رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطوير التعليم.. و«فوشيا» التخطيط!


 

عبثًا نقول ونقرأ في سورة «عبس»، لو أخذنا على محمل الجد أو حتى الهزل (أي الهزار) ذلك الجدل الدائر بشأن خطة التطوير التي طرحها الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم. وعليه قررت أن أترك هذا الجدل، والجمل بما حمل، وأتوقف فقط عند جهود وبرامج وورش عمل وزارة ووزيرة التخطيط، التي كان هدفها شرح وتبسيط وتوضيح تلك الخطة للمواطنين، وثبت بالدليل القاطع، وباللون «الفوشيا»، أنها فشلت بـ«الثُّلث»!.

قُراء الجريدة المطبوعة اعتادوا رؤية صورة الدكتورة هالة السعيد، يوميًا، على هذه الصفحة، الصفحة الثانية، وإلى جوارها صفة أو لقب، كما هو متبع مع كل «شخصيات وأحداث» الصفحة. كانت أمس، الجمعة، «المسئولة».. والخميس «الإصلاحية».. والأربعاء «المحذرة».. والثلاثاء إجازة.. والإثنين كانت «المتحركة».. والسبت «الداعمة» والأحد انتقلت إلى الصفحة الثالثة. ومن المفترض أن يكون القراء الأعزاء، قد حفظوا عن ظهر قلب العبارة المتكررة تحت الصورة: تولت الوزارة في فبراير ٢٠١٧.

يوم الإثنين ١٥ يناير الماضي كانت الدكتورة هالة السعيد، حاضرة، كالعادة، في هذه الصفحة (الصفحة الثانية، بيتها ومطرحها) بحوار أجرته معها زميلتنا أميرة ممدوح، وكانت حاضرة أيضًا في الموقع الإلكتروني وفي كل الصحف والمواقع الإلكترونية المصرية بتقرير عنوانه «التخطيط تنظم ورشة عمل لعرض منهجية الوزارة في تحديث قطاع التعليم». والتزمت الصحف والمواقع حرفيًا بنص البيان الذي وصلها من إدارة العلاقات العامة والإعلام بالوزارة، ولم تضف إليه حرفًا أو تحذف منه آخر، ولم يتغير فيه غير اسم المحرر الذي من المفترض أن يعتقد القارئ أنه كاتب التقرير: مصطفى عبدالتواب في اليوم السابع.. محمد محروس في بوابة الأهرام.. محمد المسلمي في صوت الأمة.. وسام شرف الدين في البوابة نيوز... إلخ!.

البيان، أو التقرير المنشور بنصه على الموقع الرسمي لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، قال إن الوزارة عقدت، يوم الإثنين ١٥ يناير، ورشة عمل لعرض منهجية تحديث قطاع التعليم ما قبل الجامعي، والفني، باستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر ٢٠٣٠، وكذلك مناقشة رؤية وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني، بالإضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه تحقيق التنمية المستدامة في مصر. وإن هذه الفعاليات تأتي محققة لأهداف الوزارة في مناقشة القضايا والموضوعات التي تهم المواطن المصري. ونقل التقرير عن الدكتورة هالة السعيد قولها إن «الحكومة تستهدف في قطاع التعليم ما قبل الجامعي من خلال استراتيجية التنمية المستدامة، رؤية مصر ٢٠٣٠، إتاحة التعليم والتدريب للجميع بجودة عالية دون تمييز، وفي إطار نظام مؤسسي كفء وعادل ومستدام.. إلخ».

لم يذكر التقرير أن هذه الورشة حضرها ٣٤ صحفيًا وإعلاميًا يمثلون معظم المؤسسات الإعلامية القومية والخاصة. واكتفى التقرير بالإشارة إلى حضور عدد من ممثلي الوزارات، كل الوزارات تقريبًا، ومعهد التخطيط القومي، والمركز القومي للبحوث، والدكتور حسين أباظة، رئيس فريق عمل (استراتيجية التنمية المستدامة- رؤية مصر ٢٠٣٠) بوزارة التخطيط، الذي أوضح أن تحديث قطاع التعليم برؤية مصر ٢٠٣٠، يستهدف الربط بين قطاع التعليم وباقي القطاعات باعتباره المورد الأساسي لأبعاد الاستراتيجية الثلاثة، الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وذلك لتطبيق الإدارة الرشيدة والمستدامة له». ومن الفقرة الأخيرة في التقرير، عرفنا أن تلك كانت «الورشة التاسعة» التي تعقدها وزارة التخطيط، وأنها تأتي «في إطار تحديث استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر٢٠٣٠، من أجل العمل على تبسيط تلك الرؤية وأهدافها على المواطن».

لم أرهقك وأوجع دماغك بكل ما سبق، إلا لتوضيح أن ما أعلنه وزير التربية والتعليم لم يكن جديدًا، وأن خطته لتطوير التعليم، موجودة في «استراتيجية التنمية المستدامة- رؤية مصر ٢٠٣٠».. ولأوضح أيضًا أن وزارة التخطيط تولّت عبء شرح وتبسيط وتوضيح أهداف الاستراتيجية بورش عمل حضرها ٣٤ صحفيًا وإعلاميًا راهنت عليهم الوزارة التي تحمّلت (وحمّلت الخزانة العامة) تكاليف الورشة «التاسعة»، والورش التي سبقتها والتي تلتها، كما تحملت الوزارة والخزانة أيضًا تكاليف «برنامج تخصصي حول المؤشرات الاقتصادية والتخطيط والإصلاح الإداري» أقامته خلال الفترة من ٦ وحتى ١٦ أغسطس الماضي. ومن المفترض أن يكون هؤلاء الصحفيون والإعلاميون قد تدربوا خلال هذا البرنامج على «خطة تطوير المنظومة الإدارية وقواعد البيانات القومية و... و... على آليات رصد مشكلات التخطيط المحلي، ورصد الفجوات التنموية، والاتجاهات الحديثة في الصحافة الاقتصادية».

نقول من المفترض، لأن الدكتورة هالة السعيد قامت في ديسمبر الماضي بتسليم هؤلاء، أي الـ٣٤ صحفيًا وإعلاميًا، شهادات إتمام البرنامج التخصصي. أما الواقع فقال وأكد أن هذا الافتراض خاطئ تمامًا، وأن تلك الشهادات لا تساوي ثمن الورق الذي تحملت الوزارة والخزانة، أيضًا، تكلفته وتكلفة طباعته. بدليل أن هؤلاء الصحفيين والإعلاميين كانت بينهم صحفية بمجلة الإذاعة والتليفزيون، هي نفسها «ذات الرداء الفوشيا»، التي ظهرت في فيديو متداول، على شبكات التواصل الاجتماعي، لتهاجم وزير التربية والتعليم بجهل شديد لامس حد الهبل. ويؤكد أن برامج وورش وزارة التخطيط لها أهداف أخرى غير تلك التي يتم الإعلان عنها أو تسويقها.

الخلاصة هي أن خطة التطوير التي طرحها وزير التربية والتعليم، ليست جديدة، وموجودة في «استراتيجية التنمية المستدامة- رؤية مصر ٢٠٣٠» التي أهدرت وزارة التخطيط أموالنا على أمثال «ذات الرداء الفوشيا»، ليقوموا بتبسيطها وشرح أهدافها للمواطنين، فكان طبيعيًا وعاديًا أن نرى ذلك الجدل العبثي الذي لن نقول إلا عبثًا، وسنقرأ في سورة «عبس»، لو أخذناه على محمل الجد أو حتى الهزل، أي الهزار!.