى أننا يجب أن نستمر فى حربنا مع الإرهاب والتطرف والتشدد باسم الإسلام.. وأن نحافظ على الإسلام الوسطى والمعتدل الذى هو من سمات الهوية المصرية العريقة.. وبركاتك هلت معك يا شهر الصوم والعبادة والزكاة والروحانيات.